تولي دولة الإمارات اهتماماً كبيراً بالمشروعات الصديقة للبيئة والتي تنسجم مع مفاهيم الاستدامة، ومنها الزراعة العضوية التي تعد نظاماً متكاملاً لاستدامة الإنتاج الزراعي والموارد البيئية والمحافظة على صحة الإنسان، ولذلك توفر الدولة جميع السبل التي من شأنها المساهمة في تطوير الإنتاج العضوي المحلي؛ انطلاقاً من الدور الريادي الذي يلعبه في تحقيق تنوع واستدامة الغذاء.

وتعد الزراعة العضوية نظاماً زراعياً يشجع على إنتاج الغذاء ضمن إطار بيئي، واجتماعي، واقتصادي، متجنباً استخدام المدخلات الكيميائية المصنعة ومعتمداً على استخدام الدورة الزراعية والسماد العضوي لتحسين خواص التربة، وباستخدام المكافحة البيولوجية والفيزيائية والميكانيكية للحد من أضرار الآفات الزراعية، وكل ذلك يتم عبر تطبيق سلسلة من الأنظمة والمقاييس الدولية لضمان سلامة المنتج العضوي.
وعلى الرغم من التحديات التي تواجه الزراعة العضوية من حيث نقص الموارد المائية، وارتفاع تكلفة الإنتاج، إلا أن دولة الإمارات تعمل على مواجهة هذه التحديات من خلال الاستثمار في التكنولوجيا، وتوفير الدعم للمزارعين، وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، للمساهمة في تحقيق أهداف الزراعة العضوية وتعزيز استدامتها في المستقبل.
كما أطلقت الجهات المعنية في الدولة العديد من المبادرات والاستراتيجيات التي تهدف إلى تعزيز هذا النوع من الزراعة، ونتيجة لهذه الجهود، شهدت الزراعة العضوية في الإمارات على مدى السنوات الأخيرة تطوراً ملحوظاً، إضافة إلى زيادة الوعي بين المزارعين والمستهلكين بالفوائد المتنوعة للمنتجات العضوية، مما أدى إلى زيادتها في الأسواق المحلية.

ازرع الإمارات

وينسجم التوسع في مشاريع الزراعة العضوية مع مستهدفات البرنامج الوطني "ازرع الإمارات"، الذي أطلقه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، حيث يضم البرنامج مبادرات عدة تدعم توجهات دولة الإمارات للتنمية الزراعية وتعزيز معدلات الأمن الغذائي الوطني المستدام، إضافة إلى تطوير وتنفيذ مبادرات لتشجيع الزراعة العضوية ودعم المزارع العضوية في الدولة وتنميتها ورفع إنتاجيتها.
ويستهدف "ازرع الإمارات" تشجيع المجتمع المحلي على الإنتاج الذاتي المنزلي لأهم المنتجات الزراعية، وتوسيع الرقعة الخضراء في الدولة ودعم جهود الحفاظ على البيئة، وترسيخ صورة ذهنية إيجابية عن المنتج المحلّي ذي القيمة الغذائية العالية، كما يدعم البرنامج "عام الاستدامة 2024"، ويُعزز منظومة الاستدامة البيئية عبر المساهمة الفعالة للمنتجات المحلية في خفض البصمة الكربونية كمنتجات طازجة.

تقنيات حديثة

وتبذل وزارة التغير المناخي والبيئة جهوداً حثيثة منذ سنوات عدة لنشر مفهوم الزراعة العضوية وشجعت على تطويرها كمفهوم زراعي جديد في الدولة، وطورت منظومة متكاملة من الإجراءات الخاصة بالزراعة العضوية متوائمة مع الممارسات العالمية، وركزت هذه المنظومة على محاور عدة كالتشريعات، والرقابة والتفتيش، والإرشاد وبناء القدرات، والتسويق والأبحاث.
وفي الجانب التشريعي، طورت الوزارة منظومة تشريعية متوافقة مع المعايير والممارسات الدولية، تعنى بالإنتاج العضوي بكافة مراحله، سواء كان مستورداً أو محلياً، وعلى رأس هذه المنظومة التشريعية، القانون الاتحادي رقم (5) لسنة 2009 ولائحته التنفيذية بشأن المدخلات والمنتجات العضوية والذي نظم كافة الممارسات الخاصة بالمنتجات العضوية، بما في ذلك الحصول على شعار الإنتاج العضوي وآلية عرض المنتجات في الأسواق.
ووضع القانون ولائحته التنفيذية المعايير والشروط الخاصة بالمدخلات والمنتجات العضوية وكل ما يتعلق بالإنتاج العضوي، من حيث الإنتاج والتصنيع والتجهيز والتداول والاستيراد والتصدير للمدخلات والمنتجات العضوية، إضافة إلى إجراءات التصديق العضوي والرقابة والعقوبات على المنتجات المخالفة.

علامة "عضوي"

وفيما يتعلق بالجانب التسويقي وحمايةً للمنتج والمستهلك، عملت وزارة التغير المناخي والبيئة على إصدار القرار الوزاري رقم (103) لسنة 2012 في شأن اعتماد العلامة التجارية “عضوي” والتي أسهمت في تعزيز الثقة بالمنتجات العضوية وتمكين المستهلكين من تمييزها بسهولة ويسر.
ويسهل تمييز المنتجات العضوية في الأسواق المحلية من خلال العلامة التجارية (عضوي) المرفقة بعبوات التسويق، ويتم منح شهادة المنتج العضوي والعلامة التجارية “عضوي، Organic” من قبل وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة من خلال تطبيق التشريعات المعمول بها في دولة الإمارات.
ويتم وضع العلامة التجارية “عضوي” فقط على المنتجات العضوية المستوفية لشروط الإنتاج العضوي المعمول بها في الدولة طبقاً للقانون الاتحادي رقم (5) لسنة 2009م ولائحته التنفيذية في شأن المدخلات والمنتجات العضوية.
وتهدف العلامة التجارية العضوية إلى خدمة شريحة كبيرة من المزارعين في الدولة ممن يتبعون نمط الإنتاج العضوي وتساهم في مساعدة المستهلكين على تمييز المنتجات العضوية المحلية وتعزيز ثقتهم في هذه المنتجات ذات الجودة العالية وبهدف منع الغش وتضليل المستهلكين.
وفي جانب تعزيز ريادة تجارة المنتجات العضوية، فقد أصدرت وزارة التغير المناخي والبيئة القرار الوزاري رقم (768) لسنة 2014 بشأن تنظيم استيراد وتداول مدخلات ومنتجات الأغذية العضوية بما يخدم نمو السوق العضوي وتنظيمه وإدارته بكفاءة.
وتحرص الوزارة على تقديم الدعم الإرشادي للمزارعين، وتوفير الأسمدة والمبيدات العضوية المدعومة لهم، لتشجيعهم على التحول إلى الزراعة العضوية، وتتويجاً لهذه الجهود المبذولة فقد ارتفع إجمالي المزارع العضوية في دولة الإمارات إلى (78) مزرعة خلال عام 2023.

أفضل الممارسات

وتقدم المزارع العضوية في دولة الإمارات مجموعة متنوعة من المنتجات التي تزرع بطرق مستدامة للمحافظة على الموارد الطبيعية من التربة والمياه، كما تستخدم هذه المزارع أفضل الطرق الصديقة للبيئة في عمليات الحصاد والتعبئة، بهدف المساهمة في إنتاج نظام غذائي آمن ومستدام يعزز صحة الناس وينعكس إيجابياً على البيئة ويحقق أعلى مستويات الجودة في مجال المنتجات العضوية.
كما تقدم عدد من المزارع العضوية أنشطة ترفيهية وتثقيفية توفر تجربة تفاعلية ممتعة للعائلات بهدف التنزه والترفيه والتعلم والقيام بأنشطة التجارب الميدانية.

قيمة غذائية عالية

وأطلقت هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية في العام 2017 برنامج التحول إلى الزراعة العضوية محلياً، من خلال تأهيل 100 مزرعة على مدار 4 سنوات، وبداية من عام 2018 تم تأهيل أول 25 مزرعة، متخصصة في مجال الخضراوات وأشجار النخيل وأشجار الفاكهة.
وتهدف الهيئة من خلال هذه الخطوة إلى دعم مفاهيم الزراعة المستدامة والترويج لمزايا الزراعة العضوية وتشجيع المزارعين على استخدام المبيدات العضوية من خلال المستخلصات النباتية واعتماد أنظمة المكافحة الحيوية للآفات والحد من استخدام المواد الكيماوية في الزراعة سواء كانت أسمدة أو مبيدات.


المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية دولة الإمارات وزارة التغير المناخي والبيئة هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية الإمارات وزارة التغير المناخي والبيئة هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية العلامة التجاریة المنتجات العضویة الزراعة العضویة دولة الإمارات العضویة فی فی الدولة من خلال

إقرأ أيضاً:

ماذا وراء حفاظ مصر على قمة مصدري البرتقال عالميا؟

القاهرة- عززت مصر موقعها في مقدمة الدول المصدرة للموالح عالميًا، والتي تشمل البرتقال والليمون واليوسفي و"الغريب فروت".

ورغم التحديات العالمية، فقد أكدت الحكومة المصرية ريادتها في تصدير الموالح عام 2024 بكميات تجاوزت 2.4 مليون طن وعائدات تخطت 1.1 مليار دولار، مرسخة تفوقها العالمي لسنوات.

وأرجع وزير الزراعة، علاء الدين فاروق، هذه المكانة إلى جودة الإنتاج، وفتْح أسواق جديدة، والنفاذ للأسواق العالمية، والالتزام بالمعايير الدولية، ودعم المصدرين، مما أسهم في زيادة الصادرات الزراعية.

أهمية الموالح

تبرز صادرات الموالح كأحد أهم أعمدة الصادرات الزراعية المصرية في عام 2024، إذ استحوذت على نسبة كبيرة من حجم وقيمة الصادرات الزراعية الكلية التي حققت نموًا ملحوظًا.

تصدرت الموالح الصادرات الزراعية بكمية بلغت نحو 2.4 مليون طن من إجمالي 8.6 ملايين طن (تمثل نحو 28% من حجم الصادرات الزراعية). حققت صادرات الموالح عائدات بلغت 1.1 مليار دولار من إجمالي عائدات الصادرات الزراعية الطازجة والمصنعة البالغة 10.6 مليارات دولار (تمثل نحو 10.4% من عائدات الصادرات الزراعية).

أسباب التفوق

ويعود التفوق المصري إلى كل من الزيادة المطردة في الإنتاج، فضلا عن نجاح مصر في فتح أسواق تصديرية جديدة، وفق قول رئيس قطاع الخدمات الزراعية والمتابعة بوزارة الزراعة، أحمد عضام.

إعلان

قال المسؤول بوزارة الزراعة لـ"الجزيرة نت"، إن الزيادة في إنتاج وتصدير الحمضيات تعود إلى عدة عوامل، أبرزها ارتفاع المساحة المزروعة بنحو 500 ألف فدان، وإدخال أصناف جديدة منذ عدة سنوات تلبي متطلبات الأسواق الخارجية، لا سيما الأوروبية.

وفيما يتعلق بمزايا البرتقال وبقية الموالح، أوضح عضام أنها تتمتع بجودة فائقة وأسعار تنافسية، إضافة إلى طول فترة تخزينها، وذلك بفضل الالتزام بالمعايير الدولية في جميع مراحل الإنتاج بدءًا من الزراعة، مرورا بالحصاد والتخزين، وصولًا إلى التغليف.

وأكد عضام دور القطاع الخاص في قطاع التصدير، وجهود مركز البحوث الزراعية التابع لوزارة الزراعة في ضمان مطابقة الإنتاج للمعايير، لافتا إلى تكويد أكثر من 6 آلاف مزرعة مخصصة للتصدير (تعادل 420 ألف فدان).

البرتقال يتصدر

بناءً على بيانات وزارة الزراعة الأميركية، تحتل مصر مركز الصدارة عالميًا في تصدير البرتقال منذ عام 2020.

وتُعد مصر واحدة من أكبر منتجي ومصدري الحمضيات في العالم، خاصة البرتقال، إذ تصدرت إنتاجه عالميا في موسم التسويق 2024-2025.

وتوقع رئيس قطاع الخدمات الزراعية والمتابعة بوزارة الزراعة، زيادة مستقبلية في الإنتاج، وكشف عن توجه حكومي لإضافة قيمة مضافة للموالح عبر إنشاء مصانع للمركزات التصديرية.

ومن بين أهم الأسواق التي تمكنت مصر من النفاذ إليها، يبرز السوق الياباني الذي تطلب إجراءات تصديق من مجلس النواب، وهو ما تحقق بالفعل، وأكد المسؤول على الأهمية الإستراتيجية لفتح المزيد من الأسواق الجديدة.

القطاع الزراعي في مصر

يُعد قطاع الزراعة في مصر ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني، إذ يسهم بنسبة كبيرة في الناتج المحلي الإجمالي ويوفر أكبر عدد من فرص العمل، خاصة في المناطق الريفية، وفقا لتقارير صادرة عن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي.

ويسهم في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 12% تقريبًا، وهو أكبر القطاعات توفيرًا لفرص العمل. نسبة العاملين بالزراعة من إجمالي المشتغلين: نحو الخُمس (ما يقارب 20%). عدد العاملين بالزراعة: نحو 5.4 ملايين فرد. نسبة العاملين بالزراعة من العمالة الريفية: 55%.

مصر حافظت على صدارة منتجي البرتقال عالميا (الجزيرة) فرس الرهان

نفى نقيب الفلاحين المصريين، حسين أبو صدام، وجود علاقة بين ارتفاع حجم صادرات الموالح، وخاصة البرتقال، وارتفاع أسعارها محليًا في الموسم الماضي، وتحديدًا الارتفاع الكبير في أسعار الليمون الذي تجاوز سعر الكيلو منه 120 جنيهًا (نحو 2.5 دولار) مقارنة بنحو 25 جنيهًا (نصف دولار).

إعلان

وأكد في حديث لـ(الجزيرة نت) أن "الإنتاج المحلي من الموالح بشكل عام يكفي احتياجات السوق، إلا أن إنتاج الليمون تحديدًا هو الأقل بين أنواع الموالح، كما أن ارتفاع الأسعار يتأثر بعوامل أخرى مثل زيادة تكاليف مدخلات الزراعة ومعدلات التضخم".

وأشار أبو صدام إلى نجاح مصر في فتح أسواق تصديرية جديدة وزيادة المساحات المزروعة بالموالح، إلى جانب الإقبال المتزايد على الموالح المصرية في الأسواق العربية والآسيوية والأوروبية وصولا إلى أميركا اللاتينية، واعتبر أن اهتمام الحكومة بقطاع الحمضيات أسهم بشكل كبير في ريادة الصادرات الزراعية المصرية.

وأوضح أن تركيز الدولة على الزراعة التصديرية، واعتماد أصناف عالية الإنتاجية، ودخول حدائق جديدة قيد الإنتاج (التي تستغرق قرابة 3 سنوات)، إلى جانب تنافسية الأسعار الناتجة عن انخفاض قيمة الجنيه، كانت جميعها عوامل أساسية في دفع الصادرات نحو الارتفاع.

وقال نقيب الفلاحين إن قطاع الحمضيات "فرس الرهان" في خطة الدولة لتوسيع الرقعة الزراعية الصحراوية، لا سيما بفضل تحمل الموالح لملوحة التربة وشح المياه.

مقالات مشابهة

  • وزير الزراعة: رفع العقوبات خطوة نحو تحقيق الأمن الغذائي وتفعيل دور سوريا في الاقتصاد العالمي
  • منحة إيطالية لتعزيز الأمن الغذائي ودعم صغار المزارعين في الأردن
  • ماذا وراء حفاظ مصر على قمة مصدري البرتقال عالميا؟
  • وزير الإنتاج الحربي: الصناعة من أهم ركائز التنمية الاقتصادية الشاملة والأمن القومي
  • وزير الدولة للإنتاج الحربي: الصناعة من أهم ركائز التنمية الاقتصادية الشاملة والأمن القومي
  • وزير الإنتاج الحربي: نلبي احتياجات السوق بالاستفادة من فائض الطاقات الإنتاجية بالشركاتنا
  • وزير الإنتاج الحربي: الصناعة أهم ركائز التنمية الاقتصادية الشاملة والأمن القومي
  • تعاون مصري - أمريكي جديد في مجال الأمن الغذائي وتعزيز الزراعة الذكية
  • وزير الاقتصاد يستعرض تجارب الإمارات الناجحة في “منتدى السياحة العالمي” ببراغ
  • وزير الزراعة: مستمرون في معالجة السماد العضوي والقضاء على الآفات