شبيحة السلطة الفلسطينية وأزمة الشرعية
تاريخ النشر: 5th, January 2025 GMT
في 28 ديسمبر/كانون الأول، خرجت شذى صباغ، طالبة الصحافة الشابة، من منزلها في مدينة جنين الواقعة في الضفة الغربية المحتلة، برفقة والدتها وطفلي شقيقتها. بعد لحظات، أصابتها رصاصة قناص في رأسها وأردتها قتيلة. كانت تبلغ من العمر 21 عامًا فقط.
شذى قُتلت في نفس مخيم اللاجئين الذي شهد اغتيال الصحفية المخضرمة شيرين أبو عاقلة على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي عام 2022.
خلال الشهر الماضي، فرضت قوات الأمن التابعة للسلطة حصارًا على مخيم جنين للاجئين، بالتنسيق مع الإسرائيليين، كجزء من جهودها لقمع المقاومة المسلحة في شمال الضفة الغربية.
تمكنت السلطة الفلسطينية من قمع المقاومة في العديد من المراكز الحضرية الأخرى من خلال التهديد والقمع، ولكن لا تزال هناك جيوب في الشمال حيث تستمر مجموعات المقاومة المسلحة في الظهور.
تُعدّ مدينة جنين، وبالأخص مخيمها للاجئين، أحد هذه الجيوب. يقطن المخيم أكثر من 15.000 شخص، وهو يُعتبر رمزًا للصمود والمقاومة، وعائقًا كبيرًا أمام قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية.
إعلانفعليًا، تعتمد السلطة الفلسطينية في وجودها على القضاء على المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي في جميع المناطق الخاضعة لسيطرتها المزعومة. ولهذا، تواصل التنسيق مع الجيش الإسرائيلي وتستخدم أساليب قمعية كثيرًا ما تُشبه أساليب الاحتلال.
في الواقع، يمكن بسهولة الخلط بين قوات الأمن الفلسطينية والجيش الإسرائيلي، لولا اختلاف الزي العسكري.
وفي الوقت الذي يواصل فيه الإسرائيليون ارتكاب جرائم الإبادة في غزة، شنّت قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية هجومًا واسعًا ضد جنين. فرضت حصارًا خانقًا على المخيم، وقطعت المياه والكهرباء ومنعت دخول الإمدادات الأساسية. كما وضعت القناصة على أسطح المنازل وأقامت الحواجز في الشوارع.
ووردت تقارير عن تعرض السكان للضرب والاعتقال والتعذيب. وأفاد فريق من جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني بتعرضه للاعتقال والضرب والاستجواب لمدة يومين ونصف أثناء محاولته إيصال الأدوية للعائلات المحاصرة.
في فيديو متداول على وسائل التواصل الاجتماعي الفلسطينية، يظهر رجلان أُجبرا على الوقوف على قدم واحدة وترديد عبارة: "الرئيس أبو مازن هو الله" مرارًا وتكرارًا. وفي فيديو آخر، يظهر عناصر من قوات الأمن الفلسطينية وهم يضربون شابًا ضربًا مبرحًا، على ما يبدو بسبب انتقاده حصار مخيم جنين.
ليس من المستغرب أن العديد من الناس يستخدمون كلمة "شبيحة" لوصف قوات الأمن الفلسطينية، وهو مصطلح يُستخدم عادة للإشارة إلى القوات والمليشيات الموالية للرئيس السوري السابق بشار الأسد.
خرج سكان المخيم إلى الشوارع للاحتجاج، مطالبين السلطة الفلسطينية بوقف اعتداءاتها الوحشية وإنهاء إراقة الدماء بين الإخوة. ولكن هذه الدعوات قوبلت بالتجاهل. بدلًا من ذلك، أصرت قوات الأمن التابعة للسلطة على أن يقوم المقاومون إما بتسليم أسلحتهم أو مغادرة المخيم، وهو ما رفضوه بشكل قاطع.
إعلانكيف سينتهي هذا الوضع؟، لا يزال غير واضح، لكن المؤكد هو أن المزيد من الدم الفلسطيني سيُسفك قبل أن ينتهي.
بالنسبة لقيادة السلطة، فإن العملية في جنين جزء من صورة أكبر – محاولة لإثبات قدرتها على السيطرة على غزة بعد وقف إطلاق النار. المنطق هنا هو أن السلطة الفلسطينية إذا أثبتت قدرتها على قمع المقاومة المسلحة في الضفة الغربية، فإن إسرائيل والولايات المتحدة ستسهلان تنصيبها في غزة.
ومع أن إدارة بايدن أعربت عن دعمها لاستيلاء السلطة على غزة، فإن حكومة نتنياهو لم تُظهر أي إشارة لدعم هذا السيناريو، بل على العكس، أعلنت رفضها القاطع. ومع ذلك، تستمر قيادة السلطة الفلسطينية في لعب دور المنفّذ المحلي، على أمل الحصول على مزيد من الامتيازات.
وكأنها تؤكد تواطؤها وتزيد من الألم، فقد أعلنت السلطة الفلسطينية مؤخرًا تعليق عمليات قناة الجزيرة في الضفة الغربية، كعقوبة على تغطيتها لأحداث جنين. السلطة الفلسطينية تحذو بذلك حذو الحكومة الإسرائيلية التي حظرت الشبكة الإعلامية في مايو/أيار 2024، كرد مباشر على تغطيتها المستمرة للإبادة الجارية في غزة.
ورغم أن تنصّل قيادة السلطة الفلسطينية من مسؤولياتها الوطنية وتنسيقها الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي ليس أمرًا جديدًا، فإن حصارها المستمر لجنين قد رفع مستوى هذا التنصّل إلى درجة غير مسبوقة. إن إراقة الدماء البريئة والضرب والتعذيب بأسلوب "الشبيحة" تُظهر أن القيادة على استعداد لتجاوز الخطوط الحمراء التي لن تُنسى أو تُغفر أبدًا من قِبل الشعب الفلسطيني.
هذا الوضع ينذر بأن شرعية هذه القيادة المترنحة بالفعل، التي فشلت في اتخاذ موقف ذي معنى ضد الإبادة الجارية في غزة، ستتدهور أكثر.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات السلطة الفلسطینیة الضفة الغربیة فی غزة
إقرأ أيضاً:
الرئيس السيسي يتلقى اتصالًا هاتفيًا من المستشار الألماني ويؤكد أهمية الحفاظ على دور السلطة الفلسطينية
تلقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم، اتصالاً هاتفياً من المستشار الألماني فريدريك ميرتس.
وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن الاتصال تناول مستجدات الجهود المصرية المبذولة بالتنسيق مع الأطراف المعنية لإنهاء الحرب في غزة، حيث استعرض الرئيس تفاصيل الاتفاق الذي تم التوصل إليه في الثامن من الشهر الجاري في شرم الشيخ، كما قدم سيادته رؤية مصر للمرحلة التالية وآليات تنفيذ الاتفاق القائم على خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مؤكداً في هذا الصدد أهمية الحفاظ على دور ومكانة السلطة الفلسطينية، وتهيئة الظروف الملائمة لإقامة الدولة الفلسطينية وفقاً لمقررات الشرعية الدولية.
وفي هذا السياق، وجه الرئيس دعوة للمستشار الألماني للمشاركة في الاحتفالية التي سوف تستضيفها مصر بمناسبة إبرام اتفاق وقف الحرب في قطاع غزة.
من جانبه، أعرب المستشار الألماني عن تقدير بلاده للدور الحيوي الذي اضطلعت به مصر في سبيل التوصل إلى اتفاق وقف الحرب، مؤكداً دعم ألمانيا لهذا الاتفاق وتطلعها لأن يشكل خطوة نحو تحقيق سلام دائم في المنطقة، وأشار الى تطلعه لاستضافة مصر لمؤتمر إعادة إعمار قطاع غزة.
وأضاف السفير محمد الشناوي، المتحدث الرسمي، أن الاتصال تطرق أيضاً إلى مجمل العلاقات الثنائية بين مصر وألمانيا، فضلاً عن العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبي. وقد أكد الرئيس في هذا الخصوص حرص مصر على تعزيز التعاون مع ألمانيا في مختلف المجالات.
اقرأ أيضاًالرئيس السيسي يدعو ترامب لحضور احتفالية توقيع اتفاق وقف الحرب في غزة بمصر
الرئيس السيسي لـ ترامب: تستحق جائزة نوبل للسلام
أستاذ علوم سياسية: الرئيس السيسي تعامل مع الأزمة من منطلق إنساني وأخلاقي قبل أن يكون سياسيا