بعيدا عن النصر أو الهزيمة.. محددات فرضتها المقاومة على الاحتلال الإسرائيلي
تاريخ النشر: 26th, November 2024 GMT
بجلاءٍ واضحٍ لا لَبْسَ فيه، لا يتبنّى المقال نظرية النصر المطلق للمقاومة الفلسطينية ومحورها، أو الهزيمة المطلقة للاحتلال الإسرائيلي، إذ خَلَت صفحاتُ التاريخ من أيِّ حربٍ قِيْسَت نتائجُها قبل انقشاع آخر ذرة غبار فيها، ثم تبدأ بعد ذلك مرحلة التقييم، إلّا أنني أحاول في هذه السطور أن أستعرض بعض المُحدّدات الجديدة التي فرضتها المقاومة على الاحتلال لأول مرة في تاريخه منذ قيام دولته الطارئة عام 1948، ما جعله عُرضة للاستنزاف المُرهِق في عصبه العسكري والاقتصادي، أمّا الحديث عن النصر المطلق فذلك لن يتم الإعلان عنه إلّا حينما تتحرّر فلسطين من البحر إلى النهر، وليست هذه مهمة المقاومة بمفردها وإنْ كانت هي الأجدر، بل مهمة الأمة جمعاء بما في ذلك أولئك الذين تخلّوا عن قطاع غزة، وتركوه فريسة سهلة بين فَكّي الاحتلال.
يمكن القول إننا جيل الثمانينات عاصرنا بضعة حروب مكتملة الأركان، منها الغزو الأمريكي للعراق في 2003، وحرب تموز بين حزب الله والاحتلال الإسرائيلي في 2006، والحرب الروسية الأوكرانية التي لم تنته بعد، بالإضافة إلى معركة طوفان الأقصى بين فصائل فلسطينية على رأسها حركة حماس من جهة والاحتلال الإسرائيلي من جهة أخرى، ناهيك عن ثورات الربيع العربي التي تختلف بمضمونها وهيكليتها عن الحروب.
لو استعرضنا تلك الحروب، وسألنا السؤال التالي: من المنتصر ومن المهزوم في كل واحدة منها؟ لاستطعنا الإجابة عن الأولى والثانية فقط، لسبب واحد: أن تلك الحروب انتهت بالكامل وأصبحت الرؤية واضحة المعالم، وعلى سبيل المثال، يمكننا أن نقول وبالفم الملآن إن الولايات المتحدة انتصرت في غزوها للعراق، لماذا؟ لأن المعركة انتهت وتمكنت واشنطن من تحقيق أهدافها كاملة، باجتياح العراق وإسقاط كل رموز نظام صدام حسين، وجلبهم إلى المحاكم، ومنهم من أعدم ومنهم من سُجن، ومنهم من تقطعت به السبل، فأيا كان موقفي السياسي من ذلك الغزو، فإنني لا أستطيع أن أنكر هذه الحقيقة حتى لو كنت من مناصري صدام حسين، لأن الحقيقة حينما تأتي لا تستأذن الرأي الشخصي، بل تفرض نفسها بقوة المنطق.
الخوض في تفاصيل النصر أو الهزيمة مبكر جدا إلى أن تتوقف الإبادة الإسرائيلية، وبالتالي فإنني أتحدثُ بين هذه السطور عن محددات فقط، مأخوذة من إعلامهم العبري لا إعلامنا
لكن في المقابل هل نستطيع أن نجيب على ذات التساؤل فيما يخص الحرب الروسية الأوكرانية؟ الجواب: لا، لماذا؟ لأن الحرب لم تنته بعد وما تزال الأيام المقبلة ملأى بالمفاجآت ربما. وكذلك الحال ذاته ينطبق على معركة طوفان الأقصى التي لم تنته بعد، وما زالت على أشدها هناك، إلا أن البعض يسارع في إطلاق الأحكام جزافا بناء على آرائه المسبقة وموقفه السياسي وتحزبه، وهو لا يترقب هزيمة المقاومة فقط، بل يتشهاها ويتمناها كما يتمنى العقيم بشرى الولد، ويقحم رأيه الشخصي في تحليلات عسكرية لا يفقه منها شيئا.
ولهذا فإن الخوض في تفاصيل النصر أو الهزيمة مبكر جدا إلى أن تتوقف الإبادة الإسرائيلية، وبالتالي فإنني أتحدثُ بين هذه السطور عن محددات فقط، مأخوذة من إعلامهم العبري لا إعلامنا. وكشاهدٍ على العصر، شارفَ على الأربعين من عمره، أكاد أجزم بأنني لأول مرة في حياتي أرى الاحتلال الإسرائيلي على هذه الدرجة من الاستنزاف، وذلك بفضل معركة طوفان الأقصى وما تبعها من جبهاتٍ أخرى، لا سيما جبهة لبنان، مع التحفظ على الدور السلبي لحزب الله في سوريا، والذي لا يمكن تجاوزه أو نكرانه، ومشاركته إلى جانب النظام السوري، لكنّ المعركة اليوم بجغرافية جديدة، ومن الحكمة بمكان مراعاة فوارق الزمان والمكان..
وأبرز تلك المحددات الجديدة التي فرضتها المقاومة، أولا: لأول مرة في تاريخ الاحتلال يصبح قصف العمق الإسرائيلي خبرا ثانويا في وسائل الإعلام.. الخبر الثاني أو الثالث أو ربما بعد النشرة الجوية، بما في ذلك قصف تل أبيب الكبرى، ومواقع عسكرية في حيفا شمالا، ومستوطنات الكريوت والجليل الغربي والأدنى والأوسط، والمستوطنات الجنوبية المحاذية لقطاع غزة، ولو سألنا أنفسنا عن السبب في ذلك، لَقادتنا الإجابة إلى صواريخ المقاومة ومُسيّراتها التي وصلت إلى نافذة غرفة النوم الخاصة بنتنياهو وعائلته وفق هيئة البث العبرية الرسمية، ما فرضَ واقعا جديدا على الاحتلال الذي فشل حتى اللحظة في إعادة سكان الشمال إلى منازلهم.
وهذا ما قاله رئيس بلدية حيفا يونا ياهف، لقناة آي نيوز 24 العبرية الأحد، أن المدينة تعاني من وضع اقتصادي صعب جدا بعد إغلاق المحال التجارية إثر صواريخ حزب الله. وأضاف أنه سيذهب إلى الكنيست من أجل أن يشرح لأعضاء البرلمان الإسرائيلي ما يجري من وضع صعب في المدينة، وذلك بعد أن أطلق حزب الله أكثر من 350 صاروخ على دولة الاحتلال في يوم واحد، تحت شعار تل أبيب مقابل بيروت، وهذا يقودنا إلى التساؤل التالي: هل شهد الاحتلال فيما سبق رقما كهذا أو معادلة كهذه؟!
ليس هذا فقط، بل في اليوم نفسه، قال رئيس بلدية نهاريا رونين بارلي للإذاعة ذاتها، إن تل أبيب فشلت في توفير الأمن لمواطنيها، وأهدرت أموالا ضخمة من ميزانيتها دون جدوى، واصفا قرار الإجلاء بأنه "غبي"، فنتنياهو الذي وعد الإسرائيليين بالعودة إلى منازلهم في طليعة العام الدراسي الذي افتتح أبوابه في شهر أيلول/ سبتمبر الماضي، أضحى غير آمن على نفسه وعائلته، وعلى نجله يائير المقيم في الولايات المتحدة، إذ طلب أبو يائير من واشنطن تشديد الحراسة على ولده المُدلّل بعد وجود تهديدات عن استهداف محتمل له.
أمّا المُحدّد الثاني، تجده على الموقع الرسمي لجيش الاحتلال الإسرائيلي، في زاوية خاصة بالقتلى والجرحى على جبهتي غزة ولبنان، ورغم أنّ الأرقام الواردة جزء يسير من الحصيلة الحقيقية التي يُخفيها الاحتلال، إلّا أنّ المُثير فيها أنها تأتي تِباعا ضمن التسلسل التالي: تعلن كتائب القسام عن عملية نوعية في قطاع غزة، ثم بعد ذلك تجد كاميرا قناة الجزيرة ترصد بالصوت والصورة مروحيات الاحتلال وهي تنقل قتلاه وجرحاه إلى مشافي حيفا، ثم بعد ذلك تعلن وسائل الإعلام العبرية عن "حدث أمني صعب"، ثم يرتفع الرقم الوارد في الموقع الرسمي لجيش الاحتلال، ما يُثبت أنّ هذا التسلسل دليل على مصداقية المقاومة وكَذِب الاحتلال بخصوص خسائره.
وقالت صحيفة هآرتس منتصف أيلول/ سبتمبر الماضي، إن الاحتلال يعمد إلى تجنيد أفارقة للقتال في غزة، بعد نفاد مخزونه العسكري، مقابل وعود لهم بمنحهم بإقامة دائمة.
تَكَتّمُ الاحتلال على خسائره ليس بحاجة إلى برهان أصلا، فبعد الرد العسكري الذي نفذته إيران على مساحة جغرافية واسعة داخل دولة الاحتلال مطلع تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ادّعى متحدث الجيش دانيال هاغاري أنْ لا خسائر تُذكَر، وقلّل من شأن الهجوم، ليأتي دحض روايته من صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية التي قالت إن خسائر الاحتلال جراء الهجوم الإيراني تُقدّر بنحو 53 مليون دولار، بالإضافة إلى مقاطع الفيديو التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي والتي أظهرت حرائق واسعة واستهدافات مباشرة لمواقع حيوية.
إذا كان الاحتلال بدأ يستشعر أن المقاتل الفلسطيني عصيٌّ عن الهزيمة لأنه يقاتل بدافع الانتماء للأرض التي يملكها، فما بالُ أبناء الجلدة وزملاء الضاد ورفاق الوطن راحوا يُحمّلونه مسؤولية الويلات التي جلبها الاحتلال الإسرائيلي للقطاع من قتل وتهجير وحصار وتجويع ونزوح وافتراش الخيام.. تُرى ما الذي يدفع بهؤلاء إلى أن يتبنّوا تلك الرواية ويكرروها نقلا عن الاحتلال؟
لقد كشفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في آب/ أغسطس الماضي أن قسم التأهيل التابع لها استقبل أكثر من 10 آلاف جندي مصاب منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وقدّرت أنه في كل شهر يتم استقبال ألف جندي، مع الإشارة إلى أنّ هذه الإحصائيات كانت قبل بدء التوغل البري لجيش الاحتلال في جنوب لبنان، ما يشير إلى أن جُل الإصابات كانت على جبهة غزة، ومع دخول لبنان على خط المواجهات المباشرة فإنه من الطبيعي أن تزداد هذه الأرقام وتصل إلى مُعدّلات قياسية.
المُحدد الثالث: مُجرّد بقاء الطرف الآخر حَيّا يقاتل هو بحد ذاته إنجاز بعد خوضه أطول معركة في تاريخ الاحتلال، وهذا ما قاله وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتس، أن تل أبيب تخوض أطول الحروب وأشرسها وأكثرها كلفة، ليس هذا فحسب، بل إن مالك صحيفة "هآرتس" العبرية عاموس شوكن وصف كتائب القسام بأنهم مقاتلون من أجل الحرية، وهو ما أحدث أزمة كبرى ألمّت بالصحيفة مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، بعد أن علقت وزارتا الداخلية والثقافة الإسرائيليتان علاقاتهما مع الصحيفة على خلفية ذلك، الأمر الذي أجبر الصحيفة على التراجع عن تصريحات صاحبها والاعتذار.
فإذا كان الاحتلال بدأ يستشعر أن المقاتل الفلسطيني عصيٌّ عن الهزيمة لأنه يقاتل بدافع الانتماء للأرض التي يملكها، فما بالُ أبناء الجلدة وزملاء الضاد ورفاق الوطن راحوا يُحمّلونه مسؤولية الويلات التي جلبها الاحتلال الإسرائيلي للقطاع من قتل وتهجير وحصار وتجويع ونزوح وافتراش الخيام.. تُرى ما الذي يدفع بهؤلاء إلى أن يتبنّوا تلك الرواية ويكرروها نقلا عن الاحتلال؟ وإلى أي مدى هم مُحقّون في ذلك؟ وهل يمكن أن نسأل المقاومة أو نُسائلها على ذلك؟ وبمَ سوف تجيب؟ هذا ما سوف أستعرضه بمقالتي القادمة بإذن الله.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه النصر الهزيمة المقاومة الاحتلال الاحتلال النصر المقاومة الهزيمة مدونات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاحتلال الإسرائیلی أو الهزیمة تل أبیب فی ذلک إلى أن أن الم
إقرأ أيضاً:
الحية يحدد أولويات عمل حماس خلال المرحلة المقبلة
حدد خليل الحية رئيس حركة حماس في قطاع غزة ، اليوم الأحد 14 ديسمبر 2025 ، أولويات عمل حركته خلال المرحلة المقبلة وذلك لمواجهة التحديات والمخاطر التي تكتنف القضية الفلسطينية وكيفية التعامل مع الفرص المتاحة.
أبرز ما جاء في كلمة خليل الحية في ذكرى انطلاقة حركة حماس الـ38
تطل علينا اليوم ذكرى الانطلاقة المباركة الثامنة والثلاثين لحركة المقاومة الإسلامية حماس، في ظل واقع مختلف تشهده القضية الفلسطينية، وفي ظل مرحلة تحولات كبرى، نبذل كل جهد حتى تصب هذه المتغيرات لصالح شعبنا واستعادة حقوقه المشروعة.
يمر الشعب الفلسطيني حاليا بأيام صعبة ومعاناة قاسية، نتيجة العدوان الصهيوني وحرب الإبادة الجماعية في غزة، وارتقاء ما يزيد على سبعين ألف شهيد، من خيرة أبناء شعبنا وأبطالنا ورجالنا ونسائنا وأطفالنا، لم ترحمهم قذائف الحقد والإجرام الصهيوني، والذين كان آخرهم القائد المجاهد رائد سعد أبو معاذ وإخوانه الذين كانوا برفقته، هذا القائد العابد الزاهد، الذي نذر حياته لدينه ووطنه وجاهد في سبيل الله فعاش مطاردا للاحتلال عشرات السنين.
يتعرض أهلنا في الضفة المحتلة لحملة إرهاب ممنهجة، تتكامل فيها سياسات الاحتلال العسكرية مع اعتداءات المستوطنين، عبر شبكة خانقة من الحواجز والأبواب الحديدية، التي تقطع أوصال المدن والقرى، فضلا عن القتل والاعتقال ومصادرة الأراضي وهدم المنازل والتهجير.
في القلب من هذه المعاناة يئن المسجد الأقصى الذي تستهدف هويته وقدسيته، ويتعرض لمخاطر التهويد والتقسيم الزماني الذي بات أمرا واقعا، فكل يوم يقتحمه مئات المستوطنين المتطرفين، يؤدون فيه طقوسهم ويدنسون باحاته الشريفة، ويسعون لتقسيمه مكانيا.
أهلنا في الأرض المحتلة عام (ثمانية وأربعين) يعانون الاحتلال والعنصرية ويتعرضون للقمع ومصادرة الأرض، وهدم البيوت، مع ذلك يواصلون الصمود والثبات، ويحافظون على هويتهم الوطنية، فهم جزء أصيل من شعبنا وقضيته الوطنية.
أهلنا في المنافي والشتات ليسوا أحسن حالا في مخيمات اللجوء؛ فلديهم فصولهم الخاصة من المعاناة والألم والحنين والعوز ومحاولة طمس الهوية، ومن استهداف العدو لهم والذي كان آخر فصوله مجزرة الملعب في مخيم عين الحلوة في لبنان التي أدت إلى استشهاد (ثلاثة عشر) من الفتيان.
أمام ذلك كله فمقاومة شعبنا لا زالت حية وقيادتها ثابتة صلبة، استطاعت بفضل الله أن تصمد وتثبت وتواجه باقتدار آلة القتل والعدوان والإرهاب الصهيونية، وأكدت لجموع الأمة وأنصار قضيتنا أن هذا العدو يمكن هزيمته، وأن تحرير فلسطين ممكن إذا ما استند بعد التوكل على الله إلى التخطيط الدقيق والعمل الدؤوب والجهد الموحد.
الحية: لقد نجح شعبنا ومقاومته في تحقيق جملة من القضايا الاستراتيجية:
1. كسر أسطورة الردع الاستراتيجي وادعاءات التفوق الأمني، فقدمت المقاومة نموذجا في السابع من أكتوبر، لما يمكن أن يحدث حال تضافر الأمة وتعاونها للخلاص من هذا الاحتلال.
2. التقدم في عزل الكيان الصهيوني وتقديم قادته وجنوده للمحاكم الدولية وكشف وفضح صورته القبيحة أمام العالم وإظهارها على حقيقتها باعتباره كيانا إرهابيا يهدد الأمن والاستقرار في المنطقة.
3. انهيار الرواية والسردية الصهيونية المسيطرة طوال عقود زورا وظلما، وتولد قناعات جديدة لدى النخب الصاعدة، وتغير المزاج الشعبي تجاه طبيعة العلاقة مع الكيان ومدى أخلاقية مواصلة دعمه.
4. تعقيد وتراجع مشروع التطبيع الذي أراد العدو من خلاله تجاوز حقوق الشعب الفلسطيني، وتعزيز هيمنته السياسية والاقتصادية والأمنية بعد ارتكابه جريمة الإبادة الجماعية وعدوانه على دول المنطقة، وحديث قادته عما يسمى إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات.
5. استعادة المكانة الطبيعية للقضية الفلسطينية التي تراجعت كثيرا خلال العقود الماضية.
6. صعود مشروع وبرنامج المقاومة على طريق التحرير والعودة، وتحوله إلى أمل للشعوب العربية والإسلامية ونموذجا رائدا في تحدي الاحتلال ومواجهته.
7. سقوط الحدود الآمنة للكيان حيث تعرض للرد على عدوانه من غزة ولبنان واليمن وإيران والعراق فلم يعد هناك حصانة للكيان ومواقعه العسكرية التي يستخدمها للعدوان على الأمة.
8. إحداث شرخ داخل المجتمع الصهيوني وزعزعة الثقة بالقيادة العسكرية والسياسية والأمنية وبدء نقاش جاد حول المستقبل والوجود لهذا الكيان الصهيوني.
أمام هذه الحالة التي تعيشها قضيتنا وشعبنا، وفي ذكرى الانطلاقة المجيدة؛ فإن قيادة الحركة قد اعتمدت أولويات عمل لها خلال المرحلة المقبلة لمواجهة التحديات والمخاطر التي تكتنف قضيتنا وكيفية التعامل مع الفرص المتاحة والمتمثلة في:
1- الاستمرار في خطوات وقف الحرب وخاصة استكمال المرحلة الأولى التي تشمل إدخال المساعدات والمعدات اللازمة لتأهيل المستشفيات والمراكز الصحية والبنى التحتية، و فتح معبر رفح في الاتجاهين، وكذلك دخول المرحلة الثانية من أجل تحقيق الانسحاب الكامل للاحتلال والبدء في مشاريع الإعمار، فالحركة ومعها الفصائل الوطنية متمسكة بالاتفاق.
تؤكد الحركة موقفها الرافض لكل مظاهر الوصاية والانتداب على شعبنا، كما تؤكد على ما توافقت عليه مع الفصائل الفلسطينية من القضايا الواردة في رؤية الرئيس ترامب لوقف الحرب:
- فمهمة مجلس السلام هي رعاية تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار والتمويل والإشراف على إعادة إعمار قطاع غزة.
- كما ندعو لتشكيل لجنة التكنوقراط لإدارة قطاع غزة من مستقلين فلسطينيين بشكل فوري، ونؤكد جاهزيتنا لتسليمها الأعمال كاملة في كل المجالات وتسهيل مهامها.
مهمة القوات الدولية يجب أن تقتصر على حفظ وقف إطلاق النار والفصل بين الجانبين على حدود قطاع غزة مع أراضينا في ال48 دون أن يكون لها أي مهام داخل القطاع أو التدخل في شؤونه الداخلية.
نؤكد أن المقاومة وسلاحها حق مشروع كفلته القوانين الدولية لكل الشعوب تحت الاحتلال ومرتبط بإقامة الدولة الفلسطينية، وإننا منفتحون لدراسة أية مقترحات تحافظ على هذا الحق مع ضمان إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وتقرير المصير لشعبنا الفلسطيني.
أولويات عمل الحركة خلال المرحلة المقبلة لمواجهة التحديات والمخاطر التي تكتنف قضيتنا وكيفية التعامل مع الفرص المتاحة:
2- التحرك المكثف من أجل الإغاثة وإنهاء معاناة شعبنا في قطاع غزة والعمل لتوفير مقومات الحياة الكريمة ووضع حد للأزمات الإنسانية الناجمة عن حرب الإبادة وحتى لا تتكرر المأساة على أهلنا وشعبنا في غزة كما حدثت في المنخفض الأخير الذي ضرب غزة وفلسطين رغم ما بذلناه من جهود مع الوسطاء والجهات المختلفة.
نقول لأمتنا والعالم أجمع: إن أهل غزة أوذوا كما لم يؤذ مثلهم أحد، وصبروا كما لم يصبر مثلهم أحد، وإنهم اليوم في كرب عظيم، إذ اجتمع عليهم حصار العدو، وركام المنازل، وقلة الزاد وبرد الشتاء، وإنهم إذ يناشدون فيكم إنسانيتكم والمعاني الأخوية للتخفيف من آلامهم والعمل السريع على إغاثتهم.
في ظل هذه الظروف واستمرار الخروقات الإسرائيلية للاتفاق وإعاقة المساعدات ومواصلة التدمير والقتل والاغتيالات والتي كان آخرها أمس باستهداف القائد المجاهد رائد سعد وإخوانه، وأمام هذه السلوك الصهيوني الذي يهدد بقاء الاتفاق صامدا؛ ندعو الوسطاء وخاصة الضامن الأساسي: الإدارة الأمريكية والرئيس ترامب بضرورة العمل على إلزام الاحتلال باحترام الاتفاق والالتزام بتنفيذه وعدم تعريضه للانهيار.
3- الحرص على العمل المشترك مع القوى والفصائل الفلسطينية لتحقيق الوحدة الوطنية والتحرك مع مختلف القوى والفصائل لبناء مرجعية وطنية جامعة، تسعى من أجل استعادة حقوقه وخاصة حق تقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس .
من هنا ندعو الإخوة في حركة فتح والسلطة الفلسطينية إلى كلمة سواء والتوافق على برنامج عمل وطني مشترك، والعمل لإعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية والمشروع الوطني وإعادة بنائها وفقا للتفاهمات السابقة وتفعيل برنامج الصمود والمقاومة الشاملة بكافة أشكالها وفق الإمكانات المتاحة في الساحات المختلفة، وإعادة الاعتبار للحياة السياسية الفلسطينية عبر صندوق الانتخابات.
4- التحرك على المستوى الإقليمي والدولي ومع القوى العالمية لتوسيع قاعدة التأييد لقضيتنا وحقوقنا لإنجاز حقوق شعبنا وأولوياته الراهنة وإنهاء الاحتلال وتحقيق الاستقلال الوطني.
5- تفعيل الطاقات الإعلامية بكافة المستويات الوطنية والإقليمية والدولية لمواصلة فضح جرائم الاحتلال التي قام بها العدو خلال الحرب على غزة أو في الضفة والقدس والسجون.
6- الدعوة والعمل لملاحقة الاحتلال قانونيا وعزل الكيان سياسيا ومحاكمة قادته أمام المحاكم الدولية لارتكابهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة.
7- اعتبار قضية الأسرى في سجون العدو أولوية لدى الحركة وفصائل المقاومة إلى جانب العمل على تحسين حياتهم الإنسانية وإنهاء السلوك الإجرامي بحقهم على طريق تحريرهم الكامل بإذن الله.
8- المساهمة في استعادة وحدة الأمة والعمل على إنهاء الانقسامات وتحقيق الوحدة بين مختلف مكوناتها في مواجهة العدو الصهيوني وسياساته العنصرية التوسعية.
في ذكرى الانطلاقة المجيدة، نستذكر كل شهداء شعبنا الأبطال من الرجال والأطفال والنساء، إننا نستذكر قادتنا الشهداء بدءا بالشيخ المؤسس القائد الشهيد أحمد ياسين وإخوانه من جيل التأسيس، والقادة الشهداء العظماء الذين رحلوا عنا في معركة طوفان الأقصى القائد الشهيد إسماعيل هنية ، والشهيد القائد الشيخ صالح العاروري، والشهيد الثائر يحيى السنوار، والشهيد المجاهد الكبير محمد الضيف، ومن ارتقى من القيادتين السياسية والعسكرية وأبناء كتائب القسام وكافة القوى والفصائل المقاومة وأذرعها العسكرية المختلفة.
نستذكر هنا الشهداء القادة من شعبنا أبو عمار وفتحي الشقاقي وأبو علي مصطفى وعمر القاسم، وكذلك شهداء الأمة في هذا الطوفان وفي مقدمتهم الشهيد القائد السيد حسن نصر الله والشهيد القائد الحاج رمضان، وشهداء لبنان واليمن وإيران والعراق ومصر والأردن وقطر وتركيا الذين امتزجت دماؤهم بدماء شهداء الطوفان، فالدم واحد والمصير واحد.
نعبر عن عظيم الشكر والتقدير لكل من ساند شعبنا ووقف مع قضيتنا، وخاصة الإخوة الوسطاء في مصر وقطر وتركيا، وكذلك من ساند مقاومتنا وامتزجت دماؤنا بدمائهم في ذات المعركة، وكذلك نعبر عن بالغ تقديرنا وشكرنا لمن وقف معنا سياسيا ودبلوماسيا في مجلس الأمن والمحافل القانونية الدولية وخاصة الجزائر وروسيا والصين وجنوب إفريقيا، ولا ننسى الذين يقدمون المعونات الإنسانية في القطاع مثل قطر ومصر والجزائر والكويت والأردن والإمارات وتركيا وإندونيسيا وماليزيا وغيرهم الكثير ممن أرسلوا المساعدات والغذاء والدواء من جمعيات ومؤسسات إغاثية وهيئات أهلية وحزبية على مستوى العالم العربي والإسلامي والدولي.
نتقدم بكل اعتزاز لمن ساند شعبنا ووقف في كل الميادين والساحات والجامعات ومن ركب البحر وخاصة في أسطول الحرية والصمود ومن زحف برا وجوا ليصل لغزة مساندا وكاسرا للحصار.
نؤكد في الذكرى ال38 لانطلاق حركة حماس أن الحركة ستبقى وفية وأمينة على نهج المقاومة وتحرير فلسطين والحفاظ على القضية الفلسطينية، وتبذل كل ما تملك من مقدرات وتضحيات في سبيل ذلك، ونعاهد الله أن نمضي على ما قضى عليه القادة الشهداء حتى نلقى الله على ذات العهد لا تغيير ولا تبديل، هذا عهدنا وهذا دربنا وهذا سبيلنا.
المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين الخليل - إطلاق النار على فلسطيني بزعم محاولة طعن محدث: استشهاد الأسير صخر زعول في سجون الاحتلال البحرية الإسرائيلية تعتقل 4 صيادين وتفجّر مركبًا قبالة خانيونس الأكثر قراءة الصحة في غزة: 6 شهداء جدد وارتفاع حصيلة العدوان إلى 70 ألفًا نتنياهو : نتوقع الانتقال قريبا للمرحلة الثانية من اتفاق غزة الصحة في غزة: أزمة الأدوية والمستهلكات الطبية تصل مستويات كارثية استشهاد طفلة فلسطينية برصاص الاحتلال في مواصي رفح عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025