ما كان يخشاه الكثيرون بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد يوم الثامن من الشهر الحالي، وسيطرة الجماعات المسلحة على السلطة، يبدو أنه بدأ يتحقق.
كان الخوف من اندلاع الفوضى والحرب الأهلية والاقتتال الطائفي والمذهبي والإثني حاضراً؛ لأن عملية الانتقال من مرحلة إلى مرحلة أخرى لم تأخذ الطريق الطبيعي، أو تسلك الوسائل الديمقراطية في ظل تشظي المجتمع السوري وانقساماته، ورواسب الماضي، وما تحمله من احتقان كان يؤذن بالانفجار، خصوصاً في ظل وجود مناطق تهيمن عليها جماعات مسلحة على مختلف الجغرافيا السورية، مع تمركز جماعات طائفية ومذهبية في بعض المناطق اعتبرت ما حصل مؤخراً بأنه خضع لمنطق الغلبة، وباتت تخشى من الانتقام باعتبارها تنتمي إلى مذهب معين، خصوصاً أن الجماعات المسلحة التي سيطرت على الحكم ليست متجانسة في الأهداف والانتماء والفكر، وبعضها يحمل أفكاراً متطرفة عبرّت عنها ممارسات مرفوضة تؤجج الخلافات وتثير الفتن، مثل إحراق شجرة الميلاد في بعض المناطق، والاعتداء على كنائس، وإحراق مزارات دينية.
حتى ولو كانت هذه الممارسات فردية، فإنها لا تُعفي من يتولى السلطة من مسؤولية وضع حد لها فوراً؛ لأنها تؤجّج صراعاً دموياً لا يتوقف عند حد، وتحقق هدفاً خبيثاً في إدخال سوريا في أتون صراع لن يؤدي إلا إلى التقسيم والتفتيت، وإقامة كانتونات طائفية ومذهبية وإثنية بديلاً لسوريا الموحدة أرضاً وشعباً ومؤسسات، تضع حداً للتفاؤل بأن التغيير الذي حصل يفتح صفحة جديدة لسوريا وللشعب السوري بالحرية والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، والمصالحة الوطنية الشاملة من دون إقصاء أحد، أو الانتقام من أحد. ويطلق عجلة إعادة الإعمار، ويعيد المهاجرين.
إن شرط تحقيق ذلك هو التخلي عن منطق الغلبة والانتصار، والأفكار المتطرفة التي ترفض الآخر، وتغليب منطق الانصهار الوطني الشامل بين مختلف مكونات الشعب السوري، والبدء فوراً بعملية سياسية تطلق ورشة استعادة سوريا كدولة مدنية يخضع جميع أهلها لدستور وقانون يتجاوز الطائفية والمذهبية ويكرّس المواطنة.
إن ما جرى مؤخراً في حلب وحمص وطرطوس وحماه من إحراق لشجرة الميلاد، والاعتداء على كنائس، وإحراق لمقامات دينية يثير الكثير من المخاوف، ويطرح تساؤلات حول المسلحين غير السوريين الذين يبدو أنهم خارج أي انضباط، ويتصرفون من منطلق ديني تكفيري متطرف، وهو ما أدّى إلى رد فعل أزهق أرواحاً، وفرض حظراً للتجول في بعض المناطق من أجل ضبط الوضع.
إن سوريا تعيش مرحلة مفصلية خطِرة، بين الاستقرار الذي يحقق الأمن والسلام، وبين الفوضى التي تقود إلى الاستقطاب الإقليمي والدولي، مع ما يحمله ذلك من تفكك وتذرّر، واستحضار خرائط جاهزة، حدودها الدم بين الطوائف والأقليات.
لقد ساد التفاؤل بأن سوريا بدأت التعافي، وتتخذ مساراً جديداً يضعها على سكة الخلاص من سنوات النار والرصاص والانقسام، ولا يزال الأمل معقوداً على تغليب لغة الحوار؛ لأن الانتصار يكون انتصاراً لسوريا وشعبها، وليس انتصاراً لمجموعة أو طائفة.
وإذا كانت الفتنة قد أطلت برأسها، فالمطلوب وَأْدُها فوراً، ووضع حد لأسبابها ومسبّبيها.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب خليجي 26 عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات سقوط الأسد الحرب في سوريا
إقرأ أيضاً:
مبعوث ترامب الخاص لسوريا يلتقي أحمد الشرع ومظلوم عبدي في دمشق
أنقرة (زمان التركية) – ذكرت وسائل الإعلام السورية أن سفير الولايات المتحدة لدى أنقرة ومبعوث ترامب الخاص لسوريا، توم باراك، سيلتقي بالرئيس السوري، أحمد الشرع، وقائد قوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، قريبا في العاصمة السورية، دمشق.
ويأتي هذا اللقاء في إطار الجهود الأمريكية الرامية لتطبيق الاتفاق المبرم بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية بوساطة أمريكية في مارس/ آذار الماضي.
وأوضحت وسائل الإعلام السورية أن لقاء خاص سيجمع باراك وعبدي قبيل اللقاء الثلاثي، غير أنه لم يتم تقديم معلومات حول موقع هذا اللقاء.
وأفادت المصادر عينها أن اللقاء الثلاثي سيتمحور حول تنفيذ الاتفاق المبرم بين الشرع وعبدي. وينص الاتفاق على دمج قوات سوريا الديمقراطية ومؤسسات الإدارة الذاتية في المؤسسات السورية.
وبحسب وسائل الإعلام السورية، فإنه قد يتم إجراء تعديلات في بعض المواد الخاصة بمدة تنفيذ الاتفاق على وجه الخصوص وذلك بناء على موافقة واشنطن ومطالب قوات سوريا الديمقراطية.
وقد يتم تشكيل هذه التعديلات وفقا لمطالب أكراد سوريا والجدول الزمني للاتفاق المتوقع تطبيقه بنهاية العام.
وزعمت وسائل الإعلام السورية أن فرنسا أيضًا ستشارك في هذه العملية لمتابعة تنفيذ الاتفاق بالتعاون مع الولايات المتحدة ومنع أي توتر محتمل بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية.
هذا وستشهد اللقاءات المخطط لها تعزيز التنسيق بين التحالف الدولي والحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية وقضايا لتقييم عملية مكافحة تهديد داعش في سوريا.
Tags: التطورات في سورياتوم باراكقوات سوريا الديمقراطيةمبعوث ترامب الخاص لسوريا