يسند منير حامد_ قائد محور الصحراء_ ظهره على سيارة دفع رباعي محترقة في قاعدة الزرق العملياتية التي سيطرت عليها قواته مؤخراً، ثم يسجد لله شكراً، وذلك بعد أن كسب الأرض وكسر عظم الميليشيا في معركة وصفت بالحامية، ليقطع بذلك الانفتاح واحدة من أهم سلاسل الإمداد التي يتم استخدامها في الهجوم على مدينة الفاشر منذ نحو عام تقريبًا.

الطريق إلى دارفور

لم يكن ذلك القائد الشاب مشغولاً بحسابات المعركة لوحدها وهو يستعرض الغنائم أمام جنوده ويهتف بصوت مشحون بالثقة “مورال فوق”، وإنما حاصرته موجة عاتية من الذكريات الحزينة، لطالما قضت مضجعة وهو يتلقى أخبار تدفق الأسلحة والمرتزقة على موطن صباه، وتهجير أهله منذ أيام الحريق الأولى، والتي حاول المخرج الأميركي “أوي بول” تجسيدها في فيلم ” الطريق إلى دارفور” حاكى فيه صور المذابح التي ارتكبها الجنجويد في قرى الإقليم السوداني المضطرب منذ عقود.

يوم أمس السبت وبالتزامن نقلت صفحات قادة الحركات المسلحة في منصة (إكس) وجدار (الفيسبوك) تدوينات تضمنت بشارات للشعب السوداني، دون تفاصيل وافية، وتدوينات عنيفة أيضًا ربما لا تقل عن التدوين الذي تقوم بها القوات المشتركة هذه الأيام على مواقع قوات التمرد، وتهديد حصونهم المنيعة في الجنينة ونيالا ومليط، وذلك بعد استعادة منطقة وادي هور بالكامل، لصالح الدولة، وتحرير سرف عمرة وقاعدة بئر مزة ومرقي، بما في ذلك المطار العسكري، ثم السيطرة على قواعد بئر شلة، ودونكي مجور، وبئر جبريل، ودونكي وخائم، وصولاً إلى القاعدة الكبرى الزرق، أو ما يعرف أيضاً بقاعدة (هاء مي) العسكرية.

عقارب ساعة الحسم

وكتب رئيس حركة العدل والمساواة السودانية وزير المالية و التخطيط الاقتصادي جبريل إبراهيم تدوينة على صفحته بالفيسبوك قدم فيها التهاني للشعب السوداني بانتصار القوات المسلحة والقوات المشتركة على من وصفهم بالميليشيا الأوباش في معركة دري شقيى شمال دارفور، وأضاف جبريل “‏لن تصمد الميليشيا لحظة أمام قواتنا بعد أن قصمت قواتنا ظهرها وطاردت فلولها عشرات الكيلومترات والنصر القريب حليف شعبنا بإذن الله”. فيما نسج حاكم إقليم دارفور أركو مناوي على ذات الانتصارات، قائلًا” ‏نبشر أهلنا اقتربنا من الحسم نبارك ونشد من أزر الرفاق بالمشتركة وقواتنا المسلحة في ميادين القتال بالصحراء” مؤكداً أنهم لقنوا ميليشيا الدعم السريع درساً لا يُنسى، بعد معارك ضارية، تمكنوا من تكبيدهم خسائر مهولة، وخلص إلى إشارة ضمنية بدت في محتوى عبارته “الآن يمكننا القول إن النهاية اقتربت”.
وهى تقريبًا عين الملاحظة التي التقطها الصحفي معمر إبراهيم الذي يغطي يوميات الحرب من داخل مدينة الفاشر، وهو يشير إلى تحول لافت في موازين المعارك الميدانية لصالح القوات المسلحة والقوات المشتركة، والتي بدأت وفقًا لمشاهداته بعمليات هجوم على مواقع سيطرة التمرد في تخوم المدينة من الناحية الجنوبية، وأكد معمر الذي نجح في التقاط صور للمدينة المحاصرة منذ مايو 2023 أنها عصية على الاحتلال، وأضاف في تدوينة على صفحته بالفيسبوك “ستعود آمنة مطمئنة بإذن الله وكل مدن بلادنا الحبيبة”. وكانت القوة المشتركة قد خاضت العديد من المعارك خلال هذا الأسبوع أخرها معركة في (دري شقى وجبل عيسي) حيث تمكنت- لأول مرة_ من تدمير 3 متحركات لميليشيا الجنجويد كانت في طريقها للهجوم على محلية المالحة، واستعرضت المشتركة العديد من الأسلحة والمركبات القتالية، لتضيفها لرصيد غنائم قاعدة الزرق التي أغضبت أنصار التمرد، إلى جانب مقتل كبار قادة الجنجويد، أبرزهم علي يعقوب وعبد الرحمن شطة والعميد خلا جمعة إدريس وأخيراً طه مدلل أحد المقربين من أسرة حميدتي.

انسلاخات في صفوف التمرد

وقد توالت الضربات على ميليشيا الدعم السريع بانشقاق اللواء صلاح عبدالشافع، المفتش العام لحركة تحرير السودان_ جناح عبدالواحد محمد نور_ وانحيازه لصف القوات المسلحة السودانية في معركة الكرامة والقتال بقواته إلى جانبها دون قيد أو شرط، فضلاً على استسلام قوة من الدعم السريع وانضمامها الى قوات الجيش بالفاشر، كذلك انسلاخ الجنرال علي آدم يحيى (جاموس) من قوات الطاهر حجر وانضمامه للقوات المسلحة، والتي تعتبر بمثابة ضربة كبيرة وقاسية لحليف الجنجويد (الطاهر حجر)، وفقًا للكاتب الصحفي مزمل أبو القاسم.
وقال مزمل إن قوات جاموس كبيرة ومؤثرة وكانت موجودة في ولاية جنوب دارفور، وحضرت بعدها إلى شمال دارفور لتستقر فيها، واعتبر مزمل هذه الخطوة بأنها تعني تأمين كل المناطق الجنوبية للفاشر حتي حدود “منواشي، طريق الفاشر، نيالا، ومناطق أبوزريقة”. ما يعني تضييق الخناق على الميليشيا في شمال درافور بعد تمدد القوات المشتركة وتأمين المناطق الشمالية.

وحش الصحراء وحكومة المنفى

ثمة قراءة عسكرية تميل إلى تغيير موازين القوى العسكرية بدخول القوة الجوالة، أي تلك القوة التي تتحرك كالعاصفة، كما صورتها قناة (القدرات العسكرية) في تطبيق تيلغرام، وهى واحدة من ثمرات خطط هيئة الأركان، التي تدير تلك القوات التابعة للقوات المشتركة، وأصبحت تجوب الصحراء وتقوم بعمليات هجوم برية واسعة ضد الميليشيا، وتعيق من حركتها بدءاً من عمليات اعتراض قوافل الإمداد الأجنبية ثم تدمير العمق اللوجستي للميليشيا والانسحاب للإستفادة من حجم القوة المغيرة في عمليات أخرى، ثم شن (الضربات الحركية) على متحركات الميليشيا في الصحراء بواسطة وحدات سريعة ومباغتة وبشكل دقيق ومرن، تقوم بشل حركة الفزع، ثم إستغلال “نقاط الضعف” الذي خلقها تدمير العمق اللوجستي، وهذا بالضرورة يعني _وفقًا لخبراء عسكريين_ أن القوات المسلحة السودانية والقوات المشتركة استحوذا على “نصف النصر” بدافور بتدمير العمق اللوجستي لقوات التمرد، وجعلها تطارد السراب.

لا شك أن تحركات القوات المشتركة، وتحديداً محور الصحراء قد أربكت خطط غرفة العمليات الخاصة بالتمرد، داخل وخارج السودان، حيث أنها قلّصت مساحة السيطرة لصالح القوات النظامية، سيما مع ظهور متحركات الصحراء التي بدأت في التهام قطعان الجنجويد، بصورة لم تكن في حساباتهم، وهو ما جعلهم يقررون سحب العديد من قواتهم في محور الجزيرة وكردفان لمواجهة هذا الوحش الغامض الذي لم يتسنَ لهم معرفة تكتيكاته العسكرية، والقوات التي يقاتل بها، إذ أنه يظهر في منطقة ثم يختفي كما لو أن رمال الصحراء ابتلعته، وسرعان ما يظهر في منطقة جديدة لينقض على فريسته، على طريقة وحوش “ريدلي سكوت”، وهذا يعني بالضرورة نسف سيناريو حكومة المنفى التي تسارعت خطى تكوينها في دارفور، وكانت تنتظر فقط سقوط مدينة الفاشر، لكن الرياح جاءت بما لا تشتهي سفن حلفاء قوات التمرد، بالصورة الماثلة اليوم، والتي يمكن أن تؤسس لأوضاع جديدة مختلفة، خصوصًا مع الرغبة التي أبدتها الإمارات بقبول الوساطة التركية بينها والسودان، وانتقال القوات المسلحة والقوات المشتركة من مرحلة الدفاع إلى الهجوم، أو بالأحرى اقتراب ساعة الحسم التي أشار إليها جبريل وأركو مناوي.

المحقق_ عزمي عبد الرازق

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: والقوات المشترکة القوات المشترکة القوات المسلحة

إقرأ أيضاً:

جندية روسية تُخطف الأنظار بأناقتها العسكرية

خاص

لفتت جندية من فرقة القوات الخاصة الروسية الأنظار بإطلالتها اللافتة وأناقتها العسكرية خلال ظهورها في ساحة الكرملين الشهيرة.

وظهرت الجندية في الصورة وهي ترتدي الزي الميداني الشتوي الكامل، مع خلفية تُبرز معالم موسكو التاريخية وأبراجها الشهيرة، مما أضفى على الصورة طابعًا مميزًا يجمع بين القوة والأناقة.

وحظيت الصورة بتفاعل واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ووُصفَت بأنها تمثل “توازنًا فريدًا بين القوة والأنوثة” ، إذ تجسد هذه الجندية ملامح الثقة والانضباط العسكري، إلى جانب حضورها الجذاب والراقي.

ويأتي هذا الظهور ضمن إطار حملات إعلامية تهدف إلى تسليط الضوء على الدور المتزايد للمرأة في صفوف القوات الروسية، وخصوصًا في الوحدات الخاصة، وسط أجواء شتوية تعكس الطابع الميداني الصارم لعناصر الجيش الروسي.

مقالات مشابهة

  • المنطقة العسكرية الشمالية تحبط محاولة تسلل على واجهتها الحدودية
  • جندية روسية تُخطف الأنظار بأناقتها العسكرية
  • السوكني: التشكيلات العسكرية التي زرناها في طرابلس حريصة على استمرار حالة الاستقرار  
  • القوات المسلحة تخلي الممرض الذي أصيب خلال عمله بالمستشفى الميداني
  • القوات المشتركة تسخر من دعوة المتمرد عبد الرحيم دقلو لقواتها بالاستسلام في الفاشر
  • «الدعم السريع» تعلن السيطرة على مثلث الحدود مع مصر وليبيا والجيش يقر بـ«الإخلاء»
  • قوات صنعاء تكشف تفاصيل عمليتها العسكرية النوعية في قبل كيان الاحتلال الإسرائيلي
  • المشتركة.. زيارة ميدانية لتعزيز الروح المعنوية لجرحى معارك الخوي
  • سلطات كاليفورنيا تطلب من المحكمة منع نشر القوات العسكرية في لوس أنجلوس
  • بعثة الحج العسكرية تعود إلى أرض الوطن