كايرو ومعايير البلابسة للغفران
تاريخ النشر: 16th, October 2025 GMT
بثينة تروس
لم تتح لي الظروف، أو ربما كان تقصيراً مني في الخروج من ذواتنا وذائقتنا الفنية الراتبة، لمتابعة حتمية وتفهم الظواهر الفنية الشبابية مثل أغاني الزنق، والقونات، والمغارز، إلا من خلال ما تفرضه خوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي. ولهذا، لم أعرف الفنان الشاب علي كايرو إلا بعد وفاته له الرحمة والمغفرة.
هؤلاء الفنانون وأنماطهم الغنائية نشأوا في كنف اللجنة الأمنية، وتحت رعاية مشروع الحركة الإسلامية، وهم وإن كانوا ضحايا، فقد خُلقوا في غرفها وترعرعوا بأذنها، لتخدير جيل ثائر عن المطالبة بالعدالة والحرية والسلام.. وهيهات. بل إن الانحطاط بلغ ذروته حين تم ضبط زيجات لمثليين من أبناء قادة الكيزان، وهو ما أثار حتى نقاشات داخل برلمانهم. أما النفاق، فقد تجاوز حدّه عند علماء السلطان، الذين وجّهوا أئمتهم على المنابر إلى الدعاء لهم بالهداية وسواء السبيل. سلسلة طويلة من الانتهاكات الأخلاقية بلغت حدود الزنا في نهار رمضان دعك من تعيين اختصاصي اغتصاب! وفي المقابل، كانت نفس اللجنة الأمنية، ومعها حملات قوانين النظام العام، تداهم البيوت وتعتقل المعارضين السياسيين بتهم تتعلق بالزي الشرعي (الطرحة) أو الآداب العامة، وتتسور الجدران تبحث عن زجاجة خمر، بينما تُدار البلاد بمنتهى الانحطاط الأخلاقي والسياسي. ولأن البلابسة بلا حياء، يهاجمون القوى المدنية، ويحرضون الناس عليهم كما لو أن الشعب بلا ذاكرة. نفس اللجنة الأمنية التي اشتكى منها الفنان كايرو في فيديو، قائلاً إنها صادرت صفحته، وتتحكم في محتواها، خرجت علينا بعد وفاته بمنشور مزعوم باسمه، يعلن فيه توبته، ويتعهد للشعب بـحسن السيرة والسلوك، ويعدهم أنه حـ”يرفع راسهم”! ولذلك، فهو حسب زعمهم أحق بالرحمة من القحاطة. حقاً قد فشلت الحركة الإسلامية في تربية تلاميذها على حسن الأخلاق. قال عنهم شيخهم حسن الترابي إنهم (فسدوا وأكلوا الأموال أكلاً عجيباً)، بل وصف أحدهم قيادي مثلي بأنه (روح طيبة في جسد خبيث).
القضية في جوهرها أن الكيزان بارعون في استغلال عواطف الشعب، دينياً وسياسياً. وضراوة معركتهم مع القوى المدنية، ما هي إلا مواصلة لذلك الاستغلال العاطفي، في مسيرة العبث في حرب الكرامة، التي وعدونا بحسمها خلال أسبوع أو أسبوعين، لكنها الآن تدخل عامها الثالث، فيما الوطن يتفتت، والشعب يُباد. المغفرة، أيها البلابسة، لا تُدار من منصات (التيك توك)، ولا تُمنح بالتحالفات السياسية المغرضة أو بحملات الإعلام. من يريد أن يترحم على شاب رحل في ظروف معقدة، فليترحم أولًا على وطن يُذبح كل صباح، وعلى شعب تُحاصره المليشيات من كل اتجاه، ويغرق في بحور الدم والخذلان. ما فعله البلابسة بعد رحيل كايرو ليس دفاعًا عنه، بل استغلال لجثته في سوق البلبسة. هم لا يغفرون الزلات، بل يوظفونها. ولا يملكون من الدين سوى لافتاته، ومن الأخلاق سوى ما يخدم أغراضهم. هم بارعون في تدجين الوعي، وإغراق الناس في تفاصيل صغيرة لتُنسى الجرائم الكبرى، لكن، ذاكرة الشعب الذي ذاق منكم الذل والامرين لا تموت، والوعي بضرورة وقف هذه الحرب اللعينة ووحدة الشعب السوداني حول السلام وقيم الحرية والعدالة وإن تأخر قادم، والبلابسة يهابون ذلك، ويخشون مطلع فجره.
الوسومبثينة تروسالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: بثينة تروس
إقرأ أيضاً:
مندوب مصر بالجامعة العربية: القاهرة تحيى صمود الشعب الفلسطيني وحفاظه على أرضه
أكد المندوب الدائم لدولة جمهورية مصر العربية لدى جامعة الدول العربية، السفير محمد سمير، أن مسؤولية المجتمع الدولى تجاه ما يحدث في الأراضي العربية المحتلة تجاوز التضامن ويحتاج إلى قرارات عاجلة تجاه الممارسات الإسرائيلية غير المسؤولة بحق الشعب الفلسطيني.
وأضاف السفير سمير، خلال كلمة له بالفعالية المركزية التي تنظمها الأمانة العامة للجامعة العربية بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، أن الفلسطينيين يحتاجون الآن وأكثر من أي وقتا مضي إلى التأكيد بأن قضيتهم لا تزال حية ولم تنتهي ولن يكون ذلك إلا من خلال تطبيق العدالة الدولية ومن خلال إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
وأكد أن مصر قيادة وحكومة وشعب تؤكد دعمها لحقوق الشعب العربي الفلسطيني وترفض أي قرارات أحادية الجانب من قبل الاحتلال الإسرائيلي وواصلت دورها السياسي والإنساني من خلال وقف الحرب داخل غزة وما كان يترتب عليها من خطط التهجير القسري للشعب الفلسطيني، ثم قامت بإدخال المساعدات الإنسانية العاجلة إلى الفطاع.
وأوضح أن مصر تؤمن بأن السلام لن يتحقق في الشرق الأوسط إلا من خلال حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه موجها تحية إعزاز للشعب الفلسطيني الذي وقف صامدا في وجه الاحتلال وحافظ على أراضيه.
ونوه إلى أن مصر تعمل جاهدة على استضافة مؤتمر عالمي من أجل إعادة إعمار قطاع غزة، كما أنها ترفض مساعي الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية من توسيع الاستيطان وضم أراضي عربية جديدة.