صدى البلد:
2025-08-13@08:04:46 GMT

نجاة عبد الرحمن تكتب: من طرف خفي 44

تاريخ النشر: 6th, January 2025 GMT

تناولت خلال سلسلة مقالات من طرف خفي الدور الذي تلعبه الحركة الصهيونية منذ عام 1897 من أجل استعادة ملك سليمان، الذي يزعمون تواجده بمنطقة بين النهرين نهر النيل في مصر و نهر الفرات بالعراق، و بالرغم من تلك المزاعم لا يوجد سند أو دليل قاطع يثبت مزاعمهم.


كان للحركة الصهيونية يدا في اندلاع الحرب العالمية الأولى و فرض الحماية البريطانية على مصرنا الحبيبة في 8 مارس عام 1914، عقب تدبير واقعة عربجي الإسكندرية التي وقعت يوم الأحد الدامي الموافق 11 يونيه عام 1882، الذي عرف بمذبحة الإسكندرية بشارع السبع بنات بالقرب من مقهى القزاز، وصل للقنصلية البريطانية شخص يهودي يحمل الجنسية القبرصية، قادما من جزيرة مالطة لزيارة شقيقه الذي يعمل في خدمة القنصل الإنجليزي كوك سن، و خرج لإستداراج احد العربجية ليكون الوقود الذي سيشعل النيران ليكون ذريعة للتدخل البريطاني في الشأن المصري.

بدأ اليهودي في استدراج شخص يدعي احمد الهجان سائق و صاحب حنطور يعمل على توصيل المواطنين حسبما كانت وسائل المواصلات حينها، و أتفق معه على توصيله لأحد الفنادق الصغيرة و اتفق معه أيضا على أجرة الركوب، و أثناء السير طلب اليهودي الذي يدعى إيزاك بنيامين الانتظار أمام أحد البارات حتى يتناول بعض الخمر و ظل يكرر ذلك الطلب عدة مرات، حتى تم استفزاز صاحب الحنطور و قتله أمام المارة و فر هاربا بعد أن أشعل فتيل الفتنة بالشارع السكندري و تحول الامر لمذبحة بعد خروج جاليات أجنبية من أحد المخابز و الشرفات المجاورة لمقهى القزاز محملين بالأسلحة يطلقون النيران بشكل عشوائي بالشارع على المارة و المتواجدين، حتى عندما تدخل قسم شرطة اللبان تم استشهاد القوة بالكامل و تحول الأمر لمذبحة حقيقية اتخذت البعد العرقي،


و في المساء تم اقتحام شواطئ الإسكندرية من قبل الأسطول الإنجليزي و احتلال مصر لمدة 74 عاما حتى تم إقرار أتفاقية سايكس بيكو التي ضمنت لليهود حق إقامة وطن قومي لهم على أرض فلسطين بعد أن كان مقررا أن يكون ذلك الوطن بالأرجنتين.


في عام 1880 قام الصحفي اليهودي ثيودور هرتزل المعروف بأبو دولة إسرائيل بالتفكير في إنشاء وطن لليهود ينقذهم من معاناتهم بدول أوروبا بعد أن أصبحوا منبوذين بسبب ممارساتهم و طباعهم المنفرة، و فكر هرتزل في الأرجنتين كوطن لهم وذلك لبعدها عن أوروبا و سيكون من السهل عليهم تكوين جيش دون اعتراض دول أوروبا التي تبغضهم و فضلا عن أنها تميل للطابع الأوروبي و ذلك يسهل عليهم سرعة الاندماج مع المجتمع الأوروبي، و لن يلتفت أحد لما يدبرونه و يسعون اليه من تحقيق السيطرة على العالم من خلال الذهب.
و كذلك البعد عن تدخلات الدولة العثمانية و تحكمات بابا الفاتيكان نظرا للهيمنة العثمانية و حساسية فلسطين للمسيحيين، و لكن سرعان ما عدل هرتزل عن فكرة إنشاء وطنهم بالأرجنتين و قرر اختيار فلسطين لتكون هي النواة التي يستطيع اليهود من خلالها ابتزاز دول أوروبا نظرا لارتباط مصالح الدول الأوروبية و الدولة العثمانية بالشرق الأوسط.


نجح هرتزل في تحقيق فكرته و الدعوة لها حتى تم عقد أول مؤتمر لهم بمدينة بال بسويسرا عام 1897 حضره حكماء اليهود و ممثلين المنظمات و التجمعات اليهودية في شتى أنحاء العالم لإقرار خطتهم الشيطانية التي حملت عنوان بروتوكولات حكماء صهيون، بجانب إنشاء المنظمة الصهيونية العالمية التي تنادي بأحقية اليهود بإنشاء وطن قومي لهم بفلسطين أرض الميعاد حسبما يزعمون.


و سارع اليهود إلى تأجيج الأوضاع بالشرق الأوسط لتمكين بريطانيا من الأراضي المصرية مقابل اعتراف الأخيرة بحقهم في إقامة وطن قومي لهم بأرض فلسطين و على كافة الدول الأوروبية دعمهم، حتي لاقت دعوتهم رفض و مقاومة من السلطان عبد الحميد الثاني و بابا الفاتيكان، فاقترحت بريطانيا عام 1900 إنشاء وطن لهم بأوغندا بشكل مؤقت حتى يتم القضاء على الخلافة العثمانية و تتمكن بريطانيا من السيطرة على المملكة المصرية و التي تخضع لها أرض الشام.


و لكن اليهود أصروا على فلسطين من أجل أبتزاز دول أوروبا تحت زعم الوازع الديني و أرض الميعاد و الرغبة في استعادة ملك سليمان، و صدر وعد بلفور بإنشاء وطن لهم بأرض فلسطين عام 1917 بعد قيام بريطانيا إعلان فرض الحماية على مصر بثلاث سنوات و عزل عباس حلمي الثاني و تعيين عمه السلطان حسين كامل.

أكتفي بهذا القدر و نستكمل باقي التفاصيل المقالة القادمة.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الحركة الصهيونية الحرب العالمية الأولى المزيد إنشاء وطن

إقرأ أيضاً:

د. آية الهنداوي تكتب: جريمة خبز.. حصار البطون قبل المدن

وسط ضجيج الحرب والركام والدخان ينسى العالم أن هناك جريمة أكثر صمتاً لكنها أشد فتكًا.
إنها جريمة الخبز حيث لا تُقصف المدن فقط، بل تُحاصر البطون ويُمنع الطعام قبل أن تُمنع الحدود.

منذ سنوات تستخدم إسرائيل سلاحًا خفيًا لكنه بالغ التأثير التجويع الممنهج للشعب الفلسطيني وتحديدًا في قطاع غزة. الأمر لا يقتصر على الحصار الخانق الذي بدأ عام ٢٠٠٧ بل تصاعد ليبلغ ذروته بعد حرب ٢٠٢٣ـ ٢٠٢٤ حين تحوّل تجويع الفلسطينيين من سياسة إلى استراتيجية ومن قرار عسكري إلى منهج حياة وموت.

وتؤكد الأمم المتحدة في أحدث تقاريرها  أن أكثر من ٨٥ % من سكان قطاع غزة  يواجهون انعدامًا حادًا للأمن الغذائي، ويشير تقرير "هيومن رايتس ووتش" إلى أن إسرائيل تُمارس تجويع المدنيين كـ"أداة من أدوات الحرب" في انتهاك صارخ للقانون الدولي.

لكن الأخطر من ذلك هو البعد الأيديولوجي الصامت الذي يرافق هذه السياسة. فبعض التيارات الصهيونية ترى في هذا العقاب الجماعي امتدادًا "لاهوتيًا" لمفاهيم توراتية مشوّهة تُبرر الحصار باسم "النقاء" و"الأرض الموعودة". يُستحضر النص وتُسكت الأخلاق.

وسوف أذكر بعض الفقرات التوراتية الدالة علي ذلك، فقد ورد في (سفر التثنية إصحاح ٢٨)  صورة مروّعة لما يُسمّى "لعنات العصيان" وفيها: "وتأكل ثمرة بطنك، لحم بنيك وبناتك… في الشدة والضيق الذين يضيّق بهما عدوك".
هذا النص يستخدم لغة عقابية قاسية ويرتبط بعدو يفرض الحصار حتى حدود الكارثة. المفارقة أن هذا النوع من النصوص حين يُقتطع من سياقه يتحول إلى مبرّر ديني للعقاب الجماعي ويُوظف ضمن خطاب سياسي يُشرعن الحرب والحصار.

لكن في المقابل، هناك صوت آخر داخل التوراة – صوت الأنبياء – يفضح هذا الظلم ويصرخ في وجه استغلال السلطة. ففي (سفر إشعياء الإصحاح ٥٨) نجد: "أليس هذا صومًا أختاره حلّ قيود الشر… أن تكسر للجائع خبزك وأن تدخل المساكين التائهين إلى بيتك؟".
إن هذا النص يُعلي من شأن إطعام الجائع ويضعه في جوهر العبادة لا على هامشها ويكشف الفارق الأخلاقي بين الصوم كعبادة روحية والتجويع كأداة سياسية.

من يفتش في تفاصيل هذه الجريمة يدرك أن إسرائيل لا تقتل الفلسطيني بالرصاص فقط، بل تنهكه بالجوع وتُدجّن إرادته بحرمانه من الرغيف وتحاصره من داخل جسده قبل أن تحاصره من خارج وطنه.

إن سياسة "حصار البطون قبل المدن" ليست فقط حربًا على القوت، بل على الكرامة والوجود ، وهي جريمة يجب ألا تسقط بالتقادم ولا تُنسى خلف الأرقام.

ففي غزة الخبز محاصر والجوع متعمد والسكوت خيانة.

 

طباعة شارك جريمة الخبز إسرائيل قطاع غزة

مقالات مشابهة

  • العدل الأمريكية: جامعة جورج واشنطن انتهكت القانون ضد اليهود والإسرائيليين
  • استشهاد ضابط إطفاء ووالديه في قصف إسرائيلي استهدف خيمته
  • الصهاينة بأقنعتهم الثلاثة: اليهود، الإنجيلين، والصهاينة المسلمون.
  • أبوظبي تكتب قصة نجاح في الذكاء الاصطناعي
  • فى عيد ميلادها.. قصة حب نجاة الصغيرة وكامل الشناوي وعدد زيجاتها
  • نجاة كزمان ودارس من محاولة اغتيال بين محافظتي مأرب وحضرموت
  • طقس فلسطين : موعد تراجع الموجة الحارة التي تضرب البلاد
  • نجاة عبد الرحمن تكتب: من طرف خفي (55)
  • د. آية الهنداوي تكتب: جريمة خبز.. حصار البطون قبل المدن
  • علي جمعة: المؤمن الحق يمر باللغو كريماً ويبدأ بإصلاح نفسه قبل غيره