تظل آيات القرآن الكريم نورًا وهدى للمؤمنين، تحمل في معانيها الرحمة والعفو الإلهي، ومن بين هذه الآيات التي تفيض بالأمل والتفاؤل، قوله تعالى:“قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ” (الزمر: 53).

آية أرجى ما في كتاب الله

يتحدث الدكتور مختار جمعة، وزير الأوقاف السابق، عن عظمة هذه الآية، مؤكدًا أنها تعدّ أرجى آية في كتاب الله، كما وصفها الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وقال:
"إذا كان هذا الخطاب الإلهي موجهًا إلى عباده المسرفين على أنفسهم، الذين غرقوا في الذنوب والخطايا، فإن هذا يدل على عظمة رحمة الله وسعة مغفرته، فما بالنا بخطابه سبحانه لعباده المؤمنين القانتين؟"

الرجاء في رحمة الله

يروي الدكتور مختار جمعة الحديث القدسي الذي يدعو فيه الله عز وجل عباده إلى الرجاء في مغفرته مهما بلغت ذنوبهم، فيقول:"يا ابن آدم! إنك ما دعوتني ورجوتني غفرتُ لك على ما كان منك ولا أبالي. يا ابن آدم! لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي. يا ابن آدم! إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئًا؛ لأتيتك بقرابها مغفرةً."

معنى الإسراف على النفس

أوضح الدكتور جمعة أن الإسراف على النفس يعني ارتكاب المعاصي والذنوب بمختلف أنواعها، سواء كانت صغيرة أو كبيرة. ورغم ذلك، فإن الله عز وجل ينادي عباده المسرفين، لا ليوبخهم أو يقطع رجاءهم، بل ليذكرهم بسعة رحمته التي لا حدود لها، داعيًا إياهم إلى التوبة والاستغفار.

حديث النبي عن المغفرة

وأضاف الدكتور مختار جمعة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بيّن لنا مدى حب الله لعباده وغفرانه لهم مهما تكرر الذنب، قائلاً:
"أذنب عبد ذنبًا، فقال: أي رب، اغفر لي ذنبي. فقال الله: علم عبدي أن له ربًّا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، قد غفرت لعبدي. ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب، اغفر لي ذنبي. فقال الله: علم عبدي أن له ربًّا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، قد غفرت لعبدي. ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب، اغفر لي ذنبي. فقال الله: علم عبدي أن له ربًّا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، قد غفرت لعبدي، فليفعل ما شاء."

رسالة للأمة

واختتم الدكتور مختار جمعة حديثه برسالة تحث الجميع على عدم اليأس من رحمة الله مهما بلغ حجم الذنوب، قائلًا:
"إن الله سبحانه وتعالى لا يريد من عباده سوى التوبة والإقبال عليه بقلوب مخلصة. فالباب مفتوح أمام الجميع، والرحمة لا حد لها، وما علينا سوى أن نطرق باب الله بالدعاء والاستغفار."

 

آية "لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ" تظل واحدة من أعظم دلائل رحمة الله التي تملأ القلوب طمأنينة. فمهما كانت الخطايا، يبقى الرجاء في الله هو المفتاح لبدء حياة جديدة مليئة بالمغفرة والرضا الإلهي.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: جمعة حديث النبي رسول الله صلى الله عليه وسلم حب الله كتاب الله الدکتور مختار جمعة رحمة الله

إقرأ أيضاً:

تحت رحمة المناخ| الأمن الغذائي الأوروبي في مهب التغيّر البيئي .. الكاكاو والقهوة والقمح في دائرة الخطر

بينما ينشغل العالم بالأزمات السياسية والاقتصادية، ثمة تهديد صامت يتسلل إلى موائدنا اليومية تغيُّر المناخ وفقدان التنوّع البيولوجي.
تقريرٌ جديد صادر عن "مؤسسة المناخ الأوروبية" يسلّط الضوء على تداعيات هذه الأزمة البيئية المتفاقمة على أمن الغذاء في أوروبا، محذّرًا من أن ستة من أهم المواد الغذائية التي تستوردها دول الاتحاد الأوروبي، أبرزها الكاكاو والقمح والقهوة، مهدّدة بشكل غير مسبوق.

واردات غذائية تحت رحمة المناخ

تشير البيانات الواردة في التقرير إلى أن أكثر من نصف واردات الاتحاد الأوروبي من الأغذية الأساسية، مثل القمح والذرة والأرز والكاكاو والقهوة وفول الصويا، تأتي من دول تعاني من هشاشة بيئية وضعف في القدرة على التكيّف مع التغيرات المناخية.

وعلى وجه الخصوص، فإن واردات الكاكاو والقمح والذرة – التي تشكّل جزءًا كبيرًا من استهلاك السوق الأوروبية – تُستورد في ثلثيها من دول لا تزال تحتفظ بتنوّع بيولوجي نسبي، لكنه مهدّد بالتآكل. وتكمن الخطورة هنا في أن تلك الدول غالبًا ما تفتقر إلى الموارد المالية والمؤسسية لمواجهة تداعيات المناخ.

القهوة والكاكاو... مستقبل مجهول للمذاق العالمي

تُمثّل صناعة الشوكولاتة في الاتحاد الأوروبي أحد أبرز القطاعات المتأثرة. فالاتحاد يُعدّ أكبر منتج ومُصدِّر للشوكولاتة في العالم، وتُقدَّر قيمة هذه الصناعة بحوالي 44 مليار يورو. إلا أن المكوّن الرئيسي للشوكولاتة، الكاكاو، يأتي بنسبة 97% من دول ذات مرونة مناخية منخفضة أو متوسطة، مثل ساحل العاج وغانا والكاميرون ونيجيريا.

تشير كاميلا هيسلوب، المؤلفة الرئيسية للتقرير، إلى أن هذه التهديدات "ليست افتراضية أو بعيدة"، بل تنعكس بالفعل في تذبذب سلاسل التوريد، وضغوط على الأسعار، وتهديد لوظائف عديدة في قطاع الصناعات الغذائية.

المناخ والسكر

لم تقتصر الضغوط البيئية على الكاكاو فحسب، بل طالت أيضًا أسعار مدخلات أخرى، مثل السكر، الذي شهد بدوره ارتفاعًا مدفوعًا بالتغير المناخي، مما تسبب فيما يشبه الضرر المزدوج لصُنّاع الشوكولاتة والمنتجات الغذائية الحسّاسة بيئيًّا.

ووفقًا لتحليل حديث صادر عن وحدة الطاقة والاستخبارات المناخية (ECIU)، فقد ارتفعت أسعار الشوكولاتة بنسبة 43% خلال السنوات الثلاث الماضية، ما أدّى إلى ظهور "علامات استفهام" واضحة على أرفف المتاجر الكبرى، حيث بات المستهلك يلاحظ تراجع الكميات وارتفاع الأسعار.

أزمة عالمية في طبقنا اليومي

أصبح من الواضح أن تغيُّر المناخ لم يعد قضية بيئية فقط، بل تحوّل إلى تهديد حقيقي لأمن الغذاء والاقتصاد العالمي. وما لم تتخذ أوروبا خطوات جادّة لدعم الدول المورِّدة في بناء قدراتها المناخية والحفاظ على تنوّعها البيولوجي، فإن مستقبل العديد من المنتجات الأساسية، من فنجان القهوة الصباحي إلى قطعة الشوكولاتة، سيكون على المحك.

طباعة شارك المناخ أوروبا الكاكاو القمح القهوة الشوكولاتة

مقالات مشابهة

  • السيد القائد: الرسل والأنبياء ليسوا فقط مجرَّد موصلين للهدى.. بل وقدوة في الواقع البشري في التَّمَسُّك بالهدى
  • منسّق أزياء الثنائي ناصيف زيتون ودانييلا رحمة يكشف كواليس إطلالاتهما
  • تحت رحمة المناخ| الأمن الغذائي الأوروبي في مهب التغيّر البيئي .. الكاكاو والقهوة والقمح في دائرة الخطر
  • منظمة حقوقية: ما وزع برفح اليوم سرقه الاحتلال من مؤسسة خيرية
  • ما قصة القاضي الذكي والمثل القائل الحرام يركب من لا حلال له؟
  • الدكتور أحمد نعينع ينعى نجل الشيخ مصطفى إسماعيل
  • منذ أكتوبر 2024 لم يعرف لسفيان أثرا
  • الموسم الثاني من آخرنا.. أميركا ما بعد الوباء بلا قانون ولا رحمة
  • محافظ أسيوط يشيد بإنجاز بترول أسيوط للكرة الطائرة جلوس سيدات والتتويج وصافة الدوري
  • تكريم مختارين في قرطبا