أطاحت فصائل المعارضة في سوريا بالرئيس بشار الأسد بعد هجوم خاطف شهد في أقل من أسبوعين انتزاع مدن كبرى من أيدي الحكومة، وصولا إلى دخولها العاصمة دمشق، الأحد.

وقال الباحث آرون لوند من مركز "سنتشري إنترناشيونال" للبحوث، لوكالة فرانس برس، هذا الأسبوع، إن "العامل الرئيسي" في نجاح المقاتلين هو "ضعف النظام وانخفاض المساعدة الدولية للأسد".



وأضاف أن "عمل قائد هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني على بناء مؤسسات وتركيز جزء كبير من الحركة المعارضة تحت قيادته، لعبا دورا كبيرا أيضا".

وبدأت الحرب الأهلية في سوريا بحملة قمع ضد احتجاجات مناهضة سلمية للحكومة في العام 2011. وعلى مدى السنوات الأربع الماضية، بقيت الجبهات جامدة إلى حد كبير حتى شنت هيئة تحرير الشام وفصائل متحالفة معها هجومها في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر.



فما هي أسباب هذا السقوط السريع لبشار الأسد؟

جيش منهك
على مدى أكثر من 13 سنة من النزاع، أُنهك الجيش السوري في حرب أودت بحياة أكثر من نصف مليون شخص ودمّرت اقتصاد البلاد والبنى التحتية والصناعة.

في السنوات الأولى للحرب، قال خبراء إن مزيجا من الخسائر البشرية والانشقاقات والتهرّب من الخدمة العسكرية، تسبّبت في خسارة الجيش حوالى نصف قوته البالغة 300 ألف جندي.

وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، لم يبدِ الجيش مقاومة تذكر في وجه المقاتلين خلال الأيام الماضية. وقال المرصد وخبراء عسكريون إن الجنود أخلوا مواقعهم بشكل متكرّر في كل أنحاء البلاد غالبا قبل وصول المعارك إليهم.

ويقول دافيد ريغوليه-روز من المعهد الفرنسي للشؤون الدولية والاستراتيجية، لوكالة فرانس برس، "منذ العام 2011، واجه الجيش السوري استنزافا في القوى البشرية والمعدّات والمعنويات".

ويضيف أن الجنود الذين يتقاضون رواتب منخفضة كانوا يقومون بعمليات نهب من أجل تعويض ذلك. كما تهرّب العديد من الشباب من التجنيد الإجباري.

وأمر الأسد الأربعاء بزيادة رواتب الجنود في الخدمة بنسبة 50%، لكن مع تدهور الاقتصاد السوري، بقيت رواتب الجنود عديمة القيمة.

ولم يصدر أي تعليق رسمي بعد عن الجيش منذ سقوط دمشق، وإعلان سقوط حكم الأسد.

حلفاء تخلوا عنه
واعتمد الأسد بشكل كبير على الدعم العسكري والسياسي والدبلوماسي من حليفَيه الرئيسيين، روسيا وإيران.

وتمكّن بمساعدتهما من استعادة معظم الأراضي التي خسرها بعد اندلاع النزاع عام 2011، كما أدى التدخل الروسي جوا في العام 2015 إلى تغيير مجرى الحرب لصالح الأسد.

لكن هجوم الفصائل الشهر الماضي أتى في وقت ما زالت فيه روسيا غارقة في حربها ضد أوكرانيا، كما أن ضرباتها الجوية فشلت هذه المرة في صدّ المقاتلين الذين اجتاحوا مساحات واسعة من الأراضي بما فيها مدن كبرى مثل حلب وحماة وحمص وفي نهاية المطاف دمشق.

أما إيران، فلطالما أرسلت مستشارين عسكريين للجيش السوري ودعمت الجماعات المسلحة الموالية للحكومة على الأرض.

لكن إيران والمجموعات المتحالفة معها، لا سيما حزب الله اللبناني، تعرّضت خلال السنة الماضية لضربات كبيرة من "إسرائيل" على خلفية الحرب في قطاع غزة ثم بين "إسرائيل" وحزب الله المدعوم من إيران في لبنان.

وقال المحلّل نِك هيراس من معهد "نيو لاينز إنستيتيوت" لوكالة فرانس برس قبل سيطرة الفصائل على دمشق: "في نهاية المطاف، ستعتمد قدرة حكومة الأسد على البقاء على مدى رؤية إيران وروسيا للأسد مفيدا لاستراتيجياتهما في المنطقة".

وأضاف: "إذا اعتبر أي من هذين الحليفين أو كلاهما أنهما قادران على تعزيز مصالحهما بدون الأسد، فإن أيامه في السلطة ستكون قد أصبحت معدودة".



حزب الله أضعف
يدعم حزب الله اللبناني دمشق ميدانيا منذ العام 2013 حين أرسل آلاف المقاتلين عبر الحدود لدعم الجيش.

لكنّ فصائل المعارضة السورية شنّت هجومها الشهر الماضي في اليوم نفسه الذي دخل فيه وقف إطلاق النار بين "إسرائيل" وحزب الله حيز التنفيذ، بعد أكثر من عام من التصعيد.

ونقل حزب الله العديد من مقاتليه من سوريا إلى جنوب لبنان لمواجهة "إسرائيل"، ما أضعف وجوده في البلد المجاور.

وقال مصدر مقرب من حزب الله لوكالة فرانس برس إن مئات المقاتلين في الحزب قضوا في الحرب مع "إسرائيل"، من دون تقديم حصيلة محددة.

كذلك، قضى العديد من قادة حزب الله خلال الحرب مع "إسرائيل" بضربات جوية ضخمة، من بينهم أمينه العام حسن نصرالله وخليفته المفترض هاشم صفي الدين.

وقال مصدر آخر مقرب من حزب الله، الأحد، إن الحزب كان يسحب قواته من ضواحي دمشق ومنطقة حمص القريبة من الحدود.

من طبيب عيون إلى زعيم للنظام
وُلد بشار الأسد في 11 أيلول/ سبتمبر 1965 في سوريا، وتخرج في كلية الطب من جامعة دمشق عام 1988 ليعمل طبيباً في الجيش السوري. وفي عام 1992، بدأ بتلقي تدريب متخصص في طب العيون بالعاصمة البريطانية لندن.

وبعد وفاة شقيقه الأكبر باسل الأسد، الذي كان من المتوقع أن يتولى رئاسة البلاد بعد والده، جراء حادث سير عام 1994، عاد بشار إلى سوريا، وبدأ يتلقى التدريب في أكاديمية عسكرية ليكون مستعدًا لحكم البلاد بعد وفاة والده.

وبعد وفاة حافظ الأسد في 10 حزيران/ يونيو 2000، تم تعديل القوانين التي كانت تقضي بضرورة أن يكون الرئيس السوري قد بلغ سن الأربعين، ليتم تخفيض هذا العمر إلى 34 عاماً.

وبهذه الطريقة، فاز بشار الأسد في الاستفتاء الخاص بالرئاسة بنسبة 97 في المئة من الأصوات، وأصبح رئيساً لسوريا. وفي نفس العام، تزوج من أسماء الأخرس التي تعرف عليها في لندن.

بعد وصوله إلى السلطة، شهدت سوريا ما عرف بـ"ربيع دمشق"، وهو مرحلة للانفتاح بمجالات الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية التعبير، لكنه انتهى في فبراير 2001، ليعود النظام إلى الابتعاد عن الإصلاحات السياسية تحت ذريعة مشاكل السياسة الخارجية.

وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2005، وقع العديد من المعارضين السوريين "إعلان دمشق" مطالبين بالديمقراطية والإصلاح، لكن البعض منهم سجن أو اضطر للهجرة.



اتهم المعارضة "بالإرهاب"
مع بداية "الربيع العربي" في 2011، اندلعت الاحتجاجات في درعا وتوسعت لتشمل باقي المدن السورية. ووصف النظام المحتجين بأنهم "إرهابيون" وأخذ في قمعهم بقوة مفرطة، مما أسفر عن اندلاع الحرب التي أودت بحياة مئات الآلاف من السوريين وشرّدت الملايين.

وعلى الرغم من الدعوات الدولية للإنصات إلى مطالب الشعب السوري، رفض بشار الأسد التفاعل مع المعارضين وواصل تصنيفهم كـ"خونة" و"إرهابيين".

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عندما كان رئيسا للوزراء، قال عام 2011: "نحن لا ننظر إلى قضية سوريا كقضية خارجية أو مشكلة خارجية. القضية السورية هي قضية داخلية لنا".

وشدد أردوغان على مسؤوليات تركيا السياسية والأمنية والإنسانية في الحرب المندلعة بسوريا.

لكن في خطاب ألقاه في 2013، أكد الأسد أنه مستعد للحوار مع أولئك الذين لم "يخونوا سوريا"، رافضا أي محادثات مع من وصفهم بـ"دمى الغرب" و"الإرهابيين".

وقال الأسد حينها: "نحن نحاور السيد لا العبد"، وأكد أن أي محادثات مع المعارضة يجب أن تتم داخل البلاد فقط، مشيرا إلى رفضه التام لأي حوار مع المعارضة الخارجية.

وخلال سنوات الحرب، ارتكب النظام السوري العديد من الانتهاكات لحقوق الإنسان، بما في ذلك التعذيب والإعدام دون محاكمة، واستخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين، وهو ما أكدت عليه تقارير منظمات حقوق الإنسان الدولية.

وذكرت جماعات حقوق الإنسان الدولية أن التعذيب والقتل خارج نطاق القضاء أمر شائع في مراكز الاعتقال الحكومية في سوريا.

أسفرت الحرب المستمرة في سوريا عن مقتل نحو نصف مليون شخص، ونزوح نصف سكان البلاد البالغ عددهم 23 مليون نسمة، فضلا عن لجوء الملايين إلى الدول المجاورة مثل الأردن وتركيا والعراق ولبنان، بينما فرّ البعض إلى أوروبا.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية المعارضة سوريا بشار الأسد سوريا بشار الأسد المعارضة المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة لوکالة فرانس برس بشار الأسد العدید من حزب الله فی سوریا عام 2011

إقرأ أيضاً:

أرض الثروات التي تسبح فوق الذهب وتغرق في الدماء.. ماذا نعرف عن إقليم دارفور؟

رغم الصورة النمطية التي تربط دارفور بالحروب والجفاف، يزخر الإقليم الواقع غرب السودان بثروات طبيعية تُعد من الأكبر في أفريقيا. فمن الذهب واليورانيوم إلى الرخام والمياه الجوفية، يمتلك دارفور موارد كان يمكن أن تشكّل رافدًا اقتصاديًا مهمًا للبلاد، لولا الصراع الذي قيّده لعقود.

يرى د. محمد تورشين، الباحث المتخصص في الشؤون الأفريقية، في تصريح خاص لـ"يورونيوز" أن المجازر في دارفور ليست سوى فصل جديد في مسلسل طويل من الانتهاكات، مؤكدًا أن اتساع رقعة العنف وعُمقه يبرزان فشل المجتمع الدولي في التعامل مع الأزمة منذ بدايتها.

ويشير تورشين إلى أن أكبر العقبات تتمثل في بطء الاستجابة الدولية للتحذيرات المتكرّرة بشأن تدهور الوضع الإنساني، رغم نداءات المدنيين والمنظمات المحلية والدولية. هذا التأخر، كما يقول، خلق بيئة لتوسع أعمال القتل والاستهداف الممنهج.

ويضيف الخبير السوداني في حديثه لـ"يورونيوز" أن قوات الدعم السريع واصلت تحركاتها العسكرية على الأرض، متجاهلة قرارات مجلس الأمن، ومستفيدة من تدفق السلاح عبر طرق معروفة في دارفور.

ويعتبر الباحث أن الأطراف الإقليمية أصبحت لاعبًا رئيسيًا في استمرار الحرب، حيث تغذّي بعض القوى الصراع عبر الإمداد بالأسلحة والدعم اللوجستي.

ويشدد على أن أي أفق لحل سياسي لا يمكن أن يتحقق دون وضع حد لتدفق السلاح، محذرًا من أن استمرار الإمدادات يعني عمليًا تمديد الحرب واستمرار الانتهاكات بحق المدنيين.

وفي ظل الأزمة الإنسانية والسياسية التي يعيشها السودان، يبرز إقليم دارفور الغني بالمعادن كمسرح لحرب ضروس، أصبحت ثرواته وقوداً لصراع يلتهم البلاد. فما قصة هذا الإقليم؟ وما هي ثرواته التي أشعلت ولا تزال تشعل فتيل حروب لا تهدأ؟

"الكونغو المصغّرة".. ثروات تُدفن تحت نار الحرب

يشكل دارفور خُمْس السودان بمساحة تقدّر بقرابة 500 ألف مربّع وهي تعادل مساحة فرنسا مثلا أو إسبانيا إذا استثنينا الجزر التابعة لها. يقع هذا الإقليم عند نقطة تماس جيوسياسية معقدة، حيث تتشارك حدوده مع تشاد وليبيا وجنوب السودان، ما يجعل منه ممرًا مفتوحًا لتهريب الذهب والمعادن الأخرى إلى الخارج، مقابل تدفق السلاح و"المرتزقة" الذين يطيلون أمد الصراع.

وكشف عبد الباقي جيلّاني، وزير المعادن السوداني الأسبق، أن الإقليم يضم احتياطيات ضخمة من الذهب والماس واليورانيوم والنحاس، واصفًا دارفور بـ"جمهورية الكونغو الديمقراطية المصغّرة" نظرًا لغناها بالمعادن، وما يقابله من مسار دموي شبيه بالكونغو.

اليورانيوم والمعادن النادرة

يمثّل اليورانيوم والمعادن النادرة أحد أثمن الكنوز الجيولوجية في إقليم دارفور، إذ تشير المسوحات إلى أنّ الإقليم يحتضن احتياطات معتبرة من اليورانيوم، وبينما تقدّر مصادر سودانية إجمالي احتياطي اليورانيوم في البلاد بنحو 1.5 مليون طن، يتركّز جزء مهم منه في ولايات دارفور.

ولا تتوقف كنوز دارفور عند هذا المعدن فقط، فباطن الأرض يخبّئ أكثر من عشرين نوعاً من المعادن الثمينة، بدءاً من النحاس والحديد والمنغنيز، وصولاً إلى أحجار العقيق الكريمة وأصناف أخرى تزيينية.

ورغم هذا التنوع الغني، بقيت هذه الموارد رهينة لظرا لغياب الدولة وهيمنة الجماعات المسلحة على المناجم ومناطق التعدين، ما حوّل النشاط إلى قطاع منفلت تديره شبكات تهريب عابرة للحدود، وزاد من اشتعال التنافس على من يسيطر على هذه المنطقة الجغرافية.

ومع استمرار الحرب واتساع الفراغ الأمني، تحوّلت المعادن النادرة إلى محرّك للصراع، وركيزة جديدة للأطماع الإقليمية والدولية في دارفور.

الذهب.. "الماس الجديد للصراعات"

منذ اندلاع الحرب في دارفور، أصبح الذهب محورًا رئيسيًا للصراع الدموي في الإقليم.

ويُعدّ منجما عبد الشكور بالقرب من كتم وجبل عامر الملقب بـ"سويسرا السودان" مركزين أساسيين لإنتاج الذهب. ويعمل آلاف المعدّنين التقليديين في ظروف بالغة الخطورة، مستخدمين مواد كيميائية شديدة السمّيّة مثل السيانيد والزئبق، في ظل غياب كامل للرقابة البيئية.

وأصبح الذهب في دارفور شريانًا أساسيًا للصراع، حيث يُهرّب على نطاق واسع إلى تشاد والدول المجاورة، ليُستخدم في تمويل شراء الأسلحة وإطالة أمد الحرب. وفي الوقت نفسه، يعاني المدنيون من الانتهاكات المستمرة، والانهيارات الأرضية، وانعدام الأمن.

ويرى محللون سياسيون أن الذهب أصبح بحق "الماس الجديد للصراعات"، حيث تستغلّه جميع الأطراف كوسيلة للسيطرة الاقتصادية والعسكرية.

النفط.. ثروة تعرقلها الحرب والمصالح العسكرية

تغطي احتياطيات النفط مناطق واسعة في شرق دارفور، خصوصًا في مناطق شارف وزرقة وأم حديدة، لكن توقف الإنتاج بفعل الحرب حرم الإقليم من مصدر اقتصادي مهمّ.

Related فيديو - السودان: آلاف النازحين عالقون بين الفاشر والطويلة بعد سقوط المدينةالبرهان يزور مخيم النازحين في الدبة.. وشبكة "أطباء السودان" تتهم الدعم السريع بحرق الجثث في الفاشرتحذيرات أممية: السودان يعيش حربًا بالوكالة وسط نزوح جماعي ومجاعة وشيكة

وتحول النفط إلى أداة ضمن شبكة مصالح عسكرية، تُبقي حقول الإنتاج معطّلة، وتعمّق الفجوة بين الثروات المتوفرة والواقع المعيشي للسكان.

ووفقًا لما نقلته صحيفة "الغد السوداني" عن بيانات وزارة الطاقة السودانية، فقد كانت آبار حقول مربع 6 الواقعة شرق دارفور تضخّ ما لا يقل عن ثلاثة آلاف برميل يوميًا قبل اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في 15 أبريل 2023. لكن مع اشتداد الصراع، تعرّضت هذه الحقول إلى عملية تدمير ونهب شاملة، فيما تبادل طرفا القتال الاتهامات حول المسؤولية عن تدمير البنية التحتية النفطية.

في الوقت نفسه، تستفيد الميليشيات وقوات مسلحة أخرى من عائدات تهريب النفط لتعزيز سيطرتها على المكان وتمويل صراعاتها، فيما يُحرَم السكان المحليون من أي عوائد اقتصادية، كل هذا وسط تفاقم المخاطر الصحية والبيئية بسبب تدمير الآبار وتسرّب النفط.

موارد الصخور والرخام

يزخر غرب ووسط إقليم دارفور باحتياطيات كبيرة من الرخام والكروم والمعادن المستخدمة في البناء، إذ تشير الدراسات والتقارير إلى أن الرخام السوداني يتميز بنقاء وجودة عالية، ما يجعله مؤهلاً للاستخدام في الزينة والبناء، بينما يستخدم الكروم في صناعة الصلب والسبائك المعدنية، وتُعدُّ معادن البناء مثل الحجر الجيري والجبس والحصى أساسية للإنشاءات والبنية التحتية.

غير أن الاستغلال الفعلي لهذه الثروات يظل محدودًا للغاية بسبب غياب الأمان والحروب المستعرة.

المياه الجوفية

رغم الصورة النمطية التي تصوّر دارفور كمنطقة شحيحة المياه، تشير الدراسات الجيولوجية إلى أن الإقليم يحتضن ست بحيرات جوفية ضخمة تمتد تحت سطح الأرض، وتشكل خزانات طبيعية قادرة على دعم الزراعة والرعي والثروة الحيوانية لعقود طويلة.

وتشير الأبحاث إلى أن هذه المياه الجوفية جزء من الحوض النوبي الرملي ، أحد أكبر خزانات المياه الجوفية في شمال أفريقيا.

ويعتمد السكان المحليون على آبار عميقة وحفائر تقليدية، يصل بعضها إلى 40 مترًا، لتأمين المياه للشرب والري وتوفير السقاية للمواشي، غير أن نقص الخدمات والصيانة، إضافة إلى العقبات الأمنية واللوجستية الناتجة عن النزاعات المسلحة، يعيق الاستغلال الكامل لهذه الموارد.

كما أن بعض الآبار غير محميّة وغير مجهزة تجهيزًا حديثًا، ما يعرّض المياه للتلوّث ويهدد الصحة العامة. ومع استمرار النزاعات والتهجير، يظل الوصول إلى المياه الجوفية في دارفور معركة يومية.

إقليم غارق في الفقر رغم ثرواته

رغم ما يختزنه إقليم دارفور من ثروات، لا يزال يتصدر قائمة المناطق الأكثر فقرًا في السودان، فيما يعيش سكانه في دائرة ممتدة من الحرمان والمعاناة.

وعلى مدى سنوات، تحوّلت هذه الموارد إلى وقود يغذّي صراعًا متعدد الأطراف. وفي مقابلة مع "يورونيوز"، أوضحت الناشطة الحقوقية شادية عبد المنعم كيف تحوّلت ثروات الإقليم، وفي مقدمتها الذهب من مصادر للنمو الاقتصادي إلى أدوات تُستخدم في تمويل الحرب.

وتقول المتحدّثة إن القوى المتحاربة تتجنب استهداف مناطق إنتاج الذهب لما تمثله من قيمة استراتيجية، لكنها لا تتورّع في المقابل عن قصف المدن المكتظة بالمدنيين.

واعتبرت ناشطة أخرى، في تصريحها ليورونيوز، أن قوات حميدتي تتحمل الجزء الأكبر من الجرائم المرتكبة في دارفور، إلا أن الجيش النظامي قيادة عبد الفتاح البرهان متهم أيضًا بـ"تنفيذ قصف عشوائي واعتقالات تعسفية وتأجيج الانقسامات العرقية" وفق تعبيرها.

وقد بدأت الحرب بين قوات الدعم السريع والجيش عام 2023، وأسفرت حتى الآن عن مقتل عشرات الآلاف وتشريد 12 مليونًا، فيما تقول منظمات إن العدد الحقيقي للضحايا قد يكون أعلى بكثير.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة

مقالات مشابهة

  • سوريا توقّع أكبر استثمار في تاريخها لإنشاء وتشغيل مطار دمشق
  • إبراهيم النجار يكتب: سوريا.. والمخاض العسير
  • سوريا توقّع عقود تطوير مطار دمشق مع تحالف تقوده أورباكون القطرية
  • معاريف: زعيم حزب الله أمام ثلاثة خيارات فقط.. عملية مُركّزة
  • أرض الثروات التي تسبح فوق الذهب وتغرق في الدماء.. ماذا نعرف عن إقليم دارفور؟
  • تبرع بأغلى ما يملك.. وزير الدفاع السوري يثير تفاعلا ببكائه خلال حملة فداء لحماة
  • بين سوريا ولبنان.. داتا نظام الأسد إلى الواجهة؟
  • تعرف إلى خارطة التوغلات الإسرائيلية داخل سوريا منذ سقوط نظام الأسد
  • زين ترعى أعمال الملتقى الأردني السوري للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في دمشق
  • سوريا التي أربكت إسرائيل