ترجّح تقديرات المؤسّسة الأمنية الإسرائيلية أن يواصل الحوثيون إطلاق الصواريخ الباليستية من اليمن نحو تل أبيب الكبرى وسط دعوات لعدم الاكتفاء بـ ضربات في اليمن بل الذهاب لـ ضربة كبيرة في إيران رغم الجدل في إسرائيل حول حقيقة دورها ومسؤوليتها وحول استقلالية الحوثيين في هذا المضمار.

 

المؤكد أن استئناف إطلاق الصواريخ والمسيّرات من اليمن في هذه المرحلة المتأخرّة من الحرب، تفاجئ وتقلق وتربك إسرائيل.

 

وجاء الصاروخ الأخير في شمال مدينة يافا التاريخية،على الحدود بينها وبين تل أبيب،فجر السبت الماضي مباغتا ، وفشلت القبة الحديدية في اعتراضه خاصة أنه أعقب صاروخا آخرا كان وصل تل أبيب قبل يومين وتسبب بهدم مدرسة بالكامل كانت فارغة. وفي الحالتين لعب الحظ دورا حاسما في منع نتائج وخيمة، ووقوع أعداد كبيرة من المصابين والقتلى، فقد سقطا على مسافة أمتار من عمارات سكنية مأهولة بعضها بدون ملاجئ، لقدمها.

 

وهذه الحقيقة هي مصدر قلق إسرائيلي بالغ كما ينعكس أمس الأحد في الصحف العبرية، فخطورة الصواريخ لا تقاس بنتائجها فحسب بل بما كان بالإمكان أن تسببّه.واستراتيجيا ينبه رئيس معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب الجنرال في الاحتياط تامير هايمن في تصريحات صحفية أمس إلى ضرورة اعتماد إسرائيل على نفسها هنا لأن «التحالف الغربي» طبيعته دفاعية فقط، محذّرا من أن بقاء التهديد الحوثي عبرة مهمة ملهمة لـ إيران ولذا على إسرائيل أن تصمّم في القضاء عليه».

 

تهديد حقيقي

 

بيد أن الضرر والتحّدي الناجمين عن إطلاق صواريخ «اليمن السعيد» البعيد يكمنان أيضا بكونها مصدرا حقيقيا فوريا آنيا لـ تشويش وتيرة الحياة، فصافرات الإنذار التي جاءت بعد سقوط الصاروخ في يافا هذه المرة،يدفع أعداد كبيرة جدا من الإسرائيليين للاستيقاظ خائفين أو قلقين ويهرولون للملاجئ بعد منتصف الليل وفي ساعات الفجر. علاوة على تشويش دورة الحياة اليومية والخوف فإن استمرار مثل هذه الصواريخ من شأنه أن يتسبب بأضرار اقتصادية من ناحية تراجع الاستثمار جراء قلة الاستقرار.

 

ويكفي أن يطلق الحوثيون صاروخا واحدا كل أسبوع أو كل أسبوعين حتى تتكّرس حالة الطوارئ المربكة هذه. وما يزيد من قلق المؤسّسة الأمنية في إسرائيل هو فشل منظومة القبة الحديدية بكل طبقاتها من اعتراض الصاروخين. في المقابل يوضح مسؤول سابق لمنظومة الصواريخ الاعتراضية الجنرال في الاحتياط تسفيكا حايموفيتش في حديث للإذاعة العبرية صباح أمس الأحد أن خللا تقنيا تسبب في ،عدم اعتراض الصاروخين مؤكدّا قيام الجيش بـ تصليحه».

 

 وردا على سؤال تابع حايموفيتش»نعم الامتحان سيكون في اعتراض الصاروخ التالي وهو سيأتي». من جهة أخرى يشار إلى أن القبة الحديدية فشلت في اعتراض عدد كبير من الصواريخ الباليستية الإيرانية في ليلة الصواريخ الكبيرة في الأول من أكتوبر/تشرين أوّل الماضي،فقد أفادت تسريبات إسرائيلية أيضا بأن الصواريخ الإيرانية سقطت في عدة مطارات عسكرية وتسبّبت بأضرار بالغة. وكانت منتديات للتواصل الاجتماعي قد وثقّت وقتها هذه الصواريخ وهي تتساقط بكثافة في النقب.

 

إغلاق الثغرة

 

ويدعو مراقبون إسرائيليون لـ الإسراع في «سدّ الثغرة» لمنع اختراق الصواريخ في المستقبل للأجواء المحلية والسقوط المحتمل في تل أبيب ومحيطها خاصة أن إيران ما زالت تهدّد بالانتقام من إسرائيل وأن خطر إطلاقها هي الأخرى صواريخ باليستية ما زال قائما،كما يؤكد المحلل العسكري البارز في موقع «واينت» رون بن يشاي.

 

بيد أن بن يشاي وغيره من المراقبين الإسرائيليين يدعون للقيام بـ خطوات وقائية استباقية تتمثّل في قصف اليمن ومنع إطلاق الصواريخ منه بدلا من الاعتماد على القبة الحديدية فقط.

 

على خلفية كل ذلك(الأضرار والتهديدات والاحتمالات بـ استمرارها) تكشف مصادر في إسرائيل عن استعداداتها لـ شنّ هجمات جوية جديدة في اليمن لا تكتفي باستهداف الموانئ أو البنى التحتية، إنما تطال منظومات عسكرية وتحاول اغتيال القيادات السياسية والعسكرية الحوثية.

 

وينقل المراسل العسكري في صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية يوسي يهوشع عن مصادر عسكرية إسرائيلية تقديراتها بـ ازدياد وتيرة الصواريخ نحو تل أبيب الكبرى بعدما طوّر الحوثيون هذا الطراز من الصاروخ بإضافة كمية البنزين في محركه مما يزيد مداه. كما ينقل عنها ترجيحها أن القبة الحديدية ستفشل أحيانا، ولذا فإن الحل سيكون بإطلاق أكثر من صاروخ اعتراضي بشكل متزامن.

 

مع ذلك يقول يهوشع:»لكن عندما لا تستطيع إسرائيل الرد بقوة كبيرة وكافية على الحوثيين فهذا امتحان لدول الغرب». يشار أن الولايات المتحدة وبريطانيا قامتا في الليلة قبل الماضية بقصف أهداف في صنعاء وفي جنوب الحديدة ، وقد سبق أن قصفتا اليمن عدة مرات منذ اندلاع الحرب قبل سنة وثلاثة شهور لاسيما أن الحوثيين أغلقوا البحر الأحمر حتى تتوقف الحرب على غزة.

 

مصادر صحافية عبرية كشفت قبل أيام عن تقديرات أمريكية تفيد بأن القوة ضد الحوثيين غير مجدية فهم عنيديون ومصممّون على موقفهم رغم الضربات والأثمان الباهظة. وهذا ما أكده نائب رئيس الهيئة الإعلامية لأنصار الله نصر الدين عامر بقوله «إننا نتوقع ضربات جديدة من الغرب فإسرائيل هي إبنته المدللة ونعي أن الثمن باهظ بيد أننا مستمرون».

 

وهذا التصريح يتقاطع أيضا مع تقديرات المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بأن التهديد الحوثي مقلق لأن إسرائيل لم تنجح بردع الحوثيين علاوة على الفشل في اعتراض الصاروخ،وفق ما يؤّكده عاموس هارئيل المحلل العسكري في صحيفة «هآرتس» .

 

وفي ظل التسريبات عن استعدادات إسرائيل لتوجيه ضربة جديدة في اليمن بعد الصاروخ الأخير تشير مصادر صحفية عبرية أن ضربة إسرائيلية في إيران هي واحدة من الخيارات المطروحة فعلا ،كما تكشف الصحيفة العبرية المذكورة.ويثير هذا الموضوع نقاشات في إسرائيل حول الخيار الأصح فهناك من يشكّك بجدوى مواصلة إسكات الحوثيين في اليمن ويدعون للذهاب لما ما يصفونه «رأس الأخطبوط» لأن العنوان هو في طهران ولأن ضربة كبيرة في إيران هي الطريق لوقف «الإزعاج اليمني»،وفق ما يقول المحلل السياسي بن درور يميني ، زاعما أن اليمن هي لبنان الثاني ،دولة ضعيفة يسيطر عليها تنظيم معاد لنا». وهذا ما يشير ويدعو له رسم كاريكاتير الصحيفة حيث يبدو المرشد الروحي الأعلى في إيران علي خامنئي وهو يحمل إبريقا ويسقي الحوثيين ومن خلفه نباتات حماس وحزب الله والأسد قد ذبلت.

 

تأثيرها على الصفقة؟

 

وهل تؤثر صواريخ اليمن على احتمالات الصفقة العالقة؟ علاوة على محاولات إسرائيلية محتملة جدا لاغتيال قيادات الحوثيين كما فعلت في الجبهتين الفلسطينية واللبنانية رغم الحاجة الكبيرة للمعلومات الاستخباراتية ولتعاون دول أخرى، من غير المستبعد أن تؤدي صواريخ اليمن في حال استمرت وفشلت القبّة الحديدة باعتراضها ،أن تؤّدي لزيادة الضغط الداخلي على رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو نحو وقف التهرب واستكمال الصفقة وإنهاء الحرب متجانسا مع رغبة 74% من الإسرائيليين وفق آخر استطلاعات الرأي.

 

إن استمرار تشويش الحياة في تل أبيب الكبرى،قلب إسرائيل،من شأنه زيادة غضب الشارع الإسرائيلي على استمرار النزيف وترجيح حكومتهم كفة اعتبارات فئوية غريبة. كذلك ربما يكون هذا النزيف سببا لزيادة ضغط الإدارة الأمريكية الجديدة على حكومة الاحتلال من أجل وقف الحرب خاصة أن استمرار إغلاق البحر الأحمر يهدد مصالح أمريكا وحليفاتها في المنطقة.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن اسرائيل الحوثي صاروخ ايران القبة الحدیدیة اعتراض الصاروخ فی إسرائیل فی اعتراض فی إیران فی الیمن تل أبیب

إقرأ أيضاً:

إيران تهدد بتقليص التعاون مع الوكالة الذرية إذا صدر قرار ضدها

لوّحت إيران مجددًا بتقليص مستوى تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في حال أقرت الوكالة قرارًا مناهضًا لها خلال الاجتماع المرتقب لمجلس المحافظين الأسبوع المقبل، وذلك في ظل توتر متصاعد مع الدول الغربية بشأن البرنامج النووي الإيراني.

وقال المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، بهروز كمالوندي، في تصريحات نقلتها وكالة "إرنا" الرسمية، إن طهران أبلغت الوكالة أنها أعدّت قائمة من الأسئلة، بعضها فني والآخر يتعلق بصيغة التعاون، محذرًا من أن "الوكالة الدولية للطاقة الذرية لا ينبغي لها أن تتوقع استمرار هذا النوع من التعاون الواسع والصريح مع إيران كما كان حتى الآن".

اجتماع حاسم وتلويح باتهام غير مسبوق منذ عقدين

وكانت وكالة "رويترز" قد ذكرت في وقت سابق أن الدول الغربية تتأهب لطرح مشروع قرار يدين إيران بانتهاك التزاماتها في إطار معاهدة حظر الانتشار النووي، وهو الاتهام الأول من نوعه منذ نحو عشرين عامًا. ومن المتوقع مناقشة القرار خلال اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأسبوع المقبل.

وفي مذكرة رسمية أرسلتها طهران بعد صدور تقرير المدير العام للوكالة، حذرت إيران من أنها "ستتخذ القرارات المناسبة إذا استمرت الدول الغربية في مسارها الخاطئ باستغلال صبر إيران"، محمّلة هذه الدول مسؤولية "النتائج والعواقب".

اندلاع نيران هائلة في السوق القديم لمدينة بندر عباس جنوب إيرانواشنطن وباريس تتفقان على التزام مشترك لمنع إيران من امتلاك القنبلة النوويةإيران تعلن تنفيذ أكبر ضربة استخباراتية ضد إسرائيل ونقل وثائق حساسة إلى أراضيهازلزال بقوة 4.3 درجة يضرب جنوب غرب ايرانإيران : مفاوضاتنا مع واشنطن غير مباشرة وسلطنة عُمان تواصل الوساطةترامب يلوح بالخيار العسكري ضد إيران: لن نسمح بالتخصيب حتى لو مؤقتاواشنطن تفرض عقوبات جديدة على إيران تشمل شركات في الإمارات وهونغ كونغالبيت الأبيض: إيران أكبر دولة راعية للإرهاب في العالمبوتين يزور إيران قريبا.. توسيع التحالفات بعيدا عن الغربوول ستريت: إيران تسعى لتعزيز ترسانتها العسكرية بشكل غير مسبوقلا حدود للتخصيب ما دام في الإطار السلمي

وأوضحت المذكرة الإيرانية أن وثائق الوكالة الدولية للطاقة الذرية لا تنص على وجود حدّ لمستوى تخصيب اليورانيوم، طالما لم يتم تحويل المواد إلى أغراض عسكرية، ما يُعدّ ردًا مباشرًا على الاتهامات المتزايدة بشأن رفع طهران لنسب التخصيب.

من جهتها، أصدرت وزارة الخارجية الإيرانية ومنظمة الطاقة الذرية بيانًا مشتركًا أعربتا فيه عن أسفهما لنشر التقرير الأخير للوكالة، واصفتين إياه بـ"المسيس"، وأكدتا أن إيران لم تُخفِ أي مواقع أو أنشطة نووية غير معلنة، حسب تعبير البيان.

اندلاع نيران هائلة في السوق القديم لمدينة بندر عباس جنوب إيرانواشنطن وباريس تتفقان على التزام مشترك لمنع إيران من امتلاك القنبلة النوويةإيران تعلن تنفيذ أكبر ضربة استخباراتية ضد إسرائيل ونقل وثائق حساسة إلى أراضيهازلزال بقوة 4.3 درجة يضرب جنوب غرب ايرانإيران : مفاوضاتنا مع واشنطن غير مباشرة وسلطنة عُمان تواصل الوساطةترامب يلوح بالخيار العسكري ضد إيران: لن نسمح بالتخصيب حتى لو مؤقتاواشنطن تفرض عقوبات جديدة على إيران تشمل شركات في الإمارات وهونغ كونغالبيت الأبيض: إيران أكبر دولة راعية للإرهاب في العالمبوتين يزور إيران قريبا.. توسيع التحالفات بعيدا عن الغربوول ستريت: إيران تسعى لتعزيز ترسانتها العسكرية بشكل غير مسبوقخلفية التوتر النووي

يأتي هذا التصعيد في وقت يشهد فيه الملف النووي الإيراني جمودًا سياسيًا منذ انهيار محادثات إحياء الاتفاق النووي عام 2015، بعد انسحاب الولايات المتحدة منه عام 2018 في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، وعودة طهران تدريجيا إلى رفع مستويات التخصيب خارج سقوف الاتفاق.

وترى دول غربية أن سلوك إيران الحالي يزيد من تعقيد فرص التوصل إلى تسوية دبلوماسية، بينما تردّ طهران باتهام تلك الدول بانتهاج سياسات مزدوجة وتسييس ملف الوكالة الذرية.

طباعة شارك إيران الوكالة الدولية الطاقة الذرية طهران أمريكا ترامب الاتفاق النووي

مقالات مشابهة

  • إيران تهدد بتقليص التعاون مع الوكالة الذرية إذا صدر قرار ضدها
  • 4 سيناريوهات محتملة لمفاوضات نووي إيران
  • إيران: نمتلك كمية كبيرة من وثائق حسّاسة عن منشآت “إسرائيل” النووية
  • ابتزاز دولي في البحر الأحمر وتوسع نفوذ على وقع الصراع في غزة.. تحليل سفير بريطانيا السابق لدى اليمن لسلوك الحوثيين
  • تحفظ إسرائيلي وتأكيد إيراني.. تفاصيل استيلاء طهران على وثائق نووية لتل أبيب
  • «ضربة خطيرة تهز تل أبيب».. تسريب آلاف الوثائق الحساسة من إسرائيل إلى إيران
  • صحيفة أمريكية: إيران تطلب من الصين مكونات صواريخ باليستية وتتوقع تسليمها للحوثيين
  • إيران وروسيا تبحثان تطوير التعاون الفضائي
  • إسرائيل: نعمل على مدار الساعة لتوسيع الأهداف ضد الحوثيين ومعرفة تلك الأهداف تتحسن يوميا بعد آخر
  • إيران تطلب من الصين مكونات صواريخ باليستية لإعادة بناء القدرات العسكرية