أكد الدكتور مختار جمعة، وزير الأوقاف، أن الصحبة الصالحة تعد من أهم العوامل المؤثرة في بناء شخصية الإنسان، خاصة الشباب.

 وقال في حديثه: "الإنسان يتأثر بشكل كبير بمن يصاحب، وذلك سواء كان هذا التأثير إيجابيًا أو سلبيًا، وقد نبهنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهمية الصحبة الصالحة، حين قال: «مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ.

..»، وهذا يشير إلى أن الجليس الصالح مثل العطر الذي ينشر رائحته الطيبة ويزيد الإنسان طهارة وراحة، بينما الجليس السوء مثل النار التي تحرق الثياب وتلوث الحياة."

أهمية الصحبة الصالحة في حياة الإنسان

أوضح وزير الأوقاف السابق أن الصحبة الصالحة ليست مجرد علاقة اجتماعية عابرة، بل هي شراكة حقيقية تؤثر في سلوك الإنسان وتوجهاته في الحياة. فقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه: «الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ؛ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ»، وهذا يعني أن الإنسان يتأثر بشكل كبير بتوجهات وصحبة من يرافقهم في حياته، ولذا يجب على الإنسان أن يختار رفقاءه بعناية فائقة.

وأضاف جمعة أن الصحبة الصالحة تعد من أسباب النجاح في الدنيا والآخرة، لأنها تدفع الإنسان نحو الأخلاق الطيبة، وتذكره بالواجبات الدينية، وتحثه على اتباع الطريق الصحيح. فالصحابة الكرام، في مقدمتهم سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه، كانوا مثالًا حيًا للوفاء والصدق في الصحبة، مما جعلهم قدوة لأجيال المسلمين في مختلف العصور.

الصحبة السيئة: خطر على الفرد والمجتمع

كما نبه الدكتور جمعة إلى خطورة الصحبة السيئة، مشيرًا إلى أن القرآن الكريم حذرنا بشدة من رفقاء السوء، وأوضح أن أصدقاء السوء يجرون الإنسان إلى الضلال والانحراف عن الطريق القويم. 

 

فقد قال الله تعالى في القرآن الكريم: «وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِى اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِى لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا* لَقَدْ أَضَلَّنِى عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِى وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا»* [الفرقان: 26-29].

 

 وأوضح الوزير أن هذا التحذير يبين لنا أن الإنسان الذي يرافق رفقاء السوء سيندم في الآخرة على اختيار هؤلاء الأصدقاء الذين أضلوا سبيله وأبعدوه عن الحق.

كما أشار إلى أن القرآن الكريم تحدث أيضًا عن الصحبة الضارة في قوله تعالى: «وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِى بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا»، مشيرًا إلى أن الصحبة السيئة يمكن أن تكون سببًا في فساد النفس وابتعادها عن الله تعالى.

النماذج المشرفة من الصحابة الكرام

وأكد الدكتور جمعة أن الصحابة الكرام، وخاصة سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه، كانوا المثال الأمثل للصحبة الصالحة.

 فقد ضرب أبو بكر الصديق أروع الأمثلة في الوفاء والتفاني في دعم النبي صلى الله عليه وسلم. ومن أشهر المواقف التي توضح ذلك هو حين صدق النبي في حادثة الإسراء والمعراج، حيث قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: «إن كان قال فقد صدق»، في إشارة إلى أن أبا بكر كان يؤمن بنبوة النبي صلى الله عليه وسلم بشكل مطلق، حتى في المواقف التي قد يراها البعض غريبة أو غير قابلة للتصديق.

 وأضاف الدكتور جمعة أن هذا الموقف يعكس كيف كانت الصحبة بين النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق مليئة بالثقة والصدق والتعاون في سبيل الله.

وفي الحديث عن الصحبة الصالحة، ذكر الدكتور جمعة قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ فِى مَالِهِ وَصُحْبَتِهِ أَبُو بَكْرٍ وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا» [رواه مسلم]، ليؤكد على أن الصحابة الصالحين هم خير معين في الدنيا والآخرة، وأنهم أداة لبناء الشخصية السوية.

التحذير من رفقاء السوء

وأكد جمعة على ضرورة الابتعاد عن رفقاء السوء، مشيرًا إلى أنه يجب على المسلم أن يتحلى بالحذر الشديد في اختيار جلسائه، لأن الجليس الصالح يعين على الخير ويذكر بالحق، بينما الجليس السوء يعوق الشخص عن السير في الطريق المستقيم. وقال: "علينا أن نتجنب الصحبة التي تؤدي إلى الضلال، وأن نتحرى الصحبة الصالحة التي تزيدنا تقوى لله تعالى وتقربنا من أعمال الخير".

وأشار إلى أن القرآن الكريم قد أوضح لنا بشكل قاطع أن من يتابع أصدقاء السوء ويجلس معهم يتعرض لتبعات أعمالهم، كما قال الله تعالى في القرآن الكريم: «وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِى آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِى حَدِيثٍ غَيْرِهِ» [الأنعام: 68]، موضحًا أنه من الضروري أن نبتعد عن الصحبة التي تسيء إلى ديننا وأخلاقنا.

 

في الختام، دعا الدكتور مختار جمعة جميع المسلمين إلى التمسك بالصحبة الصالحة التي تعين على الخير وتدفع الإنسان إلى الالتزام بالقيم الدينية والأخلاقية السامية. وأضاف أن اختيار الصحبة الطيبة هو مفتاح للنجاح في الدنيا وسبب للنجاة في الآخرة، وأن المجتمع المسلم يجب أن يحرص على تقوية الروابط بين أفراده من خلال الصداقات التي تبني وتنمي الإيمان وتقوي العلاقات الاجتماعية على أساس من المودة والرحمة.

وختم حديثه بالدعاء بأن يرزقنا الله الصحبة الطيبة التي تقربنا إليه، ويجنبنا صحبة السوء التي تضلنا عن الطريق المستقيم.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: النبى صلى الله مختار جمعة صلى الله عليه وسلم الدكتور مختار جمعة وزير الأوقاف الطريق الصحي الدكتور مختار جمعة وزير الأوقاف ا النبی صلى الله علیه وسلم أبو بکر الصدیق القرآن الکریم الدکتور جمعة رفقاء السوء إلى أن

إقرأ أيضاً:

علي جمعة: علامات الساعة ظهرت ويوم القيامة قادم بغتة لا محالة

قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ان يوم القيامة يوم عظيم، كثر ذكره في كتاب الله، وكثرت أسمائه لبيان عظمته، على عادة العرب في لغتهم، فإنهم كانوا إذا أحبوا شيئًا أكثروا من أسمائه، وإذا خافته كذلك، فتراهم أكثروا من أسماء الخمر، وكذلك أكثروا من أسماء الأسد.

واضاف جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، انه لقد عدد الله أسماء يوم القيامة في كتابه المجيد فذكر منها : الساعة، والطامة، الآزفة، والحشر، والتغابن، يوم الحسرة، الصاخة ...إلخ.

دعاء الشفاء للمريض.. ردده للأهل والأقارب والأصحابدعاء التوبة النصوح والرجوع إلى الله.. الباب مفتوح فلا تتأخر

واشار الى انه لا ريب من أنه يوم عظيم جليل، يغضب فيه ربنا سبحانه وتعالى، ولا يؤذن لأحد أن يشفع فيه إلا نبينا المصطفى ﷺ ، فيكرمه الله بهذا المقام المحمود، والشفاعة العظمى، ولعلنا نفصل القول في مقالات أخرى عن تلك الشفاعة وأحداث ذلك اليوم.

وكان من عظمة ذلك اليوم أن كثرت العلامات والأمارات التي تكون بين يديه تمهيدًا لحدوثه، وقد ذكر ربنا هذه العلامات أيضًا في كتابه فقال تعالى : (فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْراطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ) [محمد :18]. 

وقد اهتم النبي ﷺ بإخبار الأمة بما يحدث، وبما حدث في الماضي ولم يطلعوا عليه، وذلك لتقوية إيمانهم، وتبشيرهم وتحذيرهم، وتعريفهم كيف يتم التعامل مع هذه الوقائع، فعن ابن عمر رضي الله عنه قال : (قام فينا النبي ﷺ مقاماً، فأخبرنا عن بدء الخلق حتى دخل أهل الجنة منازلهم وأهل النار منازلهم، حَفِظَ ذلك مَنْ حَفِظَهُ وَنَسِيَهُ مَنْ نَسِيَهُ) [البخاري].

فقد ذكر ربنا أن أشراطها قد حدثت، وقسم العلماء علامات الساعة إلى علامات صغرى وعلامات كبرى، فالصغرى مظاهر تطرأ على المجتمعات الإسلامية، بل والمجتمعات العالمية.

والعلامات الصغرى ذكرت في الأحاديث النبوية تزيد عن سبعين علامة تدور أغلبها على : ظهور الفساد، وترك الدين، وقلة العقل، وقلة العلم، وشيوع ذلك بين الناس، وأن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان، وإسناد الأمر إلى غير أهله، قلة العلم وظهور الجهل، وكثرة القتل، وشرب الخمور وتسميتها بغير اسمها، وكثرة الزنا والخنا، ولبس الرجال الحرير، ائتمان الخائن وتقريبه، وتخوين الأمين، وظهور الفحش والتفحش، اتخاذ المساجد طرقًا، ويظهر الموت فجأة،  ظهور الفتن وعموم شرها، وكثرة الزلازل، وكثرة القتل، وتداعي الأمم وتكالبها على أمة الإسلام كما تتكالب الأكلة على قصعتها، والتماس العلم عند الأصاغر، ظهور النساء الكاسيات العاريات، وظهور أقوام معهم أسواط كأذناب البقر يضربون الناس بها، وتصدُّر السفهاء وتكلمهم في الأمور العامة للناس.

طباعة شارك يوم القيامة أسماء يوم القيامة التغابن

مقالات مشابهة

  • يسري جبر: النبي أول خلق الله من جهة نوره وروحه وليس جسده
  • حسام موافي يكشف عن تجربته الشخصية في المذاكرة التي جعلته من أوائل دفعته
  • دعاء للميت آخر جمعة في السنة الهجرية 1446.. 11 كلمة تعصمه فتن القبر وما بعده
  • دعاء آخر جمعة في السنة الهجرية 1446.. يقضي حاجتك ويوسع رزقك
  • مسؤول أميركي من بيروت: انخراط حزب الله في الحرب بين إيران وإسرائيل "قرار بالغ السوء"
  • علي جمعة: اصبر على طلب الحق وتمسك به ولو كنت وحدك
  • الشعراوي يكشف اسم القرية التي نزل عليها مطر السوء.. ماهي؟
  • الصِّدق أساسُ التَّعامل بين الحاكم والمحكوم.. أبوبكر الصديق نموذجاً
  • تكلفة أداء مناسك الحج بالنسبة للتنظيم الرسمي تتحدد بناء على الخدمات التي يتم توفيرها للحجاج المغاربة 
  • علي جمعة: علامات الساعة ظهرت ويوم القيامة قادم بغتة لا محالة