لجريدة عمان:
2025-06-13@14:13:25 GMT

التجارة المستترة .. داءٌ يُؤرق الاقتصاد

تاريخ النشر: 4th, November 2024 GMT

في بداية المقال، أرفع القبعة لكل تاجر عُماني استطاع أن يتخلّص من ورطة التجارة المستترة التي باتت أشبه بالمرض العضال الذي قلما يشفى منه مريض ويخشاه الشخص السليم، وأحيي كل عُماني وقف سدّا منيعا أمام الإغراءات المالية التي يقدمها المقيمون في سلطنة عُمان، وأشيد بكل رائد أعمال وظّف عقله وغلّب مصلحة وطنه وسعى لتنمية اقتصاد بلده؛ ليبدأ مشروعه الخاص بجده واجتهاده ليكون ساعد بناء في ومساهم بمشروعه في تعزيز النمو الاقتصادي، لا معول هدم بتستره على القوى العاملة المقيمة.

لن أتعمق كثيرا في مفهوم التجارة المستترة في هذا المقال فأنواعها متعدّدة وسلبياتها كثيرة وواضحة لمن يرصد آثارها على الاقتصاد والتاجر العُماني، ودوافعها لن تخرج عن إطار تحقيق الربح السريع المضمون شهريا بلا جهد معنوي ومادي، ورغم كل الجهود التي تبذلها المؤسسات الحكومية للقضاء على التجارة المستترة، إلا أنها ما زالت منتشرة في العديد من الأنشطة التجارية خصوصا التي لا تتطلب مهارة عالية لممارستها واستمرارها من الأمثلة عليها لا حصرها: محال الحلاقة وكي الملابس وتنظيف وتلميع المركبات ومحال تصليح المركبات في المناطق الصناعية، وأرى أن التركيز عليها في حملات التفتيش يعد أمرا مهما للقضاء على التجارة المستترة وألا يقتصر التفتيش على الزيارات الميدانية وإنما التأكد من كشوفات الحسابات البنكية للمؤسسة ومعرفة التدفقات المالية وفواتير الشراء، إضافة إلى متابعة كشوف حسابات العاملين في هذه المنشآت؛ لتضييق الخناق على ممارسي التجارة المستترة، ومن المهم أيضا منع صاحب العمل العُماني من ممارسة العمل الحر بتاتا وعدم السماح له بفتح سجل تجاري برقمه المدني بمسمى مختلف عن السجل الذي ضبط به وهو يمارس التجارة المستترة عن طريقه، لا بد من تكامل الجهود الحكومية لوقف هذه الظاهرة المنتشرة؛ فكثير من ممارسيها هم على رأس أعمالهم ويتقاضون رواتب شهرية في المقابل التاجر الذي كافح واجتهد لبدء مشروعه التجاري يعاني من منافسة العامل المقيم المتستر خلف سجل باسم عُماني، استذكرت تاجرا أنفق جميع ما يملك من أموال ادخرها خلال مرحلة دراسته الجامعية؛ للبدء في مشروعه التجاري لكنه تفاجأ بعد فترة قصيرة بأن المشروع بات مهددا بالإغلاق بسبب داء التجارة المستترة التي مكّنت العامل المقيم من السيطرة على السوق والتلاعب بأسعار الخدمات في نشاطه التجاري؛ حيث رصدت عدة محال تجارية يقوم من خلالها العاملون المقيمون بتخفيض الأسعار لجذب أكبر عدد من الزبائن والإضرار بالأنشطة التجارية المشابهة التي يقف على متابعتها التاجر العُماني، ويكرّس وقته وجهده للنهوض بمشروعه التجاري.

خلال المتابعة المستمرة لجهود الحكومة في مكافحة التجارة المستترة، رصدت إطلاق وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار حملة «لا تكن صورة»؛ بهدف ردع ممارسات التجارة المستترة وتنظيف سوق العمل وبيئة الأعمال في سلطنة عُمان من الأدوات والممكنات التي يستخدمها بعض الأشخاص بقصد أو بدون قصد وتسهم في تفشي ظاهرة التجارة المستترة، وأرى أن نجاح الحملة مرتبط بمدى وعي أفراد المجتمع بخطورة تفشي الظاهرة والإبلاغ عن ممارسيها قبل أن تنتقل عدوى التجارة المستترة إلى أنشطة تجارية أخرى، يجب علينا جميعا أن نتكاتف لمكافحة ممارسات التجارة المستترة وألا نكون عونا لاستمرارها؛ حيث تساعد على حالات الغش التجاري وتهدد الأمن الوطني بكثرة القوى العاملة المقيمة التي تتجول في الأحياء السكنية بلا مهن يمارسونها مما يتسبب ذلك في إقلاق الراحة العامة، وكذلك تؤثر على التنافسية في السوق عبر تخفيض الأسعار بهدف كسب أكبر عدد من الزبائن، إضافة إلى دور التجارة المستترة في زيادة الحوالات المالية خارج سلطنة عُمان؛ الأمر الذي يضع مقترحا في إمكانية تشجيع العاملين المقيمين على استثمار أموالهم في الاقتصاد العُماني، أو فرض ضريبة على الحوالات المالية خارج عُمان، حقيقة بدأنا نتلمّس الجهود الحكومية في مكافحة التجارة المستترة عبر إلزامية المحال التجارية بتطبيق نظام الدفع الإلكتروني، إلا أن هذه الخدمة أساء بعض التجار استخدامها عبر انتهاج ممارسات غير مسؤولة؛ حيث نلاحظ امتناع بعض القوى العاملة المقيمة من استخدام الخدمة؛ بسبب خصم عمولة الدفع الإلكتروني.

إن استمرار ظاهرة التجارة المستترة دون إيجاد منهجية واضحة لمكافحتها، ستظل داء يُؤرق الاقتصاد وستؤثر على بيئة الأعمال عموما؛ لأن الاعتماد على المبلغين لن يحل المشكلة كون أنها صعب اكتشافها وتضع الشخص بين أمرين إما الاستفادة من المبلغ الرمزي الذي يحصل عليه جراء تستره أو يغلّب المصلحة الوطنية وينأى بنفسه عن هذه الممارسة الضارة به في المقام الأول؛ لتبعاتها القانونية والاقتصادية والصحية وعلى الاقتصاد من حيث تشويه بيانات سوق العمل والبيانات المرتبطة ببيئة الأعمال، وأنا على يقين أن هناك ثمة من المتورطين في التجارة المستترة هم في وضع نفسي صعب؛ خوفا من اكتشاف أمرهم وتحملهم لتبعات المخالفات والجوانب القانونية الأخرى، وعليه أقترح الآتي:

-إعفاء المبلغين المتورطين في التجارة المستترة من الغرامات المترتبة عليهم؛ بسبب عدم وجود كشوفات مالية تثبت ممارستهم العمل التجاري شخصيا.

-مساعدة ممارسي التجارة المستترة من الابتزاز الذي تمارسه القوى العاملة المقيمة مالكي المشروع كاملا، مثل عدم تسلّمهم رواتب منذ بدء المشروع.

-تصحيح أوضاع المشاريع؛ لتكون رائدة في العمل التجاري بعد التخلص من تبعات التجارة المستترة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: التجارة المستترة الع مانی ع مانی

إقرأ أيضاً:

صندوق النقد الدولي يُشيدُ بممارسات الشفافية للبنك المركزي العُماني

العُمانية: قام صندوق النقد الدولي بإصدار ونشر تقرير حول شفافية البنك المركزي العُماني استنادًا إلى المعايير الفضلى الصادرة عن الصندوق بشأن شفافية البنوك المركزية.

وقد صدر التقرير اليوم وتم إنجاز هذا التقييم الطوعي بهدف مراجعة ممارسات الشفافية والإفصاح للبنك المركزي العُماني مع التركيز على 5 مجالات رئيسة وفق ما صدر عن صندوق النقد الدولي وهي تتعلق بالحوكمة، وشفافية السياسات والعمليات والمخرجات، والعلاقات الرسمية للبنوك المركزية، وبما يخدم استقلالية البنك المركزي العُماني وعلاقاته مع الجهات ذات الصلة، ويسهّل عملية مشاركة المعلومات والاستفادة الفكرية المتبادلة مع الجهات النظيرة.

وقد خلص تقرير الصندوق إلى أن البنك المركزي العُماني يولي اهتمامًا كبيرًا بمسألة الشفافية في ممارساته بما يتماشى مع أفضل الممارسات الدولية، والتي تعكس التزام البنك بتعزيز دوره كمؤسسة عامة بالغة الأهمية في الدولة، وذلك من خلال إطار شفافية رصين.

وتعد سلطنة عُمان الأولى على مستوى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية التي تخضع لهذا التقييم الطوعي والثانية على مستوى الدول العربية، مما يجسد رغبة البنك المركزي العُماني في الرقي إلى أفضل المستويات والممارسات دولياً.

وقد عقد الصندوق في زيارته الميدانية اجتماعات مكثفة مع المعنيين من البنك المركزي العُماني وذوي العلاقة من المؤسسات الحكومية والخاصة ومؤسسات المجتمع المدني لتقييم ممارسات الشفافية المتبعة من قبل البنك وأطر حوكمتها، بما يضمن وجود حوارات بنّاءة مع الأطراف المعنيّة لتحقيق نتائج أكثر فعالية على مستوى السياسات النقدية والمصرفية.

وتشير أبرز نتائج التقرير إلى: حوكمة قوية وإطار قانوني سليم حيث يمتلك البنك المركزي العُماني إطاراً قانونياً قوياً للحوكمة الداخلية مع هيكل قانوني واضح وصلاحيات واسعة، مما يعزز عملية اتخاذ القرار والمساءلة.

كما تشير النتائج إلى شفافية السياسة النقدية حيث يضمن البنك المركزي العُماني الشفافية في السياسة النقدية واستقرار النظام المالي من خلال التعاون مع الجهات المالية الأخرى في الدولة، وكذلك من خلال إصدار نشرات ودوريات منتظمة لضمان التواصل الفعّال.

وتبيّن لخبراء صندوق النقد الدولي أن البنك المركزي العُماني يركز على تعزيز الأدوات المتعلقة بالاستجابة الطارئة للسيولة والاستقرار المالي الكلي، مما يعكس جهوده المستمرة لتحسين شفافية إدارة استقرار النظام المالي في سلطنة عُمان.

ويعمل البنك المركزي العُماني على تعزيز تواصله مع الجمهور، وضمان أن تكون قرارات السياسات الرئيسية متاحة ومفهومة، بما في ذلك من خلال موقعه الإلكتروني وقنوات وسائل التواصل الاجتماعي.

وأشاد صندوق النقد الدولي بجهود البنك المركزي العُماني في تعزيز إطار مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وقد شجعت المراجعة على مواصلة تعزيز الشفافية في ممارساته الإشرافية والرقابية المتعلقة بهذا الجانب.

الجدير بالذكر، أن صندوق النقد الدولي قام بإصدار إطار "ميثاق شفافية البنوك المركزية" في عام 2020م؛ وذلك لتزايد المسؤوليات والتوسع الكبير في مطالبة البنوك المركزية بتوضيح طبيعة أنشطتها وكيفية القيام بها والغرض منها، بحيث تسمح بتعميق فهم الجمهور لدور هذه الأنشطة في خدمة مصالحهم على النحو الأمثل بما يتسق مع الصلاحيات الحالية ويخدم استقلالية البنوك المركزية ويعزز تأثير السياسات النقدية والمصرفية.

وقد أخذ البنك المركزي العُماني بعين الاعتبار التوصيات المقدمة من فريق صندوق النقد الدولي، وهو ملتزم بمواصلة تعزيز الشفافية بما يتماشى مع أهداف رؤية "عُمان 2040" ومع أفضل الممارسات العالمية، مع مراعاة السياق المحلي والإطار القانوني الوطني.

وقد وفّرت البعثة فرصة للتقييم الذاتي، ضمن تزامن مهم لجهود البنك المركزي العُماني المستمرة في تحديث الأطر القانونية والتنظيمية، وسيعمل البنك المركزي العُماني على تطوير خطة لتنفيذ التوصيات والنتائج الواردة في تقرير الصندوق مما يسهم في تحسينات مستمرة لشفافية عملياته وممارساته وسياساته لضمان نموّ اقتصادي مستدام.

مقالات مشابهة

  • بيان من "الطيران العُماني" حول إلغاء رحلات
  • جهاز تنمية التجارة الداخلية: 42% من طلبات السجل التجاري تُقدم عبر منصة "مصر الرقمية"
  • التجارة الداخلية: 42% من طلبات السجل التجاري تُقدم عبر منصة مصر الرقمية
  • توقف قطارات النقل في تونس عن العمل.. ما الذي حصل؟
  • جهاز التجارة الداخلية: 42% من طلبات السجل التجاري تُقدم عبر منصة مصر الرقمية
  • “غروندبرغ” لمجلس الأمن: إنقاذ الاقتصاد اليمني أولوية والتأخر في استئناف تصدير النفط سيكون مكلفًا
  • "حماية المستهلك" تُنظِّم "ملتقى التسوق الإلكتروني".. الإثنين
  • نائب وزير الاقتصاد يطلع على واقع فرع المخابز ومديرية التجارة الداخلية في درعا
  • صندوق النقد الدولي يُشيدُ بممارسات الشفافية للبنك المركزي العُماني
  • خلال لقائه رئيس مجلس الشورى في دولة قطر: رئيس البرلمان العربي يشيد بالجهود التي يقوم بها أمير دولة قطر لوقف حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني