سيدي مرزوق غازي الحسني .. نصير الحزانى والثكالى بمدينة طنطا
تاريخ النشر: 4th, December 2024 GMT
تحفة وأثر معماري لا يمكن للمار عليه أن يتجاوزه دون أن يتأمل تفاصيل الزخرفة والعمارة الإسلامية في جدران المسجد ومئذنته والنقوش التي تحمل تاريخ البناء والتدشين ،بضع خطوات مع تعرجات بسيطة داخل الشارع المجاور لمقام سيدي أحمد البدوي، وتحديدا اجتيازا ل"دحديرة صبري " لتصل إلى المسجد ومقام الولي الذي ينتهي نسبه إلى حفيد رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن رضي الله عنه، لتتذكر وريقات التاريخ التي حملت وداعة ونبل الحفيد التقي الشهيد بالغدر وخسة الحكم السياسي ،الإمام الحسن وتجليات النبل الإنساني في مدرسة بيت النبوة المحمدية ،وسلوكه الذي تجسد في ارضاء الله وتقربه في الصلح بين المتخاصمين .
ولعل ما استوقفني لنقل المشهد لك عزيزي القاريء هو تاريخ بناء هذا المسجد مع قدوم هذا الولي وقصة سفره من القاهرة واقامته بمدينة طنطا ،فالتاريخ محفور على واجهة البناء مكتوب أنه بني في عام 132 هجرية وهو ما يعني أنه من أقدم المساجد داخل مدينة طنطا وأن بنائه تم في عصر الدولة الأموية ، وهو التساؤل الأول لما سافر الولي تاركا أسباط رسول الله في القاهرة العامرة وانتقل لمدينة طنطا ؟ بيد أن للمتصوفة واصحاب الطريق فلسفة وإشارات يعصى علينا فهمها بعض الوقت ،لكن قد يكون لكل ولي بحسب -فلسفة التصوف – وظيفة يؤديها ومنطقة يقوم بالدعوة والهداية فيها ،غير أن هذه الهداية تكون في المقام الأول هداية روحية الهدف منها بتعبير الإمام الغزالي تهذيب النفس وترويضها فالقاعدة الأولى في التصوف الحقيقي هي التربية ،ويقصد بها تربية الشيخ لمريديه وتهذيب أنفسهم من الشوائب.
انت هنا في منطقة لا تندهش من اسمها ،شوارع استجمع عقلك للتعرف على اسمها الغير مدون في أوراق ثوبتية الحكومة ،انت هنا "في حارة الرمش " بكسر الراء نعم ،ويقصد بها رموش العين ،هذا هو مسمى الحارة التي تقع أمام بوابة مسجد الولي حفيد الإمام الحسن ،وربما تسألني عزيزي عن سبب التسمية وأصلها داخل الوعي الزمني لأهلها ، نقبت وفتشت محاولا الفهم والمعرفة ،دلتني سيدة عجوز على ضالتي ،سألتها بجمود الصحفي المحاول البحث عن سبب التسمية :"لماذا سميت الحراة بحارة الرمش "؟،وأجابتني هي بابتسامة الشاهدة على تقلب الأيام والدهور والأحوال ورحيل ابن ادم ،قالت السيدة :"منطقتنا كانت مسار استقدام كل رجال المناطق المجاورة لا يأتون للفاحشة والعياذ بالله لكن كانوا يأتون ليشاهدوا جمال نسوة الحارة ،فنسوة الحارة هنا فاتنات وساحرات الأعين ،وقالوا قديما أن رموشهم كانت كنصال سهام تخترق قلوب الرجال التي يرونها ،كان هذا في الزمن القديم لذا عرفت الحارة باسم حارة الرمش " .أتى ولي الله هنا إلى حارة الرمش .
المنطقة الآن يتوسطها المسجد الأثري الذي يتدثر فيه ولي الله ،تنتشر حوانيت مغلقة وبقايا بضائع الخردة ، ومنازل بعضها مرتفع مع تعرجات جانبية أشبه بشقوق ثعبان عتيد حفرها في الزمن والأمكنة فشق البنايات ووجد سبلا لخروج أهلها وانتقالهم من تعرج لتعرج ،لا أنصحك بالقدوم إلا وتعلم ما تخطه قدمك على الأرض ،تعرج بسيط يقودك إلى مكان وحارة أخرى فتتوه في زمن مغلق هنا ...وهنا أيضا نصير الحياري والحزانى سيدي مرزوق غازي .
محدثتي هذه المرة هي الحاجة أم علي صفية "صاحبة العين الواحدة " الشاهدة بعينها وعمرها الزمن الذي يفوق ثمانين عاما، وراقة المنطقة والمؤرخة لأحداث شارع الرمش ،تخبرني عن كرامات الولي الصالح الذي يحفظ بسره مع الله منطقته ومحيطه الزمني ،تقص على حكايات النسوة في شارع الرمش "إحداهن " ولا أريد أن اقول لك يا ولدي اسمها فلها من العيال الكثير الذين انجبوا أولادا ثم صاروا لها أحفادا ،وهذه أسرار العباد يا ابني ، تكمل الحاجة أم علي صفية بعد أن تخرج ورقة ملفوفة من صدرها بها مادة بنية عرفت فيما بعد أنها "النشوق " تستنشق النشوق عبر فتحتي أنفحها فكأنما تسافر للخلف عبر بوابتها الزمانية الخاصة" هذه السيدة كانت لها رموش سبحان من أبدع في صياغتها ياولي ،وكانت لمشيتها تبختر تجعل الرجال يقفون لمشاهدة المشية والطلة ،لكن الزمن قلاب وسبحان مغير الأحوال ،تبدل الزمن بصاحبتنا وكبر عمرها فهجرها زوجها الذي كان يعمل "مغنواتي " ولما برزت عيون حاقدات النسوة بالشماتة في الجسد الذي أكل منه المرض وأسقط الرموش بسحرها ،توجهت للمسجد تقوم بتنظيفه وكنسه ،أدت يا ولدي الفروش ولم تكن تبرح المسجد ،وفي ويم الجمعة كانت تصاحب السيدات أصحاب الهموم لضريح سيدي مرزوق يدعون الله هناك ويقومون بتنظيف الضريح خدمة لله عبر خدمة بيت من بيوته ،فكانت النسوة يأتين في الجمعة التي بعدها فرحين بما نصرهم الله ،أغلبهن أتى بسبب ظلم الحما أو تجبر أحدى الشقيقات أو أكل ميراث إحداهن ،فكانت تطلب منهم اللبن والجبن القريش ليعطوها لفقراء المنطقة ...ومن هنا كان سيدي مرزوق ملاذا للمنكسرة قلوبهم ،عبد من عباد الله اختصه بقضاء الحوائج بإذنه ومشيئته.
سيدي مرزوق
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: سيدي أحمد البدوي العمارة الإسلامية أقدم المساجد
إقرأ أيضاً:
ضيوف برنامج خادم الحرمين الشريفين من حجاج دولة فلسطين: الاستضافة أعظم الأعمال وأجلها التي تقدمها المملكة للشعب الفلسطيني
البلاد- مكة المكرمة
أكد عدد من ضيوف برنامج خادم الحرمين الشريفين للحج من ذوي الشهداء والمصابين من قطاع غزة بدولة فلسطين، أن استضافة المملكة لهم لأداء مناسك الحج تعد من أعظم الأعمال وأجلها، لإخوانهم من الشعب الفلسطيني الشقيق.
وقالت الحاجة الفلسطينية كفا عبدالله: “إن هذه الاستضافة بلسم لأرواحنا وضماد لجروحنا وحلم تحقق بفضل الله”، بعد استشهاد ابنها وحفيدها، مقدمةً شكرها للقيادة الرشيدة -أيدها الله- لتسهيل أداء مناسك الحج بكل يسر واطمئنان.
من جانبها، أشادت الحاجة أم محمد، بحفاوة الاستقبال وكرم الضيافة التي قدمت لهم من وصولهم إلى بلاد الحرمين لأداء مناسك الشعيرة العظيمة، مبينةً أن المملكة لها دور بارز في تخفيف آلامهم، معربةً عن شكرها لخادم الحرمين الشريفين ولسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله- لتيسير وتوفير جميع الخدمات لهم.
فيما عبرت الحاجة أم عبدالله عن سعادتها لقدومها لحج هذا العام، مشيدةً بالخدمات النوعية التي قدمت لها منذ أن وطأت أقدامهم المملكة ووصولًا لمقر الاستضافة بمكة المكرمة, وأن هذه الاستضافة تجسد حرص قيادة المملكة على تقديم أرقى الخدمات لضيوف الرحمن، وتسخير جميع الإمكانات في سبيل راحة حجاج بيت الله الحرام.
يذكر أن وزارة الشؤون الإسلامية تنفذ وتشرف على برنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين للحج والعمرة والزيارة, والبالغ عددهم (2443) حاجًا وحاجة من (100) دولة حول العالم.