جرائم الاحتلال الإسرائيلي تجبر الفلسطينيين على الانتقال إلى العصور الوسطى.. غزة تتمسك بالرمق الأخير
تاريخ النشر: 5th, December 2024 GMT
مع بزوغ فجر يوم جديد، يقف طبيب داخل خيمة صغيرة بعناية، كأنه فى غرفة عملياته التى اعتاد عليها لسنوات، وفى جانب آخر، ربما قريب منه جغرافياً، تحمل «مُعلمة» أدواتها المدرسية، ذاهبة فى طريقها إلى فصلها الدراسى، الذى صممته على أنقاض الحرب، من أجل تلاميذها الصغار، محاولة رسم البسمة على وجوههم الحزينة.
هناك صغيرة ضمن طلاب المعلمة الشابة، تنتظر والدتها بفارغ الصبر، إذ تعد لها الإفطار على موقد حطب تسميه «بوتاجاز»، بينما يحيك لها والدها حذاءها البالى، حتى تلحق طابور الصباح وحصتها الدراسية فى مدارس الإيواء، وفى الوقت الذى يقف كل شخص فى مكانه، يحاول شاب أصم رسم كل ما تخزنه ذاكرته حول الحرب، بريشة لم يتبق منها سوى سن أو اثنين على وجه التحديد، وبينما يعلق الشاب أعماله الفنية، يتجول أمامه شقيقان توأم بين الخيام، لرسم الفرحة على وجوه مهمومة من الحرب والقصف وشبح الموت، يرددان أغنية شهيرة تتحدى الحياة الأليمة المفروضة على أهل غزة منذ أكثر من عام.
وعلى مسافة قصيرة من الجميع، يعلو مقطع «لم نخلق عبثاً حاشانا، بل لنعمرها دنيانا»، وفى الخلفية يجتمع العشرات حول شاب يتجول بسيارته، من أجل شحن هواتفهم بالبطاريات والطاقة الشمسية، ليصبح كل شخص أمام مهمة يؤديها وفق إمكانياته، حتى يستمر حلم «الحياة العادية»، وتمهيداً لطريق الأمل أمام جيل جديد، يستكمل ويعمر دنياه بكل السبل المتاحة.
ومن فوق طائرة، يشير مشهد خيام النازحين داخل غزة لاستحالة الحياة، كيف يعيش فى هذا الخندق الضيق مليون ونصف المليون شخص دون ماء صالح أو كهرباء أو حتى منازل؟.. كيف يعيشون دون أكل وعلى ضجيج انفجارات لا تهدأ، وجرائم مروعة لا تتوقف؟ لكن من رحم هذه المعاناة تولد الحياة دائماً.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: غزة الاحتلال الأوضاع الإنسانية
إقرأ أيضاً:
من الجزيرة إلى كرب التوم هل دخل الجنجويد مدينة أو قرية واستمرت فيها الحياة طبيعية؟
من الجزيرة إلى كرب التوم
هل دخل الجنجويد مدينة أو قرية واستمرت فيها الحياة طبيعية؟
أبوعاقلة محمد أماسا
* بعض الناشطين السياسيين مازالوا ينظرون إلى الحرب الدائرة في السودان على أنها حرب بين طرفين.. وبحسب (قولبتهم) فإن الطرف الأول هو الإسلاميون.. والطرف الثاني هو الدعم السريع.. هكذا وكأنها إحدى حركات التحرير الوطنية، مثلها واللواء الأبيض.. وذهبوا أبعد من ذلك بتصنيف من يساندون القوات المسلحة برغم عددهم الساحق على أساس أنهم كيزان!
* أحب أذكر هؤلاء أن الدعم السريع لم يدخل مدينة أو قرية وترك فيها أثراً للحياة.. من الخرطوم التي تركوها أطلالاً متعفنة بالجثث، وحتى (كرب التوم) القرية التي تقع في عمق الصحراء بالقرب من المثلث وقد لا يكون فيها من يهتم بشؤون الحكم ولا الأحزاب وقد دخلوها وقبل أن تصلنا منها الأخبار ونراهن أنهم قد عاثوا فيها فساداً وانتزعوا اللقمة من أفواه الأطفال والجياع!
* وقبلها لم يدخلوا قرية أو مدينة في الجزيرة وسنار وغيرهما وخرجوا منها والأسواق في مكانها تضج بالحياة ومصالح الناس، والأذان يرفع من منارات المساجد، والنساء والأطفال والمسنين آمنون في بيوتهم، ولم يكتفوا بالقتال الشريف مع الجيش بل استهدفوا المواطنين في حياتهم العامة والخاصة وفعلوا معهم كل ما يستدعي الكراهية من سلوك لا يقبله لا الدين ولا الأخلاق ولا الإنسانية، وفي حربهم مع الجيش على أساس أنه جيش كيزان طاردوا حتى من تقاعدوا عن الخدمة منذ أكثر من عقد كامل من الزمان.. لا ليس معاشيي الجيش فقط بل استهدفوا واعتقلوا وقتلوا وعذبوا رجال البوليس العاديين فضلاً عن مؤسسات الدولة ومنشآت المصالح المدنية العامة من مدارس ومستشفيات وجففوها تماماً!
* مايزال هؤلاء السياسيون يقيّمون هذه الأحداث بنصف عقل من زاوية كراهيتهم للكيزان، وقادة مجتمعات الحواضن يتحدثون عن (قضية).. ولا أعرف عن أي قضية يتحدثون وقد انكشف كل شيء وشاهد الناس بأعينهم ما كان ينقل لهم من أحداث دارفور على استحياء، فهم يتحدثون عن متفرعات في (قضيتهم) حتى بعد أن عرفوا أن أبناءهم قد أوصلوا رسالة أخرى مختلفة إلى إنسان الوسط والمناطق التي دخلوها وأقاموا فيها.. فقد أوصلوا رسالة فحوها (أننا قوم نكره الناس، ونعشق القتل والاستعباد والسرقة والنهب والإغتصاب).. هذه هي الرسالة التي وصلت وليس غيرها!
* فليعلم نظار القبائل من لدن مادبو وبرمة وأحفاد دبكة وغيرهم أنهم باعوا أنفسهم وقبائلهم رخيصة لمجموعات من الجهلة الذين غرتهم أموال السحت بقيادة حميدتي وشقيقه، وبدلاً أن يجيشوا أبناءهم في سبيل نشر الفضيلة ويتخيروا منهم من يعكس الوجه الحسن ابتعثوا إلينا من صعاليكهم ممن يكشفوا عورات تلك القبيلة.. فالناس يحرصون على انتقاء السفراء لعكس (الوجه الحسن) وكل ما هو مشرف.. لا لأن يقابلوا العالم بنزع السراويل وعرض الدبر.. وقد فعل أبناؤكم هذا وبات منظرهم أمام كل الدنيا مخيباً.. للدين والعقيدة والأخلاق والفضائل.. هذه حقيقة يجب أن يعلمها كل من احتضن فكرة الدعم السريع ودعمها وارتبط بها!
* هذه الحرب التي دمرت قدرات الوطن الكبير تداخلت فيها أسباب وتفاصيل جعلت التمييز فيها أمراً يحتاج لبعض من التركيز والحصافة وسلامة النفس من الأغراض.. فقد دمروا حياة المواطنين لأن قيادته تلوح بشعارات سخيفة بينما الجنود وبعض القيادات الوسيطة والكبيرة يستبيحون الحرمات جهاراً ونهاراً… لذلك فإن هذه الحرب سيواصل فيها أصحاب الغبائن ممن نهبت أموالهم وانتهكت أعراضهم وأزهقت أرواح أهاليهم وظلموا وشردوا من بيوتهم وما يزالون، وقد جاء في القرآن من النصوص الواضحة (أُذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير).. صدق الله العظيم.
* لقد ذهبت الحرب بمسبباتها وأهدافها إلى أبعد وأوسع من نطاق الكيزان والقحاتة وبقية المكونات السياسية التي لا تتعدى 5% من جملة الشعب، وإذا أردنا إيقافها فعلينا إحقاق الحق ومعالجة كثير من دمامل النفس والاعتراف بأن الشعب السوداني ليس الكيزان وقحت وتقدم فقط.. بل هنالك أغلبية ساحقة هي من تضررت الآن وهي من ساندت ودعمت القوات المسلحة لأنها تدافع عنها!
إنضم لقناة النيلين على واتساب