نجاة عبد الرحمن تكتب: من طرف خفي (55)
تاريخ النشر: 10th, August 2025 GMT
من "فيسبوك" إلى "تيك توك": كيف كان الربيع العبري مخططًا صهيونيًا لتفتيت المجتمعات العربية هذا ما استعراضه خلال سطور ذلك المقال :
في العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين، شهد المجتمع العربي ظاهرة لم تكن عفوية، بل جزءًا من مخطط معقد، تمثل في ما سُمي بالربيع العبري. كانت وسائل التواصل الاجتماعي في قلب هذه الظاهرة، حيث استُخدم فيسبوك كأداة فعالة لحشد الشباب وتوجيه غضبهم السياسي.
المرحلة الأولى: فيسبوك والحشد الجماهيري في خدمة المخطط الصهيوني
في عام 2011، برز فيسبوك وتويتر كمنصات ثورية أظهرت قدرة غير مسبوقة على تجميع الجماهير العربية خلف شعارات الحرية والكرامة. ومع ذلك، فإن دراسة متأنية تشير إلى أن تمويل وتدريب نشطاء هذه الحركات جاء من جهات مرتبطة بالاستخبارات الصهيونية والأمريكية، التي وجدت في هذه الحركات وسيلة لإعادة هندسة المنطقة سياسيًا عبر إحداث فوضى داخلية. تدعم تقارير واشنطن بوست ومجلة Foreign Affairs هذه الرؤية، حيث أوضحت أن مراكز بحث أمريكية وصهيونية شاركت في تدريب النشطاء على صناعة الفوضى. وتُظهر بروتوكولات حكماء صهيون، رغم كونها وثيقة تاريخية مزيفة، كيف تحدد أدوات السيطرة، ومنها إشعال الفتن عبر شبكات التواصل، مما يفسر استغلال صفحات مثل "كلنا خالد سعيد" كنقطة انطلاق لحملات منظمة تهدف إلى تحطيم نظام القيم والسلطة التقليدية.
المرحلة الثانية: أدوات مسرحية.. من خالد سعيد إلى التجييش الإلكتروني
استُثمرت قضية خالد سعيد إعلاميًا بشكل ذكي، وحولت من قصة محلية إلى رمز إقليمي للثورة. هذه الأداة استخدمت لنقل رسائل موجهة تخدم تفكيك البنية الاجتماعية، إذ عملت على تحويل الغضب الشعبي إلى أداة تصادم داخلي بعيدًا عن الإصلاح الحقيقي. وثقت صحيفة الجارديان البريطانية تحقيقًا يوضح كيف كانت قضية خالد سعيد أداة إعلامية منظمة لجذب الغضب الشعبي، بينما أظهرت وثائق مركز Carnegie للشرق الأوسط وجود تمويل خارجي لحملات إلكترونية موجهة. شهادات ناشطين محليين تؤكد أيضًا وجود دعم خارجي لتدريب النشطاء على إدارة الحملات الإلكترونية، مما يوضح كيف أصبح الشعب غير مدرك أنه يستخدم كوسيلة لتدمير كيانه.
المرحلة الثالثة: من الحشد إلى التفتيت الثقافي.. صعود تيك توك وأغاني المهرجانات
بعد انتهاء مرحلة الحشد السياسي المكثف، بدأت مرحلة جديدة تهدف إلى تفكيك المجتمع من الداخل عبر تغيير الوعي الثقافي. منصة تيك توك، التي انطلقت عالميًا في 2017 بعد إطلاقها محليًا في الصين عام 2016 باسم Douyin، أصبحت المسرح الأبرز لنشر ثقافة التفاهة والسطحية بين الشباب. تقرير صادر عن European Center for Media Pluralism and Media Freedom (ECMPMF) عام 2022 أكد خطورة المحتوى السطحي والسلبي المنتشر عبر هذه المنصة. كذلك، أظهرت تحليلات مؤسسة RAND الأمريكية عام 2021 كيف يساهم المحتوى الترفيهي السطحي في تقويض الوعي الجمعي، فيما سلطت تقارير إعلامية مصرية الضوء على انتشار أغاني المهرجانات وأثرها السلبي في تهديم القيم الاجتماعية التقليدية، وتعزيز النزعات الفردانية والاستهلاكية.
خطورة تيك توك: غسيل أموال وصناعة نجوم من القاع
لم تعد تيك توك مجرد منصة ترفيهية، بل أداة تُستخدم في عمليات غسيل أموال ضخمة عبر صناعة نجوم مزيفة. تحقيقات صحيفة Financial Times في 2021 أظهرت كيف تُستخدم المنصات الرقمية في عمليات غسيل أموال عبر إعلانات وهمية وحسابات بمبالغ ضخمة بلا رقابة واضحة. كما كشفت تقارير أمنية أوروبية وأمريكية عن وجود شبكات منظمة تستغل الترفيه الرقمي لتبييض الأموال. يتم اختيار أفراد من القاع الاجتماعي والثقافي، غير متعلمين غالبًا، وتلميعهم فجأة ليصبحوا نجومًا بثروات ضخمة، يروّجون لأنماط حياة سطحية من خلال بثوث مباشرة تستعرض ثرواتهم وأسلوب حياتهم المرفه، ما يؤثر بشكل سلبي على عقول الشباب والصغار الذين يتوهمون أن النجاح الحقيقي هو الثراء السريع لا بالعلم أو العمل. هذا الاستعراض الفج للثراء يؤدي إلى تآكل البوصلة الاجتماعية، مع فقدان العلماء والمثقفين لجمهورهم، ما يخلق جيلًا مستهلكًا ومفتقدًا للوعي الثقافي، مما يهدد النسيج الثقافي والهوية الوطنية، ويدفع المجتمعات إلى الانهيار.
المرحلة الرابعة: المخططات الكبرى والتنسيق بين القوى
تتداخل هذه الظواهر مع ما ورد في بروتوكولات حكماء صهيون التي تدعو إلى إشغال الشعوب بالمجون والفساد لإضعافها، مع مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يسعى لإعادة رسم خرائط المنطقة عبر كيانات هشة ومتقاتلة. وثائق مسربة من مراكز أبحاث إسرائيلية تؤكد وجود خطة استراتيجية تُعرف بـ"مشروع الشرق الأوسط الجديد"، الذي يهدف إلى خلق كيانات متناحرة هشة بدلاً من دول مستقرة. كما تبرز تصريحات ودراسات أمنية إسرائيلية خطة جيورا إيلاند التي تسعى إلى تغيير ديموغرافيا المنطقة بما يخدم المصالح الاحتلالية، وتحقيق السيطرة عبر إضعاف البنى الثقافية والاجتماعية للمجتمعات.
المرحلة الخامسة: النتائج الميدانية
النتائج كانت انهيار الثقة في المؤسسات والقيم، تفكيك الأسرة والمجتمع، وتشويه الوعي الوطني، مع بروز نجوم وسائل التواصل الذين يمثلون القيم المضادة، كل ذلك في ظل استعمار ثقافي واقتصادي يفرض أنماط حياة وأفكار مستوردة تجهض الهوية.
يبقى السؤال: هل يدرك المجتمع العربي حقيقة ما حدث وما يحدث؟ وهل من مقاومة فكرية وثقافية قادرة على استعادة الهوية وحماية المجتمع من هذا التفكيك المدروس؟
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: تيك توك فيسبوك خالد سعید تیک توک
إقرأ أيضاً:
هند عصام تكتب: الملك سمندس
يكفي لنا أن ننظر فقط إلى ماضينا وإلى الأشياء الجميلة المستحيلة في حضارتنا، لنتأكد أننا ملوك الأرض، أعظم حضارة في العالم، لم ولن تندثر أبداً وما زلنا على تواصل مع الأسرة الحادى والعشرون ومازال الحديث مستمر عن ملوك هذه الأسرة ، ودائما للحديث بقية.
لذلك هيا بنا نتعرف على ملك جديد فى هذه الأسرة وهو مؤسسها الملك سمندس (حدج خبر رع ستب ان رع). و كان مؤسس الأسرة الحادية والعشرين، اعتلى العرش بعد دفن رمسيس الحادي عشر في مصر السفلى. يرجع اسم سمندس إلى عبادة الإله الكبش رب مدينة مندس، ولا شك أن حامل هذا الاسم كان من مواليد تلك المدينة العريقة التي تقع في شرق الدلتا، (1070-1044) ق.م.
وقد حظي الملك سمندس بعدة القاب منها:
نسو بيتى حج خبر رع ستب ان رع، (بالإنجليزية: nsw-bity hd hpr rc stp n rc). ويعني معبود الشمس صانع التاج الابيض..وهذا اللقب فيه إشارة إلى سيطرته على مصر العليا. ولقب: مري امون نسو با نب جد، (بالإنجليزية: mry imn ns(w) b3 nb dd). وبه إشارة إلى ان اصل هذا الملك يرجع إلى مدينة منديس. أيضا اتخذ لقب «انه حورس الثور القوي محبوب رع».
وعند توليه للعرش قيلَ انه عزل رمسيس 11 من منصبه وتولى الحكم هو في الشمال.
ويقال انه على الارجح قد تزوج من ابنه رمسيس 11 لذلك كان له الحق في الاستيلاء على عرش البلاد. ويقال وهذا راى خطا: انه ابنا لحريحور فتقاسموا معا في الاستيلاء على عرش مصر.
و كان سمندس يقيم في تانيس حيث كان يحكم مصر السفلى ويتاجر مع آسيا، ثم أصبح ملكا بعد اختفاء الملك رمسيس الحادي عشر وأسس الأسرة الحادية والعشرين التانيسية (نسبة إلى تانيس)، ودر السلام إلى نصابه داخل البلاد، وذلك إذا ما اعتقدنا في الألقاب الرنانة التي أسبغها على نفسه. وربما استمرت فترة حكمه حوالي ربع قرن، ولكنه للأسف الشديد ترك آثارا نادرة للغاية. وقد سرقت آنيتان من الأواني الكانوبية التي كانت تحتوي على أحشائه من الجبانة الملكية بتانيس والتي ربما كان "سمندس هو أول من دفن بها.
و يقول مانيتون ان هذا الملك قد حكم حوالى 26 عام..قد حكم حوالى 21 عام فقط باعتباره ملكا ع الشمال وقد قضى في ما يقرب من 4-5 سنوات في حكم البلاد من الشمال إلى الجنوب. ومن الادله التي تثبت فترة حكمه على عرش مصر من الشمال والجنوب: اللقب الذي اتخذه وهو «حج خبر رع» والذي يعني معبود الشمس صانع التاج الابيض..فهذا يعني انه قد حكم إلى جانب الشمال الجنوب أيضا.
وقد وجد له نقش على عمود في قرية (الدبابية) يذكر انه كان يعيش في منف وينتقل من حين لاخر إلى طيبة إلى جانب اهتماماته البالغه في ترميمات معبدي الكرنك والاقصر.
و قد قيل أن فترة حكم سمندس قد تعاصرت مع فترة حريحور في الجنوب، ويبدو انه قد توصل الطرفان إلى نوع من الاتفاق فيما بينهم على تقاسم السلطة والالقاب بصورة ودية. وكان مضمون الاتفاق ان يعترف كهنة الجنوب بشرعية الملوك الشماليين في مقابل ان يعترف هؤلاء الملوك بتثبيت حق أبناء «حريحور» وخلفاؤه في قياده الجيش ومنصب الكاهن الأكبر لامون.
وقد تعزز هذا الاتفاق فيما بين الاسرتين الطيبية والتانسية حيث: تزوج باى نجم الأول حفيد حريحور من ابنة سمندس. ولكن كان لهذا الوضع سلبياته أيضا لقد تزعزع هذا الوضع بين المصريين بان ليس لهم ملك واحد. لم يكن هناك من يتحمل المسئولية فلا منهما يلقى بالمسئولية على الآخر. كما ان تسبب ذلك في انهيار علاقة مصر بالعالم الخارجي.
أما عن وفاته لا يعرف حتى الآن اين دفن، لكن بالكشف على اوانى كانوبية تحمل اسمه في تانيس فيعتقد انه دفن في تانيس