اختراعان إنجليزيان هما كرة القدم واللغة الإنجليزية ذاتها، وكلاهما عبر طريقه للعالمية واكتسحا الفضاء البشري، وكل شعوب العالم اندمجت مع كرة القدم ممارسةً وتعشقاً لدرجات عميقة تصل لحد تصورها قيمةً وطنية تحمل شعار الوطن وترمز لمعانيه وهوياته ومكانته العالمية، ويتساوى في ذلك الدول العظمى مع الدول الأخرى، وتتسابق الأمم لكسب كأس عالمية هي كأس العالم لكرة القدم، وهي حدث يتكرر كل أربع سنوات تتبارز الأمم على استضافته، وتدفع أموالاً طائلةً لتحظى بمزية حدوثه على أرضها، كما تتوجه عيون البشر كلهم وقلوب المتنافسين من الجماهير الذين تحولوا ليكونوا أشد من اللاعبين أنفسهم حماسةً وتطلعاً مع قوة الانفعال والتحفز في بضعة أسابيع تأتي مرة كل أربع سنوات، وتسبقها مباريات حاسمة ومدوية لتأهيل أي فريق ليصل براية وطنه ولونه الوطني، فيظهر على شاشات الفضاء العالمي بنشيده الوطني وشعاره المميز والمطعم بقلوب الجماهير، وسيترتب على أي فوز موجاتٌ هادرةٌ من المشاعر المتضاربة بين كاسب يتباهى بكسبه وخاسر يتحسر على عثرته، والأصل كله ظهور اللعبة في وقت ملائم لصناعة التأثير، ويجاري ذلك حدثٌ وقع قبل قرنين حين اختارت أميركا اللغة الإنجليزية لتكون لغتها الوطنية بعد الاستقلال عن بريطانيا، فاستقلت عن سلطة الإمبراطورية البريطانية، لكنها سلمت عقلها وذوقها ونظام تفكيرها للغة المستعمر التي أصبحت لغة الدولة في تلك الولايات التي اتحدت لتصنع دولةً عظمى تكتسح العالم من مغاربه لتسيطر على المشارق والمغارب بذوقها في الملبس والمأكل وفي اللغة التي لم تك لها، ولكنها استولت عليها وجعلتها لغةً عالمية، ولم يبقَ لمخترعيها الأول سوى اسمها (الإنجليزية)، أما قوتها ودافعيتها وإغرائيتها فأصبحت أميركيةً، وتبعاً لقوة أميركا نشأت قوة اللغة ذاتها، وأصبحت سلطةً معنويةً ذات هيمنة عقلية وبلاغية معاً، وظلت أجيال العالم تتسابق لتعلم هذه اللغة وتعشقها، ومن هنا ساد مخترعان إنجليزيان ليكونا أهم رمزيات المعنى البشري المعاصر.

وهذا يشير إلى قدرة القيمة المعنوية لتفعل أضعاف ما تفعله الجيوش الجرارة في قدرة القوة الرمزية على السيطرة على العقول والأذواق بأسلوب ناعم يتسلل للنفوس والعقول، فيحتلها ويستعمرها بدافع ذاتي يتبدى طبيعياً ومقبولاً وسلمياً ونفعياً كذلك، مما مكن كلتا الرمزيتين من الانتشار والتوغل حتى لم يعد أحد يشعر بأنهما من منتوج قوة استعمارية سيئة السمعة كتاريخ، ولكنها تمكنت من صناعة أثرها وتغلغلها المعنوي ليبقى هذا الأثر، ولا يطالب أحد برحيله.
كاتب ومفكر سعودي
أستاذ النقد والنظرية/ جامعة الملك سعود - الرياض

أخبار ذات صلة د. عبدالله الغذامي يكتب: السردية الحرجة «ترامب» د. عبدالله الغذامي يكتب: كنت أظنني شاعراً

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: عبدالله الغذامي الغذامي

إقرأ أيضاً:

هاني شكري وراء فشل تمديد تعاقد عبدالله السعيد مع الزمالك

كشف مصدر بنادي الزمالك عن أن هاني شكري عضو مجلس إدارة النادي هو من تسبب في إفساد مفاوضات التجديد لعبد الله السعيد لاعب وسط الفريق الأول لكرة القدم.

وأوضح المصدر أن لجنة التخطيط كانت توصلت لاتفاق مع اللاعب بشأن تجديد عقده لمدة موسمين، إلا أن هاني شكري تواصل مع عبد الله السعيد بعد ذلك وقدم له عرضاً بمقابل مادي أقل.

وتسبب تصرف عضو مجلس إدارة نادي الزمالك في غضب اللاعب ورفض السعيد التواجد في معسكر الفريق الحالي المقام بالإسماعيلية.

ويستعد الفريق الأول لكرة القدم بنادي الزمالك لمواجهة بتروجت، المقررة يوم 24 مايو الجاري على ستاد الكلية الحربية، ضمن مباريات الجولة الثامنة للمرحلة النهائية لمسابقة الدوري المصري الممتاز. 

وانتظم الزمالك في معسكر مغلق بالأمس في الإسماعيلية استعداداً للمباراة المقبلة أمام الفريق البترولي.

طباعة شارك عبدالله السعيد الزمالك الدوري المصري

مقالات مشابهة

  • د.حماد عبدالله يكتب: "مطلوب" مراكز للتميز !!
  • هاني شكري وراء فشل تمديد تعاقد عبدالله السعيد مع الزمالك
  • ننشر النماذج الاسترشادية للثانوية العامة في مادة اللغة الإنجليزية 2025
  • د.حماد عبدالله يكتب: العمل العام "والمصالح" !!
  • مناقشة مشاريع التخرج لدفعة 2021 ببرنامج الدراسات البينية بقسم اللغة الإنجليزية بآداب عين شمس
  • ما سر الحشرة الزومبي التي تخرج بالملايين في أميركا كل 17 سنة؟
  • في ذكرى رحيله الـ15.. عبدالله فرغلي “الأستاذ” الذي صعد من فصول اللغة الفرنسية إلى قمة المسرح والسينما (تقرير)
  • مصدر يكشف عن سبب غياب عبد الله السعيد عن معسكر الزمالك بالإسماعيلية
  • إستعداداً للمونديال…قطارات التيجيفي بالمغرب تحذف الفرنسية وتعتمد اللغة الإنجليزية
  • د.حماد عبدالله يكتب: الوطن والأخلاق !!