بيان "نساء مطير".. هل يصل مداه إلى عُمان؟!
تاريخ النشر: 16th, August 2023 GMT
خالد بن سعد الشنفري
أقام بيان تجمع نساء قبيلة مطير، تلك القبيلة العربية الأصيله التي تقطن ما بين مكة والمدينة نزولا إلى نجد وسط الجزيرة العربية وصولا إلى الكويت، أقام الكويت ولم يقعدها بعد.
بيان نساء مطير الشجاع، قرر إلغاء أمور وعادات دخيلة على مجتمعاتنا العربية الأصيلة في الخليح وأهداف وغايات ديننا الإسلامي الحنيف وتتمثل في:
أولًا: إلغاء حفلات المَلْكَة والاستقبال بصورتها الحالية التي وصلت إليها، مع الإبقاء على عادة العانية بمعنى الإعانة لما لها من فوائد اجتماعية ودينية حميدة.
ثانيًا: وقف ما يُسمى بكارثة الذرات لما يحصل فيها من تكليف.
ثالثًا: منع حفلات التخرج لما فيها من إهدار المال وتبادل للهدايا وإحراج الآخرين بتصويرها.
رابعًا: وقف تقديم الورود والكيك في المناسبات كافة، لعدم وجود الفائدة أو منفعة تُرجى.
لقد أصبحت مثل تلك العادات الدخيلة على المجتمعات الخليجية تشكل عبئًا ثقيلًا بالفعل على كاهل حتى الأغنياء في هذه الدول، باستثناء طبقة مخملية بسيطة في كل دولة، هي خارج هذه التغطية، وهي التي تسببت في الأصل بابتداع هذه العادات نتيجة حصولها على الثراء السريع، وانتقلت عن طريقها من باب التقليد إلى كافة طبقات المجتمع، التي كانت قبل نصف قرن من الزمن تعد أكثر مجتمعات العالم تساويًا تقريبًا في وضعها المادي والاجتماعي، فما بالك بغير ذلك من الطبقات الدنيا الحالية في هذه المجتمعات الخليجية، وهي الأكبر وأساس كل مجتمع أصلًا!
أثرت الأزمات الاقتصادية والوبائية التي اجتاحت العالم على مستويات دخول الأفراد في العالم عامة وفي دول الخليج خاصة لأسباب معلومة إلى الحد الذي وصل إلى انزلاق الطبقات اجتماعيًا، فمن كان ميسورًا أصبح محدودا، ومن كان محدودًا نزل إلى درجه أقل من ذلك، واتسعت أعداد الطبقتين المتوسطة والمتدنية.
لقد أفرح هذا القرار الجريء من نساء مطير الغالبية العظمى من رجال الخليج الذين كانوا يعانون منه، وأكاد أجزم أنني أتحدث هنا بلسان حال كل رجل في عماننا الحبيبة عامة وظفار خاصة، وخصوصا فيما يتعلق بالشق المتعلق بالنساء في حفلات الأعراس الذي دخل لا شك حد الإسراف والتبذير والغلو، وبالتالي نخشى أن ينوبه التحريم دينيًا، إلّا أن جانب الحفلات الأخرى غير الزواج ما زالت بحق متواضعة لدينا، ولا تصل إلى الحد الموجود في دول خليجية أخرى، ونخشى أيضا من تزايدها مستقبلًا إذا لم يُوضع حد للأولى، ولولا أن قيّض الله لنا نحن هنا في ظفار- خاصة- عادة حميدة نستفرد بها هي عادة الدفتر أو "المحوشة" المتعارف عليها في الزواج بين أبناء المجتمع الظفاري والمنظمة والمقننة جدًا ولم تتزعزع منذ القدم اللهم في كونها أصبحت تثقل كاهل دافعيها مع كثرة الزيجات وتضاعف أعدادها في موسم الخريف بالذات وعدم تجرؤ الرجال عن النزول في مقدارها بأقل من 20 ريالًا عمانيًا كحد أدنى.. أقول لولا هذه العادة المحمودة اجتماعيًا ودينيًا لأصبحت مصيبتنا أعظم، وهي نفسها الموجودة في دول الخليج الأخرى بمسى العانية أو الإعانة ولكنها ليست بنفس تنظيمها ودقتها في ظفار.
الآن السؤال الذي طرحته في عنوان هذا المقال وهو: هل سيصل مدى هذه الفزعة النسائية المطيرية الجريئة والشجاعة بحق وبامتياز إلى نسائنا العمانيات واللائي لا أشك للحظة أن فزعتهن لنا نحن رجالهن ومجتمعهن ستكون مشابهة إذا لم تكن بأعلى وتيرة من إخواتهن المطيريات؟!
كل ما أتمناه أن يصل ذلك لمسامع كل واحدة منهن أو الفاعلات في المجتمع منهن على الأقل، وهن كُثُر ويُرتجى منهن كل الخير والصلاح والسداد.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
لؤلؤة الخليج كما عرفتها
د. محمد بن عوض المشيخي **
كم هو جميل أن أحظى بالدعوة الكريمة من الزملاء في صحيفة البلاد البحرينية الذين تربطني بهم صداقة منذ سنوات طويلة، وذلك لخط هذه السطور التي تُعبِّر عن مناسبة وطنية عزيزة على كل عُماني في أرض الغبيراء، فأفراح البحرين ومناسباتها الوطنية لها وقع خاص على قلوبنا نحن بالذات؛ إذ تجمعنا بالأشقاء في مملكة البحرين علاقات حميمة من نوع خاص، كما إنني تشرفت بزيارة البحرين مرات عديدة وتجوَّلت في مختلف الأحياء والجزر البحرينية، فقد تعرَّفت عن قرب على ما يُكنّه المواطن البحريني من محبة صادقة واحترام منقطع النظير للشعب العُماني.
وبالفعل تمكن الآباء والأجداد في البلدين من تسجيل تلك الملحة الأخوية من التواصل والانسجام عبر العصور، وخاصةً منذ أربعينيات القرن العشرين حتى مطلع السبعينيات من نفس القرن، والتي تزامنت مع الرجوع إلى الوطن الأم، الذي شهد نهضة عُمانية شملت كل المجالات. ولكن البحرين سبقت جميع دول الخليج في التنمية الشاملة؛ فهي أول دولة في المنطقة دخلت إليها الكهرباء، وكذلك ظهرت فيها أول إذاعة مسموعة، وارتاد البحرينيون دور السينما قبل غيرهم من شعوب المنطقة، وانتشر فيها التعليم، وخرجت المدارس والجامعات البحرينية أجيالاً متعاقبة من المتعلمين، والذين شاركوا في بناء بلدهم وكذلك الدول المجاورة.
والأهم من ذلك كله هنا ونحن يجرنا الكلام وتتسابق الحروف لصياغة الكلمات المطرزة بالذهب للكتابة عن يوم مجيد؛ وهو العيد الوطني البحريني، والذي يصادف 16 من ديسمبر كل عام؛ إذ ارتبطت هذه المناسبة الخالدة بإنجازات اقتصادية واجتماعية وسياسية شامخة، تكتب بماء الذهب؛ كثمار لرؤية البحرين الاقتصادية 2030 المباركة والتي خُطِّط لها بعناية؛ لنقل المجتمع البحريني نقلة نوعية، وتمكنه بجهود أبنائه المخلصين من الشباب للولوج إلى مصاف الدول المتقدمة.
الحديث هنا عن مناسبة عزيزة والتي اقترنت بتأسيس الدولة على خارطة العالم والاعتراف الأممي بها؛ إذ يُعد ذلك واحدًا من أهم الإنجازات التي تحققت على أرض الواقع. إنها قصة كفاح وطن عظيم، وأصالة شعب انفرد بالتميز عن غيره من أمم هذا العالم المترامي الأطراف. فالنجاح أصبح مرادفا وحليفا لهذا الوطن العزيز، إنها قصة وطن اسمه "لؤلؤة الخليج"، فتلك يشار لها بالبنان بين دول المنطقة.
هكذا هي الأيام العطرة والخالدة في حياة الأمم والشعوب، لا تُنسى ولا يمكن لها أن تُمحى من ذاكرة الأجيال؛ لأنها تتميز برمزية خاصة، وذكرى طيبة تبهج الأنفس، وتأسر القلوب، وتريح العواطف، وتحلق بالطموح والأماني التي لا حدود لها إلى عنان السماء.
الحديث اليوم عن شعب أسَّس واحدة من أعرق الحضارات على وجه الأرض بدايةً بدلمون ثم تايلوس، ووصولًا إلى الحضارة الإسلامية في العصر الحديث. والأهم في هذه المسيرة المضيئة التي كتبت فصولها المشرقة كوكبة من القيادات التاريخية التي تُنسب لواحدة من أعرق الأُسر الحاكمة في الوطن العربي؛ سليل آل خليفة الميامين الذين تولوا حكم مملكة البحرين عبر العقود، وبالتحديد منذ 1783 ميلادية؛ بحكمةٍ واقتدارٍ. ولعل جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة- يحفظه الله ويرعاه- يأتي في مقدمة الذين كانت لهم بصمة فريدة وإنجازات خالدة في هذا البلد العزيز. فقد ارتبط اسم جلالته بالإصلاحات التي غيَّرت معالم الحياة في البحرين، والتي طالت كل ميادين الحياة في مطلع الألفية الجديدة وتحوَّلت فيها البلاد من إمارة إلى مملكة. لقد تميَّزت هذه القامة السياسية الرفيعة- المتمثلة بملك القلوب- بالنظرة الثاقبة والحكمة المعهودة التي حافظت على استقلال البلاد، وحافظت على قراراتها السيادية في أحلك الظروف في إقليم ملتهب، يتعرض بين وقت وآخر للحروب، والتدخلات الأجنبية في شؤونه.
وفي الختام.. إنني أنظر بكل تقدير واحترام إلى هذه المملكة الصغيرة في مساحتها، والعظيمة في شعبها، والكبيرة في حكمة قيادتها وإنجازاتها الحضارية، وإسهامات شعبها الإنسانية نحو العالم. والتي تعد مضربًا للمثل في كل النواحي.
إنَّ عُمان قيادةً وحكومةً وشعبًا؛ تهني وتبارك للقيادة البحرينية وشعبها الوفي بالعيد الوطني المجيد. وأسجل بهذه المناسبة الغالية أجمل التبريكات لجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة؛ لما يُمثِّله من ثقلٍ سياسيٍّ وإرثٍ حضاريٍّ فريدٍ لبلدٍ مجيد وشعب عظيم؛ فالبحرين عنوان للعلم والثقافة والتاريخ التليد عبر الأزمان.
** أكاديمي وباحث مختص في الرأي العام والاتصال الجماهيري
رابط مختصر