الزراعة العضوية في الإمارات.. تجارب مبتكرة تعزز استدامة البيئة والأمن الغذائي
تاريخ النشر: 4th, November 2024 GMT
أبوظبي/ وام
تولي دولة الإمارات اهتماماً كبيراً بالمشروعات الصديقة للبيئة التي تنسجم مع مفاهيم الاستدامة، ومنها الزراعة العضوية التي تعد نظاماً متكاملاً لاستدامة الإنتاج الزراعي والموارد البيئية والمحافظة على صحة الإنسان، ولذلك توفر الدولة جميع السبل التي من شأنها المساهمة في تطوير الإنتاج العضوي المحلي انطلاقاً من الدور الريادي الذي يلعبه في تحقيق تنوع واستدامة الغذاء.
وتعد الزراعة العضوية نظاماً زراعياً يشجع على إنتاج الغذاء ضمن إطار بيئي، واجتماعي، واقتصادي، متجنباً استخدام المدخلات الكيميائية المصنعة ومعتمداً على استخدام الدورة الزراعية والسماد العضوي لتحسين خواص التربة، وباستخدام المكافحة البيولوجية والفيزيائية والميكانيكية للحد من أضرار الآفات الزراعية، وكل ذلك يتم من خلال تطبيق سلسلة من الأنظمة والمقاييس الدولية لضمان سلامة المنتج العضوي.
وعلى الرغم من التحديات التي تواجه الزراعة العضوية من حيث نقص الموارد المائية، وارتفاع تكلفة الإنتاج، إلا أن دولة الإمارات تعمل على مواجهة هذه التحديات من خلال الاستثمار في التكنولوجيا، وتوفير الدعم للمزارعين، وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، للمساهمة في تحقيق أهداف الزراعة العضوية وتعزيز استدامتها في المستقبل.
كما أطلقت الجهات المعنية في الدولة العديد من المبادرات والاستراتيجيات التي تهدف إلى تعزيز هذا النوع من الزراعة، ونتيجة لهذه الجهود، شهدت الزراعة العضوية في الإمارات على مدى السنوات الأخيرة تطوراً ملحوظاً، إضافة إلى زيادة الوعي بين المزارعين والمستهلكين بالفوائد المتنوعة للمنتجات العضوية، مما أدى إلى زيادتها في الأسواق المحلية.
وينسجم التوسع في مشاريع الزراعة العضوية مع مستهدفات البرنامج الوطني «ازرع الإمارات»، الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله”، حيث يضم البرنامج مبادرات عدة تدعم توجهات دولة الإمارات للتنمية الزراعية وتعزيز معدلات الأمن الغذائي الوطني المستدام، إضافة إلى تطوير وتنفيذ مبادرات لتشجيع الزراعة العضوية ودعم المزارع العضوية في الدولة وتنميتها ورفع إنتاجيتها.
ويستهدف البرنامج الوطني «ازرع الإمارات» تشجيع المجتمع المحلي على الإنتاج الذاتي المنزلي لأهم المنتجات الزراعية، وتوسيع الرقعة الخضراء في الدولة ودعم جهود الحفاظ على البيئة، وترسيخ صورة ذهنية إيجابية عن المنتج المحلّي ذي القيمة الغذائية العالية، كما يدعم البرنامج «عام الاستدامة 2024»، ويُعزز منظومة الاستدامة البيئية عبر المساهمة الفعالة للمنتجات المحلية في خفض البصمة الكربونية كمنتجات طازجة.
تقنيات حديثة
وتبذل وزارة التغير المناخي والبيئة جهوداً حثيثة منذ سنوات عدة لنشر مفهوم الزراعة العضوية وشجعت على تطويرها كمفهوم زراعي جديد في الدولة، وطورت منظومة متكاملة من الإجراءات الخاصة بالزراعة العضوية متوائمة مع الممارسات العالمية، وركزت هذه المنظومة على محاور عدة كالتشريعات، والرقابة والتفتيش، والإرشاد وبناء القدرات، والتسويق والأبحاث.
وفي الجانب التشريعي، طورت الوزارة منظومة تشريعية متوافقة مع المعايير والممارسات الدولية، تعنى بالإنتاج العضوي بكافة مراحله، سواء كان مستورداً أو محلياً، وعلى رأس هذه المنظومة التشريعية، القانون الاتحادي رقم (5) لسنة 2009 ولائحته التنفيذية بشأن المدخلات والمنتجات العضوية والذي نظم كافة الممارسات الخاصة بالمنتجات العضوية، بما في ذلك الحصول على شعار الإنتاج العضوي وآلية عرض المنتجات في الأسواق.
ووضع القانون ولائحته التنفيذية المعايير والشروط الخاصة بالمدخلات والمنتجات العضوية وكل ما يتعلق بالإنتاج العضوي من حيث الإنتاج والتصنيع والتجهيز والتداول والاستيراد والتصدير للمدخلات والمنتجات العضوية، إضافة إلى إجراءات التصديق العضوي والرقابة والعقوبات على المنتجات المخالفة.
علامة «عضوي»
وفيما يتعلق بالجانب التسويقي وحماية للمنتج والمستهلك، عملت وزارة التغير المناخي والبيئة على إصدار القرار الوزاري رقم (103) لسنة 2012 في شأن اعتماد العلامة التجارية «عضوي» والتي أسهمت في تعزيز الثقة بالمنتجات العضوية وتمكين المستهلكين من تمييزها بسهولة ويسر.
ويسهل تمييز المنتجات العضوية في الأسواق المحلية من خلال العلامة التجارية (عضوي) المرفقة بعبوات التسويق، ويتم منح شهادة المنتج العضوي والعلامة التجارية «عضوي، Organic» من قبل وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة من خلال تطبيق التشريعات المعمول بها في دولة الإمارات.
ويتم وضع العلامة التجارية «عضوي» فقط على المنتجات العضوية المستوفية لشروط الإنتاج العضوي المعمول بها في الدولة طبقاً للقانون الاتحادي رقم (5) لسنة 2009م ولائحته التنفيذية في شأن المدخلات والمنتجات العضوية.
وتهدف العلامة التجارية العضوية إلى خدمة شريحة كبيرة من المزارعين في الدولة ممن يتبعون نمط الإنتاج العضوي وتساهم في مساعدة المستهلكين على تمييز المنتجات العضوية المحلية وتعزيز ثقتهم في هذه المنتجات ذات الجودة العالية وبهدف منع الغش وتضليل المستهلكين.
وفي جانب تعزيز ريادة تجارة المنتجات العضوية، فقد أصدرت وزارة التغير المناخي والبيئة القرار الوزاري رقم (768) لسنة 2014 بشأن تنظيم استيراد وتداول مدخلات ومنتجات الأغذية العضوية بما يخدم نمو السوق العضوي وتنظيمه وإدارته بكفاءة.
وتحرص الوزارة على تقديم الدعم الإرشادي للمزارعين، وتوفير الأسمدة والمبيدات العضوية المدعومة لهم، لتشجيعهم على التحول إلى الزراعة العضوية، وتتويجاً لهذه الجهود المبذولة فقد ارتفع إجمالي المزارع العضوية في دولة الإمارات إلى (78) مزرعة خلال عام 2023.
أفضل الممارسات
وتقدم المزارع العضوية في دولة الإمارات مجموعة متنوعة من المنتجات التي تزرع بطرق مستدامة للمحافظة على الموارد الطبيعية من التربة والمياه، كما تستخدم هذه المزارع أفضل الطرق الصديقة للبيئة في عمليات الحصاد والتعبئة، بهدف المساهمة في إنتاج نظام غذائي آمن ومستدام يعزز صحة الناس وينعكس إيجابياً على البيئة ويحقق أعلى مستويات الجودة في مجال المنتجات العضوية.
كما تقدم عدد من المزارع العضوية أنشطة ترفيهية وتثقيفية توفر تجربة تفاعلية ممتعة للعائلات بهدف التنزه والترفيه والتعلم والقيام بأنشطة التجارب الميدانية.
قيمة غذائية عالية
وأطلقت هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية في العام 2017 برنامج التحول إلى الزراعة العضوية محلياً، من خلال تأهيل 100 مزرعة على مدار 4 سنوات، وبداية من عام 2018 تم تأهيل أول 25 مزرعة، متخصصة في مجال الخضراوات وأشجار النخيل وأشجار الفاكهة.
وتهدف الهيئة من خلال هذه الخطوة إلى دعم مفاهيم الزراعة المستدامة والترويج لمزايا الزراعة العضوية وتشجيع المزارعين على استخدام المبيدات العضوية من خلال المستخلصات النباتية واعتماد أنظمة المكافحة الحيوية للآفات والحد من استخدام المواد الكيماوية في الزراعة سواء كانت أسمدة أو مبيدات.
يذكر أن المنتجات العضوية لها قيمة غذائية عالية، حيث تحتوي على كميات أكبر من الفيتامين والعناصر الغذائية، وتكون خالية من المتبقيات والمبيدات والمعادن الثقيلة الضارة، كما تمتاز هذه المنتجات بزيادة عمر الثمرة بعد الحصاد، والطعم المتميز، وأنها آمنة ويسهل تتبعها من مصدرها وحتى وصولها إلى المستهلك.
وتكمن أهمية الزراعة العضوية في الاعتماد على الموارد المتوفرة في المزرعة وتدويرها وتقليل المدخلات الزراعية، وتحسين خصوبة التربة والمحافظة عليها وزيادة التنوع الحيوي، والتقليل من تلوث الموارد المائية، إضافة إلى مكافحة الآفات والأمراض بالطرق الطبيعية ودون الإضرار بالبيئة، وإنتاج غذاء عالي الجودة بطرق آمنة وخالية من «المتبقيات الكيميائية».
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات الإمارات العلامة التجاریة المنتجات العضویة الزراعة العضویة دولة الإمارات العضویة فی إضافة إلى فی الدولة من خلال
إقرأ أيضاً:
اليقظان الحارثي لـ"الرؤية": متحف "عُمان عبر الزمان" معلم ثقافي وسياحي رائد.. والتقنيات الحديثة عززت تجارب 800 ألف زائر
◄ استقطاب 800 ألف زائر محلي ودولي و98 وفدا رسميا
◄ مركز المعرفة يضم أكثر من 48 ألف كتاب لتعزيز دور المتحف كمؤسسة ثقافية رائدة
◄ فك الفيل المنقرض قبل 35 مليون سنة من أبرز القطع الأثرية المعروضة
◄ تبني مبادرات لتعزيز الوعي الثقافي وبناء شراكات مع المؤسسات المجتمعية
◄ 1300 قطعة معروضة في قاعة العرض المتحفية
◄ تعزيز تجربة الزوار بتوظيف التقنيات الحديثة مثل تجارب الواقع الافتراضي
◄ استخدام تقنيات متطورة لترميم وحماية المقتنيات الأثرية
◄ التعاون مع شركات السفر لتطوير برامج سياحية متكاملة
الرؤية- مدرين المكتومية
يُؤكد المهندس اليقظان بن عبدالله الحارثي مدير عام متحف عمان عبر الزمان، أن المتاحف تعد من أبرز المؤسسات الثقافية والعلمية التي تسهم في نشر المعرفة، عبر ما تقدمه للزوار والباحثين من كنوز تاريخية وثقافية، تتمثل في المقتنيات والوثائق والقصص والأساطير التي خلّفها الأجداد، لتصل إلى الأجيال الجديدة شاهدة على عراقة الحضارات وتنوعها.
ويضيف- في حوار لـ"الرؤية"- أن دور المتاحف تطور في العصر الحديث ليتجاوز العرض التقليدي، فأصبحت مراكز حيوية للتعلم والثقافة، من خلال تنظيم الفعاليات والمعارض والمؤتمرات والأنشطة المجتمعية المتنوعة.
وإلى نص الحوار:
كيف يسهم متحف عمان عبر الزمان في تعزيز السياحة الثقافية؟
يسهم متحف عُمان عبر الزمان في تعزيز السياحة الثقافية في سلطنة عُمان، من خلال تقديم تجربة معرفية وتاريخية متكاملة تسلط الضوء على المراحل المختلفة من التاريخ العُماني، بأسلوب تفاعلي مدعوم بأحدث تقنيات العرض، وقد استقطب المتحف منذ افتتاحه أكثر من 800 ألف زائر، ما يؤكد مكانته كمقصد ثقافي وسياحي بارز على المستويين المحلي والدولي.
ويعمل المتحف على جذب الزوار من داخل السلطنة وخارجها، عبر برامج تثقيفية وجولات إرشادية، حيث نُفِذت 1093 جولة، إلى جانب 390 زيارة مدرسية، كما استقبل 98 وفدًا رسميًا، مما ساهم في تعزيز حضوره في المحافل الإقليمية والعالمية.
كما يدعم المتحف الجانب المعرفي من خلال "مركز المعرفة"، الذي يضم أكثر من 48 ألف كتاب ويعد منصة مهمة للبحث والدراسة، وتسهم الحملات التسويقية المدروسة في جذب شرائح متنوعة من الجمهور، وترسيخ موقع المتحف كمؤسسة ثقافية رائدة تعكس غنى الإرث العُماني وتطوره.
ما أكثر القطع الأثرية أهمية داخل المتحف، وكيف تعكس هذه المقتنيات تاريخ السلطنة عبر العصور؟
من أبرز القطع فك الفيل المنقرض المكتشف في ظفار، والذي يعود إلى نحو 35 مليون سنة، وكذلك المبخرة النذرية المرتبطة بالطقوس التعبدية في العصر البرونزي، ومصحف القراءات السبع للناسخ عبدالله بن بشير الصحاري، سنة 1157هـ، وسيف السلطان برغش بن سعيد، ويعود إلى القرن التاسع عشر الميلادي، والعينات الأولى من النفط المُستخرجة من حقول سلطنة عُمان، والبدلة العسكرية التي ارتداها السلطان الراحل قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- في آخر عرض عسكري.
ومن بين القطع المهمة أيضاً: "أصل الوصية التي تركها السلطان الراحل قابوس بن سعيد - طيب الله ثراه - وأصل المستندات الشخصية للسلطان الراحل قابوس بن سعيد - طيب الله ثراه - مثل البطاقة المدنية ورخصة القيادة وجواز السفر.
ما المبادرات التي يتبناها المتحف لتعزيز الوعي الثقافي، وكيف يسهم في دعم التعليم والتفاعل المجتمعي؟
يتبنى متحف عُمان عبر الزمان مجموعة من المبادرات الرامية إلى تعزيز الوعي الثقافي ودعم التعليم المجتمعي، ومن أبرز هذه المبادرات تنفيذ ورش عمل تعليمية وتفاعلية موجهة لمختلف فئات المجتمع، بما في ذلك طلبة المدارس والجامعات، وذوي الاحتياجات الخاصة، والأسر، وأفراد المجتمع المحلي بكافة مكوناته، مع مراعاة أهمية تصميم هذه البرامج بعناية لتكون ذات صلة مباشرة بمحتوى المتحف ومعروضاته، بما يُعزز الفهم العميق للتاريخ والتراث الوطني، ويعمق مفاهيم الهوية الوطنية، خاصة لدى الأجيال الصاعدة.
كما يسعى المتحف إلى بناء شراكات استراتيجية مع مؤسسات المجتمع المدني، والقطاع التعليمي، والثقافي، من خلال تنظيم فعاليات وبرامج تعليمية مشتركة تُسهم في إشراك فئات أوسع من المجتمع.
ولا يقتصر التعاون مع المؤسسات فقط، بل يمتد ليشمل الأفراد من أصحاب المواهب والخبرات في مجالات الفنون، والحرف، والتراث، وغيرها من المواضيع؛ انطلاقًا من كون متحف عُمان عبر الزمان ليس مجرد متحف تاريخي، وإنما مؤسسة شاملة تتناول موضوعات متنوعة في شتى المجالات، ويُسهم هذا التوجه في خلق مساحة حيوية للتبادل الثقافي والمعرفي. كما تسهم هذه المبادرات في ترسيخ دور المتحف كمركز حيوي للتعلّم والتفاعل الثقافي المستدام، وزيادة الوعي المجتمعي بمكانته كمؤسسة ثقافية رائدة في إنتاج وتصدير المعرفة إلى المجتمع.
كم إجمالي القطع الأثرية التي يضمها المتحف، وما معايير اختيار المعروضات؟
يبلغ عدد المُقتنيات المعروضة في قاعات العرض المتحفية "1300" قطعة، وتم اختيارها وفق قصة السرد المتحفي، وباتباع أعلى المعايير والممارسات الأخلاقية والمهنية، مثل الصلة بالموضوع، والندرة، والحالة المادية للمقتنى، وأصالة القطع.
كيف يتم التعاون بين المتحف والجهات الأكاديمية والثقافية داخل عُمان وخارجها؟
يعمل المتحف على توثيق علاقاته مع مختلف المؤسسات العلمية والبحثية، والمتاحف، والجهات المعنية بالتفسير المتحفي محليًا ودوليًا، كما يولي المتحف اهتمامًا بمتابعة الدراسات والبحوث التي تجريها الجهات العلمية والبحثية المختلفة، إضافةً إلى دعم جهود الباحثين الأفراد، مثل طلبة الدراسات العليا، بالتعاون والتنسيق مع المتحف.
كيف يوظف المتحف التكنولوجيا الحديثة لتعزيز تجربة الزوار؟
الوسائل والتقنيات الحديثة المتوفرة في متحف عُمان عبر الزمان تخلق تجربة تفاعلية وغامرة للزوار أبرزها: الواقع الافتراضي والذي يتيح للزوار خوض تجربة غامرة داخل بيئات ثلاثية الأبعاد تُجسد مشاهد تاريخية أو طبيعية، كما تُستخدم تقنيات الواقع المعزز لإضافة طبقات رقمية للمجسمات والمعروضات، ما يثري تجربة الزائر بالمعلومات التوضيحية التفاعلية.
وفي المعرض تتوافر شاشات تفاعلية ضخمة وجدران ذكية تُمكّن الزوار من التنقل بين المحتوى الرقمي، واستكشاف تفاصيل الصور، والخرائط، والمخطوطات، مما يُعزز من فاعلية التعلم والاكتشاف، إلى جانب تقنيات رقمية مثل الذكاء الاصطناعي لتحليل سلوك الزائر وتوجيهه بناءً على اهتماماته، مما يوفر تجربة مخصصة لكل زائر على حدة.
ويُقدم المتحف عروضًا سينمائية ثلاثية الأبعاد تُحاكي مشاهد من تاريخ عُمان، كحياة المستوطنين الأوائل أو لحظات مفصلية في التاريخ العُماني، إلى جانب تجارب السفر عبر الزمن باستخدام تقنيات متقدمة لمشاهدة لحظات تاريخية مميزة أو استكشاف رؤى مستقبلية لعُمان.
وجرى أيضًا تضمين الفنون الرقمية في المعارض لتوفير تجارب فنية فريدة، إذ يمكن للزوار التفاعل مع الأعمال الفنية باستخدام أجهزة تفاعلية أو تقنيات حساسة، وتم اعتماد أنظمة أمان متطورة لضمان حماية المعلومات والبيانات والمقتنيات الخاصة بالمتحف.
وفي جانب الاستدامة والطاقة البديلة يراعي تصميم المتحف مبادئ الاستدامة البيئية من خلال استخدام أنظمة تبريد وتدوير هواء فعّالة، وتعزيز الإضاءة الطبيعية لتقليل استهلاك الكهرباء، واعتماد تقنيات الطاقة الشمسية وأنظمة إعادة التدوير.
ما أبرز التقنيات المستخدمة في ترميم وحماية المقتنيات الأثرية داخل المتحف؟
يتحكم المتحف في درجة الحرارة والرطوبة داخل قاعات العرض والمخازن، حيث تُحافظ على درجة حرارة ثابتة تتراوح بين (18-22 درجة مئوية) بينما تتراوح نسبة الرطوبة النسبية بين (40-60%) وذلك وفقًا لطبيعة المقتنى، بهدف حماية المواد العضوية مثل الورق والخشب، والنسيج من التلف.
وتُستخدم أنظمة تنقية هواء متقدمة ومرشحات عالية الكفاءة للتحكم في الملوثات ومنع تراكم الغبار أو المواد الكيميائية الضارة، وتم تزويد المتحف بأنظمة متخصصة للحماية من الفيضانات والزلازل، لضمان سلامة المقتنيات في جميع الظروف.
ويوثق المتحف جميع مقتنياته، بما في ذلك عمليات الترميم، والتخزين، والتنقل، من خلال تقارير وصور مفصلة تُحفظ ضمن قاعدة بيانات متخصصة في إدارة المقتنيات "نظام إدارة المقتنيات"، ويحتوي المتحف على استوديو مجهز بأحدث المواصفات الفنية، ويُستخدم في إجراء عمليات المسح الضوئي وإنشاء نسخ رقمية من الصور والسلايدات والأفلام.
ويُستخدم التحليل الطيفي بالأشعة تحت الحمراء، والتحليل المجهري، لتحديد المواد الأصلية المكونة للقطعة وتحديد أنواع التدهور أو التآكل الذي قد تكون تعرضت له، كما تشمل عمليات الترميم تقنيات مثل التنظيف الجاف، والتنظيف الكيميائي، والتقوية والتدعيم باستخدام مواد حفظ خاصة قابلة للعكس والإزالة.
ويلتزم المتحف بأخلاقيات الترميم، والتي تشمل التدخل المحدود، واستخدام مواد صديقة للبيئة وملائمة لطبيعة القطع، بما يضمن الحفاظ على أصالتها واستدامتها.
كيف يسهم المتحف في دعم الأبحاث الأكاديمية والتعاون مع المؤسسات التعليمية؟
يتعاون متحف عُمان عبر الزمان مع الباحثين الراغبين في دراسة المقتنيات المتحفية، ويُتيح لهم الوصول المنظم إلى المعلومات والقطع لأغراض البحث العلمي.
كما قام المتحف بتدريب مجموعة من طلبة مؤسسات التعليم العالي في مختلف التخصصات، إيمانًا منه بأهمية بناء القدرات الوطنية في مجالات التوثيق، والترميم، والتفسير المتحفي.
وما الاستراتيجيات التي يعتمدها لضمان استدامة دوره الثقافي والتعليمي؟
يسعى المتحف إلى بناء شراكات تعاونية مع عدد من المؤسسات الخاصة في المجتمع، بهدف تمويل بعض المشاريع التعليمية والمناشط الثقافية النوعية، والعمل على ابتكار برامج تعليمية وفعاليات ثقافية مشتركة، وتُسهم هذه الشراكات في توسيع نطاق البرامج وتطويرها بما يلبي احتياجات مختلف شرائح المجتمع.
أما على صعيد الاستدامة، فإن المتحف يعتمد استراتيجيات طويلة الأمد تهدف إلى تعزيز تأثيره الثقافي والتعليمي في المجتمع، من خلال الاستثمار في بناء فريق عمل متمكن وقادر على تقديم المعرفة والخدمات المختلفة بصورة مرضية للمجتمع، كما يعمل المتحف على تطوير محتواه التعليمي بطريقة تفاعلية، وتوسيع نطاق مشاركاته المجتمعية.
وتتحقق فكرة الاستدامة أيضًا من خلال التقييم المستمر للبرامج والفعاليات المنفذة، بما يُسهم في فهم احتياجات الجمهور، ومواكبة متطلبات العصر، لضمان تقديم محتوى يتماشى مع التحولات الثقافية والتعليمية في المجتمع.
كيف يعزز المتحف ارتباطه بقطاع السياحة؟
يعمل متحف عُمان عبر الزمان ضمن منظومة سياحية متكاملة، من خلال بناء شراكات استراتيجية مع مختلف القطاعات السياحية، بهدف تقديم تجربة متكاملة تثري رحلة الزائر وتعزز من مكانة المتحف كوجهة ثقافية وسياحية رائدة.
وفي هذا الإطار، يحرص المتحف على التعاون مع الفنادق وشركات السفر والسياحة لتطوير برامج سياحية متكاملة تتضمن زيارات إلى المتحف ضمن جولات أوسع تشمل محافظة الداخلية ومناطق أخرى من سلطنة عُمان.
فعلى سبيل المثال، تقدم بعض الشركات السياحية برامج تتضمن زيارة قلعة نزوى وسوقها التقليدي، تليها جولة في متحف عُمان عبر الزمان، مما يتيح للسياح تجربة ثقافية وتاريخية متكاملة.
كما يشارك المتحف بفعالية في المعارض السياحية الدولية، مثل معرض سوق السفر العربي في دبي، وسوق السفر في لندن وبرلين، حيث يسعى إلى الترويج للمتحف كوجهة ثقافية، وتعزيز التعاون مع مؤسسات قطاع السياحة والسفر من مختلف دول العالم.
وتُعد هذه الجهود جزءًا من استراتيجية المتحف لتعزيز حضوره في المشهد السياحي، وتقديم تجربة زائر متميزة تجمع بين المعرفة والترفيه، وتُسهم في الترويج للتراث العُماني الغني على المستويين المحلي والدولي.