ماذا بعد الاتفاق المائي بين العراق وتركيا؟
تاريخ النشر: 16th, October 2025 GMT
في خطوة تعكس المساعي الحثيثة لمعالجة أزمة المياه التاريخية التي تمر بها البلاد، أعلن العراق التوصل إلى اتفاق مع الجانب التركي بشأن مسودة "اتفاق إطاري" شامل لإدارة الموارد المائية المشتركة.
ومن المقرر توقيع الاتفاق النهائي في بغداد، تمهيدا لاستقطاب كبريات الشركات التركية لتنفيذ مشاريع إروائية ضخمة وبناء سدود مخصصة لحصاد المياه.
جاء هذا التطور بالتزامن مع مطالبة رسمية عاجلة من وزارة الموارد المائية العراقية بزيادة الإطلاقات المائية في نهري دجلة والفرات بمقدار مليار متر مكعب، أي بواقع 500 متر مكعب في الثانية لكل نهر، وذلك خلال الشهرين المقبلين.
وكانت وزارة الموارد المائية قد أكدت في وقت سابق أن هذا العام هو الأكثر جفافا منذ عام 1933، موضحة أن إيرادات نهري دجلة والفرات تراجعت إلى 27% فقط مقارنة بالعام الماضي، وأن مخزون المياه في السدود والخزانات انخفض إلى 8% من طاقته التخزينية، بنسبة تراجع بلغت 57%.
وأكد وزير الموارد المائية، المهندس عون ذياب عبد الله، أن بلاده بحاجة ماسة إلى هذه الزيادة لتحسين الإيرادات المائية خلال الـ50 يوما المقبلة، مشيرا إلى أن الوفد العراقي قدّم شرحا مفصلا للجانب التركي حول واقع المياه في البلاد، واصفا هذا العام بأنه "الأصعب مائيا في تاريخ العراق، والأقسى منذ عام 1933".
ورقة الضغط الاقتصاديةوشدد الخبير الاقتصادي عبد الرحمن الشيخلي، في حديث للجزيرة نت، على أن ملف المياه يُعد "ملفا مصيريا لا يمكن التعامل معه بتراخ"، مؤكدا أن نجاح العراق في هذا الملف يتوقف على استغلاله الفعّال لأوراقه الاقتصادية الضاغطة.
وأوضح الشيخلي أن هذه المفاوضات "لم تبدأ من الصفر"، بل جاءت نتيجة مسار تراكمي من الإجراءات واللقاءات، تُوّج بلقاء جمع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حيث تم الاتفاق على "سياقات تمهيدية" تستند إلى ورقة عمل سابقة، معتبرا أن هذا التأسيس المسبق يبعث على التفاؤل بإمكانية التوصل إلى اتفاق ملزم.
إعلانوأشار الشيخلي إلى أن العراق يمتلك "ورقة تفاوضية قوية" تتمثل في الميزان التجاري المختل بشدة بين البلدين، إذ يبلغ حجم الاستيراد السنوي من تركيا نحو 16 مليار دولار، مقابل صادرات عراقية لا تتجاوز المليار دولار، واصفا هذه الفجوة بـ"الثقل الاقتصادي الكبير" الذي يجب توظيفه لتحقيق المصالح المائية للعراق.
التداعيات الاجتماعية والاقتصادية الكبرىوحذّر الشيخلي من أن توقف الخطة الزراعية لهذا العام يمثل "كارثة كبرى" تسببت بخسائر جسيمة للفلاحين، فضلا عن التغيرات الديمغرافية السلبية الناتجة عن هجرة المزارعين وعائلاتهم إلى المدن بحثا عن العمل.
وأضاف أن تنظيم الحصص المائية وعودة الأمور إلى نصابها سيسهمان في إنهاء هذه الأزمات، مؤكدا أن انتعاش القطاع الزراعي سيحقق منافع اقتصادية ومالية واسعة، أبرزها تقليص فاتورة الاستيراد وتحول العراق تدريجيا نحو التصدير، وهذا سيساعد في الحد من البطالة وتحسين مستويات المعيشة.
ولا تقتصر آثار موجة الجفاف على القطاع الزراعي فحسب، الذي تقلصت مساحاته المزروعة بنحو 50% خلال السنوات الأخيرة وفق تقديرات وزارة الزراعة، بل امتدت أيضا إلى مياه الشرب، حيث لم تعد محطات الضخ قادرة على تزويد العديد من المناطق بالمياه بسبب جفاف الأنهار أو انخفاض مناسيبها.
وتشير التقديرات إلى أن الإيرادات المائية للعراق انخفضت من نحو 70 مليار متر مكعب إلى 40 مليارا فقط، في حين تتوقع الدراسات أن يتراجع نصيب الفرد من المياه إلى 479 مترا مكعبا بحلول عام 2030، مقارنة بالمعيار الذي حددته منظمة الصحة العالمية بـ1700 متر مكعب سنويا للفرد.
من جانبه، قلل الخبير في الشأن المائي والزراعي تحسين الموسوي من أهمية الحوارات الجارية، معتبرا إياها "محادثات تفتقر إلى الجدية والفعالية" في ضوء التجارب السابقة.
وقال الموسوي للجزيرة نت إن ضعف الموقف التفاوضي للعراق وعدم استغلاله لأوراق الضغط المتاحة أديا إلى تدهور الوضع المائي، مشيرا إلى أن الزيارة الأخيرة للوفد العراقي "لا ترتقي إلى مستوى المفاوضات" لافتقارها إلى الجوانب الفنية والتقنية اللازمة، مثل لجان تقصي الحقائق أو اللجوء إلى وساطة وتحكيم دولي.
ووصف الموسوي مسودة الاتفاق الإطاري الحالية بأنها "غير ملزمة ولا تحدد حصص العراق المائية بوضوح"، معتبرا أن العراق "الحلقة الأضعف" لأنه بلد مصب، ومحذرا من أن استمرار السياسات المائية المتلكئة قد أوصل البلاد إلى "مرحلة كارثية" تهدد الأمن الغذائي والاجتماعي، خاصة بعد فقدان الخطة الزراعية الصيفية وتوقف الخطة الشتوية، الأمر الذي قد يثير احتجاجات شعبية ويشكّل تهديدا للعملية السياسية برمتها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات الموارد المائیة متر مکعب إلى أن
إقرأ أيضاً:
مصر وتركيا تتفقان على إعادة تشغيل خط نقل بحري لدعم التجارة بينهما
توصلت مصر و تركيا إلى تفاهم بشأن العمل على إعادة تشغيل خط نقل بحري من شأنه دعم التجارة بين البلدين، بحسب ما صرحت به وزارة التجارة التركية.
جاء ذلك خلال الاجتماع الثاني لآلية المشاورات التجارية بين الجانبين في العاصمة المصرية القاهرة.
وبحسب البيان الصادر عن وزارة التجارة التركية، فإن الاجتماع تناول مسائل واسعة شملت التجارة والاستثمارات والتعاون الجمركي وقضايا قطاعية والتحديات التي تواجه البلدين، وضرورة توفير بيئة تجارية واستثمارية خصبة مشتركة بين البلدين.
وفي وقت لاحق، استقبل المهندس محمد صلاح الدين مصطفى، وزير الدولة للإنتاج الحربي، جوكهان أوتشار، نائب رئيس هيئة الصناعات الدفاعية التركية، لبحث إمكانية فتح آفاق للتعاون المشترك بين الجانبين في عدد من مجالات التصنيع العسكري.
جاء ذلك بجناح الوزارة بالمعرض الدولي للصناعات الدفاعية "EDEX 2025" المُقام بمركز مصر للمعارض الدولية، في الفترة من 1 إلى 4 ديسمبر الجاري، تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي.
الإنتاج الحربي بمعرض “EDEX 2025”
استهل وزير الدولة للإنتاج الحربي اللقاء بالترحيب بنائب رئيس هيئة الصناعات الدفاعية التركية والوفد المرافق له، مستعرضًا دور وزارة الإنتاج الحربي كركيزة أساسية للتصنيع العسكري بمصر ودورها في مجال التصنيع المدني ومشاركتها في تنفيذ العديد من المشروعات القومية والتنموية بالدولة بالاستفادة من فائض الطاقات الإنتاجية بشركاتها التابعة، مؤكدًا أن الوزارة تسعى إلى امتلاك القدرة من خلال زيادة نسب المكون المحلي في منتجاتها العسكرية تنفيذًا لتوجيهات القيادة السياسية بتوطين أحدث تكنولوجيات التصنيع.
وأشاد الوزير محمد صلاح بالمشاركة المتميزة للجانب التركي بالنسخة الرابعة من معرض “EDEX” من خلال 81 شركة تركية، وهو ما يعكس تطورًا لافتًا في أعداد الجهات التركية المشاركة بالمعرض في ضوء التطورات الإيجابية التي تشهدها العلاقات بين البلدين بالفترة الأخيرة، والتي تتم في إطار من الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة.
من جانبه، أشاد جوكهان أوتشار، نائب رئيس هيئة الصناعات الدفاعية التركية، بمعروضات وزارة الإنتاج الحربي بمعرض “EDEX 2025”، والتي تتميز بالتطور والتنوع، معربًا عن تطلع الجانب التركي للتعاون مع شركات الإنتاج الحربي التي تعد من أهم الكيانات الصناعية في مصر والشرق الأوسط.
وأكد “أوتشار” أن “EDEX” أصبح ضمن مصاف المعارض الدولية الكبرى التي تتيح الفرصة لمختلف الشركات العالمية المنتجة للسلاح ومختلف الأنظمة الدفاعية للتباحث وتبادل الخبرات والرؤى في مجال التصنيع العسكري.
وفي نهاية اللقاء، تم الاتفاق على أهمية تبادل الزيارات للمتخصصين والوفود الفنية بين الجانبين للوقوف على الإمكانيات التكنولوجية والتصنيعية لدى الطرفين على أرض الواقع، وتحديد موضوعات التعاون المقترحة بدقة ووضع آليات تضمن تحقيق تعاون مشترك مثمر.