لجريدة عمان:
2025-08-03@07:41:16 GMT

ترامب .. وإغراء زعامة الرجل القوي

تاريخ النشر: 12th, November 2024 GMT

ترامب سيخلده التاريخ كونه قائدًا تاريخيًا حقا. هذا ليس تقييمًا أخلاقيًا له. إنه ببساطة إقرار بحجم إنجازه في إعادة تشكيل السياسة الأمريكية تماما.

ترامب مثله مثل فرانكلين روزفلت أو رونالد ريجان لم يفُز بإعادة انتخابه فقط ولكنه أيضا جاء بتحولات جذرية في السياسات والأيديولوجيا والمشهد السياسي.

ولسوء الحظ أحدث أيضا تغييرا عميقا في الأعراف السياسية بتبني نظريات المؤامرة ورفض القبول بخسارته الانتخابات الرئاسية في عام 2020.

لقد اتضح أن اتهام ترامب بأنه تهديد للديمقراطية ليس تلك الحجة الحاسمة التي تخيلها الديمقراطيون. ويمكن أن يكون ذلك ببساطة لأن الأمريكيين لم يقتنعوا بها. لكن هنالك أيضًا أدلة على وجود رغبة قوية في زعامة الرجل القوي في الولايات المتحدة. أوضحَ استطلاعٌ أجراه مركز «بيو» للأبحاث في وقت مبكر من هذا العام أن 32% من الأمريكيين يعتقدون أن من الجيّد وجود زعيم قوي يستطيع أن يحكم دون قيود من المحاكم أو الجهاز التشريعي. ووجد استطلاع آخر في العام الماضي أن 38% من الأمريكيين و48% من الجمهوريين يعتقدون أن الولايات المتحدة تحتاج إلى قائد على استعداد «لتحطيم بعض القواعد إذا كان ذلك هو السبيل لوضع الأمور في نصابها». الحدس السياسي الذي أوحى لترامب بأن أمريكيين عديدين ربما يريدون زعيما قويا شجعه أيضا على التخلي عن عقود من المواقف الأرثوذكسية الجمهورية والريجانية (المواقف الصحيحة والمستقيمة في نظر الجمهوريين وإدارة ريجان- المترجم) تجاه سلسلة من القضايا التي تمتد من حرية التجارة وإلى الدفاع عن الديمقراطية حول العالم.

حتى مجيء ترامب إلى المشهد السياسي كان الاعتقاد السائد أن الحمائية عبء انتخابي ويدافع عنها فقط الفاشلون والخارجون عن المألوف من أمثال بات بوكانان. ترامب الذي يقول: إن الكلمة التي يفضلها هي الرسم (الجمركي) أثبت عمليًا أن الأمريكيين على استعداد للقبول بالسياسات الحمائية (السياسات الحمائية هي التي تضع قيودا على التجارة مع العالم الخارجي من أجل حماية الصناعات المحلية - المترجم). والدليل على نجاحه في قلب عقود من الأرثوذكسية هو أن إدارة بايدن لم تلغ الرسوم التي فرضها ترامب إبان رئاسته.كما قطع ترامب مع المحافظين الجدد الذين قدسوا ذكرى رونالد ريجان وناصروا تعزيز الديمقراطية حول العالم. وبعد عقود من الحرب في أفغانستان والعراق ثبت أن هذا أيضا كان قرارا سياسيا حصيفا. فقد كشفت الأبحاث الأكاديمية أن أجزاء الولايات المتحدة التي كانت أعداد الخسائر العسكرية فيها أعلى من المتوسط بدا من المرجَّح وبقدر مؤثر أن تؤيد ترامب.

خلال سنوات إدارة بوش كانت الفكرة السائدة أن الجمهوريين سيخسرون أصوات الناخبين الأمريكيين من أصول إسبانية إذا بدا أنهم يبالغون في عدائهم للهجرة. لكن ترامب أثبت أن ذلك غير صحيح.

الأيديولوجية التي يعتنقها ترامب هي في بعض الجوانب «ريجانية معكوسة»، ففي حين دافع ريجان عن حرية التجارة ومواجهة الاتحاد السوفييتي يقف ترامب إلى جانب الحمائية والتعامل الإيجابي مع روسيا بوتين. وتفاؤل ريجان المشرق إزاء الولايات المتحدة يتباين مع تشاؤم ترامب القاتم بتدهورها. وفي حين كان ريجان لبقًا ولطيفًا إلا أن ترامب جلف ومثير للمخاوف (بأقواله وأفعاله).

إحدى السياسات الريجانية التي يدافع عنها ترامب ويروّج لها باستمرار هي الالتزام بخفض الضرائب ورفع القيود الحكومية على النشاط الاقتصادي. وربما ليس صدفة أن ذلك هو عنصر «الريجانية» الذي يحظى بأعظم تقدير من كبار القوم في قطاعي المال والتقنية والذين يموّلون الحملات السياسية.

منذ أول إعلان له بالترشح للرئاسة في عام 2015 تحدى ترامب أعراف السلوك السياسي بطرائق قادت إلى الكثير من التنبؤات الخاطئة بأن حياته السياسية مصيرها الفشل. لقد استهزأ برفاقه الجمهوريين وتنمّر عليهم وسخر من ذوي الاحتياجات الخاصة وأطلق تعليقات بذيئة عن النساء وحاول إلغاء نتيجة الانتخابات الرئاسية (في عام 2020). لكن أيا من ذلك لم يكن كافيًا للقضاء عليه. بل في الحقيقة تعليقاته المنتهكة للتابوهات (المحرمات) ربما كانت في صالحه.

خلال السنوات الثماني الماضية استولى ترامب على الحزب الجمهوري وحوله إلى أداته الشخصية. وأولئك الجمهوريون الذين لم يكن بمقدورهم هضم سياساته أو أسلوبه من أمثال ميت رومني وبول رايان وليز شيني إما تركوا السياسة أو جرى تهميشهم. والجمهوريون الآخرون الذين سبق لهم أن عارضوه اعتذروا له. فجيمس ديفيد فانس نائب الرئيس المنتخب سبق له أن كتب على تويتر تغريدة جاء فيها «رفاقنا المسيحيين. الناسُ يراقبوننا (ويحكمون على صدقيتنا في التمسك بقيمنا المسيحية) عندما نلتمس العذر (لأفعال وأقوال) هذا الرجل». واختتمها بقوله «فليعيننا الرب». فانس اعتذر لاحقا. ليس لأحد آخر ولكن لترامب.

سيُعتبر فوز ترامب على كامالا هاريس دليلا على أن أجندة ماغا (لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى) تبنتها الولايات المتحدة بأجمعها وليس فقط الحزب الجمهوري. ومن المرجح أن يطالب أتباعه بالإسراع في تنفيذ اللائحة الكاملة لسياسات «ماغا» سواء كان ذلك الترحيل الجماعي للمهاجرين غير الشرعيين أو خفض الضرائب أو تطهير «الدولة العميقة».

وفي حين لا يمكن إنكار نجاح ترامب السياسي سيكون من الخطأ المبالغة في تفسير التفويض الذي حصل عليه. فهنالك حاليا مزاج قوى معادٍ للحكومات القائمة في أرجاء الغرب مع عدم رضا الناخبين عن تعاملها مع التضخم والهجرة والتغير الثقافي. ذلك المزاج المعادي للقادة الحاليين شهد إقصاء حزب المحافظين من السلطة في بريطانيا وخسارة إيمانويل ماكرون أغلبيته في فرنسا والآن انهيار الحكومة الألمانية. أيضًا الانتخابات الأخيرة في الولايات المتحدة هي الثالثة التي يخسرها الحزب الحاكم.

وضع الناخبون الأمريكيون الساخطون الآن ثقتهم في زعيم يعتبر نفسه قويا. وخلال الأعوام الأربعة القادمة سيكتشفون ما إذا كانت عودة ترامب استجابة لصلاتهم أم أنها حلم مفزع في منامهم ويقظتهم.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

الولايات المتحدة ستكون الخاسر الأكبر من الانتصارات التجارية الأخيرة

يرى موقع "بلومبيرغ" أن الاتفاقات التجارية الأخيرة التي أبرمتها إدارة البيت الأبيض مع الاتحاد الأوروبي واليابان قد تأتي بنتائج عكسية وتصبح الولايات المتحدة الخاسر الأكبر من سياسة الرسوم الجمركية.

وقال الموقع في تقريره الذي ترجمته "عربي 21"، إن البيت الأبيض يتفاخر باتفاقه التجاري الجديد مع الاتحاد الأوروبي، بعد اتفاق مماثل مع اليابان، باعتباره انتصارًا كبيرا.

الخاسر الأكبر
ويفرض الاتفاقان رسومًا جمركية بنسبة 15 بالمائة على معظم الصادرات إلى الولايات المتحدة، إلى جانب شروط أخرى، ما يبدو وكأنه خطوة لإنهاء خطر الحرب التجارية المفتوحة وتجديد التأكيد على هيمنة الولايات المتحدة، وهو ما تفاعلت معه الأسواق المالية بشكل إيجابي.

لكن الموقع يعتبر أنه لا يوجد ما يستحق الإشادة، لأن الاتفاقين يشكلان خسارة لجميع الأطراف، وأفضل ما يمكن أن يتحقق هو أن تنتقل الإدارة الأمريكية إلى أولويات أخرى قبل أن تتسبب في مزيد من الأضرار.

من الناحية الاقتصادية البحتة، فإن الادعاء بأن الولايات المتحدة خرجت منتصرة من الاتفاقين هو ادعاء باطل، وفقا للموقع. فالرسوم الجمركية ما هي إلا ضرائب، وسرعان ما سيدفع المستهلكون الأمريكيون معظم الزيادة في التكاليف، إن لم يكن كلها. 

ولا تكمن المشكلة فقط في أن الواردات ستصبح أكثر تكلفة، بل إن المنتجين الأمريكيين للسلع المنافسة سيتعرضون لضغط أقل من حيث المنافسة والابتكار، مما سيدفعهم أيضًا لرفع الأسعار. وبمرور الوقت، ستؤدي هذه العوامل إلى تراجع مستوى المعيشة في الولايات المتحدة، وسيكون  الخاسر الأكبر من الرسوم الجمركية هو غالبًا البلد الذي فرضها.



تصاعد التوترات
يرى البعض أنه يمكن التعامل مع تكاليف الرسوم على المدى الطويل، طالما أن الاتفاقيات تضع حدًا للنزاعات التجارية.

وقد شددت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، التي أبرمت الاتفاق مع الولايات المتحدة نهاية الأسبوع، على هذه النقطة لتبرير خضوع الاتحاد الأوروبي للمطالب الأمريكية، مؤكدة أن الاتفاق وسيلة لاستعادة الاستقرار والتوقعات الواضحة للمستهلكين والمنتجين على حد سواء.

وأشار الموقع إلى أن كلا الاتفاقين، شأنهما شأن الصفقة التي أُبرمت سابقا مع المملكة المتحدة، يُنظر إليهما على أنهما اتفاقيات إطارية أكثر من كونهما صفقات نهائية.



وتنص الاتفاقية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على منح بعض السلع الأوروبية إعفاء من الرسوم الجمركية في السوق الأمريكية، لكنها لم تحدد بعد ما هي هذه السلع.

وحسب الموقع، يشعر المواطنون في أوروبا واليابان بأن حكوماتهم قد استسلمت أمام الضغوط الأمريكية، مما يزيد احتمالات عدم الاستقرار وتصاعد موجات المعارضة السياسية.

وأضاف الموقع أنه حتى في حال إبرام هذه الاتفاقيات، ستظل هناك نزاعات قائمة لا تقتصر على التجارة فقط، وقد تواصل واشنطن استخدام الرسوم العقابية أو التهديدات الأمنية كأدوات ضغط، بما يعني أن الاستقرار الذي تتحدث عنه فون دير لاين سيكون وهميا.

وختم الموقع محذرا من أن شعور الإدارة الأمريكية بأن الاتفاقات التجارية الأخيرة دليل على قدرتها على فرض كلمتها بدلًا من بناء شراكات حقيقية، يهدد بتصاعد التوتر عالميا وقد يؤدي في نهاية المطاف إلى فشل الاستراتيجية الحالية.

مقالات مشابهة

  • وداعًا للشوكولاتة والجبن وساعات الرولكس الفاخرة.. البضائع السويسرية خارج متناول الأمريكيين
  • بايدن يهاجم إدارة ترامب: نعيش أياما مظلمة والدستور يتفكك
  • ترامب يجدد التأكيد على اعتراف الولايات المتحدة بالسيادة المغربية على الصحراء
  • ترامب يصف بوتين بـ«الرجل الصلب».. ويهدد بعقوبات جديدة ضد روسيا
  • الولايات المتحدة تخفض الرسوم الجمركية على واردات ليسوتو بعد تهديدات بزيادتها
  • 1300 شخص يوميًا.. الولايات المتحدة تُسجل أعلى معدل ترحيل منذ سنوات
  • ترامب: على إيران تغيير نبرة تصريحاتها بشأن المفاوضات مع الولايات المتحدة
  • ما هي الدول التي تغيرت رسومها الجمركية منذ إعلان ترامب في يوم التحرير؟
  • الولايات المتحدة ستكون الخاسر الأكبر من الانتصارات التجارية الأخيرة
  • عاجل. بسبب تدويل الأزمة مع إسرائيل.. الولايات المتحدة تعلن عن عقوبات ضد السلطة الفلسطينية