جدل في ليبيا بعد فرض الحجاب ومنع الاختلاط.. ما قانونية هذه الخطوة؟
تاريخ النشر: 12th, November 2024 GMT
أثارت تصريحات وزير الداخلية بحكومة الوحدة الليبية، عماد الطرابلسي، بخصوص فرض اللباس الشرعي على النساء ومنع قصات الشباب والاختلاط ردود فعل محلية ودولية وتخوفات من الخطوة أن تصب في تقييد الحريات خاصة أن الوزير هدد بالاعتقالات والحبس المباشر لكل مخالف.
وأعلن الطرابلسي، عودة دوريات شرطة الآداب للعمل الشهر المقبل، مؤكدا أنها ستمنع "صيحات" الشعر غير المناسبة وملابس الشباب التي لا تتماشى مع ثقافة المجتمع وخصوصياته وأنه سيلاحق من يقوم بارتداء ملابس غير لائقة سواء من الشباب أو الشابات، كذلك أصحاب المقاهي والمطاعم، مؤكدا أنه لن يترك شخصا يجلس مع واحدة بطريقة غير محترمة، وسيعطي شرطته دورات في القرآن والسنة.
"تهديدات ومغادرة البلاد"
وبلهجة شعبية وألفاظ "نابية"، هدد الطرابلسي الجميع بالحبس والاعتقال حال مخالفتهم قراراته، بل طالبهم بمغادرة البلاد قائلا: "من يريد العيش بحرية فليذهب للعيش في أوروبا".
ولاقت التصريحات ردود فعل كثيرة محليا ودوليا وإقليميا، حيث رأى مراقبون ومنظمات حقوقية أنها خطوة نحو تقييد الحريات ومغازلة للتيار المدخلي وللمفتي العام، وأنها ذريعة للحكومة لاعتقال مناوئيها وتصفية الخصوم، في حين رحب البعض بالخطوة مؤكدين أنها تهدف لنشر الفضيلة وضبط الشارع العام.
"قمع ومخالفة للقانون الدولي"
من جهتها، رأت منظمة العفو الدولية أن هذه الإجراءات هدفها قمع للحريات الأساسية باسم "الأخلاق"، مشيرة إلى أن اقتراحات فرض الحجاب وتقييد الاختلاط بين الرجال والنساء، ومراقبة اختيارات الشباب الشخصية فيما يتعلق بقصات الشعر والملابس، ليست فقط مثيرة للقلق، بل تشكل أيضا انتهاكا لالتزامات ليبيا بموجب القانون الدولي، وانتهاك صارخ لخصوصيات الأفراد"، وفق بيان رسمي.
وطالبت المنظمة حكومة الدبيبة بإلغاء هذه الإجراءات القمعية المقترحة، وبدلًا من ذلك، التركيز على معالجة أزمة حقوق الإنسان المتفاقمة في البلاد، والتي تتسم بالاعتقال التعسفي الجماعي، والاختفاء القسري، والتعذيب والمحاكمات الجائرة.
فما تداعيات هذه القرارات على المشهد العام؟ وهل هي خطوة فعلا لنشر الفضيلة أم وسيلة لتقييد الحريات والرأي المخالف؟
"صمت حكومي"
وتواصلت "عربي21" مع المكتب الإعلامي لحكومة الوحدة الوطنية بطرابلس والمتحدث باسم الدبيبة، محمد حمودة للتعليق وتوضيح القرارات أكثر لكنه رفض التعليق كالعادة.
كما تواصلت "عربي21" مع مدير المكتب الإعلامي لوزير الداخلية بحكومة الدبيبة للتعليق والتوضيح لكنها لم تتلق أي تجاوب أو رد.
في حين أكد وزير الدفاع الليبي السابق، محمد البرغثي، أن هذه التصريحات والقرارات تحمل طابعا "ميليشياويا نظرا لخلفية الوزير الطرابلسي الميليشياوية كونه فرض نفسه على وزارة الدفاع حتى تولى فيها إمرة سرية الحراسة أثناء تولي أسامة جويلي وزارة الدفاع، فالأمر غير مستغرب أن يهدد المجتمع بهذه اللهجة".
وأضاف في تصريحات لـ"عربي21"، أن "ما قام به الطرابلسي من تهديدات وقرارات هي مجرد طلب للشهرة وتصدر المشهد وفقط، وقد أصدر عدة قرارات في الماضي مثل خروج جميع كتائب الميليشيات من العاصمة طرابلس ولم ينفذ منها شيئا، لذا ستكون قرارته الحالية كذلك"، وفق تقديراته.
"خطوة جيدة وغير مقيدة"
لكن عضو لجنة الخارجية بمجلس النواب الليبي، طارق الأشتر أكد أن "تصريحات الوزير لم تكن تقصد تقييد حرية المرأة أو إرغامها على أي شيء، الحديث كان واضحا أنه عن كل ما يخالف العادات والتقاليد واحترام خصوصية المجتمع الليبي سواء رجل أو امرأة".
وأوضح في تصريحه لـ"عربي21"، أن "التصريح تم تأويله أكثر مما يجب، والواقع الليبي يؤكد أن المراة تُحترم ويعطي لها الأولوية وهي تحترم من أعضاء الشرطة والمرور أثناء قيادتها للسيارة وتقدر أينما كانت وحيثما وجدت، أما ردود الفعل الدولية واتهامهم بأن الهدف تقييد حرية المرأة فهو افتراء"، كما صرح.
وتابع: "بالنسبة لنا كمجتمع مسلم نفتخر بأن المرأة لم تمتلك حرية وحقوق انسان وحماية لذاتها إلا مع الإسلام الحنيف الذي كرمها، أما في كثير من الدول الغربية والتي تزعم الحرية والديمقراطية فإن المرأة كانت حتى وقت قريب لا تملك حتى حق التصويت في أي انتخابات "، بحسب رأيه.
"إجراءات تسويقية لن تنفذ"
مدير المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية، شريف عبدالله، قال من جانبه إن "قرارات وزير الداخلية لن تنفذ كون الجميع تعود منه على كلام بلا فعل، وللأسف الطرابلسي يفكر بعقلية ومنهج ميلشياوي، ويعطي انطباع سيء عن الحكومة ووزارة الداخلية، والمجتمع الليبي بطبيعته مجتمع محافظ ومتدين".
وأوضح أن "قضية منع سفر المرأة دون محرم، فهي تمس الحقوق الخاصة للنساء، فهو يتحدث عن طالبات ونساء يعملن ويدرسن في الخارج فكيف تحتاج إلى محرم في كل سفر من البلاد، لذا أعتقد أنها قرارات عشوائية ومستعجلة، ولن يكون لها أي صدى إلا رد فعل سلبي بين الناس، خاصة أن الطرابلسي لا يملك الأدوات ولا الوسائل ولا الخطة لتنفيذ هذه القرارات، لذا هو مجرد كلام تسويقي وإعلامي ليؤكد أنهم موجودون"، وفق تصريحاته لـ"عربي21".
"وما الموقف من مهرجات وحفلات الحكومة؟"
رأت الأكاديمية والسياسية الليبية، فيروز النعاس، أن "الطرابلسي تجاوز دوره كوزير داخلية ونصب نفسه قيمّا على المجتمع ويريد أن يفرض واقعا قمعيا جديدا بحجة الحفاظ على الأخلاق والدين، وتصريحاته مخالفة لكل ما ورد بالإعلان الدستوري المؤقت فيما يخص باب الحريات والحقوق، وهي عبارة عن سلسلة جديدة من القمع والتعسف سيمارسه ضد كل من لا يروق له".
وأكدت لـ"عربي21"، أن "هذه التصريحات لن تطبق، فقد سبق وأن تم محاولة تطبيق بعض القيود على النساء خاصة فيما يخص السفر ولكن لم تنجح وتم رفض هذه القيود، وللأسف ستحاول بعض الجماعات الدينية استغلال هذه التصريحات وتجييرها لمصلحتها لفرض بعض أفكارها"، حسب توقعها.
وأضافت: "بصفة عامة أعتقد أن ما صرح به الوزير لن يكون إلا مجرد تصريحات غير مدروسة العواقب ولا تتماشى مع النسق العام لما ترعاه الحكومة من مهرجانات ونشاطات"، كما قالت.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية الطرابلسي الحجاب ليبيا الدبيبة ليبيا الحجاب الطرابلسي الدبيبة المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
38 محكمة عمالية ومكاتب مساعدة قانونية لتطبيق قانون العمل الجديد أول سبتمبر
أشاد وزير العمل محمد جبران بالقرارين الوزاريين رقم 4621 و4693 لسنة 2025، وأصدرهما المستشار عدنان فنجري وزير العدل، الاثنين، بشأن إنشاء 38 محكمة عمالية ومكاتب مساعدة قانونية مجانية للعمال، وذلك في إطار الاستعدادات الجارية لتطبيق قانون العمل الجديد رقم 14 لسنة 2025، والذي يهدف إلى تعزيز حقوق العمال وتطوير منظومة العدالة في قضايا العمل، والمقرر البدء في تنفيذه أول سبتمبر المقبل، بعد الانتهاء من صدور كافة القرارات الوزارية التنفيذية له، وعددها حوالي 87 قرارا، من بينهم 68 من وزارة العمل، والباقي عن رئيس مجلس الوزراء ووزارتي العدل والصحة.
مكاسب القانون الجديدوأشار الوزير جبران- في تصريح- إلى أن من أبرز مكاسب القانون الجديد تسريع إجراءات التقاضي في المحاكم العمالية، إذ يتم الفصل في النزاعات في مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر، مقارنة بالمدد الطويلة التي كانت تستغرقها القضايا سابقًا.
وأوضح أن تصديق السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي على قانون العمل الجديد خلال احتفالية عيد العمال الماضي، بعد موافقة مجلس النواب عليه، وإجراء تشاور اجتماعي جاد شاركت فيه كافة الأطراف المعنية، يُعد قرارًا تاريخيًا لصالح عمال مصر، مشيرًا إلى أن القانون خرج بشكل متوازن يراعي حقوق وواجبات أصحاب العمل والعمال على حد سواء، ومعايير العمل الدولية وأنماط العمل الجديدة، وغيرها من الامتيازات التي تشجع على الاستثمار وتحقق المزيد من الأمان الوظيفي للعمال.