تنسيقية تقدم ببريطانيا أوضحت أن زيارة حمدوك والوفد المرافق ركزت على جهود إنهاء الحرب في السودان، حيث التقى حمدوك مسؤولين بريطانيين ومنظمات حقوقية، واستمع إلى آراء الجالية السودانية. تم مناقشة ضرورة الدعم الدولي لإنهاء الصراع، مع الإشارة إلى حاجة 25 مليون سوداني للمساعدات..

التغيير: الخرطوم

قالت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) بالمملكة المتحدة، إن زيارة رئيس الهيئة القيادية للتنسيقية، عبد الله حمدوك، والوفد المرافق له إلى لندن ألقت حجرًا في البركة الساكنة، في إشارة للحرب السودانية المندلعة منذ 15 أبريل 2023، بين الجيش وقوات الدعم السريع.

وأضافت التنسيقية في بيان الأحد، إن الزيارة أصابت دعاة الحرب من أنصار وفلول النظام الدموي السابق بالرعب، لذ حاولوا التشويش على الزيارة. وأوضحت التنسيقية أن الوفد الذي نفذ الزيارة الرسمية لبريطانيا ضم رئيس الهيئة القيادية لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، عبد الله حمدوك، ونائب رئيس حزب المؤتمر السوداني خالد عمر، والأمين العام لحركة العدل والمساواة السودانية ونائب الأمين العام لتنسيقية (تقدم) أحمد تقد، والسفير عمر مانيس.

ووفقًا للبيان، فإن الزيارة تزامنت مع ما يعرف بالقمة الأفريقية السنوية التي تقيمها مؤسسة “فاينانشيال تايمز” والخاصة بشؤون القارة السمراء. ولفت البيان إلى أن برنامج الزيارة جاء في إطار الجهود المبذولة لوقف الحرب المدمرة في السودان.

وبحسب البيان، فإن رئيس الهيئة القيادية لتنسيقية (تقدم) والوفد المرافق تواصل خلال الزيارة مع عدد من الجهات الرسمية ودوائر صنع القرار في الحكومة البريطانية. وذكر البيان أن حمدوك التقى بعدد من المنظمات الحقوقية والمؤسسات ذات التأثير في العمل العام في بريطانيا.

كما أوضح البيان أن حمدوك تواصل مع الجالية السودانية في بريطانيا للاستماع إلى آرائهم ومقترحاتهم حول كيفية دعمهم لجهود وقف الحرب وإحلال السلام.

ووفقًا للبيان، اجتمع حمدوك ووفد تنسيقية “تقدم” بالسيدة إيميلي ثورنبيري – رئيسة لجنة العلاقات الخارجية بمجلس العموم البريطاني (البرلمان). وسبق ذلك لقاء بمجلس اللوردات، حيث تم بحث سبل دعم المجتمع الدولي لوقف الحرب المدمرة في السودان.

كما التقى رئيس الوزراء السابق، رئيس تنسيقية (تقدم) والوفد القيادي لتقدم في هذه الزيارة الهامة اللورد كولينز وزير شئون أفريقيا وشخصيات رفيعة المستوى في مجلس العموم وفي الحكومة البريطانية، من بينهم شخصيات هامة مثل البرلمانية مونيكا هاردينغ، المتحدثة باسم الحزب الليبرالي الديمقراطي في مجلس العموم، التي ألقت كلمة في البرلمان، أشارت فيها إلى لقائها بالدكتور عبد الله حمدوك، وحاجة “25” مليون سوداني  إلى مساعدات عاجلة، وأن عشرة ملايين مواطن سوداني هم الآن بلا مأوى.

وأفاد البيان بأن البرلمانية مونيكا طلبت من نائبة رئيس مجلس العموم حث الحكومة البريطانية على العمل على إطلاع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بأن وقف الحرب في السودان أمر بالغ الأهمية.

أولويات المدنيين

كما ذكر البيان أن حمدوك ألقى عددًا من المحاضرات في بعض الجامعات ومراكز الأبحاث، ولعل أهمها المحاضرة التي ألقاها في المعهد الملكي للشؤون الدولية المعروف بـ(شاتام هاوس)، حيث تحدث خلالها عن أولويات المدنيين من أجل إنهاء الحرب في السودان.

كما لفت إلى أن محطة تلفزيون بي بي سي الدولية أجرت لقاءً في برنامج (ساعة إخبارية) مع المهندس خالد عمر، نائب رئيس حزب المؤتمر السوداني، وعضو الأمانة العامة لـ(تقدم) وعضو الوفد المرافق، تناول فيه الأوضاع الحالية ومآلاتها الكارثية على شعب السودان، ورؤية ومجهودات تنسيقية (تقدم) لوقف الحرب وإحلال السلام في السودان.

ويشهد السودان منذ ذلك الحين تصاعدًا في النزاع المسلح، مما أسفر عن تزايد أعداد النازحين وارتفاع معدلات الفقر وانعدام الأمن الغذائي، إضافة إلى تداعيات اقتصادية خطيرة على السكان.

وأسفر القتال المستمر في السودان، الذي بدأ في منتصف إبريل 2023، عن مقتل نحو 25 ألف شخص وأكثر من 11 مليون نازح ولاجئ، وفقًا لأحدث تقديرات المنظمات الدولية.

الوسومبريطانيا تنسيقية تقدم حرب الجيش والدعم السريع عبد الله حمدوك

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: بريطانيا تنسيقية تقدم حرب الجيش والدعم السريع عبد الله حمدوك الحرب فی السودان عبد الله حمدوک مجلس العموم

إقرأ أيضاً:

العقوبات الاقتصادية الأميركية على السودان: شلّ الاقتصاد أم كبح آلة الحرب؟

بقلم: عمر سيد أحمد – خبير مصرفي ومالي وتمويل


مايو 2025
العقوبات من واشنطن إلى الخرطوم… ما بين الحساب والعقاب
في 24 أبريل 2025، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية عزمها فرض عقوبات صارمة على السودان بموجب “قانون مراقبة الأسلحة الكيميائية والبيولوجية لعام 1991”، وذلك بعد تأكيد استخدام الحكومة السودانية لأسلحة كيميائية في عام 2024، في خرق صريح لاتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية التي تُعد السودان طرفًا فيها.
القرار، الذي سُلِّم إلى الكونغرس الأميركي مرفقًا بتقرير يؤكد “عدم امتثال السودان”، يُمهّد لتطبيق حزمة من التدابير العقابية، تشمل حظر الوصول إلى خطوط الائتمان الأميركية، وتقييد الصادرات، وتجميد الأصول. ومن المتوقع أن تدخل هذه العقوبات حيّز التنفيذ في أو حوالي 6 يونيو 2025، عقب نشرها في السجل الفيدرالي الأميركي.
ورغم أن هذه العقوبات تأتي ردًا على خروقات خطيرة للقانون الدولي، فإن توقيتها في ظل حرب أهلية طاحنة، وانهيار اقتصادي شامل، وتوسع المجاعة والنزوح، يطرح تساؤلات أخلاقية واستراتيجية حول فاعليتها وجدواها، ومدى تأثيرها الفعلي على النخبة الحاكمة مقارنة بما تلحقه من أضرار مباشرة بحياة المواطنين واقتصاد الدولة.
تجربة السودان السابقة مع العقوبات (1997–2020)
بين عامي 1997 و2020، خضع السودان لعقوبات أميركية شاملة فرضت عليه عزلة اقتصادية ومصرفية خانقة، بتهم دعم الإرهاب واحتضان تنظيمات متطرفة. طالت العقوبات المؤسسات الحكومية والمالية، وحرمت السودان من:
• استخدام النظام المصرفي العالمي المرتبط بالدولار.
• استقبال الاستثمار الأجنبي المباشر أو التمويلات الإنمائية.
• التحديث التكنولوجي والاتصال بأسواق المال.
أدت هذه العقوبات إلى تدهور البنية الاقتصادية، وزيادة الاعتماد على التهريب والاقتصاد الموازي، وهروب الكفاءات ورؤوس الأموال. ورغم الرفع التدريجي للعقوبات في 2017، إلا أن استمرار وضع السودان على قائمة الإرهاب حتى أواخر 2020 أعاق أي تعافٍ جاد، خصوصًا مع تعاقب الأزمات السياسية والانقلابات والحرب الأخيرة.
العقوبات الجديدة – البنود والتوقيت
العقوبات الأميركية الجديدة، التي ستدخل حيز التنفيذ في يونيو 2025، جاءت كرد مباشر على ما وصفته واشنطن بـ”استخدام موثّق للأسلحة الكيميائية من قبل حكومة السودان”. وتشمل:
• حظر التعاملات بالدولار الأميركي.
• تجميد أصول الحكومة والشخصيات المتورطة.
• منع الشركات الأميركية من تصدير تقنيات أو منتجات للسودان.
• حرمان السودان من الوصول إلى التمويل الأميركي أو الدولي المدعوم أميركيًا، خصوصًا عبر خطوط الائتمان أو التسهيلات المالية.
ما يضاعف من أثر هذه العقوبات هو هشاشة الوضع الداخلي، حيث يخوض السودان واحدة من أسوأ حروبه الأهلية، وسط انهيار شبه كامل لمؤسسات الدولة المدنية.
ثالثًا: التأثيرات الاقتصادية المباشرة
1. خروج فعلي من النظام المالي العالمي
السودان اليوم شبه معزول عن النظام المالي العالمي، ومع تنفيذ هذه العقوبات، ستفقد البنوك السودانية القدرة على:
• فتح الاعتمادات المستندية لشراء السلع.
• تنفيذ التحويلات البنكية الرسمية.
• التعامل مع المؤسسات الوسيطة في التجارة الخارجية.
هذا يعني عمليًا إغلاق باب التجارة القانونية، وتوجيه كل النشاطات نحو السوق السوداء أو التهريب.
2. تهديد الأمن الغذائي والدوائي
مع صعوبة الاستيراد الرسمي، تتراجع واردات القمح، الدواء، الوقود، والأدوية المنقذة للحياة. ويؤدي ذلك إلى:
• نقص حاد في الإمدادات الأساسية.
• تضاعف الأسعار نتيجة ارتفاع تكلفة التأمين والنقل.
• توسّع الفجوة في الخدمات الصحية.
3. ضياع موارد الدولة من الذهب
في ظل غياب الرقابة وازدهار اقتصاد الظل، يُقدّر حجم الذهب السوداني المُهرّب بأنه يفوق 50 إلى 80% من الإنتاج السنوي. وقدرت الخسائر من التهريب خلال العقد الماضي بما بين 23 و36 مليار دولار. العقوبات الحالية تدفع بهذا المورد نحو مزيد من التهريب، وتُفقد الدولة فرصة استثمار أكبر كنز نقدي تملكه.
4. تعميق أزمة سعر الصرف
كل هذه التطورات تؤدي إلى:
• تسارع تدهور الجنيه السوداني أمام الدولار.
• تزايد التضخم المفرط.
• انهيار القدرة الشرائية للمواطنين.
رابعًا: من يدفع الثمن؟
رغم أن العقوبات تستهدف النظام السياسي والعسكري، إلا أن من يدفع الثمن فعليًا هو المواطن العادي:
• العامل الذي فقد وظيفته بسبب توقف المصنع عن الاستيراد.
• المزارع الذي لا يجد سمادًا ولا وقودًا.
• المريض الذي لا يحصل على دواء.
• التاجر الذي يُجبر على التعامل عبر السوق السوداء.
خامسًا: العقوبات كأداة سياسية – فعالة أم عقوبة جماعية؟
تاريخيًا، نادرًا ما أسقطت العقوبات الأنظمة القمعية. بل كثيرًا ما زادت من تماسكها عبر:
• خطاب “الحصار الخارجي”.
• عسكرة الاقتصاد.
• قمع المعارضة بحجة الطوارئ.
وفي السودان، حيث الاقتصاد منهار أصلًا، ستدفع العقوبات الناس نحو مزيد من الفقر واليأس، دون ضمان أن تؤدي إلى تغيير حقيقي في سلوك النظام.
سادسًا: أهمية وقف الحرب فورًا
العقوبات في حد ذاتها خطيرة، لكن الحرب تجعلها كارثية. فكل يوم يستمر فيه القتال:
• يُفقد السودان مزيدًا من موارده.
• ينهار الأمن الغذائي.
• يتوسع النزوح والدمار.
وقف الحرب هو الخطوة الأولى والأكثر إلحاحًا للخروج من هذه الدوامة. فبدون وقف إطلاق النار، لا يمكن التفاوض، ولا يمكن الإصلاح، ولا يمكن للعالم أن يستجيب لدعوات تخفيف العقوبات.
الآثار المتوقعة على إعادة الإعمار بعد الحرب
من أبرز التداعيات الخطيرة للعقوبات الأميركية المرتقبة أنها ستُقوّض بشدة فرص إعادة الإعمار بعد الحرب، حتى إذا تم التوصل إلى وقف إطلاق النار أو تسوية سياسية. إذ أن إعادة بناء البنية التحتية المدمرة – من طرق ومرافق وخدمات عامة – تتطلب تمويلات ضخمة، لا يمكن تغطيتها من الموارد المحلية وحدها، خصوصًا في ظل الانهيار الكامل للإيرادات العامة وغياب مؤسسات الدولة الفاعلة. وبما أن العقوبات تشمل حظر الوصول إلى التمويل الأميركي وخطوط الائتمان، فإنها تحرم السودان من أي فرص واقعية للحصول على قروض ميسّرة، أو دعم من المؤسسات المالية الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد، أو حتى من شركات مقاولات عالمية. كما أن استمرار العقوبات يُعزّز مناخ عدم الثقة في السودان كبيئة استثمارية، ما يدفع المستثمرين للابتعاد عنه، ويطيل أمد العزلة الاقتصادية، وبالتالي يُجمّد أي مسار حقيقي نحو التعافي والتنمية بعد الحرب.
خاتمة: بين المحاسبة والإنقاذ
العقوبات الأميركية على السودان تُعبّر عن موقف دولي حازم ضد استخدام الأسلحة الكيميائية، لكنها في سياق حرب داخلية وانهيار اقتصادي، تتحول إلى عقوبة جماعية تهدد بقاء الدولة ذاتها. المطلوب اليوم ليس فقط التعامل مع العقوبات، بل تغيير المسار السياسي والاقتصادي كاملاً.


وذلك يتطلب:
• وقف الحرب فورًا.
• تشكيل حكومة مدنية ذات مصداقية.
• إصلاح شامل للقطاع المالي والمؤسسي.
• الشروع في مفاوضات مع المجتمع الدولي لرفع العقوبات تدريجيًا مقابل التزامات واضحة بالسلام والشفافية.
فالعالم لن يستثمر في بلد يحكمه الرصاص والتهريب، ولن يخفف عقوبات ما لم يرَ إرادة حقيقية للتغيير. والسودان، برغم الجراح، لا يزال يملك فرصة – لكنها تضيق كل يوم.



o.sidahmed09@gmail.com


 

مقالات مشابهة

  • محاولة فهم ما يجري عندنا !
  • السودان مهدد للسلم الإقليمي والعالمي
  • العقوبات الاقتصادية الأميركية على السودان: شلّ الاقتصاد أم كبح آلة الحرب؟
  • رئيس الكونغو برازافيل في زيارة إلى فرنسا لتعزيز الشراكات
  • رئيس الأركان يختتم زيارته إلى فرنسا.. تفاصيل ما حدث خلال الزيارة
  • الداخلية: غرامة مالية 100 الف ريال بحق من تقدم بطلب إصدار تأشيرة زيارة لشخص قام أو حاول أداء الحج دون تصريح
  • وزارة الداخلية: غرامة مالية تصل إلى (100,000) ريال بحق من تقدم بطلب إصدار تأشيرة زيارة بأنواعها كافة لشخص قام أو حاول أداء الحج دون تصريح أو الدخول إلى مدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة أو البقاء فيهما
  • كامل إدريس أم حمدوك؟! الإختيار بين الجوع والعطش !!
  • رويترز: أوكرانيا تقدم قائمة تبادل أسرى الحرب إلى روسيا
  • تحالف صمود يستنكر تصريحات رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي