تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في منعطف تاريخي مفاجئ وحاد، وبعد أقل من اثني عشر يوماً لعملية رد العدوان، أعلنت الفصائل السورية المسلحة فجر الأحد الثامن من ديسمبر 2024 إسقاط نظام بشار الأسد على إثر انهيار خطوط دفاع الجيش السوري وعجز حلفائه، إيران وحزب الله، عن تقديم الدعم له في ظل غياب الغطاء الجوي الروسي.

وهو ما مكّن قوات المعارضة من دخول دمشق بعد ساعات من دخولها حمص، وسيطرتها على عدد من المواقع الأخرى والمرافق الحيوية والسيادية في البلاد. في حين نقلت وكالات الأنباء عن مسئولين سوريين مغادرة الرئيس بشار الأسد العاصمة دمشق إلى وجهة غير معلومة. ولم تهدأ حيرة السياسيين والمراقبين منذ توارد تلك الأنباء حول السقوط المدوي وتفكيك سوريا بهذه السرعة بعد صمود الجيش السوري ثلاثة عشر عاما أمام المتحالفين من مشارب عديدة ضده.   

وبالنظر لأوضاع المنطقة المأساوية مؤخراً قد تتبدد الحيرة؛ فحروب الكيان الإسرائيلي المدعومة من الغرب ضد غزة ولبنان حطمت التوازن الهش بالشرق الأوسط وسحبت خيوطاً رئيسية في نسيج المنطقة بأسرها، مما مكّن فصيلاً مثل هيئة تحرير الشام - ويوصف بالتنظيم الإرهابي من قبل حكومات الغرب- إلى الاستيلاء "السهل" على عدد من المدن السورية. وقد عجّل تغيير هذه المعادلة في حسابات الغرب من هذا التحول الدرامي ضد نظام الأسد. كانت الهيئة تسمى جبهة النصرة بعد انشقاقها عن تنظيم القاعدة في العراق وتأسيس الفرع السوري بزعامة أبو محمد الجولاني، تلميذ زعيم القاعدة السابق الظواهري وزعيم داعش السابق البغدادي. وتسعى حالياً حكومات غربية وإقليمية، في مقدمتها الولايات المتحدة وتركيا، إلى تقديم الجولاني على أنه "معتدل" بعد أن وجد بدوره الفرصة مناسبة لكسب الدعم الغربي والإقليمي.

نعود إلى التوقيت الذي أصبح الاستفهام الكبير لدى المحللين الاستراتيجيين وكتاب الرأي في الوطن العربي والعالم (لماذا الآن؟). لقد بدأ التحضير لهذه المعركة منذ سنوات: إعداد مقاتلين، وصناعة مسيرات، وتسليح، وتدريب؛ ولنسأل أصحاب المصالح كيف يختارون معركتهم في اللحظة التي يرونها مناسبة، لنجد الإجابة: هي لحظة انشغال روسيا بالحرب على أوكرانيا، مما جعل النظام السوري ورقة خاسرة لا تتصدر أولوياتها. إضافة لذلك، تنشغل الولايات المتحدة الأمريكية مع وصول ترامب إلى البيت الأبيض بملفات حيوية لمصالحها مثل التنافس مع الصين وإعادة ترتيب علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي، وإعادة ترتيب ميزان القوة لصالح المشروع الأمريكي الصهيوني الاستعماري الذي يستوجب تصفية قضية فلسطين حتى لو تطلب الأمر تغيير تكتيكاتها والتحالف مؤقتاَ مع تنظيمات تضعها في قائمة الجماعات الإرهابية بجعلها تشغل الفراغ الحالي بعد سقوط النظام السوري. وقد ظهر الحرص الغربي على تقديمه كجيش وطني معني بمصلحة سوريا دون أي مطامع جهادية خارجية، في مسعى ممنهج ومقصود إلى "تلميع سمعة" هيئة تحرير الشام من خلال الإشادة بتسامحها مع المسيحيين وتقبلها للتنوع الديني والعرقي.

ويُلاحظ استخدام مصطلح "بلاد الشام" وليس سوريا وهو ما يضع علامات استفهام حول المعاني التي تحتمل تقسيم سوريا، وهذا ما تروج له بعض وسائل إعلام إحدى الدول من إنشاء دويلات صغيرة يمكن السيطرة على توجهاتها بما في ذلك القضاء على التهديد الكردي الذي حظي بدعم سوري منذ سبعينيات القرن الماضي، ناهيك عن تطمين الكيان الإسرائيلي وتقليم أظافر المقاومة.

أما تداعيات الأحداث برمتها على المنطقة فلا شك أن ما يجري في سوريا حالياً وما ظهر من مواقف دولية يبعث برسالة شديدة الخطورة للمنطقة بدءاً بالتأكيد على استمرار مشاريع التقسيم والتفكيك كما حدث من قبل في العراق وليبيا والسودان، وصولاً لتسخير بعض التنظيمات للسير في المسارات التي تخدم المصالح الغربية وإعداد بعض الفصائل الإسلامية الميكافيلية لإنتاج أنظمة بديلة تضمن تنفيذ أجندته. ومن غير المستبعد حسب قراءة مصالح الدول الموجودة في سوريا الآن أن تقسيمها أمر وارد وهو ما يمثل خطراً مضاعفاً على أمن واستقرار المنطقة بأسرها، ولا يمكن لأي طرف دولي أو إقليمي مساند لهذا التقسيم أن يدّعي أو يتظاهر بأنه صديق لسوريا وشعبها أو يرمي لتحقيق الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: تقسيم سوريا منطقة الشرق الاوسط

إقرأ أيضاً:

ولى عهد البحرين: "قمة شرم الشيخ" تمثل يومًا للسلام فى الشرق الأوسط والعالم

أعرب ولي عهد البحرين الأمير سلمان بن حمد آل خليفة رئيس مجلس الوزراء، عن خالص تهانيه بنجاح "قمة شرم الشيخ للسلام" بمناسبة اتفاق إنهاء الحرب في غزة، بحضور العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة، والتي استضافتها مصر، برئاسة مشتركة بين فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، والرئيس دونالد ترامب، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، وبمشاركة قادة أكثر من عشرين دولة.

وأكد ولي عهد البحرين -وفقا لوكالة الأنباء البحرينية مساء أمس الإثنين- أن ما تم التوصل إليه خلال القمة من اتفاق لإنهاء الحرب في غزة يمثل يومًا للسلام في الشرق الأوسط والعالم، لما يحمله من آفاق جديدة لشعوب المنطقة نحو الأمن والاستقرار، وخطوة مهمة لتعزيز الجهود الإقليمية والدولية الرامية لإحلال السلام الدائم في المنطقة وفتح صفحة جديدة من الأمن والاستقرار الإقليمي.

وجدد ولي العهد البحريني دعم مملكة البحرين الثابت للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وعلى رأسها إقامة دولته المستقلة، وأن يلمس أثره الإيجابي شباب وأهالي فلسطين وجميع دول المنطقة في مستقبل يسوده الخير والسلام.

وأكد أن الإتفاق الذي تم التوصل إليه اليوم لا يمثل خطوة سياسية فحسب، بل ضرورة إنسانية تمنح الأمل في حياة كريمة وآمنة، وتوفر بيئة مستقرة للتنمية والازدهار، وتسهم في ترسيخ السلام لصالح جميع شعوب المنطقة، بما ينعكس على استقرارها وازدهارها.

وأوضح ولي عهد البحرين، أن ما تحقق في القمة يعد خطوة إيجابية نحو دعم مسار السلام في الشرق الأوسط، مؤكدًا أهمية التزام جميع أطراف النزاع بالوفاء بالتزاماتهم لتنفيذ بنود الاتفاق وتعزيز فرص الاستقرار المستدام.

وأشاد بدور ترامب التاريخي وجهود الوسطاء الدوليين التي أسهمت في التوصل إلى هذا الاتفاق، مجددًا تقدير مملكة البحرين لهذه الجهود الحثيثة، ودعمها الدائم لكل ما من شأنه ترسيخ السلام وتعزيز التعاون الدولي لمستقبل آمن ومستقر لجميع شعوب المنطقة.

مقالات مشابهة

  • مؤتمر رقمي حول التعليم متعدد اللغات في المنطقة
  • ترامب الثاني في الشرق الأوسط
  • شراكة بين سونيك وول وديجيتال بلانتس لتعزيز الدفاعات السيبرانية في الشرق الأوسط
  • زوهو تسجل نمواً بنسبة 50 % في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا
  • وثيــقة إنــهاء الحــرب على غــزة
  • قمة شرم الشيخ وأهمية دعم السلام المستدام في المنطقة
  • اتفاقية السلام في شرم الشيخ.. مصر تستعيد ريادتها كقوة إقليمية وصانعة للاستقرار في الشرق الأوسط
  • ولى عهد البحرين: "قمة شرم الشيخ" تمثل يومًا للسلام فى الشرق الأوسط والعالم
  • برلماني: قمة شرم الشيخ حدث تاريخي فارق نحو السلام.. ومصر هي قلب المنطقة النابض
  • ترامب: لولا الرئيس السيسي ما كنا سنحقق السلام في الشرق الأوسط