شمعة اضاءت بغنائها قلوب الحزانى وقلوب العاشقين.. شمعة لا يهُزها رعد ولا تطفئها الريح.. أسطورة عاصرت مدرستين للرحابنة مدرسة الآباء ومدرسة الابناء.. انها فيروز التي تعتبر الضلعَ الثالث المكمل لمثلث الاخوين عاصي ومنصور الرحباني .. الضلع المكمل للفن الرحباني الاصيل ..
هذا المثلث الذي كان بمثابة شعاع الشمس المشرقة التي إحتاجها لبنان في أيامه العاصفة.
بهذا المشوار الفني الرائع ما زالت فيروز الجوهرةَ الماسيةَ في عُقدٍ الماسّي لمدرسة الرحابنة التي لم تبخل يوما على إمتاع الأذن والنفس البشرية بالكلمات والموسيقى والألحان الرحبانية.. حيث ساهمت الحانُ الأخوين عاصي ومنصور الرحباني في نقل الأغنية العربية من حال الى حال .
وقد تعلمت فيروز أصول الغناء على يد الاخوين الرحباني العظماء .. وهي تعشق الزهور كثيرا جدا.. وعلى الرغم من الأشواك التي تعانق الزهور إلا ان فيروز كانت وما زالت حتى اليوم .. تعرف جيدا كيف تقطف الزهور من دون ان تمسها شوكة..
وقد اُطلق عليها لقب “فيروز” لانها كانت ترتدي الون الازرق الفيروزي وتعشقه كثيرا.. وعلى الرغم من الحياة الفقيرة التي عاشتها في طفولتها إلا انها لم تكترث للأضواء ولم تركض وراء الشهرة وحُب الظهور عبر وسائل الإعلام بل كان هدفها وهدف الفن الرحباني في طريق الفن هو إدخالُ الفرح والحب في النفوس والقلوب.. وزرعُ الانتماء للوطن ومحاربةُ الطائفية وهذا ما تعلمته منذ مشوارها الفني مع الرحابنة العظماء..
فيروز هذه الأسطورة العظيمة اضاءت بغنائها سماء بيروت والشام وبغداد والقدس وعمان ولم تذكر في اغانيها الوطنية الرؤساء والملوك الكبار ما جعلها على وتر واحد مع معظم التيارات السياسية.. بل غنت للحب وللطفولة للقمر وللاوطان لانها تؤمن ان تراب الاوطان لا تزول.
فعندما ينبثق الفنُ الرحباني ممزوجا بالوفاء والإخلاص من الأعماق يتدفق بسخاء الى الخارج فيلمسه الاخرون بقلوبهم واحاسيسهم..
هذه الاسطورة فيروز غنت لبيروت وقبّلت بحرها وبيوَتها.. وللشام واهلِها وبردى ونسائِمها.. غنت لعيون بغداد ولياليها.. غنت للقدس مدينةُ الصلاة لكنائسها ومساجدها لأسوارها وشوارعها العتيقة.. غنت لطفل المغارة ..غنت لأجل من تشردوا.. ولأجل اطفال بلا منازل.. غنت لأجل السلام..
غنت لعمان (عمانُ في القلب) وقد سكنت عيناها فيها.. غنت (اردنُ اهل العزم) حيث تأتي هذه الاغنية في السياق العام للرحابنة في تعاملهم مع الهاجس الوطني للأردن ولمدينة عمان. فالأردن له مكانةٌ خاصة في قلب فيروز.
يعجبني فيك يا فيروز انك لم تتغيري فقد كنت وما زلت تقفين قوية على صخرة الفن لا على رماله بإحتشامك وهيبتك وحضورك بشخصيتك العظيمة التي تجمع ما بين تواضعك وكبريائك في آن واحد .. بغنائك واخلاقك.. وهذا مستمد من أصول الرحبابنة العظماء بفنهم وأدبهم وفلسفتهم وثقافتهم الواسعة ونظرتهم العميقة للحياة
وكون ان الجينات المتوارثة تلعب دورا هاما في التأثير على شخصية الفرد.. فمدرسة الرحابنة العظيمة .. علمتني أنا ايضاً كرحبانية الكثير الكثير علمتني معنى الكرامة ومعنى الانتماء الصادق للوطن الذي أعيش فيه وأن وطني كرامتي وهويتي وإنسانيتي..
هذه المدرسة العظيمة علمتني التواضع بخاصة والدي الذي علمني بأن “كل من تواضع رفعه الله”.. علمتني هذه المدرسة العظيمة مدرسة الرحابنة..ان أبقى في مدرسة الحياة كتلميذة.. وأن الفنان والإعلامي والكاتب لكي يكون قويا في موقعه لابد ان تلفحه زوابعُ المعرفة ورياحُ الفلسفة.
يعجبني فيك يا فيروز بأنني أتشابه معك في شيئين اثنين الأول: انني مثلك أعشق اللون الفيروزي واتفاءل به جدا..
والشىء الثاني انك تمتلكين صفة التواضع والكبرياء في آن واحد.. كبرياؤك بعزة النفس والكرامة.. وتواضعك في كلمتك التي قلتي فيها: “انا اقف في الحياة كتلميذة لأتعلم من سائر الاشياء”.
ستظلين يا فيروز اسطورة الماضي والحاضر والمستقبل.. اسطورة لن يكررها الزمان.
د. عبير الرحباني – وكالة عمون الإخبارية
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
اليمن يدمِّر أسطورة الدفاعات الأمريكية والصهيونية
في ضربة غير مسبوقة، زلزلت الأرض تحت أقدام الاحتلال الصهيوني، وجّهت القوات المسلحة اليمنية صاروخًا باليستيًّا فرط صوتيًّا دمر أسطورة الدفاعات الصهيونية. استهدف الصاروخ بدقة مطار بن غوريون في يافا المحتلة، ليُصاب الهدف مباشرة ويتسبب في شلل كامل لحركة المطار وهروب ملايين المستوطنين إلى الملاجئ. هذه الضربة القوية كشفت عن زيف ما يُسمى بـ”الدرع الصهيوني” وجميع المنظومات الدفاعية التي يفاخر بها الاحتلال، بدءًا من القبة الحديدية وصولًا إلى السهم، حيث فشلت جميعها في رصد أو اعتراض الصاروخ. الفشل لم يُصِب المنظومات الدفاعية فقط، بل أظهر عجز الصناعات العسكرية الأمريكية والصهيونية أمام إرادة المقاومة التي أثبتت أنها قادرة على تحويل موازين القوى وتفكيك أسطورة التفوق الجوي الأمريكي والصهيوني.
لكن الأثر الأكبر لهذه الضربة لم يقتصر على المطار وحده، بل كشف بوضوح زيف ما يُسمى بـ”الدرع الصهيوني”. جميع المنظومات الدفاعية التي يفاخر بها الاحتلال، مثل القبة الحديدية، ومقلاع داوود، ومنظومة السهم، فشلت في رصد الصاروخ أو اعتراضه. والأخطر من ذلك أن هذه المنظومات هي ثمرة للصناعات العسكرية الأمريكية، مما يجعل الفشل مزدوجاً: سقطت هيبة التكنولوجيا الصهيونية، وانكشفت عجز الصناعات الحربية الأمريكية التي لطالما كانت تُروّج بأنها لا تقهر.
لقد أثبتت هذه الضربة اليمنية أن المنظومات الدفاعية الأمريكية ليست سوى وهم مُجمل، وأنها تنهار بمجرد مواجهتها لعقول المقاومة وسلاحها الفاعل. ما جرى في مطار بن غوريون ليس مجرد ضربة صاروخية، بل هو إعلان واضح عن نهاية هيمنة التفوق الجوي الصهيوني – الأمريكي، وبداية مرحلة جديدة من الردع العربي الفاعل.
جاءت العملية العسكرية اليمنية رداً حاسماً على المجازر الوحشية التي يرتكبها العدو الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني في غزة. هي رسالة قاطعة بأن اليمن، بكل ما يمتلكه من إرادة وصواريخ متطورة، حاضر بقوة في معادلة الصراع، لا من موقع التضامن العاطفي، بل من موقع الشراكة العسكرية في الرد والنصرة.
وفي ضربة سابقة، نفذ سلاح الجو المسير اليمني هجومًا ناجحًا على هدف استراتيجي في مدينة عسقلان المحتلة باستخدام طائرة مسيرة من طراز “يافا”، مما يعزز معادلة واضحة: لا أمان لمطارات العدو ولا لمنشآته الاستراتيجية.
كما وجهت القوات المسلحة اليمنية تحذيراً مباشراً لشركات الطيران العالمية من الاستمرار في تسيير الرحلات إلى مطار بن غوريون، مؤكدة أن المطار لم يعد آمناً للطيران، وأن الأجواء الصهيونية أصبحت مكشوفة أمام صواريخ المقاومة وطائراتها.
هذه الضربات لم تؤثر في الاحتلال فحسب، بل طالت منظومة الهيبة الغربية برمتها. كشفت أن الصناعات العسكرية الأمريكية عاجزة أمام إرادة الشعوب، وأن المقاومة لا تحتاج إلى مصانع ضخمة بقدر ما تحتاج إلى قرار شجاع وانتماء صادق.
من أرض اليمن، تُكتب اليوم معادلات الردع بلغة النار والسيادة، وتُرسَم خرائط جديدة للصراع. معادلة مفادها: من لا يُسقط طائرات العدو فليتنحَّ، ومن لا يدافع عن غزة فلتخرس صواريخه.