في كل يوم يمر تزيد حصيلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وينضم إلى قافلة الشهداء أعداد جديدة رحلت إما بالقصف والطلقات النارية، وإما بالسلاح الصامت الذي يستخدمه الاحتلال الإسرائيلي وهو «التجويع»، ورغم اعتراف إسرائيل به ضمنيًا في عدة مناسبات، إلا أن القوى الدولية المؤيدة لها تتجاهل عن ذلك.

تجويع الفلسطينيين يغيب عن دائرة الأضواء

إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن أشارت إلى ما يعانيه أهالي القطاع من نقص في الإمدادات الغذائية في منتصف أكتوبر الماضي، وهددت بفرض عقوبات على الاحتلال إن لم يتخذ إجراءات تحد من الأزمة الإنسانية، وتسمح بتدفق المساعدات إلى غزة المحاصرة، إلا أنها تغاضت عن محاسبة إسرائيل على الكارثة الإنسانية التي تحل بالقطاع الفلسطيني في شهر نوفمبر، وهو الشهر ذاته الذي صرح فيه مدير تحليل الأمن الغذائي والتغذية لدى برنامج الأغذية العالمي، جان مارتن باور بأن: «هناك مجاعة تحدث أو إنها وشيكة في أجزاء من شمال قطاع غزة، نتيجة للنزوح على نطاق واسع وانخفاض التدفقات التجارية والإنسانية إلى القطاع».

وخلصت المحكمة الجنائية الدولية في الشهر الجاري إلى أن إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية، وتفرض على الفلسطينيين ظروفًا معيشية مصممة لتدميرهم بشكل ملموس، عن طريق عرقلة المساعدات الإنسانية.

إسرائيل تنفي بأدلة تُدينها

من جانبها، تستمر السلطات الإسرائيلية في النفي، وتقدم عبر صفحات على وسائل التواصل الاجتماعي الرسمية التابعة لها أرقامًا تروج لمزاعمها بأنها لا تعرقل دخول المساعدات، ولكن هي نفس الأرقام التي تدينها.

تعهدت دولة الاحتلال في أبريل الماضي بأن تسمح بدخول 500 شاحنة مساعدات يوميًا بعد حادثة مقتل عمل منظمة «المطبخ العالمي» لتقليل حدة الغضب الدولي، إلا أنها لم تفِ بتلك الوعود لا سيما وأن سمحت في شهر أكتوبر الماضي بدخول عدد شاحنات يوميًا بما يقرب من 58 شاحنة، وفي نوفمبر 59 شاحنة فقط، وفقًا لمجلة «Responsible statecraft» الأمريكية استناداً إلى بيانات لجيش الاحتلال.

وبينما تستمر إسرائيل في مراوغتها فإنها تستمر في إدانة نفسها، لا سيما وأنها تنشر بشكل متواتر عبر حسابات تديرها حكومتها مثل وزارة الخارجية الإسرائيلية، وحساب وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق التابعة للجيش، عدد الشاحنات التي تدخل إلى قطاع غزة يوميًا، وتشير في عدة مرات إلى أن عدد الشاحنات يقل عن الاحتياجات الإنسانية لأهالي القطاع.

إلى ذلك، فإن إسرائيل تبالغ بشكل مصطنع أحيانًا في إجمالي المساعدات من خلال احتساب الشاحنة نصف الممتلئة على أنها شاحنة كاملة، والجدير بالذكر أن جيش الاحتلال يحدد أن تكون عدد من شاحنات المساعدات الإنسانية مملوءة بنسبة 50% من طاقتها لأسباب أمنية مزعومة.

 ويبالغ جيش الاحتلال في أرقام مساعداته من خلال إدراج الشاحنات التجارية كمساعدات إنسانية على الرغم من الأولى باهظة التكلفة بالنسبة لمعظم سكان قطاع غزة، الذين باتوا يعيشون في فقر مضجع بسبب العدوان الإسرائيلي الذي دمر كل ممتلكاتهم وثرواتهم، والثانية موجهة نحو الاحتياجات الإنسانية.

اعترافات دون قصد

وزعم المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، نداف شوشاني في الرابع من ديسمبر الجاري عبر منصة «إكس» أن نقص المساعدات الإغاثية التي تصل للفلسطينيين بسبب شح المساعدات المقدمة من المنظمات الإنسانية، وأن إسرائيل لا تقع عليها مسؤولية الأزمة الإنسانية التي يعاني منها قطاع غزة، على الرغم من آلاف الشاحنات الإغاثية تنتظر يوميًا الدخول إلى قطاع غزة ولكن إسرائيل تحول دون ذلك.

ولكن «شوشاني» اعترف دون قصد بأن إسرائيل تنتهك التزاماتها القانونية التي فرضها القانون الدولي، لا سيما وأن تل أبيب من الدول الموقعة على اتفاقية جنيف الرابعة، والتي تنص على أن القوة المحتلة يجب عليها ضمان وصول المواد الغذائية والطبية إلى السكان المحتاجين، وتلزم المادة 59 من الاتفاقية على السماح بإدخال المساعدات وضمان تسليم المساعدات بالفعل وهو ما تفعل إسرائيل عكسه تماماً.

إسرائيل ترعى عصابات مسلحة لنهب المساعدات

صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية حصلت على مذكرة صادرة من الأمم المتحدة خلصت إلى أن إسرائيل تمول عصابات مسلحة، تعمل على نهب قوافل المساعدات الشحيحة أصلًا، بينما يوفر الجيش الإسرائيلي الحماية لهم.

وذكرت المذكرة أن العصابات تعمل في نطاق بصر الجيش الإسرائيلي وعندما تنهب مساعدات الإغاثة، ذلك تراقب قوات جيش الاحتلال، ولا تدخل حتى لو طلب عمال الإغاثة ذلك، فضًلا عن أن قوات الاحتلال كثيرًا من الأحيان تتولى مهاجمة عمال الإغاثة على الرغم من أن المنظمات التي يتبع له العمال بإحداثيتهم.

علي جمعة: من لم يمت بالقصف مات بالجوع

وعلى أرض الواقع، فإن الأسواق في قطاع غزة تكاد تكون فارغة والواقع المعيشي صعب، وللنجاة بنفس لا يكفي الهرب من مكان إلى آخر لتفادي القصف أو رصاص جنود الاحتلال الذين لا يترددون في قتل أي فلسطيني، بل يجب إيجاد أي غذاء لتفادي الهلاك.

وفي حديث مع «الوطن» قال الناشط الفلسطيني علي جمعة إن الطعام بنسبة لأهالي قطاع غزة للعيش فقط وليس للشبع، وأن اللحوم والخضروات والفواكه تكاد أن تكون نستها الأبصار في القطاع خاصة في الأجزاء الشمالية منه.

وفيما يخص المساعدات الإغاثية أوضح «جمعة» أن سعيد الحظ من يتحصل على «كرتونة مساعدات» مرة أو اثنتين في الشهر، وهي التي لا تسد الرمق لبضعة أيام ما يجعل المواطن أمام خيارين، أولهما أن يشتري من الأسواق أي غذاء وإن وجد فدائما ما يكون سعره باهظ الثمن ولا يكون سوى «معلبات»، بينما معظم الغزيين نضبت مواردهم وتقطعت أرزاقهم ما يضع الكثيرين، أما الخيار الثاني ألا وهو «الجوع» الذي يفتك بالكثيرين وأودا بالكثيرين بصمت، إذ أكد «جمعة» أن هناك حالات استشهاد عديدة بسبب الجوع خاصة بين صفوف الأطفال.

ولفت الناشط الفلسطيني إلى أن رحلات البحث الطويلة عن طعام دائما ما تكون محفوفة بالمخاطر وذكر أنه في إحدى المرات التي ذهب فيها لتسلم مساعدات وبعد السير لأميال قُصفت المنطقة المحددة لتسليم المساعدات ما دفعه للعودة خالي الوفاض.

وفيما يتعلق بأثر ذلك النقص الحاد في الغذاء، أشار «جمعة» إلى أنه خسر ما يزيد عن 10 كيلو جرامات من وزنه، بينما صديقًا له خسر 27 كيلوجراما.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: قطاع غزة شمال قطاع غزة الاحتلال الإسرائيلي إسرائيل جیش الاحتلال أن إسرائیل قطاع غزة إلى أن یومی ا

إقرأ أيضاً:

71 شهيدا بنيران جيش الاحتلال في قطاع غزة منذ فجر اليوم

أفادت مصادر في مستشفيات غزة بارتقاء 71 شهيدا بنيران جيش الاحتلال في قطاع غزة منذ فجر اليوم، بينهم 50 من منتظري المساعدات، وفق ما ذكرت وسائل اعلام.

استُشهد 14 فلسطينيا وأصيب آخرون، الثلاثاء، بعد قصف الاحتلال مناطق واسعة في قطاع غزة، لترتفع الحصيلة إلى 71 فلسطينيا منذ فجر الثلاثاء، بينهم 50 من منتظري المساعدات.

وأفادت مصادر طبية، ظهر الثلاثاء، باستشهاد 20 فلسطينيا على الأقل وإصابة العشرات بجروح من بينهم حالات بجروح خطيرة، بعد إطلاق قوات الاحتلال الإسرائيلي النار تجاه المواطنين وهم ينتظرون الحصول على مساعدات قرب مركز مساعدات شمال غرب مدينة رفح جنوب قطاع غزة.

وأفاد مصدر طبي في مستشفى المعمداني، بارتفاع عدد الشهداء إلى 10 إثر غارة من طائرات الاحتلال على منزل في حي الصبرة جنوب مدينة غزة.

كما استُشهد 3 فلسطينيين وأصيب العشرات، جراء إطلاق الاحتلال النيران على منتظري المساعدات شمال رفح.

واستُشهد فلسطيني وأصيب عدد آخر، جراء قصف من مدفعية الاحتلال على حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وأطلقت مسيرة للاحتلال النار شمال شرق مخيم البريج وسط القطاع.

إيران: القوات المسلحة يدها على الزناد ولا تثق بكلام الأعداءالخارجية الإيرانية: طهران لا تزال ملتزمة بسياسة حسن الجوار تجاه قطرالتلفزيون الإيراني يكذب أنباء إطلاق صواريخ على حيفابعد الاعتداءات الأخيرة.. إجراء عاجل من دولة قطر بحق إيرانجنرال إسرائيلي يعترف: إيران هي من حددت موعد وقف إطلاق النار

كانت مصادر طبية في قطاع غزة، أكدت أن حصيلة من وصل إلى المستشفيات من شهداء منتظري المساعدات الغذائية حوالي 500 وأكثر من 3,500 إصابة منذ البدء بالعمل بمراكز توزيع المساعدات أواخر الشهر الماضي.

ومنذ السابع من أكتوبر 2023، بدأت قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانا على قطاع غزة، أسفر عن استشهاد 55,998 فلسطينيا، أغلبيتهم من الأطفال والنساء، وإصابة 131,559 آخرين، في حصيلة غير نهائية، إذ لا يزال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات، ولا تستطيع طواقم الإسعاف والإنقاذ الوصول إليهم.

طباعة شارك مستشفيات غزة 71 شهيدا الاحتلال فجر اليوم فلسطينيا منتظري المساعدات

مقالات مشابهة

  • “الأغذية العالمي”: المساعدات التي وصلت غزة منذ أيار أقل من احتياجات يوم واحد للسكان
  • شهادات للجزيرة نت تكشف استخدام إسرائيل للمساعدات فخا للإسقاط الأمني في غزة
  • الأونروا: المساعدات الإنسانية تنتظر خارج حدود غزة وهي جاهزة للدخول
  • 21 شهيدا في غارات إسرائيلية على غزة منذ فجر اليوم
  • “الأحرار الفلسطينية”: مجازر توزيع المساعدات جريمة حرب مركبة بشراكة أمريكية وصمت دولي
  • “حماس”: جيش الاحتلال يقتل أكثر من 50 فلسطينيا من المجوعين بغزة
  • حماس تعلق علي مجـ.ازر الاحتلال بحق الفلسطينين في نقاط توزيع المساعدات
  • 71 شهيدا بنيران جيش الاحتلال في قطاع غزة منذ فجر اليوم
  • كارثة إنسانية.. الأمم المتحدة: إسرائيل تتحمل المسؤولية عن الأوضاع في غزة
  • استهداف منتظري المساعدات: 17 شهيدًا اليوم وارتفاع الحصيلة لـ 467 شهيدًا