البروفسور وهيب عبدالرحيم باهديله في رحاب العُلماء الخالدين
تاريخ النشر: 19th, November 2024 GMT
ترجّل العالم والأكاديمي الألمعي البارز البروفسور / وهيب عبدالرحيم باهديله عن صهوة جواد الحياة برمتها، تاركاً خلفه إرثه وتراثه العلمي والإنساني الثري في أرفف وأضابير المؤسسات العلمية الطبية والأكاديمية في الجامعات اليمنية والأوروبية، وودع هذه الحياة الفانية المؤقتة وقد رسخ في عقول ووجدان طلابه وتلامذته وزملائه ومحبيه والبعض من طلابه قد تحولوا إلى بروفسورات كبار في مجال اختصاصه العلمي يُشار إليهم بالبنان ويُذكرون في الغالب إعلامياً في المحافل الأكاديمية والمؤتمرات العلمية والندوات الاختصاصية، وهذه هي الرسالة العلمية الخالدة والسامية النبيلة لفئة من الناس الذي يغادرون الحياة بمثل ذلك الأثر العلمي والإنساني الطيب الجميل .
لقد برع البروفسور في مجال اختصاصه الدقيق في أمراض النساء والولادة في زمن ماض كان فيه عدد الاختصاصين محدود العدد والعدة، لكنه برز كفارس نبيل يحمل قلمه ومشرط عملياته، وسماعته الفضية وجاكيته الأبيض النقي من كل شوائب الوقت وأدرانه، هكذا خاض الحياة ومعترك العمل في مستشفى /عبود بخور مكسر – رحمة الله عليه.
لقد اختار بلد الاغتراب الاختياري بلغاريا الأوروبية الجميلة، وهو من يحمل في روحه الرومانسية الطبية في سلوك حياته العام والخاص أجمل الخواص والصفات البشرية، لأنه لم يستطع تحمل العيش تحت وزر وثقل نتائج الصراعات التي نشبت في عدن بين شراذم القبائل الماركسية المتخلفة النزقة في أحداث 13 يناير 1986 م المشؤومة، وفضّل العيش منزوياً في ظلال الثقافة العلمية الأوروبية ذات النفس والروح (السلافية) المتميزة حول العالم، هؤلاء النوع من البشر الأنقياء الأصفياء هم صنف نادر من البشر في هذه الحياة، يحتجبون بغلاف واق و شفاف عن تأثير رذاذ المجتمعات المأزومة والمتناحرة، ولهذا عاش مع زوجته البلغارية المثقفة وابنته الحسناء ذات الثقافية الأوروبية الناضجة.
تعرفت على البروفسور الجميل في نهاية السبعينات من القرن العشرين، حينما كنا وعدداً من الأصدقاء نتردد على سكنه وفلته الأنيقة البيضاء في المدينة البيضاء بخور مكسر، كنا نتردد عليه باستمرار أنا ومجموعة من الأصدقاء منهم البروفسور/ عبدالقادر محمد علوي العلبي، والبروفسور / محمد طه شمسان مقطري، والبروفسور / أحمد سالم الجرباء البابكري وآخرين لم أعد أتذكرهم، كان طبيب وإنساناً نوعياً في سلوكه وتصرفاته وأحاديثه الشيقة، وكان يقدم الخدمات الطبية المجانية للمرضى القادمين من أرياف اليمن .
لم يكن البروفسور / باهديله طبيباً اختصاصياً منغلقاً على تخصصه أو على أبحاثه وقراءاته فحسب، لا .. بل لقد كان ناشطاً ثقافياً وسياسياً حزبياً من الطراز الرفيع، وكان أحد نشطاء حزب المفكر اليمني الكبير / عبدالله عبدالرزاق باذيب رحمة الله عليه.
وفي مطلع الثمانينات عُين كأول نائب أكاديمي لكلية الطب والعلوم الصحية في جامعة عدن، وكرم في الذكرى الأربعين لتأسيس جامعة عدن بالميدالية الذهبية باعتباره أحد المؤسسين الأوائل في الجامعة.
لماذا نكتب نحن الأحياء عن أحبابنا وأصدقائنا الذين سبقونا إلى حياة الخلود الأبدي تاركين لنا الدنيا بما فيها من متاعب وهموم وآهات؟
لكنهم في ذات الوقت تركوا لنا أيضاً أعمالاً وآثاراً يشار لها بالبنان، دعونا نجتهد هنا في هذه العجالة وربما قد مررنا عليها في مرثيات سابقة لأحباء آخرين:
أولاً: نحن الأحياء تلزمنا أخلاقياتنا بأن نُدوّن عن أصدقائنا ممن فقدناهم أجمل ذكرياتنا ومعايشاتنا التي لا زلنا نتذكرها ونعشق سماع تردادها حتى في لحظة خلوتنا مع ذواتنا للمراجعة والتذكر والاستمتاع بلحظاتها.
ثانياً: نستذكر أعمالهم وإنجازاتهم العظيمة والتي قدموها أثناء سير أعمالهم وحياتهم المليئة بالجهد والنشاط المثمر والذي تركوه كتراث وإرثٍ للأجيال المتعاقبة، وندعو الله جل في علاه بأن تشملهم رحمته وغفرانه وتوبته، إنه سميع مجيب.
ثالثاً: لكل فقيد منا (رحمة الله عليه وأسكنه الجنة الواسعة)، أحباباً وأبناء وأقارب ومحبين ومريدين ومتشيعين، يشعرون بامتنان عظيم كما نظن ونعتقد، بأن أحبتهم لم يتم تغييب ذكراهم وذكر مناقبهم بعد أن توفاهم الأجل، وظل ذكر أعمالهم يتردد في وسائل الإعلام ومجالس الذكر الطيب، وتلهج ألسنة الناس بذكرهم وذكر مناقبهم الباقية للناس.
رابعاً: الخالدون منا وإن فقدناهم أجساداً وصعود أرواحهم لبارئها في السماوات العُلى، إلا إن أعمالهم وأفكارهم وسلوكياتهم، ومحاسنهم وإحسانهم تجعلهم خالدين خلود الدهر، ويعيشوا معنا ما دمنا نسير على هذه المعمورة.
خامساً: أما فئة المبدعين والمفكرين والفلاسفة والأطباء الماهرين المتميزين فهم خالدون خلود الدهر، وعلينا نحن الأحياء المهتمين أن نوثق ونسجل مآثرهم العلمية والثقافية كي تبقى إرثاً يتوارث للأجيال المتعاقبة. سادساً: كل الشعوب والأمم الحيه المثقفة والحريصة على تراثها وتراث شخصياتها في العالم أجمع تحفظ وتدون بحرص عال وشديد تاريخ ومدونات مبدعيها في حوافز و سجلات وأضابير ومراكز بحثية تاريخية، ومتاحف لحفظ تراث أمتها من خلال حفظ تاريخ مبدعيها ورموزها ومميزيها.
سابعاً: يتم تخليد المنجزات الفردية والجماعية للأفراد والنوابغ من نخبة المجتمعات ومنهم كوكبة الأطباء المبدعين أمثال البروفسور / وهيب عبدالرحيم باهديله في السجل الذهبي لتاريخ الأمة.
لقد ودعت اليمن والمجتمع الأكاديمي والثقافي والإنساني في مدينة عدن وصنعاء في تاريخ 1/ نوفمبر /2024 م في مدينة صوفيا / جمهورية بلغاريا واحداً من أنبل وأشرف أبنائها المخلصين للوطن اليمني العظيم و ظل وفيّاً حتى آخر يوم من حياته واقفاً مع وحدة التراب اليمني وشعبه العظيم، وستظل الأجيال اليمنية تتذكر عمله ونشاطه وتاريخه المهني الطبي بكل تقدير واحترام ووفاء .
بسم الله الرحمن الرحيم (( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي))
صدق الله العظيم.
رحم الله فقيدنا البروفسور / وهيب عبدالرحيم باهديله، وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله وذويه وطلابه ومحبيه ومريديه الصبر والسلوان إنا لله وإنا إليه راجعون.
الخلاصة:
إن هؤلاء العباقرة أمثال / وهيب عبدالرحيم باهديله هم الميراث المشترك بين شعوب المنطقة كلها وتحديداً بين المدن عدن وصنعاء وحضرموت وإثيوبيا، هؤلاء الأفراد الاستثنائيين ينبغي أن نتذكر تراثهم وإنجازاتهم العلمية النوعية خلال مسيرتهم العلمية، هكذا نستطيع نحن الأحياء أن نحافظ على ميراثهم العلمي الإنساني الجميل .
وفوق ذي كل علم عليم
*عضو المجلس السياسي الأعلى
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
بروفيسور بأهم مراكز الاحتلال العلمية يكشف عن دمار كبير بعد استهدافه بصاروخ
نقلت صحيفة هآرتس عن بروفيسور، في معهد وايزمان للعلوم، أحد أهم المراكز البحثية لدى الاحتلال، كشفه عن دمار كبير تعرض له المكان نتيجة استهداف صاروخي قبل يومين من قبل إيران ردا على عدوان الاحتلال.
وأوضح أن المختبر دمر بالكامل، والصاروخ الإيراني، الذي أصابت المعهد، أدى إلى انهيار 3 طوابق في المعهد.
ويقع المعهد ضمن ما يعرف بتل أبيب الكبرى، ونشرت حسابات عبرية، لحظة سقوط الصاروخ عليه بصورة مباشرة، وانفجار ألحق ضررا بأحد مبانيه.
ويعد ركيزة هامة، لأبحاث الاحتلال، في مجالات الفيزياء والبيولوجيا الجزيئية، والطاقة النووية، والأسلحة الدقيقة، والرياضيات والتقنيات الفائقة.
وتأسس المعهد عام 1934، قبل قيام دولة الاحتلال إثر النكبة، على يد حاييم وايزمان، وهو أحد علماء الحركة الصهيونية، والذي بات لاحقا أول رئيس لدولة الاحتلال، وسمي باسمه، ليكون القوة الناعمة للاحتلال، في المجال الأكاديمي والعلمي.
ويصنف على أنه مؤسسة مستقلة غير ربحية، لكنه يتلقى الدعم المالي من حكومة الاحتلال، فضلا عن حجم تبرعات هائل من المؤسسات اليهودية حول العالم، ومؤسسات علمية واقتصادية دولية، ويحتوي على عشرات المختبرات والمراكز البحثية المتطورة، إضافة إلى مدرسة للدراسات العليا، حملت اسم فاينبرغ قديما، ولاحقا كلية وايزمان للدراسات العليا.
على الرغم من اعتباره مؤسسة أكاديمية، إلا أنه لا يمنح درجات البكالوريوس، لكنه يركز على درجتي الماجستير والدكتوراه، في العلوم والرياضيات، ويفتح المجال لباحثي الاحتلال، والعلماء من الإسرائيليين والدوليين، للانتساب إليه والمشاركة في أبحاثه.
ويركز المعهد على الأبحاث النظرية، وفي حال تميزها، تنقل إلى التطبيق الصناعي والتقني والطبي، وله مسار تسويقي لبراءات الاختراع والتقنيات التي تخرج من داخله، عبر مؤسسة ييدا، والتي تدر عليه مداخيل بمئات ملايين الدولارات سنويا.
ومن أبرز الأبحاث التي تجرى في المعهد، تقنيات الذكاء الاصطناعي، الأمن السيبراني، التقنيات العسكرية، وهو قطاع سري لا يكشف عن النقاب عن تفاصيله، إضافة إلى أبحاث الدواء والأمراض مثل السرطان.