د. عبدالمنعم سعيد: فوز «ترامب» أحدث ثورة في أمريكا لأنه يخطط لهدم الثوابت التي نشأت عليها الدولة
تاريخ النشر: 27th, November 2024 GMT
قال الدكتور عبدالمنعم سعيد، المفكر الاستراتيجى، إنّ فوز دونالد ترامب يمثل ثورة كبيرة فى أمريكا، مشيراً إلى رغبته فى هدم الثوابت التى نشأت عليها الدولة، وتغيير جهاز الدولة وهيكلته ونقل المسئولية إلى الولايات، فضلاً عن سياسة الانكفاء على الداخل واهتمام أمريكا بمشاكلها.
وأضاف فى حوار لـ«الوطن»، أن الولاية الأولى لترامب كانت بروفة، وكان لديه فكر لكنه تصرف بشكل سيئ جداً، وضرب فى كل المؤسسات، أما هذه المرة فالأمر مختلف، فهو استولى على المؤسسات بالأغلبية، فمنذ خروجه من البيت الأبيض وعلى مدار أربع سنوات يقوم بتربية كوادر أيديولوجية لديها ولاء شديد له شخصياً، فقد أصبح أول رئيس أمريكى بسُلطة شبه مطلقة.
وأوضح أن مستقبل القضية الفلسطينية سيتوقف على ما سنفعله كعرب، لأننا نحتاج إلى استراتيجية جديدة بشكل كامل، ويكون الحديث فيها عن المساواة بين الفلسطينيين والإسرائيليين وبعدها نتحدث عن العامل الديموجرافى الذى يجب أن يتغير، لافتاً إلى أن السبيل الوحيد لنجاة القضية الفلسطينية هو التطبيع، لأنه هو الذى سيدخل العرب إلى إسرائيل، فمازال هناك أمل فى إقامة دولة فلسطينية وكيان معين لكن ليس كما يتردد دائماً وفق حدود 1967، ونحن لدينا ست دول عربية وقّعت اتفاقيات سلام بالفعل مع إسرائيل وثلاث دول لها علاقات وهذه الدول يمكن أن يكون لها قوة فى التفاوض.. وإلى نص الحوار:
كيف ترى ما يحدث فى العالم بعد الانتخابات الأمريكية ووصول ترامب للحكم.. وهل نحن أمام تغير فى النظام العالمى؟
- فى البداية هناك نقطة فلسفية أحب أن أذكرها، فمنذ أن أتيت إلى الدنيا ودائماً ما أسمع مقولة أن العالم تغير، المنطقة تتغير، النظام الدولى لم يعد كما كان، والحقيقة أن التغير هو طبيعة الأشياء، وسُنة الحياة الأساسية هى التغيير، بداية من التغير العمرى إلى التغير الكونى وهكذا، وبالنسبة للإنسان وللمجتمع وللدولة وللعالم أيضاً، التغيير هو القاعدة الأساسية، وهناك الكثير ممن يندهشون من هذا التغيير، فى حين أنه أمر طبيعى يشعر به الجميع، وهناك أيضاً من يتبعون منطق التسليم بمعنى أنه لا يشعر بأى تغيير مثل الإخوان المسلمين، فتجدهم دائماً لا يشعرون بأى تغيير، وهذه النقطة أحببت أن أذكرها قبل الخوض فى نتائج الانتخابات الأمريكية وما نشهده فى هذه المرحلة.
هل التغيير يكون ثابتاً فى حجمه أم أننا فى أوقات نرى تغييراً بحجم أكبر ومتسارعاً عن غيره؟
- التغيير له قوانين فى الطبيعة، وفى أن يحدث تراكم كمى، ثم تغيير نوعى، ثم تحدث طفرة، ومن الممكن أن تنتقل انتقالات جذرية، وفى تقديرى أن النظام الأمريكى الذى تأسس منذ ثلاثينات القرن الماضى، فيما بعد الكساد الرهيب أو الكساد الكبير، والذى جاء بعده فرانكلين روزفلت رئيساً لأمريكا، فإن النظام الأمريكى كان رأسمالياً بحتاً وخائفاً من العالم، ومُنكباً على قارته التى يحاول أن يكتشفها، فقد كان أول ظهور لأمريكا فى العالم هو الحرب العالمية الأولى التى دخلتها وخرجت منها سريعا، حتى إنهم رفضوا الانضمام لعصبة الأمم، وكانوا لا يريدون أى التزام تجاه العالم، والالتزام الوحيد الخارجى كان تجاه أمريكا الجنوبية، والنظام الذى قدمته هو النظام الجمهورى، فى حين أن العالم بأكمله قائم على الإمبراطوريات والممالك، فاتبعوا نظام انتخاب الرئيس لفترات رئاسية محددة، وطوال القرن التاسع عشر كانوا يحاولون تصفية مشاكلهم الداخلية مثل العبودية والأقليات والمرأة وهكذا.
وما دور أزمة الكساد الكبير فى تشكيل أمريكا الجديدة؟
- أزمة الكساد الرهيب أثبتت أن أمريكا جزء من العالم، فبدأ التفكير فى تنشيط السوق، وأن يمتلك المواطن المال، حتى تنشط السوق، وبدأ التفكير فى المشروعات العامة لإنقاذ الدولة بالكامل، مثل الطرق والكبارى والمشروعات ذات البُعد العام سواء فى الصحة والتعليم وغيرهما، وهذا جعل الحكومة تتدخل فى السوق، وكان عملها قبل ذلك هو السياسة الخارجية والدفاع وضبط الأمن، فبدأ تدخل الحكومة فى الاقتصاد تدريجياً، وجمع الضرائب والرسوم وهكذا، وبعدها وقعت الحرب العالمية الثانية، وكانت تختلف عن الحرب العالمية الأولى حتى فى شكل الحرب نفسها، التى أصبحت تعتمد على الطيران والميكنة، وهذا ما جعل شركات السلاح تنشط، كما أنه جاء بفكرة التجنيد الإجبارى، فلم يكن نظام التجنيد موجوداً قبل الحرب العالمية الثانية، وبدأت فى منح مرتبات ثابتة، وبدأت أيضاً عملية الضمان الاجتماعى، وبعد انتهاء الحرب عاد الجنود إلى وطنهم بعد أن شاهدوا أوروبا خاصة ألمانيا وحجم الطرق والبنية التحتية، وحاولوا تنفيذ تلك المشروعات، كما أن أمريكا كانت تعانى أيضاً من أزمة مرتبطة بالعِرق الأسود.
ألم تكن أنهت أزمة العبودية والعِرق الأسود بعد الحرب الأهلية؟
- العرق الأسود دخل الحرب العالمية الأولى والثانية، وبدأ يتساءل: هل يستدعوننا للموت ونعيش فى أمريكا كعبيد حتى بعد التحرر؟ فبدأ التطور الاجتماعى للسود خاصة باعتبار أنهم أقلية وكانوا سبباً فى الحرب الأهلية والتى كانت سبباً فى تحرير السود دستورياً، وأعطتهم حق الترشح فى النواب والشيوخ والنقابات.
نعود إلى أمريكا ما بعد الكساد الرهيب وارتباطها بما نعيشه الآن.
- السمة الأساسية منذ الكساد الكبير وحتى الآن هى استمرار التدخل الحكومى، والدولة كبرت، وتظل أمريكا اقتصاد سوق رغم وجود شركات كبيرة، فحجم ما تفعله الحكومة كبير جداً، فالموازنة السنوية لها تبلغ 6 تريليونات و750 مليار دولار، ولديها ثلاثة ملايين موظف فقط، فأصبحت الحكومة أكبر شركة فى أمريكا، وكان آخر ما قدمته الدولة ما قام به باراك أوباما، بمشروع التأمين الصحى على كل المواطنين، فالنظام الرأسمالى فى العلاج يجعل الأدوية غالية جداً والرعاية الصحية مكلفة بشكل كبير، والمواطن الأمريكى أصبح يتلقى العلاج تقريباً مجاناً مقابل قسط شهرى بسيط، والدولة تتحمل التكلفة، فالأصل فى النظام الأمريكى أن كل شخص حر ومن يريد أن يكون غنياً فعليه أن يعمل، ولديهم خمسون ولاية كل ولاية منها تدير نفسها، والفكر الأمريكى أصبح قائماً على التدخل فى شئون العالم، وسياسات وإجراءات عسكرية مع آخرين، زادت بشكل كبير فى قضية حقوق الإنسان ودخول حرب مثل حرب كوسوفو والبوسنة والهرسك، وهذا النوع من التدخلات كان جديداً، ثم جاء موضوع الإرهاب، فضربت أفغانستان والعراق، وهذا بسبب القوة المفرطة التى لديها، ودخولها الحروب كلّفها الكثير مع ارتفاع تكلفة المعيشة وزيادة الأجور، وأصبحت الحياة غالية.
فى ضوء ما ذكرت كيف ترى فوز «ترامب»؟
- أرى أن فوز «ترامب» أحدث ثورة كبيرة جداً فى أمريكا، فكل ما سبق ذكره، «ترامب» يريد هدمه، فمثلاً أتى بإيلون ماسك وآخرين وشكّل لجنة وفى أوقات يسميها وزارة باسم الكفاءة الحكومية، دورها تخفيض التكلفة الحكومية من 6 تريليونات و750 مليار دولار، إلى 4 تريليونات دولار فقط، وهذا معناه أنه سينظر إلى الجهاز الحكومى للدولة وما هو المتكرر منه لإلغائه، فالبيروقراطية لديها ميل دائماً أن تخلق نفس الأشياء التى تقوم بنفس الدور، وهو يريد إلغاء كل ذلك، والأمر الثانى هو ما تقوم به الولايات لا بد ألا تقوم به الدولة، مثلاً لماذا يكون هناك وزارة للتربية والتعليم؟ فكل ولاية لديها ما يمكن أن يسمى بوزارة تعليم خاصة بالولاية، الأمر الثالث التدخلات الفيدرالية فى السوق، فلماذا تبحث الدولة عن البترول فى ظل وجود شركات دورها هو البحث عن البترول؟
وهذا الفكر من وجهة نظرك سيكون بمثابة ثورة على الثوابت الأمريكية.
- نعم.. ترامب سوف يخفّض الضرائب بشكل كبير عن رجال الأعمال، لأنه يقول إن هؤلاء هم من سيبنون مصنعاً، وليس الفقير، فرجل الأعمال عندما يصل إلى الحجم الحرج من الغنى ماذا سيفعل؟، فمثلاً شخص مثل إيلون ماسك الذى بلغت ثروته 300 مليار دولار وحده، فماذا سيفعل بهذه الأموال، وبالمناسبة هو كوّن هذه الثروة من خلال فكره، فمثلاً الصاروخ الذى أطلقه إلى الفضاء ويعود، هذا الصاروخ كلّفه ماسك بنسبة 10% مما يقابله فى وكالة ناسا الفضائية، ولذلك ناسا توقفت عن تصنيع الصاروخ وأصبحوا يستأجرونه، فكيف توصل ماسك إلى ذلك؟، من خلال تفكيك الصاروخ وشراء الأجزاء المشابهة، أما «ناسا» فكانت تصنع كل أجزاء الصاروخ، فعندما تنشئ مصنعاً لإنتاج محدود فإنه يكلف بشكل كبير، وهذا هو سبب رفع السعر، وهذه الفكرة الأساسية التى جعلت «ماسك» ينجح سواء فى تسلا وصناعة السيارات الكهربائية، أو الصواريخ وغيرها، ترامب يريد أن يهدم جهاز الدولة، وهيكلة الدولة ونقل المسئولية إلى الولايات، وأن تهتم أمريكا بنفسها، وهذا هو فكر ترامب وكذلك فكر من أتى معه، وبالمناسبة ولايته الأولى كانت بروفة.
ماذا تعنى بأن ولايته الأولى كانت بروفة؟
- هذه هى الولاية الثانية لترامب، والولاية الأولى كان لديه فكر لكنه تصرف بشكل سيئ جداً، من خلال اختيار أشخاص جميعهم خانوه فيما بعد وتركوه، ومنذ أن خرج من البيت الأبيض وعلى مدار أربع سنوات يقوم بتربية كوادر، جميعها كوادر أيديولوجية ولديها ولاء شديد له شخصياً، يربى جزءاً من الديكتاتورية الأمريكية سوف يساعده فى نتائج الانتخابات، فهو أولاً فاز بأغلبية شعبية، ولديه الأغلبية فى مجلسى الشيوخ والنواب، والأغلبية فى المحكمة الدستورية العليا، وفى ظل كل هذا يصبح أول رئيس بسُلطة شبه مطلقة، فهو أيضاً سيطر على الحزب الجمهورى، الذى كان يضم «يسار ويمين ومعتدلين» وهكذا، أصبحوا الآن جميعاً يدينون له بالولاء، لأنه هو من أتى بهم، وفازوا فى الانتخابات عن طريق دعمه وبالتعامل مع الناس العادية واستمالتهم، فمنهم من يريد التحكم فى المرأة مثلاً، فأيده فى ذلك، وهذا بالمناسبة سبب هزيمة كامالا هاريس لأنها امرأة فقط، ترامب دخل من زاوية القيم، ودولة الرفاهة، فهل سينجح أم لا؟ سنرى، فما يريده ترامب لن تكون له انعكاسات فى المؤسسات لأن جميعهم تابعون له، وإنما سيكون له انعكاسات على مستوى الشارع، ترامب فى الولاية الأولى فشل لأنه كان يضرب فى المؤسسات، أما هذه المرة فالأمر مختلف، فهو استولى على المؤسسات.
كيف ذلك؟
- ما نراه الآن ليس تغييراً، فعلى مدار التاريخ الأمريكى، نجد رئيساً جمهورياً لكنه لا يملك أغلبية فى مجلس النواب أو الشيوخ، أو ديمقراطياً ولا يملك الأغلبية أيضاً، فإننا فى هذه المرة أمام ثورة وليس تغييراً، فإنه يسيطر على جميع المؤسسات، كذلك الطقم الذى يختاره ترامب جميعهم متشدد ومتعصب وتربَّى على كراهية غير البِيض.
أخطاء استطلاعات الرأى فى الانتخابات الأمريكية هذه المرة كيف تراها؟
- حدث فشل علمى، وهناك عناصر لم تدخل فى الاستطلاعات، ولا أعتقد أنها كانت موجهة، فهناك مئات من المعاهد التى تقوم بالاستطلاعات ومن المؤكد أنهم لم يجتمعوا ليتفقوا، وإنما أرى أنهم استمروا بالطريقة التقليدية، فهذه الاستطلاعات تمت فى كل انتخابات وكانت صحيحة، وهذه المرة أعتقد أنهم لم يُدخلوا عناصر جديدة فى الموضوع، وأعتقد أنهم لم يسألوا الأسئلة الصحيحة فى الاستطلاعات، فهناك 350 مليون أمريكى.
وما سر انتشار السلاح فى أمريكا بهذا الشكل.. عددهم 350 مليوناً ولديهم 400 مليون قطعة سلاح؟
- الدستور هو الذى يسمح بذلك، والمادة الثانية هى التى تنص على ذلك بعد أن تأسست فى فترة حركة طغيان من ملوك إنجلترا، فقالوا ماذا لو انتخبنا شخصاً وأصبح طاغية؟ وبالمناسبة ترامب مرشح أن يكون هو الطاغية ويستخدم ضده السلاح، وأمريكا الآن تنكسر، فهناك ولايات حمراء وأخرى زرقاء، فأين الولايات الزرقاء؟ موجودة على السواحل وهى التى توجد بها الجامعات التى يطلق عليها الجامعات العاجية، وهناك انفصال تعليمى وعلمى وثقافى، ما بين السواحل الزرقاء والقلب الأحمر، والولايات المتأرجحة هى الولايات الفاشلة، وهى الولايات المبنية على الثورة الصناعية الثانية.
ما سر إسقاط هيبة الرئيس الأمريكى وحالة السباب فى هذه الانتخابات؟
- «ترامب» مجرم لديه 34 جنحة وأُدين فيها، وينتظر الحكم، وهو الآن يضع النظام السياسى الأمريكى القائم على فصل السلطات فى مأزق، فماذا سيفعل فى السلطة القضائية؟
تردد أنه سيتم تأجيل المحاكمة لحين انتهاء الولاية.
- هذا اقتراح بالفعل، وهناك اقتراح بأن يرفع المدعى العام كل القضايا، واقتراح بأن بايدن هو من يعفو عنه، مثلما حدث من قبل من الرئيس «فورد» تجاه الرئيس «نيكسون»، وفى كل الأحوال ما يحدث معناه تقليل من قيمة السلطة القضائية، والفلسفة الأمريكية قائمة على توازن السلطات، فإسقاط تهمة عن شخص مجرم وهو بالفعل قام بها، فإنك تضع النظام القضائى بأكمله موضع التساؤل، وأسوأ السيناريوهات أن يكون ترامب «هتلر» جديداً، وبالمناسبة هتلر نجح عن طريق الانتخابات أيضاً.
وماذا عن القضية الفلسطينية فى ظل ما ذكرت من توجهات؟
- ترامب قال لنتنياهو: «أنهِ عملك»، وكأنه زعيم عصابة يعطى أمراً لأحد أفراد عصابته بتنفيذ مهمة، وجاء بوزير خارجية يتحدث عن أنه لا يوجد شىء اسمه الضفة الغربية ولا غزة ولا دولة فلسطينية، فجميع من أتى بهم ترامب من اليمين المتطرف، وخاصة وزارة الخارجية، وكذلك طاقم السياسة الخارجية الذى يضم مستشار الأمن القومى ووزير الدفاع ووزير الخارجية ومندوب أمريكا فى الأمم المتحدة، وجميعهم، نتنياهو بجوارهم يعتبر مَلاكاً، لأنهم يتبنون أفكاراً معينة، وينظرون لإسرائيل على أنها دخلت حرباً وانتصرت، وإسرائيل لا بد أن تجنى نتائج الانتصار الذى حققته، وأن هؤلاء الناس هم الذين بدأوا الحرب سواء كانت حماس فى غزة، أو حزب الله فى لبنان، وأيضاً سيضربون العراق، بسبب الحشد الشعبى الذى يطلق مسيّرات.
إذن كيف ترى مستقبل القضية الفلسطينية فى ظل هذه الإدارة الجديدة؟
- سيتوقف هذا على ما سنفعله كعرب، فإننا نحتاج إلى استراتيجية جديدة بشكل كامل، بدلاً من النظرة التى ساقنا لها الإعلام، والتى تعتمد على أننا طالما نؤذى إسرائيل فإن هذا انتصار، والحقيقة أن إسرائيل كانت تحارب على سبع جبهات، وأمريكا كانت تدعمها، لكن لا يوجد جنود أمريكان دخلوا، وإسرائيل أيضاً تؤيد أمريكا، فإننا فى أوقات ننسى التفاعل الصناعى والتكنولوجى بين إسرائيل والعالم الغربى، فأمريكا كبيرة وتدعم إسرائيل، وفى أوقات معينة حشدت قوة كبيرة حتى تمنع إيران من ضرب إسرائيل فى الفترة الأخيرة، فإما أن يكون مقبولاً أن إيران تقوم بحرب، أو تكون لدينا استراتيجية جديدة.
إذا لم يحدث تغير فى الأداء العربى.. كيف سيكون مصير القضية الفلسطينية.. هل ستنتهى؟
- هى منتهية، فإسرائيل مسيطرة على الأرض من النهر إلى البحر، وكان يتبقى غزة، فقد كانت محررة، وحماس جعلتها محتلة، وكذلك الضفة الغربية كانت محررة، وتم الدفع بـ750 ألف مستوطن، وهذا سيستمر، فلا بد أن نفكر بشكل جديد تماماً.
وماذا يمكن أن نفعل من وجهة نظرك وعلى أى شىء تُبنى الاستراتيجية الجديدة؟
- أن يكون الحديث عن المساواة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ولا نتحدث عن تحرير، فحالياً فلسطين تحت السيطرة الإسرائيلية البحتة، وهناك 7 ملايين ونصف مليون فلسطينى مقابل 7 ملايين ونصف مليون يهودى، والفلسطينيون منهم أكثر من 2 مليون داخل إسرائيل نفسها بالفعل وحاصلون على الجنسية الإسرائيلية، ولدينا أكثر من 2 مليون فى غزة، و3 ملايين ونصف المليون فى الضفة، فعلينا الحديث عن المساواة، وبعدها نتحدث عن العامل الديموجرافى الذى يجب أن يتغير، فالجميع يتحدث عن التطبيع، وأنا أرى أن النجاة الحقيقية للقضية الفلسطينية هو وجود التطبيع، لأن التطبيع هو الذى سيُدخل العرب إلى إسرائيل.
ألا ترى أن هذا لن يكون مقبولاً فى الوقت الحالى؟
- إننا فى كل يوم منذ عام 1947 نخسر شيئاً جديداً، ونرغب فى العودة للنقطة التى قبلها، فما زال هناك أمل فى أن تكون هناك دولة فلسطينية وكيان معين، لكن ليس كما يتردد دائماً فى العودة لحدود 1967، فأول ما تذكر ذلك والشرعية الدولية، فإن الإسرائيليين يعلمون أن هذا معناه أنه سيخسر الكثير، فيرفضون، ونحن لدينا ست دول عربية لديها معاهدة سلام بالفعل مع إسرائيل وهى مصر والأردن والبحرين والإمارات والسودان والمغرب، وثلاث دول لها علاقات وهى السعودية وقطر وعمان، وهذا ليس قليلاً، وهذه الدول يمكن أن تكون لها قوة فى التفاوض، ولذلك أرى أن تكون البداية بحق المساواة والتحرير، وقيام دولتين، وبدل ما نقول إن هذا كيان واحتلال يبدأ الاعتراف بإسرائيل، وتذوب فى المنطقة وتستوعب، مثل الكثير من الأقليات التى ليس لها أصول عربية، فلن ينقذ القضية الفلسطينية سوى الفلسطينيين أنفسهم أولاً، فمن الذى أنقذ القضية المصرية هم المصريون، والقضية الجزائرية الجزائريون، فالدول يبنيها الشعوب، أما الفلسطينيون فأول شىء فعلوه أنهم قسّموا الجزء المحرر لنصفين قبل أن يكون عندهم دولة، الضفة وغزة، فإنهم الآن لم يفقدوا الأرض المحررة بل فقدوا الأرض المبنية، وترامب فى ولايته الأولى أعطى لإسرائيل أكثر مما كانت تطلب، فاعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية لها، بل وضغط على 32 دولة أخرى لنقل سفاراتها، وأعتقد أن الأمر هذه المرة لن يختلف كثيراً، وعلى كل دولة أن تتحمل مسئوليتها.
وماذا عن لبنان؟
- هل من المصلحة العربية انهيار الدولة اللبنانية أو العراقية أو اليمنية؟ بالطبع لا، فمن فعل ذلك الشيعة، فمثلاً فى العراق رئيس الوزراء يطالب الحشد الشعبى بعدم الزج بالعراق فى حرب، وحالياً قوات الحشد الشعبى تساند فلسطين بمُسيّرات غير مؤثرة، فعدد القتلى الإسرائيليين بعد الألف و200 الذين ماتوا فى 7 أكتوبر لا يتعدى 700 قتيل و700 مصاب، مقابل آلاف الشهداء، فإننا نحتاج إلى تفكير جديد، فالحرب معناها أنك تسلم نفسك لأمريكا والعالم الغربى.
لكن ألا ترى أن الموقف الغربى تغير تجاه إسرائيل؟
- بالفعل هناك ثورة ضد إسرائيل فى العالم الغربى، لكن لدينا مبالغة فى ذلك من الإخوان فى أنهم يركبون المظاهرات فى أمريكا، ويحرقون العلم الأمريكى مما يتسبب فى انتكاس عكسى لدى العالم الغربى.
وكيف ترى الحرب الروسية الأوكرانية وسماح بايدن لأوكرانيا باستخدام سلاح أمريكى يساعد على الوصول إلى العمق الروسى؟
- هذه آخر هدية يعطيها «بايدن» للأوكرانيين، وأوكرانيا لن تفعل ذلك، وترامب حله معروف فإما أن تزال دولة أوكرانيا، أو تتوقف عن الحرب، لأنهم لن يعطوها شيئاً، والأوروبيون يرحبون بذلك، فبعد ثلاث سنوات من الحرب، بدأت كل دولة تتحدث عن نفسها فى ظل الأزمات الدولية التى نعيشها، فالحرب مكلفة جداً وتكنولوجياتها عالية، والآن يوجد 7 ملايين أوكرانى فى الدول الغربية، ولن يعودوا للحرب.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: ترامب أمريكا فلسطين الاحتلال غزة الولايات المتحدة العراق إسرائيل القضیة الفلسطینیة الحرب العالمیة فى أمریکا هذه المرة بشکل کبیر فى أوقات کیف ترى أن یکون یمکن أن أرى أن
إقرأ أيضاً:
محللون سياسيون: ثورة 30 يونيو كانت بوابة مصر لمرحلة جديدة من البناء والتنمية
في لحظة فارقة من تاريخ الأمة المصرية، خرج الملايين في الثلاثين من يونيو عام 2013 ليكتبوا سطراً جديداً في دفتر الإرادة الشعبية، معلنين رفضهم لحكم جماعة لم تنجح في إدارة الدولة، وأعادوا التوازن لمسار وطن كاد أن ينزلق نحو المجهول، حيث كانت الثورة لحظة تجلٍ حقيقية لوحدة الشعب مع مؤسسات الدولة، وعلى رأسها القوات المسلحة، التي لبّت النداء حفاظًا على كيان الدولة وهويتها.
واعتبر خبراء ومحللون سياسيون في تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط أن ثورة 30 يونيو جاءت بمثابة تصحيح للمسار، واستعادة لروح الدولة الوطنية التي كادت أن تُختطف، ومنذ ذلك اليوم، دخلت مصر مرحلة جديدة من البناء والتنمية، شملت إطلاق مشروعات قومية كبرى في مختلف القطاعات، من البنية التحتية والطاقة، إلى الإسكان والصحة والتعليم، في محاولة جادة لتعويض ما فاتها والانطلاق نحو المستقبل بثبات.
وذكر الخبراء أن ثورة 30 يونيو لم تكن مجرد حراك شعبي، بل كانت بداية عهد جديد تتسم فيه الدولة المصرية بالقوة والاستقرار، فقد استعادت مصر دورها الإقليمي والدولي، وعززت كافة مؤسساتها، وباتت تجربة التحول بعد الثورة نموذجًا يُدرّس في كيفية إعادة بناء الدول بعد الفوضى، بالإرادة الشعبية والرؤية الاستراتيجية.
وفي هذا الإطار، تقول الدكتورة نيفين وهدان أستاذة العلوم السياسية إن الملايين من أبناء الشعب المصري خرجوا في الثلاثين من يونيو عام 2013 دفاعًا عن هوية الدولة، واستعادة لوطن كاد يُختطف من جماعة لم تؤمن يومًا بمفهوم الوطن، ولا بفكرة الدولة الحديثة، حيث كانت ثورة 30 يونيو لحظة فاصلة أعادت ضبط المعادلة الوطنية، وفتحت الطريق نحو مشروع مصري خالص، يقوم على استعادة الدولة، وتحصينها، وبناء مستقبلها بسواعد المصريين.
وأضافت أن المصريين نجحوا بدعم مؤسساتهم الوطنية في إيقاف مسار كارثي كان يُهدد وحدة البلاد واستقرارها، إذ لم تكن المعركة ضد حكم فاشل فحسب، بل كانت معركة وجود ضد مشروع ظلامي سعى لاختطاف الدولة وتفكيك مؤسساتها، وفرض واقع غريب عن طبيعة الشخصية المصرية ومسارها التاريخي.
وذكرت أنه حين تولد الرئيس عبد الفتاح السيسي مسؤولية البلاد لم يكن أمامه سوى طريق واحد وهو إعادة بناء الدولة من جذورها، وقد جاء ذلك من خلال إطلاق مشروع وطني شامل، أعاد رسم خارطة الجمهورية الجديدة، سياسيًا، اقتصاديًا، اجتماعيًا، وتنمويًا.
وأبرزت أن الجمهورية الجديدة لم تكن شعارًا إنشائيًا، بل رؤية عميقة متكاملة تنطلق من مفهوم الدولة الوطنية المدنية، التي تُعيد الاعتبار لمفهوم المواطنة والعدالة، وتعتمد على بنية قوية وحديثة، وقدرات بشرية مدربة، وإرادة سياسية واعية.
ولفتت إلى أن الجمهورية الجديدة نجحت في إطلاق مشروعات عملاقة، من العاصمة الإدارية، إلى البنية التحتية، وحياة كريمة التي تمثل تحوّلًا نوعيًا في فلسفة العدالة الاجتماعية، كما أعادت الدولة بناء مؤسساتها على أسس من الكفاءة والحوكمة والشفافية، مع فتح المجال أمام تمكين المرأة والشباب، وتمثيلهم الفعّال في الإدارة والبرلمان والمجتمع.
ونوهت بأنه على الصعيد الخارجي، أثبت الرئيس السيسي أنه ليس فقط قائدًا لبناء الداخل، بل زعيم الهندسة الدبلوماسية، حيث أدار ملفات مصر الإقليمية والدولية بحكمة ودقة، واستطاع أن يُعيد لمصر مكانتها المركزية، من دون أن تقع في فخ الاستقطاب، أو تفقد استقلال قرارها، فكانت القاهرة حاضرة في كل قضايا المنطقة تسعى إلى التهدئة ودعم خيارات الشعوب في تقرير مصيرها، ووصفت ما تحقق خلال 12 عامًا بأنه تحوّل حضاري شامل، أعاد تعريف دور الدولة في حياة المواطن، ودوره في مستقبل بلاده.
من جانبه، قال الدكتور محمد الطماوي الخبير في العلاقات الدولية إنه في الثلاثين من يونيو عام 2013، خرج ملايين المصريين إلى الشوارع لا يطلبون تغييرا شكليا، بل استعادة وطن، فقد كانت مصر أمام لحظة فارقة، إما أن تترك الدولة تختطف لصالح مشروع طائفي يطمس هويتها التاريخية، أو أن تعود إلى شعبها، دولة وطنية مدنية قادرة على احتواء جميع أبنائها، وكان الخيار الشعبي واضحا، لتبدأ مسيرة تصحيح المسار وترميم ما أفسدته الفوضى.
وأضاف الطماوي أنه منذ ذلك اليوم، دخلت مصر مرحلة جديدة من البناء والاستقرار بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، تجسدت عمليا في مشروع الجمهورية الجديدة الذي لا يقوم على الشعارات، بل على مشروعات ومؤشرات وأرقام راسخة تؤكد أن الدولة لم تكتف باستعادة مؤسساتها، بل أعادت تشكيل نفسها اقتصاديا وتنمويا وعمرانيا.
وتابع أنه في عام 2013، كان الناتج المحلي الإجمالي لمصر لا يتجاوز 288 مليار دولار، ويعاني من تباطؤ شديد ونقص في النقد الأجنبي وارتفاع في معدلات التضخم والبطالة، أما في عام 2023، ارتفع الناتج المحلي إلى 396 مليار دولار، بزيادة تقارب 37%، رغم تعرض الاقتصاد لصدمات عالمية كبرى، أبرزها جائحة كورونا، والحرب الروسية الأوكرانية، وأزمة سلاسل الإمداد العالمية.
واستطرد قائلا: "أما الاحتياطي النقدي الأجنبي، الذي كان قد انخفض إلى أقل من 15 مليار دولار في منتصف 2013، شهد تعافيًا ملحوظًا، حيث تجاوز 48 مليار دولار في 2025، بحسب البنك المركزي المصري، مما منح الاقتصاد قدرًا من المرونة في مواجهة التحديات الخارجية".
ولفت إلى أنه من أبرز تجليات الجمهورية الجديدة كانت في المشروعات القومية الكبرى، التي أعادت توزيع التنمية ودمج المحافظات في جسد الدولة، فقد تم إنشاء أكثر من 40 مدينة جديدة، على رأسها العاصمة الإدارية الجديدة، التي تقام على مساحة 700 كم²، وتستوعب أكثر من 6.5 مليون نسمة، وتضم مقر الحكومة والبرلمان والحي الدبلوماسي، إلى جانب النهر الأخضر، الذي يعد أكبر حديقة مركزية في الشرق الأوسط.
وأشار الطماوي إلى أن الدولة لم تغفل أيضا البعد الاجتماعي في معادلة التنمية، حيث توسعت برامج الحماية الاجتماعية، وبلغ عدد المستفيدين من برنامجي "تكافل وكرامة" أكثر من 5.2 مليون أسرة بحلول عام 2024، مقارنة بـ 1.7 مليون أسرة فقط عام 2015، كما تمت مضاعفة مخصصات الدعم النقدي والغذائي، ضمن رؤية شاملة للعدالة الاجتماعية وتخفيف آثار الإصلاحات الاقتصادية.
وذكر أن الدولة المصرية استعادت مكانتها على الساحة الدولية، من خلال دبلوماسية فاعلة، واستضافة فعاليات دولية كبرى، مثل منتدى شباب العالم ومؤتمر المناخ COP27 في شرم الشيخ، كما وقعت مصر اتفاقيات استراتيجية لتحويلها إلى مركز إقليمي للطاقة، أبرزها مشروع الربط الكهربائي مع أوروبا عبر البحر المتوسط، بتكلفة تفوق 4 مليارات يورو.
وخلص الطماوي إلى أن ثورة 30 يونيو لم تكن نهاية فصل بقدر ما كانت بداية جديدة، لاستعادة الدولة، ثم إعادة بنائها، ثم انطلاقها بثقة نحو المستقبل، وبينما نحتفل بمرور 12 عامًا على تلك اللحظة المفصلية، فإن الواجب الوطني يحتم علينا مواصلة التماسك والوعي، والحفاظ على ما تحقق، لأن التحديات لا تزال قائمة، والطموحات أكبر من أن تتوقف عند ما أُنجز، الجمهورية الجديدة ليست مشروع سلطة، بل عقد وطني جديد بين الدولة والمواطن، قوامه التنمية، والعدالة، والسيادة، والكرامة.
من ناحيته، قال الدكتور عمرو حسين الباحث في العلاقات الدولية، إن ثورة الثلاثين من يونيو المجيدة، أعادت كتابة التاريخ المصري الحديث، وعبّرت عن وعي شعب لا يقبل الخضوع ولا يسمح باختطاف إرادته أو العبث بهويته.
وأضاف حسين أن ثورة 30 يونيو كانت صيحة شعبية مدوية ضد مشروع اختطاف الدولة المصرية لحساب جماعة لم تؤمن يومًا بالدولة الوطنية، ولا بمفهوم المواطنة، ولا بالقيم الحضارية التي تشكل وجدان هذا الشعب العظيم، حيث خرج الملايين في مشهد غير مسبوق، حاملين العلم المصري، وهاتفين بإرادة حرة من أجل إنقاذ الوطن واستعادته من براثن الفوضى والانقسام.
وشدّد على أن ما تحقق بعد 30 يونيو من إنجازات في شتى المجالات هو ثمرة هذا القرار التاريخي الذي اتخذه الشعب المصري بوعيه، وحمته قواته المسلحة برجالها المخلصين.
وأبرز أن 30 يونيو ليست مجرد ذكرى، بل هي رمز لإرادة شعب لا يُهزم، ورسالة للعالم بأن مصر قادرة دائمًا على النهوض، وتجاوز التحديات، والدفاع عن كيانها الوطني وهويتها الحضارية.
واختتم الدكتور عمرو حسين تصريحه بالتأكيد على أن ثورة 30 يونيو كانت بمثابة معجزة سياسية وشعبية أنقذت مصر من مصير مجهول، وكتبت شهادة ميلاد جديدة لوطن يستحق الحياة، فبفضل هذه الثورة، عادت الدولة لتقف شامخة، وتحقق ما لم يكن يتخيله أحد في سنوات معدودة، حيث تم إنجاز مشروعات عملاقة غيرت وجه مصر، وجعلت العالم يقف احترامًا لتجربة بلد قرر أن يحيا بعزة وكرامة رغم التحديات.
اقرأ أيضاًثورة 30 يونيو.. 12 عامًا على الانطــلاق «قضية اقتحام السجون»
ثورة 30 يونيو.. 12 عامًا على الانطــلاق «مواجهـة مع مرسي»
في ذكرى ثورة 30 يونيو العظيمة.. «مصطفى بكري»: مصر عادت للمصريين وسنمضي للأمام