موقع 24:
2025-12-13@06:13:21 GMT

اجتماعات العقبة..بين إنقاذ سوريا واستقرار المنطقة

تاريخ النشر: 15th, December 2024 GMT

اجتماعات العقبة..بين إنقاذ سوريا واستقرار المنطقة

تكتسب اجتماعات العقبة حول التطورات في سوريا أهميتها من عدة أبعاد مهمة، أبرزها مشاركة وزراء خارجية ثماني دول عربية، تشمل الأردن، والسعودية، والعراق، ومصر، والإمارات، والبحرين، وقطر، بالإضافة إلى وزيري خارجية الولايات المتحدة، وتركيا، وممثلي الاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة. كما تستمد أهميتها من مشاركة جامعة الدول العربية التي تمثلها في الاجتماعات لجنة الاتصال بالجامعة التي تضم في عضويتها: الأردن، والسعودية، والعراق، ومصر، بالإضافة إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية.


وتنعقد الآمال على نتائج تلك الاجتماعات، خاصة التوصل إلى خطط ومسارات تسهم في مساعدة السوريين على حدوث توافقات فيما بينهم لبناء نظام جديد يحقق مصلحة سوريا والسوريين، وتنعكس آثاره الإيجابية على استقرار المنطقة كلها.
وتعد اجتماعات العقبة مبادرة مهمة تستهدف كسب الوقت، وجمع الفرقاء السوريين على أهداف مشتركة لبناء سوريا الجديدة، ووأد أسباب أي خلافات أو نزاعات من شأنها عرقلة انطلاق سوريا الجديدة نحو البناء والتنمية، وإيقاعها في الصراعات التي عانت منها دول أخرى كاليمن، وليبيا، وغيرهما، وقطع الطريق أمام أيّ قوة إقليمية أو عالمية تسعى للعب دور طائفي تخريبي.
أطراف عديدة ذات حضور قوي ومؤثر، عربياً وإقليمياً وعالمياً، أعلنت رؤاها المستقبلية لما يمكن أن تسفر عنه اجتماعات العقبة، فأكد الأردن ـ الدولة المضيفة، أن الاجتماعات تبحث سبل دعم عملية سياسية جامعة يقودها السوريون لإنجاز عملية انتقالية تلبّي طموحات الشعب السوري، وتضمن إعادة بناء مؤسسات الدولة، وتحفظ وحدة سوريا وسلامتها الإقليمية وسيادتها وأمنها واستقرارها وحقوق جميع مواطنيها.


وتزامنت مع التأكيدات والتطمينات الأردنية دعوة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن ـ قبل أن يتوجه للمشاركة في الاجتماعات ـ إلى تشكيل حكومة سورية تضمن حماية الأقليات، وعدم تشكيلها تهديدا لجيرانها. وذلك في إشارة واضحة إلى تركيا وإسرائيل. أما الجامعة العربية، فأعربت عن تطلعها إلى موقف عربي موحد داعم لسوريا في هذه المرحلة الصعبة.
صحيح أن نتائج هذه الاجتماعات تستهدف المساعدة على بناء المستقبل الأفضل لسوريا، وتمثل مبادرة رائدة يجب العمل على إنجاحها والبناء على نتائجها، لكن الدور الأكبر في سبيل تحقيق ذلك مناط بالفصائل السورية الوطنية جميعها، حيث ينبغي عليها أن تتعاون في تشكيل هياكل إدارية مؤسسية تستوعب الجميع، ولا تستثني أحدا من المشاركة في إعادة بناء مؤسسات الدولة، بدءا من اختيار مجلس رئاسي يدير هذه المرحلة الحرجة الفاصلة في تاريخ سوريا والمنطقة، وكذلك تشكيل حكومة وحدة وطنية، وصولا إلى تحديد شكل الدستور الجديد والتوافق عليه، فضلا على بناء المؤسسات العسكرية والأمنية والسياسية.
وتجدر الإشارة إلى ضرورة قطع الطريق على "الإعلام المضاد" الذي يشوه كل أثر إيجابي، وذلك بالفصل بين ما يجري في سوريا حالياً، وما حدث في الربيع العربي، فلا يخفى أن فوارق كبيرة تفصل ممارسات النظام السوري السابق عن الأنظمة العربية التي سقطت في الربيع العربي، فالنظام السوري سمح لإيران بالكثير من التدخلات في الشأن السوري والقضايا العربية، كما تدخلت في الشؤون الداخلية للبنان، والعراق، واليمن؛ ومن ثم أدخل المنطقة في متاهات كثيرة، ومن هنا ينبغي فصل المسارات، والتعاون في إنجاح التجربة السورية، وعدم تركها نهبا لأصحاب الأجندات الخاصة والمغرضة.
إن المشاركة العربية في بناء سوريا الجديدة ليس مبعثها الخوف على استقرار المنطقة فقط، وإنما تنطلق أيضاً من مكانة سوريا العربية الحضارية، فهي تزخر بالتاريخ الثري، والتنوع الثقافي في مختلف مجالات الأدب والفنون والعلوم، وتعد ركيزة أساسية في نجاح العمل العربي المشترك، الأمر الذي يجعل مساعدتها على تجاوز هذه المرحلة بنجاح واجباً عربياً في المقام الأول.
إن التطورات المتلاحقة سوريا وعربياً وعالمياً تجاه المتغيرات السورية المتسارعة تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أنه لا ينبغي أن يُترك تقرير مصير دولة بحجم سوريا وثقلها لفصيل واحد يرسم مستقبلها، ويدير سياساتها على مختلف الأصعدة والمستويات وفي جميع المجالات، خاصة أن الفصيل الذي يتصدر المشهد في سوريا حالياً عليه ما عليه من المآخذ، ولن يسمح له المجتمع الدولي بالانفراد بالشأن السوري، ذلك الانفراد الذي يهدد آمال الشعب السوري ومستقبله بالفشل.


إن نجاح تجربة السوريين أحيا الآمال في لبنان والعراق واليمن، وأزعج إيران وحلفاءها وكل من كانت له صلة بهما. ولا شك أن السوريين جميعا عليهم مسؤولية كبيرة تجاه بلادهم التي علقت عليهم آمالا كبيرة في تقديم النموذج الأمثل للحكم الرشيد، الذي يليق بنضالهم وآمالهم ويطمئنهم على التوجه الصحيح نحو بناء مستقبلهم الأفضل، سياسياً واقتصادياً، ًواجتماعياً، واستعادة مكانتهم الكبرى عربياً وإقليمياً ودولياً.
لعل اجتماعات العقبة قد جاءت في وقتها تماما، وتعد تحركاً إيجابياً للتنسيق والمساهمة في إنقاذ سوريا، وحماية استقرار المنطقة، والتوصل إلى سياسات وتوجهات مقبولة عربياً وإقليمياً وعالمياً تقطع الطريق على أي أطراف متربصة لبلوغ أهدافها من خلال أجنداتها التي تجيد تنفيذها باختراق مثل هذه الظروف الحرجة الطارئة، وما حدث في العراق واليمن وفلسطين، وما قبلها شاهد على ذلك.
إن أولى نتائج اجتماعات العقبة تتمثل في الوعي بأهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه الدول العربية بالتواصل مع سوريا الجديدة، ودعمها في شتى المجالات، بتقديم الخبرات المفيدة الناجحة، والنصائح السياسية الواعية، والسعي لدى المجتمع الدولي لرفع العقوبات عن سوريا الجديدة وفق صيغ قانونية نظامية تضمن عدم تكرار ما أدى إلى فرض تلك العقوبات على النظام السابق.
وعلى السوريين أن يدركوا أن الطريق إلى المستقبل الأفضل طويل وصعب، ومليء بالآمال العريضة، والمشاريع والبناء، وفي الوقت نفسه تحيطه الآلام المحبطة، والدعاوى المغرضة. عليهم أن يدركوا أن نجاحهم في وحدتهم، وأنّ قوتهم تتحقق ببناء نظام عادل يمثل السوريين جميعا، ويرعى حقوقهم، ويرسي أسس العدالة الحقيقية والمساواة بينهم. وفي الوقت نفسه يحمي سوريا من التهديدات والأطماع الإسرائيلية، والمخاوف من تغول بعض دول الجوار.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية سقوط الأسد الحرب في سوريا اجتماعات العقبة سوریا الجدیدة

إقرأ أيضاً:

فيضانات مفاجئة وجفاف متواصل.. كيف تأثرت المنطقة العربية في 2024؟

سجلت المنطقة العربية في عام 2024 أعلى درجات حرارة في تاريخها، وفق تقرير “حالة المناخ في المنطقة العربية” الصادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية في ديسمبر، ما يعكس تصاعدًا ملموسًا في وتيرة الاحترار وارتفاع خطر الظواهر المناخية المتطرفة.

وأشار التقرير، وهو الأول من نوعه، إلى أن متوسط درجة الحرارة السنوي ارتفع بمقدار 1.08 درجة مئوية مقارنة بالفترة المرجعية بين 1991 و2020، ما يوضح تسارعًا ملحوظًا مقارنة بالعقود السابقة، ويمثل مؤشرًا على تأثير التغيرات المناخية المتصاعدة على المنطقة.

تمتد المنطقة العربية على مساحة 13 مليون كيلومتر مربع من المغرب إلى الإمارات، وتضم 15 من أصل 20 دولة الأكثر معاناة عالميًا من ندرة المياه نتيجة تفاقم الظواهر المناخية، ومع أن معظم المنطقة جافة وقاحلة، فإن بعض مناطق شمال إفريقيا تشهد شتاء أكثر رطوبة.

وشهد عام 2024 موجات حر طويلة وممتدة، وصلت في بعض المناطق إلى 50 درجة مئوية لمدة 12 يومًا، بينما استمر الجفاف في أجزاء من شمال إفريقيا للسنة السادسة على التوالي، مع تسجيل فيضانات مفاجئة في دول مثل المغرب وليبيا والصومال ولبنان بعد هطول أمطار غزيرة، ما يعكس التباين الكبير في الظواهر المناخية وتأثيراتها المباشرة على المجتمعات والاقتصادات.

وحذرت المنظمة من أن الارتفاع المستمر في درجات الحرارة يضغط على الأنظمة البيئية والاقتصادات والمجتمعات، وأوضحت أن متوسط ارتفاع درجة الحرارة في المنطقة العربية بلغ 0.43 درجة مئوية لكل عقد منذ عام 1991، أي ضعف سرعة الاحترار على مستوى العالم، ويتجاوز ضعف معدل الفترة بين 1961 و1990.

وأظهرت بيانات العقد الأخير (2015-2024) أن درجات الحرارة ارتفعت بمقدار 0.58 درجة مئوية عن متوسط 1991-2020، و1.44 درجة مئوية مقارنة بالفترة 1961-1990، ما يعكس تصاعد التحديات المناخية التي تواجه المنطقة.

ودعا التقرير إلى تعزيز أنظمة الإنذار المبكر متعددة المخاطر، والتي تشكل استثمارًا حيويًا لحماية الأرواح وسبل العيش، وأشار إلى أن نحو 60% من الدول العربية تمتلك هذه الأنظمة حاليًا، كما أبرز التقرير استثمارات عدة دول في إدارة الموارد المائية عبر تحلية المياه وبناء السدود وتحسين معالجة مياه الصرف الصحي.

وأكد التقرير أن هذه الدراسة التحليلية تعتبر أداة تخطيط استباقية لفهم أنماط المناخ وتأثيراتها الاجتماعية والاقتصادية، والاستعداد للتحديات المستقبلية، خاصة مع استمرار الاتجاه نحو الاحترار وزيادة حدة الظواهر المناخية.

ووصف أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، التقرير بأنه خطوة نوعية نحو تعزيز فهم الجماعة العربية لأنماط المناخ والمخاطر المرتبطة به وتأثيراته الاجتماعية والاقتصادية، فيما تضمن التقرير توقعات سيناريوهات المناخ المستقبلية من الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ لتوفير إطار للتخطيط للتأثيرات المناخية في السنوات القادمة.

مقالات مشابهة

  • التدريب الديني أولاً.. نيويورك تايمز: الولاء يطغى على الكفاءة في بناء الجيش السوري الجديد
  • السيسي وماكرون يؤكدان دعم السودان واستقرار المنطقة ويتبادلان التهاني بالعام الجديد
  • خبير سياسي: مصر الوحيدة التي تواجه المشروع الدولي لتقسيم سوريا وتفكيك الدولة
  • بحث التعاون بين سلطة العقبة وغرفة تجارة العقبة لتعزيز الاستثمار وتنشيط الحركة التجارية
  • عاجل. بارّاك: هذه لحظة ترامب في الشرق الأوسط وإيران هي العقبة وطبيعة المنطقة القبلية تمنع قيام دول كبرى
  • فلسطين تدين قرار الاحتلال بناء وحدات استيطانية جديدة في الضفة
  • سوريا تتهم لبنان بعدم الجدية في ملف المعتقلين السوريين
  • فيضانات مفاجئة وجفاف متواصل.. كيف تأثرت المنطقة العربية في 2024؟
  • “اجتماعات العقبة” تعزّز دور الأردن العالمي في الحوار بين الأديان ومحاربة التطرف..
  • الرئاسة تعقب على قرار الاحتلال بناء 764 وحدة استيطانية جديدة في الضفة