هل ترفع أميركا العقوبات عن سوريا ما بعد الأسد؟ وما متطلباتها؟
تاريخ النشر: 11th, December 2024 GMT
عاد ملف رفع العقوبات الأميركية والدولية على سوريا إلى الواجهة بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد وتشكيل حكومة انتقالية، في ظل تعقيدات بسبب وجود أحمد الشرع الملقب بـ"الجولاني" على رأس القيادة العامة للإدارة السورية الجديدة.
ويعتقد الباحث الأول بمركز الجزيرة للدراسات لقاء مكي أن الولايات المتحدة تستعد لرفع العقوبات المفروضة على سوريا، معتبرا طرح الموضوع للنقاش محاولة لإقناع الرأي العام وتمهيدا لرفعها في المستقبل القريب.
ووفق حديث مكي للجزيرة، فإن واشنطن تريد متطلبات معينة من هيئة تحرير الشام وزعيمها أحمد الشرع مع ضمان مصالحها من أجل إزالة اسمها من قائمة الإرهاب مقابل رفع العقوبات الغربية.
ويرى أن المتطلبات الأميركية أوراق ضغط لإرغام هيئة تحرير الشام على سلوك مسار معين في قضايا الأسلحة الكيميائية، والإرهاب، والعلاقة مع إيران، والاستقرار، وحقوق الأقليات، إضافة إلى أمور غير معلنة على غرار العلاقة مع إسرائيل.
ويجري بحث هذه التفاصيل بين واشنطن وهيئة تحرير الشام عبر وسطاء مثل تركيا وقطر، وفق مكي، الذي قال إن الهيئة لديها أوراق قوة، وهو ما يفسر عدم اعتراض الولايات المتحدة على تشكيل الحكومة السورية الجديدة ورئيسها محمد البشير مقابل ضمان مصالحها.
إعلانونقلت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية عن مسؤولين أميركيين قولهم إن رفع هيئة تحرير الشام من قوائم الإرهاب "مرتبط بضمان مصير الأسلحة الكيميائية وبتقديم ضمانات لمكافحة الإرهاب".
بدورها، نقلت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية عن محللين ومستشارين سابقين في الإدارة الأميركية قولهم إن "هيئة تحرير الشام أظهرت في المدة الأخيرة بعض البراغماتية، وأن تكون جماعة إسلامية محافظة تتمتع بدعم واسع النطاق داخل سوريا، غير أنها لا تستطيع حكم البلاد كمنظمة إرهابية".
في المقابل، يؤكد الباحث الأول بمركز الجزيرة للدراسات أن رسائل القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع تهدف إلى كسب ثقة المجتمع الدولي لكي تنخرط سوريا في المجتمع الدولي.
وفي وقت سابق اليوم الأربعاء، قال الشرع إن على الحكومات الأجنبية ألا تقلق بشأن الوضع في سوريا، مؤكدا أن الناس منهكون من الحرب "وبالتالي فإن البلاد غير مستعدة للدخول في حرب أخرى".
وشدد الشرع على أن مصدر مخاوف السوريين كان من المليشيات الإيرانية وحزب الله ونظام الأسد الذي ارتكب المجازر، مشددا على أن البلاد تتجه نحو التنمية وإعادة الإعمار والاستقرار.
ويرى مكي أن الشرع تحت ضغط شديد بالمرحلة الحالية "منعا لارتكاب أخطاء قد تستغل لتصوير الثوار على أنهم عنصر تخريب وعدم استقرار"، خاصة أن الرجل لديه تاريخ معين ومتهم بالإرهاب، ويقود مجموعة فصائل وليست الهيئة فحسب.
من جانبه، قال مبعوث الأمم المتحدة لسوريا غير بيدرسون إن شطب هيئة تحرير الشام من قائمة الإرهاب يعتمد على مدى التزامها بالانخراط بعملية سياسية تشمل الجميع، وبحماية المدنيين.
ووفق بيدرسون، فإن شطب اسم هيئة تحرير الشام "ليس مجانا ويعتمد على سلوكها والجماعات الأخرى".
يذكر أنه بعد عام 2011، ومع اندلاع الثورة في سوريا وتصاعد المواجهة بين المحتجين ونظام الأسد واستخدام القمع، بدأت الولايات المتحدة وجهات أوروبية وعربية بإصدار عقوبات على النظام.
إعلانوتوسعت العقوبات وتعددت أشكالها ونطاق عملها على مر الأعوام، وكان من أبرزها "قانون قيصر" الذي سنته الولايات المتحدة وبدأ العمل به في 2020، و"قانون مكافحة الكبتاغون" 1 و2.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الولایات المتحدة هیئة تحریر الشام
إقرأ أيضاً:
خبير سياسي: تقسيم سوريا أصبح واقعًا بين قوى النفوذ الدولية
قال الدكتور محمد سيد أحمد، أستاذ علم الاجتماع السياسي، إن المشهد السوري الحالي يشير إلى أن هناك إعادة توظيف للصفقة التي تمت فعليًا في ديسمبر 2024، حين تخلت روسيا وإيران عن دعم الرئيس السوري بشار الأسد بشكل غير مباشر، معتبرًا أن ما يجري اليوم هو مرحلة جديدة من إعادة ترتيب النفوذ وتقاسم المصالح بين القوى الفاعلة على الأرض السورية.
وأوضح الخبير السياسي في مداخلة هاتفية لبرنامج "خط أحمر" الذي يقدمه الإعلامي محمد موسى على قناة الحدث اليوم، أن عملية التقسيم أصبحت واقعًا فعليًا، وإن كانت لا تُعلن رسميًا، حيث تتوزع السيطرة وفق خرائط النفوذ الجديدة: الجنوب السوري يخضع لهيمنة الكيان الصهيوني، والوسط بما فيه دمشق وريفها وحمص تسيطر عليه مجموعات متطرفة بقيادة شخصيات إرهابية، أما الشمال الشرقي فتتواجد فيه القوات الأمريكية والأكراد، في حين تخضع منطقة الشمال الغربي لنفوذ تركيا.
وأشار الدكتور محمد سيد أحمد إلى أن الساحل السوري يمثل المنطقة الأكثر حساسية، لكونها تطل على المياه الدافئة وتشكل قاعدة النفوذ الروسي التاريخية في المتوسط، مضيفًا أن موسكو لا يمكن أن تتخلى عن هذه المنطقة تحت أي ظرف، فهي تمثل موطئ القدم الاستراتيجي لروسيا في المنطقة.
وأضاف أن هذه المنطقة تضم أغلبية علوية وهي الطائفة التي ينتمي إليها الرئيس بشار الأسد، ما يجعل منها ورقة تفاوضية قوية في يد روسيا، تستخدمها للمناورة مع كل من الولايات المتحدة وتركيا والكيان الصهيوني.
وتابع: فكرة الإبقاء على الأسد حاكمًا على منطقة الساحل السوري ليست جديدة، بل طُرحت منذ سنوات الحرب الأولى، كجزء من صفقة تضمن استمرار النظام في منطقة محدودة مقابل القبول بتقسيم فعلي لبقية الأراضي السورية.
وأكد الخبير السياسي أن هذه الأوراق المتشابكة تُدار اليوم في إطار مساومات دولية معقدة، وأن روسيا تستخدم بقاء الأسد كورقة ضغط تفاوضية، بينما يتم تحريك بعض الفصائل على الأرض، مثل تنظيمات يقودها أبو محمد الجولاني، كجزء من لعبة النفوذ بين القوى الكبرى، وليس كقوة مستقلة.
وختم الدكتور محمد سيد أحمد تحليله بالتأكيد على أن ما يجري في سوريا هو إعادة صياغة لمشهد التقسيم وفق مصالح دولية، وأن الحليف الروسي بات يتعامل مع النظام السوري بوصفه ورقة تفاوضية لا أكثر، ضمن صفقة كبرى تشمل الأمريكي والتركي والإسرائيلي معًا.