ما رسائل الشرع من زيارته الجامع الأموي وكيف تغيرت شخصيته؟
تاريخ النشر: 8th, December 2024 GMT
زار القائد العام لإدارة العمليات العسكرية في المعارضة السورية أحمد الشرع الملقب بـ"الجولاني" العاصمة دمشق والجامع الأموي، بعد ساعات قليلة من إعلان إسقاط بشار الأسد ونظامه، في زيارة تحمل رسائل محلية وخارجية.
وقال الكاتب والسياسي السوري إبراهيم الجبين -في حديثه للجزيرة- إن زيارة الشرع للجامع الأموي تحمل رسالة أراد من خلالها التأكيد على رمزية الجامع الأموي للدمشقيين ورمزية دمشق وسوريا بالنسبة للعرب.
وكذلك حملت كلمة الشرع في الجامع الأموي -وفق الجبين- رسالة مباشرة إلى الذين يرفضون النفوذ الإيراني في سوريا عندما قال إن الرئيس المخلوع حوّل البلاد إلى مزرعة للأطماع الإيرانية.
وكان الشرع قد وصل في وقت سابق اليوم الأحد إلى العاصمة دمشق بعد سيطرة المعارضة عليها وفرار بشار الأسد، وسجد شكرا لله فور وصوله.
وفي أول خطبة له من الجامع الأموي، اتهم الشرع الرئيس المخلوع بجعل سوريا "مزرعة لأطماع إيران"، مؤكدا أن الانتصار عليه هو انتصار "للأمة الإسلامية"، كما سعى لطمأنة كافة أطياف الشعب السوري من خلال تأكيده أن ظلم الأسد طال جميع السوريين، ولم يقتصر على طائفة دون أخرى.
ووفق الجبين، فإن شخصية الشرع تطورت مع الوقت وتحولت من مرحلة إلى مرحلة، إذ بات شخصا مختلفا عن ذاك الذي ظهر ملثما قبل سنوات ويتصرف بشكل غامض.
إعلانوأشار إلى أن الشرع الملقب بـ"الجولاني" أصبح منفتحا ويعرف ماذا يقول ويختار الأفكار التي يريد إرسالها بعناية شديدة.
وفي سياق متصل، شدد الكاتب والسياسي السوري على ضرورة التأكد من سقوط نظام الأسد بشكل كامل وعدم ربطه فقط بخروج الرئيس المخلوع من المشهد السياسي، مؤكدا ضرورة العمل بشكل متزامن على الملفين السياسي والعسكري.
وحسب الجبين، فإن الهيئة السياسية لإدارة العمليات العسكرية تقوم بإجراءات كبيرة لمتابعة أركان النظام ومنعهم من العودة إلى المشهد السياسي، إلى جانب قطع يد كل من يحاول الاقتراب من الأملاك العامة أو الخاصة.
وفي الجانب السياسي، فوّضت المعارضة السورية المسلحة رئيس وزراء نظام الأسد محمد غازي الجلالي بمواصلة تسيير الأعمال حتى تتم عملية التسلم والتسليم، في مشهد قال إنه لن يكون بمعزل عن القرار الأممي 2254.
وصدر القرار الأممي 2254 في ديسمبر/كانون الأول 2015، ومفاده أن الشعب السوري هو المخول الوحيد في تقرير مصير بلاده، ونص على ضرورة قيام جميع الأطراف في سوريا بتدابير بناء الثقة للمساهمة في جدوى العملية السياسية ووقف إطلاق النار الدائم.
وشدد القرار على دعم عملية سياسية بقيادة سورية تيسرها الأمم المتحدة، وتقيم في غضون 6 أشهر حكما ذا مصداقية يشمل الجميع ولا يقوم على الطائفية وتحدد جدولا زمنيا وعملية لصياغة دستور جديد.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الجامع الأموی
إقرأ أيضاً:
ملتقى الجامع الأزهر: القيادة النبوية جمعت بين الحكمة والمبادرة والتخطيط والتوكل
عقد الجامع الأزهر، مساء الأربعاء، الملتقى العشرين من ملتقيات السيرة النبوية، تحت عنوان: «القيادة الحكيمة.. غزوة أُحد نموذجًا»، وذلك برعاية فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وبتوجيهات من فضيلة أ.د محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، وبإشراف د. عبد المنعم فؤاد، المشرف العام على الأروقة الأزهرية، ومتابعة د. هاني عودة، مدير عام الجامع الأزهر.
واستضاف الملتقى كلًّا من: أ.د السيد بلاط، أستاذ ورئيس قسم التاريخ والحضارة الإسلامية بكلية اللغة العربية بجامعة الأزهر (سابقًا)، وأ.د حبيب الله حسن، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، وأدار اللقاء الأستاذ أبو بكر عبد المعطي، الإعلامي بإذاعة القرآن الكريم، وذلك عقب صلاة المغرب بالظلة العثمانية.
وتحدّث أ.د السيّد بلاط عن البُعد القيادي في شخصية النبي ﷺ خلال غزوة أُحد، مشيرًا إلى أنّ أوّل ما فعله ﷺ كان المشاورة مع أصحابه، تأسِّيًا بالمنهج القرآني القائل: ﴿وأمرهم شورى بينهم﴾. وقد نقل عن أبي هريرة قوله: «ما رأيتُ أحدًا أكثر مشاورةً لأصحابه من رسول الله ﷺ». وأوضح بلاط أن هذه المشاورة لم تكن شكلية، بل كانت خطوة تمهيدية لتحضير المسلمين نفسيًّا ومعنويًّا، وتعبئتهم ذهنيًّا للدخول في المعركة بثباتٍ وبصيرة، لا أن يُفاجَأوا بها دون استعداد.
وأضاف أنّ النبي ﷺ عرض الأمر على أصحابه عقب صلاة الجمعة، فاستطلع آراءهم حول البقاء داخل المدينة أو الخروج لملاقاة العدو، وقد مال رأيه ﷺ إلى التحصّن بالمدينة، وهو ما أيده بعض كبار الصحابة، غير أن حماسة الشباب دعتهم إلى الخروج، فاستجاب لهم القائد الرحيم ﷺ. وأشار بلاط إلى أنّ هذا الموقف يُجسِّد فقه الردع في الإسلام، كما ورد في قوله تعالى: ﴿وأعِدّوا لهم ما استطعتم من قوّة ومن رباط الخيل تُرهبون به عدوّ الله وعدوّكم وآخرين من دونهم﴾، مبيّنًا أنّ القيادة النبوية كانت تجمع بين الحكمة والمبادرة، وبين حسابات الواقع ومعاني التوكّل والتخطيط الرشيد.
وتناول أ.د حبيب الله حسن مفهوم الحكمة في القيادة، مشيرًا إلى أنّ عنوان الندوة «القيادة الحكيمة: غزوة أُحد نموذجًا» يدفعنا للتأمُّل في المعنى الدقيق للحكمة، لا سيّما في ضوء السيرة النبوية.
وأوضح أنّ أشهر معاني الحكمة في ثقافتنا هي «وضع الشيء في موضعه»، سواء في القول أو الفعل، غير أنّ هذه القيمة الكبرى كثيرًا ما ارتبطت بالفلاسفة في الذاكرة العامة، حتى غلب على الظن أنّ الحكمة لا تكون إلا ثمرةً للعقل وحده.
إلّا أنّ د. حبيب الله شدّد على أنّ الحكمة في المنظور الإسلامي ليست عقلًا مجرَّدًا فحسب، بل هي عقلٌ منضبطٌ بالوحي، مسدَّدٌ بنور الدين، فلا تُعدّ الحكمة حكمةً تامة إلا إذا انبثقت من الينبوع الأصفى: وحي السماء. فالعقل وحده – وإن أعمل النظر وتدبّر العواقب – يظلّ ناقصًا، لا يبلُغ تمام الرشد إلا إذا هداه الشرع، وأضاءت له معالم الفقه الصحيح.
ومن هنا كانت قيادة النبي ﷺ في أُحد مثالًا راقيًا للحكمة التي تمزج بين البصيرة الربانية والتصرّف العقلي الرشيد.