مقالات:
بقلم/ طه العامري
كان وطنيا صادقا، وكان قوميا وفيا، وكأن مسلما مخلصا لربه ولدينه ولرسوله ولعباد الله المستضعفين..
لكن أعظم ما تميز به هذا المجاهد إنه كان إنسانا.. نعم كان إنسانا بكل ما تعني العبارة، ولأنه كذلك تميز بنضاله ومقاومته للاستكبار ومناهضة الطغاة ومناصرة المظلومين ليس في لبنان وسوريا وفلسطين بل وفي اليمن التي نالت عنايته واهتمامه حين تكالبت الدنيا كلها على الشعب اليمني، كان نصر الله هو الصوت المدوي الذي ارتفع نصرة لليمن ومناصرا لقضيته العادلة في مواجهة تحالف العدوان وقوى الاستكبار.
نصر الله كان الرجل الاستثنائي في زمن استثنائي، كان صوت الحق في زمن طغيان الباطل، كان صوت الحرية في زمن الاستعباد قهرا وطواعية، كان عنوان النضال في زمن الاستسلام باسم السلام.. كان أكثر من قائد وأكثر من مناضل وأعظم من زعيم.. كان العالم بكل ما تعني الكلمة، عالما بكل أوضاع القهر والظلم والاستكبار التي تعاني منهم الأمة، ولهذا وقف في مواجهة كل هذه العناوين شامخا رافعا راية الحرية والكرامة والسيادة لكل المظلومين، لم يكن مجرد أمينا عاما لحزب الله ولا قائدا لمقاومة لبنان، بل كان أيقونة نضالية لكل الأحرار في العالم ومناصرا لكل المظلومين في مواجهة قوى الاستكبار والاستعمار من شرقنا العربي إلى مغربه ومن أفريقيا إلى أمريكا اللاتينية.. كان نصر الله سيد المقاومة وسيد الأحرار والمجاهدين وقدوتهم.. ولأنه كذلك فإنه لم يمت وان استشهد ورحل إلى جوار ربه لكنه يظل في الوجدان والذاكرة الإنسانية رمزا للحرية والكرامة والجهاد والنضال، وعنوانا للإنسان الذي يستوطن ذاكرة الأجيال بما ترك خلفه من مأثر وبصمات جهادية ومواقف إنسانية وأفعال أخلاقية تتناقلها الأجيال القادمة كابرا عن كابرا، إنه يقتفي إثر أول الثوار في مسارنا الإسلامي جده الإمام أبي عبد الله الحسين، الذي كان أول من واجه الطغاة ونازلهم وتصدى لانحرافهم ليسجل موقفا تاريخيا تقتفي اثره الأجيال.. الشهيد السيد حسن نصر الله هو امتداد لذلك الثائر الذي ترك مأثره في ذاكرة التاريخ يتناقلها حتى وصلت إلينا وهكذا سوف تتناقل الأجيال أسطورة العالم والقائد والمجاهد حسن نصر الله في متواليات الأزمان القادمة، لأن أمثاله لا يموتون وان رحلوا من بيننا لكن مأثرهم وسيرتهم تبقى للأجيال عنوانا يقتدون بها وعلى نهجه سوف تسير أجيال وأجيال حتى تنتصر الأجيال لكل قيمه وأفكاره ورؤيته للحرية والعدالة..
سيد الشهداء وشهيد فلسطين والأقصى والقدس ترك لنا والأجيال خارطة طريق نهتدي بها في رحلتنا نحو القدس وأفكارا تركها هي بمثابة شعلة نضئ بها طريقنا نحو الانتصار وهزيمة العدو ورفع راية الحرية والكرامة على قبة الصخرة وهذا بإذن الله سيكون قريبا قريبا بفضل دم سيد الشهداء ومعلم الأجيال قيم الحرية والجهاد والكرامة.
لروحك السكينة والخلود يا سيد الشهداء في ذكرى أربعينية ارتقائك إلى جوار ربك شامخا بهامة تعانق خد الشمس.. كن مطمئنا يا سيدي أنك تركت خلفك رجالا أوفياء وسيدا شابا يتماهى معك حبا وعشقا بالجهاد والكرامة والسيادة ونصرة المستضعفين ومنازلة قوى الاستكبار والاستعمار.. إنه السيد المجاهد عبدالملك بدرالدين الحوثي الذي قيضه الله ليعيد لليمن سيادتها وكرامتها وقرارها، وليقف في خندق المقاومة والإسناد من أجل فلسطين و الأمة ومن أجل إعادة الاعتبار لهوية الأمة وقيمها.. إنه الواقف في محرابك أيها السيد الشهيد متمسكا بنهج خطته أنت وأضاف إليه ما تتطلبه المرحلة في سبيل الأمة وفلسطين في أولويات جهاده، فلك الرحمة يا سيدي والخلود ولسيدنا القائد _حفظه الله ورعاه _النصر وإن شاء الله سينجز ما بدأته أنت.. فنم قرير العين رضوان الله عليك ورحمته وفردوسه.
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
ما الفرق بين الرؤيا والحلم وكيف يميز الإنسان بينهما؟.. الإفتاء تجيب
تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا يقول صاحبه: ما الفرق بين الرؤيا والحلم؟ وكيف يستطيع الإنسان أن يُميِّز بينهما؟
وأجابت دار الإفتاء عبر موقعها الرسمى عن السؤال قائلة: يظهر الفرق بين الرؤيا والحلم من خلال الحديث عن حقيقة الرؤيا وحقيقة الحلم، وهذا ممَّا فصله العلماء وبينوه؛ قال الإمام النووي في "شرح مسلم" (15/ 17، ط. دار إحياء التراث العربي): [مذهب أهل السنة في حقيقة الرؤيا أن الله تعالى يخلق في قلب النائم اعتقادات كما يخلقها في قلب اليقظان وهو سبحانه وتعالى يفعل ما يشاء لا يمنعه نوم ولا يقظة، فإذا خلق هذه الاعتقادات فكأنه جعلها عَلَمًا على أمور أُخَر يخلقها في ثاني الحال أو كان قد خلقها؛ فإذا خلق في قلب النائم الطيران وليس بطائر فأكثر ما فيه أنه اعتقد أمرًا على خلاف ما هو فيكون ذلك الاعتقاد عَلَمًا على غيره؛ كما يكون خلق الله سبحانه وتعالى الغيم عَلَمًا على المطر والجميع خلق الله تعالى، ولكن يخلق الرؤيا والاعتقادات التي جعلها عَلَمًا على ما يسرّ بغير حضرة الشيطان، ويخلق ما هو عَلم على ما يضرّ بحضرة الشيطان فينسب إلى الشيطان مجازًا لحضوره عندها وإن كان لا فعل له حقيقة، وهذا معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «الرُّؤْيَا مِنَ اللهِ، وَالْحُلُمُ مِنَ الشَّيْطَانِ» لا على أن الشيطان يفعل شيئًا؛ فالرؤيا اسم للمحبوب والحلم اسم للمكروه. هذا كلام المازري، وقال غيره: أضاف الرؤيا المحبوبة إلى الله إضافة تشريف، بخلاف المكروهة وإن كانتا جميعًا من خلق الله تعالى وتدبيره وبإرادته ولا فعل للشيطان فيهما، لكنه يحضر المكروهة ويرتضيها ويسرّ بها] اهـ.
مميزات الرؤيا
وأوضحت أن من مميزات الرؤيا أنها تكون صادقة؛ فقد روى مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم أنه قَالَ: «إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ لَمْ تَكَدْ رُؤْيَا الْمُسْلِمِ تَكْذِبُ، وَأَصْدَقُكُمْ رُؤْيَا أَصْدَقُكُمْ حَدِيثًا، وَرُؤْيَا الْمُسْلِمِ جُزْءٌ مِنْ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ، وَالرُّؤْيَا ثَلاَثَةٌ: فَرُؤْيَا الصَّالِحَةِ بُشْرَى مِنَ اللهِ، وَرُؤْيَا تَحْزِينٌ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَرُؤْيَا مِمَّا يُحَدِّثُ الْمَرْءُ نَفْسَهُ، فَإِنْ رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ فَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ وَلَا يُحَدِّثْ بِهَا النَّاسَ» قَالَ: "وَأُحِبُّ الْقَيْدَ وَأَكْرَهُ الْغُلَّ وَالْقَيْدُ ثَبَاتٌ فِي الدِّينِ"، فَلَا أَدْرِى هُوَ فِي الْحَدِيثِ أَمْ قَالَهُ ابْنُ سِيرِينَ. رواه مسلم.
وقد بيَّن هذا الحديث الشريف أنَّ الرؤيا منها ما يكون أضغاث أحلام؛ أي: إضافة إلى المعنى الحسن المقصود من لفظ الرؤيا؛ قال الإمام البغوي في "شرح السنة" (21/ 211، ط. المكتب الإسلامي): [وقوله: «الرُّؤْيَا ثَلَاثَةٌ» فيه بيان أن ليس كل ما يراه الإنسان في منامه يكون صحيحًا ويجوز تعبيره، إنما الصحيح منها ما كان من الله عز وجل يأتيك به ملك الرؤيا من نسخة أم الكتاب، وما سوى ذلك أضغاث أحلام لا تأويل لها. وهي على أنواع قد يكون من فعل الشيطان يلعب بالإنسان، أو يريه ما يحزنه، وله مكايد يحزن بها بني آدم، كما أخبر الله سبحانه وتعالى عنه: ﴿إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [المجادلة: 10]، ومِن لعب الشيطان به الاحتلام الذي يوجب الغسل، فلا يكون له تأويل، وقد يكون ذلك من حديث النفس، كمن يكون في أمر، أو حرفة يرى نفسه في ذلك الأمر، والعاشق يرى معشوقه ونحو ذلك، وقد يكون ذلك من مزاج الطبيعة] اهـ.