بقلم : محمد نعناع ..

لم يحقق الحزب الديمقراطي الكوردستاتي مفاجأة في فوزه بالانتخابات البرلمانية العامة في الإقليم على مستوى النتائج، أو في عدد المقاعد التي حصل عليها، فتاريخ الحزب وثقله الاجتماعي ومساعيه السياسية ونشاطه الخدمي، كلها عوامل تمنحه الاسبقية على الأحزاب الأخرى في الإقليم، لكن المفاجأة تكمن في عدم تراجعه بشكل ملحوظ أو كبير كما أرادت الأطراف التي تناوئه داخل وخارج الإقليم.

لقد شكل بقاء الديمقراطي الكردستاني كقوة سياسية فاعلة متصدرة لمعادلة السلطة صدمة للأطراف التي قامت بكل أنواع الضغوطات لتكسر تفوق الديمقراطي الكردستاني ومن ثم تحقيق الأهداف الاستراتيجية التي تعمل على تطبيقها في العراق والمنطقة.
ورغم القرارات القانونية والتهديدات الأمنية والمعوقات المالية والتحركات السياسية وكلها شكلت ضغوطات هائلة على الإقليم عموماً وعلى البارتي بالتحديد، إلا أن ما يقارب من 40% من المصوتين البالغ عددهم مليونين وتسعمائة الف مواطن منحوا أصواتهم للديمقراطي الكردستاني ليحصل على 39 مقعداً مبتعداً عن اقرب منافسيه اليكتي بــ 16 مقعد، وصحيح أن اليكتي حقق تقدماً في الانتخابات الأخيرة وسيكون الطرف الذي على البارتي التفاهم معه، ولكن التفاهم سيكون وفقاً لشروط ومعايير البارتي في اغلب الظن، لاسباب موضوعية منها تصدر البارتي في الانتخابات، وقرب اطراف أخرى منه، ومنها مقاعد المكونات.
لقد امنت حكومة إقليم كردستان والطبقة السياسية والقوى النخبوية في إقليم كردستان مشاركة 72% من الذين يحق لهم التصويت في الإقليم وخارجه وهم المسجلين بايومترياً في مفوضية الانتخابات الاتحادية، وبغض النظر عن الحسابات الفنية والملاحظات التي وضعتها بعض المنظمات المختصة بالانتخابات على مسيرة الانتخابات البرلمانية في الإقليم، فإن هذه المشاركة الكبيرة تعد مكسباً سياسياً مهماً للقيادة الكردستانية، وتعني ايضاً الرغبة الشعبية في المضي بالمشاركة السياسية، وتؤكد كذلك إمكانية صياغة مقاربات تنافسية حزبية تنأى بالاقليم عن الصراعات المدمرة لمكاسب الإقليم ما بعد 2003 والتي يؤكد عليها باستمرار زعيم الديمقراطي الكردستاني مسعود باززاني، خصوصاً في الخطاب الدعائي الانتخابي الشهير الذي أسس فيه بارزاني خارطة المرحلة المقبلة التي تخلو من الثنائيات السلطوية وتتجه نحو إقليم واحد وقيادة واحدة وبيشمركة واحدة، وهذه هي ملامح المستقبل السياسي ومعالم الحياة الاجتماعية التي يريد الديمقراطي الكردستاني تثبيتها في المرحلة القادمة، وهي التي جعلت السفيرة الامريكية تحج الى أربيل لتطلع على كيفية بناء الديمقراطي الكردستاني لمعادلة السلطة المقبلة.
امام الحزب الديمقراطي الكردستاني تحديات كبيرة في المرحلة المقبلة، والفيصل في تجاوزتها هو تحقيق إنجازات في ثلاثة ملفات أساسية، وهي:
1- إعادة قوة الإقليم، وخصوصاً في المجال الاستراتيجي، كصياغة اتفاق نفطي مع الحكومة الاتحادية.
2- تقديم الخدمات الأساسية والتنموية والكمالية لشعب الإقليم.
3- الاستمرار بالفعالية الدبلوماسية في العلاقات الخارجية.
ان أي تهاون من قبل البارتي في هذه الملفات، سيؤدي الى خلخلة الاستقرار السياسي الذي يؤثر على الوضع العام، وهذا يعني تضخم وتغول الأطراف الأخرى في الإقليم وخارجه على حسابه، وهو امر لم يتحقق لهم خلال اربع سنوات من الضغط المتعدد الاشكال، لكن التحركات والمتغيرات في المنطقة تنذر بتطورات قد تكون غير متوقعة، ومن هذا المنظور تتحدد قدرة أي قوة سياسية تنفيذ برامجها السياسية من عدمه، والبارتي مشمول من كل النواحي الجيوسياسية والديمغرافية والاقتصادية بهذه التطورات والمتغيرات والتقلبات الاستراتيجية.

د. محمد نعناع

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات الدیمقراطی الکردستانی فی الإقلیم

إقرأ أيضاً:

وزير الري: الإجراءات الأحادية تُهدد استقرار الإقليم.. والعلم لم يعد رفاهية في إدارة المياه

شارك الدكتور هاني سويلم، وزير الموارد المائية والري، في الاحتفال رفيع المستوى الذي نظمته منظمة اليونسكو بالعاصمة الفرنسية باريس بمناسبة مرور ٥٠ عامًا على انطلاق “البرنامج الهيدرولوجي الدولي”، وذلك بدعوة خاصة وجهت لعدد محدود من الوزراء البارزين على مستوى العالم، تأكيدًا على الدور المحوري لمصر في قضايا المياه الإقليمية والدولية.


 

وأكد الدكتور سويلم في كلمته خلال الفعالية أن ملف المياه بات من أكثر التحديات العالمية إلحاحًا، مشددًا على أن العلم لم يعد رفاهية بل أصبح ضرورة حتمية لتحسين إدارة الموارد المائية وتعظيم كفاءتها، خاصة في ظل ما يشهده العالم من تصاعد في أزمات المناخ والموارد.


 

وأشار إلى أن المرحلة التاسعة من البرنامج الهيدرولوجي الدولي لليونسكو، والتي تُعقد تحت شعار “العِلم من أجل عالم آمن مائيًا في بيئة متغيرة”، تمثل دعوة واضحة لتوظيف البحث العلمي والابتكار في خدمة الأمن المائي، من خلال أدوات تشمل: الإدارة المتكاملة، البيانات المفتوحة، الحكم العلمي، والتعليم المرتبط بالثورة الصناعية الرابعة.


 

وسلط وزير الري الضوء على التحديات التي تواجه مصر، موضحًا أن الدولة تعتمد بشكل شبه كلي على نهر النيل، في ظل انخفاض نصيب الفرد من المياه إلى ما دون نصف المعدل العالمي الآمن، ما يضعها بين الدول الأشد ندرة، ويستدعي الاعتماد على حلول علمية وابتكارية.


 

وجدد سويلم التأكيد على أن السياسة المصرية تقوم على دعم التعاون والتكامل الإقليمي لتحقيق الازدهار المشترك بين دول حوض النيل، مشيدًا بدور منظمة اليونسكو والبرنامج الهيدرولوجي في تنفيذ مشروع FRIEND-Nile، الذي يعد منصة علمية إقليمية لتبادل البيانات والبحوث الهيدرولوجية بين دول الحوض.


 

وأشار الوزير إلى أهمية التنبؤ الهيدرولوجي والمياه الخضراء كمسارين رئيسيين لتعزيز التعاون الإقليمي، موضحًا أن الاعتماد على نماذج علمية دقيقة وتوقعات مناخية موثوقة يوفر لغة مشتركة لفهم احتياجات دول المنبع والمصب، ويدعم تنسيق تشغيل السدود والتخطيط لمواجهة فترات الجفاف.


 

كما شدد على خطورة الإجراءات الأحادية التي تهدد الثقة والاستقرار في الإقليم، مؤكدًا أن غياب التشاور بين دول الحوض يعرّض حياة الملايين في دول المصب للخطر.


 

وفيما يتعلق بالمياه الخضراء – وهي مياه الأمطار المخزنة في التربة والمستخدمة من قبل النباتات – أوضح سويلم أنها تدعم نحو ٨٠٪ من الزراعة عالميًا، إلا أنها غائبة عن استراتيجيات المياه في كثير من الدول، داعيًا إلى تبني نهج شمولي يدمج هذا المورد الحيوي في التخطيط والسياسات المائية والزراعية على مستوى حوض النيل.

مقالات مشابهة

  • تعليم كوردستان تمنح طلاب الإقليم في إيران الخيار: العودة أو إكمال الدراسة
  • المجلس السياسي الأعلى : العدوان الصهيوني على إيران جريمة كبرى والولايات المتحدة شريكة في الجريمة (تفاصيل)
  • هل حرب الاقليم الحالية ذات منطلقات دينية..أم وضعية سياسية ؟..قراءة تفكرية..
  • مليشيا ال دقلو وسعت دائرة حربها لتصبح مهدداً للسلم والأمن في الإقليم
  • حزب الجيل الديمقراطي: حدود مصر مصانة وسيادتها الوطنية مقدسة
  • السوكني: التشكيلات العسكرية التي زرناها في طرابلس حريصة على استمرار حالة الاستقرار  
  • البيانوني ينهي شهادته لـ عربي21 حول تاريخ سورية والتحول الديمقراطي
  • المغرب يدين تعنت الجزائر التي ترهن العملية السياسية على حساب الاستقرار الإقليمي
  • رئيس الشعب الديمقراطي: تحالف الأحزاب قادر على المنافسة في الانتخابات المقبلة
  • وزير الري: الإجراءات الأحادية تُهدد استقرار الإقليم.. والعلم لم يعد رفاهية في إدارة المياه