البابا فرنسيس يدق ناقوس الخطر ويدعو لتحقيق دولي.. هل تشهد غزة إبادة جماعية؟
تاريخ النشر: 18th, November 2024 GMT
يشهد قطاع غزة جرائم تصنف ضمن أكثر الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان في العصر الحديث، حيث تتزايد الدعوات الدولية للتحقيق في العمليات العسكرية الإسرائيلية وارتباطها بمفهوم الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني. في هذا السياق، أدلى البابا فرنسيس بتصريحات غير مسبوقة تسلط الضوء على ما يحدث في غزة، مؤكدًا ضرورة إجراء تحقيقات دقيقة لتحديد ما إذا كانت هذه الانتهاكات تصل إلى مستوى الإبادة الجماعية وفقًا للقانون الدولي.
في كتاب جديد يصدر قريبًا، اقترح البابا فرنسيس أن يدرس المجتمع الدولي ما إذا كانت الحملة العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة تتضمن خصائص الإبادة الجماعية. وأشار إلى أن خبراء دوليين يرون أن الوضع الحالي يحمل سمات الإبادة الجماعية، مؤكدًا ضرورة إجراء تحقيق دقيق لتقييم هذا الادعاء بناءً على التعريف القانوني للإبادة الجماعية.
وفي تطور آخر، رفعت جنوب أفريقيا دعوى أمام محكمة العدل الدولية تتهم إسرائيل بانتهاك اتفاقية منع الإبادة الجماعية. وأمرت المحكمة في يناير الماضي إسرائيل بضمان عدم ارتكاب قواتها لأعمال إبادة جماعية. ورغم ذلك، لم تُصدر المحكمة حكمًا نهائيًا بشأن ما إذا كانت هناك إبادة جماعية في غزة.
وتنفي إسرائيل هذه الاتهامات، مدعية أنها تستهدف حركة حماس والجماعات المسلحة فقط. واستنكرت السفارة الإسرائيلية لدى الفاتيكان تصريحات البابا بشأن الإبادة الجماعية، معتبرة أن إسرائيل تمارس حقها في الدفاع عن النفس. وأكد السفير الإسرائيلي لدى الفاتيكان، يارون سايدمان، أن الحديث عن الإبادة الجماعية يمثل تمييزًا ضد الدولة اليهودية، مشيرًا إلى أن إسرائيل تواجه تهديدات متعددة منذ السابع من أكتوبر 2023.
وعلى الرغم من حرصه المعتاد على التزام الحياد في الصراعات الدولية، كثف البابا فرنسيس انتقاداته لإسرائيل مؤخرًا، مشددًا على تجاوزاتها في قطاع غزة. في سبتمبر الماضي، أعرب عن استنكاره لمقتل الأطفال الفلسطينيين جراء الغارات الإسرائيلية، واعتبر الضربات الجوية الإسرائيلية في لبنان "تتجاوز الأخلاق".
ومنذ بدء الحملة العسكرية الإسرائيلية في أكتوبر 2023، أعلنت وزارة الصحة في غزة عن سقوط أكثر من 43,800 قتيل جراء الهجمات الجوية والبرية. ورغم تصريحات البابا حول الإبادة الجماعية، لم يسبق له أن وصف الوضع في غزة بهذا المصطلح علنًا، لكن القضية أثارت جدلًا واسعًا بعد اجتماع سري بينه وبين مجموعة من الفلسطينيين العام الماضي.
تصريحات البابا فرنسيس وتصعيد الانتقادات الدولية يسلطان الضوء على ضرورة فتح تحقيقات شاملة في الانتهاكات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني في غزة. ومع تزايد الضحايا وارتفاع وتيرة الجرائم، يبقى السؤال: هل سيُحاسب المجتمع الدولي مرتكبي هذه الجرائم، أم ستظل العدالة بعيدة المنال؟
ومن جانبه، قال الدكتور جهاد أبولحية، أستاذ القانون والنظم السياسية، إن المخطط الصهيوني لاقتلاع الشعب الفلسطيني وتهجيره معروف ولم يتوقف المسؤولون الإسرائيليون عن التصريح به كلما أتيحت لهم الفرصة. وأشار إلى أن هدف إسرائيل الدائم كان التوسع على حساب الأراضي الفلسطينية، وأن عمليات الاستيطان الأخيرة، التي شهدت تصاعدًا غير مسبوق، تتم بدعم مباشر من الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، في إطار سياسة ممنهجة لفرض سيادة كاملة على الضفة الغربية تمهيدًا لتغيير الوضع الجغرافي والديموغرافي للمنطقة.
وأضاف: إعلان وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، عن نيته فرض السيادة على الضفة الغربية هو جزء من استراتيجية الاحتلال لإضفاء شرعية زائفة على أعمال الإبادة الجماعية التي تُنفذ بحق الفلسطينيين. هذا الإعلان ينسجم مع الدعم الذي وفرته إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، والذي مهد الطريق لإسرائيل لتكثيف انتهاكاتها، مشددًا على أن هذه الخطوات تمثل خرقًا صارخًا للقانون الدولي.
وأكد أبولحية أن ما تقوم به إسرائيل ليس مجرد تهجير قسري أو توسع استيطاني، بل هو عملية إبادة جماعية تهدف إلى القضاء على وجود الشعب الفلسطيني وطمس هويته بالكامل، مستغلة الصمت الدولي لتصعيد جرائمها.
وتابع: لا يمكن لهذه المخططات، سواء أعلنها سموتريتش أو نتنياهو أو غيرهما، أن تنال من إرادة الشعب الفلسطيني. رغم كل ما يتعرض له الفلسطينيون من حملات إبادة جماعية غير مسبوقة في قطاع غزة والضفة الغربية، سيظل شعبنا صامدًا في وجه هذه الجرائم، ولن يسمح بتمرير هذه المخططات مهما كانت التحديات.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: غزة البابا فرنسيس الإبادة الجماعية الإبادة الجماعية بغزة محكمة العدل محكمة العدل الدولية إسرائيل الإبادة الجماعیة الشعب الفلسطینی البابا فرنسیس إبادة جماعیة قطاع غزة فی غزة
إقرأ أيضاً:
كفى نفاقا.. أنه وقت العمل لوقف الإبادة الجماعية
إزاء تصاعد الإبادة الجماعية نسمع من الغرب الرسمي لهجة ناعمه مختلفة تعبر عن عدم قبول استمرار الجرائم التي يرتكبها نتنياهو وخاصة سياسة التجويع ومنع دخول المساعدات الإنسانية من خلال منظومة الأمم المتحدة والإصرار على توزيعها من خلال شركات أمريكية تحت إشراف جيش الاحتلال، إلا أن هذا التحول في التصريحات لم يرق إلى اتخاذ إجراءات عملية وبقي جعجعة دون طحين.
على الرغم من أن نتنياهو وفريقه كشفوا منذ اليوم الأول لأحداث السابع من أكتوبر عن نيتهم ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، رأينا كيف دعم الغرب الرسمي الاحتلال على كل المستويات العسكرية والأمنية والسياسية والاقتصادية فانبرى رؤساء حكومات هذه الدول ووزراء على وقع المذابح للتأكيد على حق الاحتلال في الدفاع عن النفس كما تدفقت الأسلحة بكل أنواعها إلى الكيان وقامت بريطانيا بالتعاون الاستخباري مع الاحتلال من خلال القيام بطلعات تجسس في أجواء قطاع غزة وتم تعزيز القواعد العسكرية في المنطقة تحسبا لاي عمليات عابر للأجواء الدول المجاورة.
اليوم على فرض أنهم لم يكونوا يعلموا بالجرائم التي وثقتها منظمات دولية على مدار عشرين شهرا وضجت بها الصحافة العالمية واكتشفوا لتوهم هذه الجرائم وأن نتنياهو ذهب بعيدا في جرائمه لماذا لم يقوموا بما يتوجب القيام به كفرض عقوبات في حدودها الدنيا وفي مقدمتها وقف تصدير الأسلحة؟ أم أنهم دائما في جهوزية تامه فقط لدعم هذا الكيان لكن عندما يتعلق الأمر بالضحية وتظهر الحقيقة فجاه وفق توقيت وظروف معينة يقتصر التحرك على التعبير عن عدم الرضا والدعوة إلى تقنين القتل والتهجير والتجويع.
التحول الباهت في موقف دول حليفة تقليديًا للاحتلال ليس مرده صحوة ضمير وندم على ما فات، حقيقة الأمر أن ترامب أعطى الضوء الأخضر لهذه الدول لمهاجمة الجرائم التي يرتكبها نتنياهو لأنه ينتهج سياسة صفرية معاندة لأجندات ترامب في المنطقة فإن دققنا في توقيت هذا التحول نجد أنه جاء بعد أن نشرت تقارير تتحدث عن صدام بين نتنياهو وترامب وصل لحد القطيعة.
لو امتلك هؤلاء ذرة أخلاق لما سمحوا باستمرار كل هذه الجرائم التي تفوق كل وصف ولعملوا على ايقافها منذ اليوم الأول فليس أكثر من قتل وجرح أكثر من 160 ألف إنسان معظمهم أطفال ونساء واستهداف مقار وعمال إغاثة دوليين وقصف وتدمير المشافي والمرافق العامة واستهداف مراكز إيواء النازحين وإغلاق المعابر ومنع دخول المساعدات الانسانية لقتل الناس جوعا.إضافة إلى ذلك اللوبي الصهيوني الفاعل في هذه الدول يجد أن سياسات نتنياهو باتت تشكل خطرا على المشروع الصهيوني فنتيجة لإصراره على استمرار الحرب تتصاعد الأزمة الاقتصادية الطاحنة والانقسام السياسي الذي ينذر بحرب أهلية ويزداد الخوف من استمرار الهجرة المعاكسة إضافة إلى النتائج الكارثية على التجارة الدولية الذي تسبب بها الحصار الذي فرضه اليمن على الملاحة في البحر الأحمر والصواريخ التي تطلق على أهداف في فلسطين.
لو امتلك هؤلاء ذرة أخلاق لما سمحوا باستمرار كل هذه الجرائم التي تفوق كل وصف ولعملوا على ايقافها منذ اليوم الأول فليس أكثر من قتل وجرح أكثر من 160 ألف إنسان معظمهم أطفال ونساء واستهداف مقار وعمال إغاثة دوليين وقصف وتدمير المشافي والمرافق العامة واستهداف مراكز إيواء النازحين وإغلاق المعابر ومنع دخول المساعدات الانسانية لقتل الناس جوعا.
لم يرتقوا في موقفهم المتحول إلى تصريحات سياسيين صهاينة شغلوا مناصب مهمة مثل رئيسي الوزراء السابقين ايهود أولمرت و إيهود باراك ووزير الدفاع السابق موشي يعلون الذين وصفوا ما يجري بأنه تطهير عرقي وجرائم حرب ومن السياسيين المعارضين مثل يائير جولان الذي احدثت تصريحاته عاصفة اتهم فيها جيش الاحتلال بأنه يمتهن قتل الأطفال في قطاع غزة.
أمام كل هذه الجرائم وطوال 20 شهرا لم نسمع عن استدعاء سفراء الاحتلال في هذه الدول فقط عندما أطلق جنود الاحتلال النار على مجموعة من السفراء كانت تزور مدينة جنين لتفقد أحوالها استدعت بعض الدول سفراء الاحتلال للاحتجاج على إطلاق النار! وهذه الدول ذاتها لا تزال تمارس القمع بكافة اشكاله ضد النشطاء الذين يطالبون بوقف الإبادة يترصدون أي هفوة يرتكبها هؤلاء ليتم اعتقالهم وتوجيه تهم عادة لا تصمد في ساحات القضاء.
موقف هذه الدول المخزي انعكس على نافذة العدالة الوحيدة لإنصاف الضحايا نتيجة الحملة التي يشنها الاحتلال على المحكمة الجنائية الدولية وقضاتها ووقوف الغرب متفرجا أمام هذه الهجمة الشرسة أصبح القضاة يخشون على سلامتهم وسلامة عائلاتهم وباتوا اشد حذرا في التعامل مع الملفات المعروضة فبعد إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت لم تصدر المحكمة أي مذكرات أخرى رغم أن قائمة المتهمين طويلة بل إن قضاة محكمة الاستئناف قبلوا طعن الاحتلال على أساس أن مكتب الادعاء العام لم يعرض على الاحتلال التحقيق في الجرائم وفق المادة 18 من نظام روما.
قضاة الاستئناف رفضوا إلغاء مذكرات القبض لكنهم قبلوا الطعن آنف الذكر على أساس المادة 18 وهذا يدعو إلى الحيرة ويشي بأن القضاة تحت الضغط السياسي فضلوا المناورة وطلبوا من المحكمة مصدرة مذكرات القبض مراجعة تحقق شروط المادة 18 مع أن الادلة المتراكمة تؤكد ان قضاء الاحتلال غير راغب أو عاجز عن فتح أي تحقيق جنائي في الجرائم المتنوعة التي ترتكب، بل أكساها شرعية ليس فقط منذ السابع من أكتوبر لكن منذ أكثر من 77 عاما .
النظامان العربي والإسلامي غائبون عن كل المشهد عقدوا قمما واتخذوا قرارات لكن دون أن تجد هذه القرارات أي طريق للتنفيذ وكأن المقتلة التي تتصاعد لا تعنيهم، كان من المفترض أن يستغلوا التحول الباهت في الموقف الغربي لتعظيمه ووضع خطة عملية مشتركة لوضع حد للقتل والتدمير والتجويع.
الخذلان العربي والإسلامي وخيانة أنظمة التطبيع يكاد يكون السبب الرئيس في تشجيع نتنياهو على استمرار حرب الإبادة، ففي الوقت الذي يعبر فيه الغرب الرسمي عن عدم رضاه عما يجري ويلوح بفرض عقوبات على الكيان يقوم نظام عربي بالاشتراك مع الاحتلال في مناورات عسكرية ويمنح قائد سلاح الجو المسؤول الأول عن الإبادة وسام الصداقة فكيف يمكن أن يرتدع هؤلاء يستجيبوا للضغوطات الآتية لهم من الغرب.
نتيجة هذا الخذلان وهذه الخيانة الواضحة للعيان، غطرسة وإمعان في الجرائم التي ترتكب، وزير الدفاع يسرائيل كاتس في معرض موافقة حكومة الكيان على بناء 22 مستوطنة في الضفة الغربية قال: "هذا رد قاطع على المنظمات الإرهابية التي تحاول إيذاءنا وإضعاف قبضتنا على هذه الأرض، وهي أيضاً رسالة واضحة لماكرون وأصدقائه: هم سيعترفون بدولة فلسطينية على الورق، ونحن سنبني الدولة اليهودية الإسرائيلية هنا على الأرض، سيُرمى هذا الورق في سلّة مهملات التاريخ والاستيطان في الضفة الغربية يتعزز وإسرائيل تنمو وتزدهر. ولا تهددوننا بعقوبات، ولن تجعلونا نركع ولن نطأطئ الرأس بسبب تهديدات".
النظامان العربي والإسلامي غائبون عن كل المشهد عقدوا قمما واتخذوا قرارات لكن دون أن تجد هذه القرارات أي طريق للتنفيذ وكأن المقتلة التي تتصاعد لا تعنيهم، كان من المفترض أن يستغلوا التحول الباهت في الموقف الغربي لتعظيمه ووضع خطة عملية مشتركة لوضع حد للقتل والتدمير والتجويع.أمام هذا الهوان والنفاق المستحكم وعدم رغبة أو عجز الشرق والغرب باتخاذ ما يوجبه القانون والأخلاق في مثل هذه الحالات يتوجب تصعيد الضغط حتى تقترن الأقوال بالأفعال ومهما كانت انعطافة التحول الغربي يبقى شريكا في الجرائم التي ترتكب فلولا الدعم العسكري والسياسي والاقتصادي لما تمكن نتنياهو من ارتكاب جريمة العصر الإبادة الجماعية.
المطلوب تدخل حاسم لوقف الإبادة حتى لو تطلب الأمر استخدام القوة العسكرية كما فعل الرئيس الأمريكي أيزنهاور مع حلفائه المقربين الثلاثي إسرائيل وفرنسا وبريطانيا عندما اعتدوا على مصر عام 1956 حيث تجاوز مجلس الأمن لتفادي الفيتو البريطاني الفرنسي ولجأ إلى الجمعية العامة واستصدر قرار لوقف العدوان بموجب قرار متحدون من أجل السلام الذي نص على وقف العدوان وسحب القوات المعتدية وإرسال قوات عسكرية لحفظ السلام.
حتى نرى أفعالا على الأرض وموقفاً مشابها لموقف أيزنهاور يضع حدا للقتل والتدمير، لن يخدعنا موقف ماكرون وستارمر وغيرهم بنيتهم الاعتراف بالدولة الفلسطينية وبعض التصريحات الناعمة المنددة بالجرائم المرتكبة فالوقت ينفد وقد آن أوان العمل لوقف الإبادة، فلا معنى للاعتراف بدولة يُباد شعبها، ويُجوَّع ويُهجَّر، في حين يعلو الصراخ وتكثر الجعجعة، بلا فعل يُنقذ الأرض والإنسان.