لجريدة عمان:
2025-08-14@15:06:14 GMT

عـرف كيـف يمـوت !

تاريخ النشر: 3rd, January 2025 GMT

عـرف كيـف يمـوت !

بعض الأسئلة تكون حاضرة في أذهان الناس دون غيرها من أسئلة أخرى أو مشاعر تضامنية خاصة عندما يحلّ البلاء بشخص قريب أو عزيز أو بعيد، أول ما يسأل عنه أهل الميت، كيف مات فلان؟

وبعد سماع الإجابة يقول البعض: «سبحان الله عرف كيف يموت؟ دلالة على أن الميت أحس بقرب الختام فعمل كذا وكذا، وبأنه كل ما كان يفكر فيه في تلك اللحظة هو الذهاب إلى الآخرة، بينما الواقع أن الشخص قبل أن يموت يعاني كثيرًا من سكرات الموت، وربما الأوجاع التي يحس بها هي التي تشغل كل شيء في تلك اللحظة، وهذا يقودنا نحو اللحظة الحاسمة التي يمرّ عليها الإنسان في وقت المغيب عن الدنيا، فقد روى البخاري في صحيحه عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عندما حضرته الوفاة، كان بين يديه ركوة فيها ماء، فجعل يدخل يديه في الماء فيمسح بهما وجهه ويقول: لا إله إلا الله، إن للموت سكرات، ثم نصب يده فجعل يقول: في الرفيق الأعلى حتى قبض ومالت يده».

عندما يحتضر الإنسان لا وقت للتفكير أو التأمل، يصبح الأمر عسيرًا جدًا، ربما قبل هذه المرحلة هناك وقت يفكر الإنسان ويتأمل كيف سيفارق أحبته وهو عاجز عن إنقاذ نفسه من ألم يمنعه من التنفس بحرية، أو يوقف ألمًا شديدًا في رأسه أو أي عضو يشكو منه.

أحيانا أحس بأن السائل يرتاح كثيرًا عندما يعرف تفاصيل اللحظات الأخيرة التي مرت على ذلك الميت، وكأن هذا الشيء هو الذي يريد معرفته أكثر من أي شيء يقدمه لأهل الميت من تضامن معهم ليخفف عنهم الشدة التي يعانون فيها بتلك اللحظة.

قد تسمع وأنت ما زلت في أرض المقبرة أشخاصًا يتحدثون بالباطل عن الهالك، وقد يمسون كرامته ومن معه من أهله دون مراعاة للمشاعر أو المكان الذي هم فيه، لا يحسنون صنعا ولا قولا، بل يزيدون من أشجان أقرباء الميت بحديث سخيف للغاية.

المكان والزمان له هيبته عند المقابر، أرض تذكرنا بمستقبل سيأتي علينا لا محالة، وهيبة ووقار يجب أن نعرف حدودها ونتعظ ونعتبر ممن فقدناهم من الوالدين والأخوة والأصحاب، بعد لحظات سينفضّ كلّ شيء والناس ستذهب إلى حال طريقها، لكن الغصّة والألم سيبقيان لأمد متفاوت تضجّ به الصدور الحزينة على من فقدوه.

معرفة النهايات أصبحت أكثر أهمية من معرفة الضروريات التي يجب على الإنسان الانقياد والعمل لها، النفس البشرية غالية جدا، ومرحلة العجز عن دفع الضر هو حال كل البشر، والعمل الصالح هو الذي يترك أثره بعد الرحيل.

الحياة والموت بيد الله تعالى، لكن ألم الفقد وقعه أليم، لنا أصدقاء وأخوة ترجلوا من على ظهر الدنيا مبكرًا، منحونا الكثير من الأمان وشاطرونا الرغبة في الحياة، ورحيلهم المفاجئ أحدث لنا وجعًا لا يمكن وصفه، وفاجعة كبيرة اعتصرت قلوبنا وأبكت عيوننا.

ماذا يعني أن ترحل مبكرا؟ ماذا يعني أن تذهب نحو البعيد؟ كل الأشياء والأمنيات والآمال لا تزال حاضرة في أذهاننا، سنذهب، سنعمل...، كلها أمنيات أصبحت الآن شيئًا من الماضي.

فاجعة الموت لمن عاش لحظاتها يعلم ما أرمي إليه، كل شيء يحتاج إلى وقت لاستيعاب أن جزءًا من جسدك سوف يتوقف عن العمل، وعليك أن تتعايش مع الوضع بالصبر ومرحلة الاستشفاء تحتاج إلى نزيف من الوقت حتى يلتئم جزء من الجرح الغائر.

لكل الذين فقدوا أحبتهم وأصحابهم وأقاربهم، يدركون بأن الحياة ليس لها أمان أو اطمئنان، فلا أحد يعلم من هو الشخص الذي نفقده تابعًا، هي أدوار تتوالى وأنفس تذهب إلى خالقها.

من الأشياء الصعبة أن تفقد عزيزًا عليك في غمضة عين، كيف تصدق أو تستوعب ذلك الحدث، ليس هناك سبب آخر سوى أن أيامه كانت معدودة في الحياة وانتهت، وكل ما عليك فعله أن تصمت قليلا لتستوعب ما حدث.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

إسحق أحمد فضل الله يكتب: (أشجار الجنة التي نعيش فيها)

وهي الكتب.
وفي الكتب، ما تجد شيئًا في التاريخ إلا وجدته الآن في قميص جديد.
…..
وشيشرون كتب قبل أربعة آلاف عام:
الفقير يعمل اليوم كله من أجل الثاني، والثاني هو صاحب المال الذي لا يعمل.
والجندي، وهو الثالث، يحرس الاثنين.
ودافع الضرائب، وهو الرابع، يدفع للثلاثة.
والبنك، وهو الخامس، يستغل أموال الأربعة.
والمحامي، وهو السادس، يلوي الحقائق ويستخدم الخمسة.
والدكتور، وهو السابع، يأخذ نقود الستة.
والمجرم، وهو الثامن، ينهب السبعة.
والسياسي، وهو التاسع، يعيش على خداع الثمانية.
كان هذا قبل ترامب، وقبل عالم اليوم…
(2)
والتطعيم ضد الهوان والغفلة، تطعيم يُجرى في السودان منذ أبريل ٢٠٢٣.
والأسلوب الذي اتخذته “قحت” للتمكين كان هو السبب الأول لنزع التمكين منها؛ فالناس في أول أيام “قحت” كانوا يسلمون كل شيء بهدوء، لكن الأسلوب الحيواني — الذي يكشف للناس أن ما يقود “قحت” ليس هو النهب وطرد الناس من بيوتهم، ولا القتل والاغتصاب… اغتصاب المرأة أمام أهلها — ما يقود “قحت” كان شعورًا مسعورًا للعض والقتل والكراهية المجنونة، وعندها الناس يتحولون إلى السلاح.
والناس، حتى في زمان “قحت”، ما كانوا يميزون الإسلاميين بشيء عن غيرهم، وما كان الجيش يلفت أحدًا.
والأسلوب الذي مارسته دولة معروفة في سعيها المجنون لمسح الإسلاميين وإبادة الجيش هو الذي جعل الناس يلتفون حول الإسلاميين والجيش ويقاتلون القتال الذي يدهش العالم.
والمثل الذي يقول بعضهم إنه: «أراد أن يغيظ زوجته فخصى نفسه» مثل يرسم ما يجري الآن ويوجز حكاية السودان وتلك الدولة.
(3)
ومما نقرأ أنه كان للدولة الإسلامية قرى على حدودها مع بيزنطة.
والذي أراد أن يغيظ زوجته نموذج يوجد في كل بلد، وفي بيزنطة النموذج هذا أغرى الملك بالإساءة للمسلمين بالاعتداء على امرأة مسلمة.
ولكن كان هناك جماعة مجاهدة، لا تنتمي للدولة، قد أخذت على نفسها الانتقام لكل إساءة للإسلام.
والجماعة هذه كانت على الحدود.
و”فرسان” بيزنطة يهينون امرأة مسلمة، والمجاهدون يأسرون جنودًا بيزنطيين، وحين يعرض ملك بيزنطة الصلح لإعادة الجنود الأسرى يجيبه المجاهدون بشروطهم:
أولًا… إعادة حذاء — نعم، حذاء — المرأة محمولًا على عربة الملك.
ثانيًا… الأمير ابن الملك، الذي ضرب حمار المرأة، عليه أن يقوم بالاعتذار للحمار… للحمار، نعم، أمام أهل القرية.
وأمام عزة الإسلام، نفذ الملك الشروط.
وأمس، الناطق الرسمي لمجلس السيادة يذكر الناس في خطابه الرسمي أن قانون الأمم المتحدة يبيح للدولة التي تتعرض للعدوان أن ترد على العدوان بنفس صيغة العدوان الذي تعرضت له.
…..
كانت السطور هذه قراءات فقط، للعلم والحفظ…
أو… كانت إشارة إلى أن السودان المسلم يرجع إلى سودانيته وإلى إسلامه.

إسحق أحمد فضل الله

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • حكم حضور المرأة الحائض غسل الميت في الشرع
  • أمين الفتوى: الميت يشعر بالزيارة ويرد السلام
  • وداعًا مؤرخ اللحظة الإنسانية.. وفاة الأديب المصري صنع الله إبراهيم
  • لازاريني: يجب ألا يصمت أحد عندما يموت الأطفال في غزة
  • ورحل مؤلف «ذات».. صنع الله إبراهيم يودع الحياة وتبقى كلماته خالدة
  • عادة تبدو بريئة.. لكنّ الاعتذار عن الحضور في اللحظة الأخيرة قد يضرّ بصداقاتك
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: (أشجار الجنة التي نعيش فيها)
  • دولة حزب الله في لبنان التي انتهى زمنها
  • ماذا نفعل عندما نشعر بثقل في أداء العبادات؟.. على جمعة يجيب
  • حين يموت الضمير تعجز الصورة عن نقل مأساة غزة