سودانايل:
2025-06-15@09:54:46 GMT

مقدمات العملية السياسية لوقف الحرب في السودان

تاريخ النشر: 6th, January 2025 GMT

د. الشفيع خضر سعيد

مرة أخرى نقول إن أي مبادرة لوقف الحرب الدائرة الآن في السودان، لن تحقق اختراقا لصالح وقف هذه الحرب إلا إذا تأسست على إعلان مبادئ مقبول لكل الأطراف، وعلى رؤية تضع في قمة أولوياتها مخاطبة المأساة الإنسانية الراهنة والمتفاقمة في البلاد، وخاصة مناطق النزوح ومواقع اللجوء، وتقدم إجابات واضحة على ما أسميناه الأسئلة الصعبة المتعلقة بأسباب انفجار هذا النزاع الدامي.

هذه الرؤية لا يمكن أن يأتي بها الوسطاء أو الخبراء الدوليون أو الإقليميون، وإنما تقع بالكامل على عاتق القوى المدنية والسياسية السودانية. ومع كل صباح دام من صباحات الحرب، ظلت جموع الشعب السوداني تتطلع إلى قياداتها السياسية والمدنية والمجتمعية، علّها تفك شفرة توافقها حول هذه الرؤية الموحدة حتى يتم إسكات البنادق والانتقال بالبلاد إلى مربع السلام والتحول المدني الديمقراطي وفق مسار ثورة ديسمبر العظيمة. وفي المقالات الخمس السابقة، تقدمنا بمساهمتنا حول إعلان المبادئ، كما اقترحنا ستة من هذه الأسئلة الصعبة، وأجبنا، من وجهة نظرنا الخاصة، على خمسة منها، وهي: 1 ـ ماهي الخيارات المتاحة حول مستقبل ودور قيادة القوات المسلحة في السودان بعد انتهاء الصراع؟ 2 ـ ما هي الخيارات حول مستقبل قوات الدعم السريع ومستقبل الحركات والميليشيات المسلحة الأخرى على أساس مبدأ بناء الجيش المهني الواحد في البلاد؟ 3 ـ كيف نتعامل مع البعدين الدولي والإقليمي في الحرب؟ 4 ـ كيف نحافظ على جذوة الثورة متقدة رغم الحرب، ورغم أن الغدر والخيانة لازما الثورة منذ لحظة الإطاحة برأس نظام الإنقاذ في أبريل/نيسان 2019؟ 5 ـ كيف نطور إطارا للعدالة والعدالة الانتقالية يضمن المساءلة عن إشعال جريمة الحرب وما ارتكب من آثام وانتهاكات قبلها وأثناءها، ويضمن إنصاف الضحايا وعدم الإفلات من العقاب؟ وفي مقال اليوم نبتدر مناقشة السؤال السادس والأخير، والذي يقرأ: ما هي تفاصيل العملية السياسية من حيث أجندتها وأهدافها وأطرافها، وكيف يتأتى للقوى المدنية والسياسية السودانية العمل على بناء السلام وقيادة البلاد بعد إنهاء الحرب، وهل ستنحصر العملية السياسية في قضايا الانتقال من الحرب إلى السلم، أم ستتمدد وتتوسع لتبحث جذور الأزمة الوطنية العامة في البلاد وقضايا إعادة تأسيس الدولة السودانية؟

كيف نطور إطارا للعدالة والعدالة الانتقالية يضمن المساءلة عن إشعال جريمة الحرب وما ارتكب من آثام وانتهاكات قبلها وأثناءها، ويضمن إنصاف الضحايا وعدم الإفلات من العقاب؟

صحيح أن طرفي الحرب، القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، من الممكن أن يتوصلا، بمساعدة هذا الوسيط أو ذاك، إلى اتفاق لوقف إطلاق النار ووقف القتال، ولكن ليس باستطاعتهما وحدهما وقف الحرب ولا يمكن أن يحددا هما فقط مصير السودان ومستقبله. فالحرب لن تضع أوزارها، ولا يمكن رسم وتحديد مستقبل ومصير السودان إلا من خلال عملية سياسية تصممها وتقودها القوى المدنية السودانية الرافضة للحرب. ويجب في البداية أن تتوفر عند هذه القوى الإرادة القوية والرؤية الصحيحة القائمة على القناعة التامة بأن الوطن كله أصبح في مهب الريح، وأن خطرا داهما يتهدد الجميع، وأن ما يجمع بين هذه القوى من مصالح في الحد الأدنى الضروري للحياة في سودان آمن، أقوى مما يفرقها، وأنها لابد أن تلتقي وتعمل بجدية وإخلاص لتمنع انهيار الدولة السودانية، ولتتماهى مع حلم الشعب السوداني اليوم في وقف الحرب وبسط السلام واستكمال ثورته ورتق جروح الوطن. وبالضرورة أن تجيب العملية السياسية على أسئلة إرساء ملامح فترة انتقال بقيادة مدنية، لا يتم تشويهها بأن تختصر فقط في اقتسام كراسي السلطة، وإنما إكسابها طابعا تأسيسيا عبر مخاطبتها لجذور الأزمة السودانية والأسباب الجوهرية لاندلاع الصراعات والحروب في البلاد، ومنها هذه الحرب المدمرة، وتقديم الحلول التي تضمن عدم تكرارها وعدم إعادة إنتاج الأزمة في السودان. وبالنظر إلى هذه المهام المصيرية، فإن العملية السياسية ليست فرض كفاية، يقوم بها قسم من القوى المدنية ويسقط عن أقسامها الأخرى، بل هي تشترط مشاركة كل القوى المدنية الرافضة للحرب في حوار سوداني سوداني. وفي هذا الصدد، من الضروري الإشارة إلى أن المجهودات التي قام ويقوم بها الاتحاد الإفريقي لدعوة القوى المدنية السودانية، وكذلك جهود دولة مصر في عقد مؤتمر القوى المدنية السودانية في يوليو 2024، وجهود المنظمات الدولية غير الحكومية في تنظيم العديد من ورش العمل والسمنارات للقوى المدنية السودانية، مثل مركز الحوار الإنساني، ومنظمة الكوارث الدولية، ومنظمة بروميديشن الفرنسية وغيرهم، كل هذه الجهود ليست هي العملية السياسية في حد ذاتها، وإنما هي مجهودات لجمع الفرقاء المدنيين السودانيين حتى يمكنهم التوافق حول تفاصيل هذه العملية السياسية، الأمر الذي لم ينجح حتى اللحظة. وهي مبادرات أعتقد أنها مرحب بها من كل القوى المدنية السودانية، إلا أن تعددها، واحتمال أن كل مبادرة قد تحمل معها أجندتها الخاصة، وقد تتعارض مع المبادرات الأخرى، قطعا سيؤدي إلى تشتيت الجهود وتقويض فرص تحقيق الهدف المنشود حول الرؤية المتوافق عليها، مما يزيد من تعقيد المشهد ويصعب عملية الحوار والتوافق.
في المقالات القادمة سندلو بوجهة نظرنا الخاصة حول تفاصيل العملية السياسية، ولكن كمدخل أو مقدمة نقول يجب على القوى المدنية السودانية، هي تفكر في تصميم العملية السياسية، أن نتخلص من ثنائية التصنيف التي أفرزتها الحرب اللعينة، والتي تحاول أن تجبرها على الانحياز لهذا الطرف أو الآخر. فالثنائية الصحيحة هي بين معسكرين: معسكر السلام ومستقبل السودان الواحد الآمن والمستقر، ومعسكر الحروب والدمار وتفتيت وحدة البلاد. كما ينبغي أن نتوقف عن استغلال ما يحدث في الحرب وما يقوم به الطرفان المتحاربان من انتهاكات، لتصفية الحسابات السياسية والشخصية. إن كل الجرائم التي تحدث من أي طرف من الأطراف هي محل للإدانة بلا تردد، وما ينبغي العمل عليه ليس مقارنتها ببعضها البعض أو استخدام التبريرات المخجلة للتهوين من شأنها، بل العمل على كشفها وإدانتها جميعها، وإستدعاء ضغط عالمي وإقليمي حتى تتوقف.

نقلا عن القدس العربي  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: القوى المدنیة السودانیة العملیة السیاسیة فی السودان فی البلاد

إقرأ أيضاً:

مستقبل وطن: التكاتف خلف القيادة السياسية واجب وطني لمواجهة التحديات الراهنة

أكد هاني عبد السميع، أمين مساعد حزب «مستقبل وطن» بمحافظة البحر الأحمر، دعمه وتأييده للقيادة السياسية المصرية، بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، مشيرًا إلى أن المرحلة الراهنة تتطلب تكاتفًا وطنيًا من أجل حماية مكتسبات الدولة ومواصلة مسيرة التنمية التي انطلقت منذ سنوات.

وأوضح ”عبد السميع“ في بيان اليوم ، أن مصر تمر بمرحلة دقيقة ومحورية في تاريخها، في ظل ما يشهده الإقليم من أزمات متلاحقة وصراعات مسلحة واضطرابات إقليمية، تجعل من الضروري الوقوف صفًا واحدًا خلف القيادة السياسية التي تتعامل بحكمة وحنكة مع كافة الملفات الداخلية والخارجية، وتسعى لتجنيب الوطن أي تداعيات سلبية ناتجة عن هذا المحيط المشتعل.

مستقبل وطن: بيان الخارجية يعكس احترام مصر لحقوق الإنسان وسيادة الدولةمستقبل وطن: مصر دولة ذات سيادة.. ولن تسمح بزيارات للحدود دون موافقات مسبقةمستقبل وطن: المجلس التنسيقي المصري السعودي يدعم الاستثمار والتنميةقيادي بمستقبل وطن: مصر كانت ولا تزال حجر الزاوية في دعم القضية الفلسطينية

وأضاف أن الرئيس عبد الفتاح السيسي يبذل جهودًا جبارة في إدارة الدولة، ويقود منظومة عمل متكاملة لا تهدف فقط إلى الحفاظ على الأمن والاستقرار، بل تضع المواطن المصري في قلب عملية التنمية من خلال مشروعات كبرى في البنية التحتية والتعليم والصحة والتحول الرقمي، بالإضافة إلى دعم الفئات الأكثر احتياجًا.

وأشار هاني عبد السميع إلى أن حزب "مستقبل وطن" حريص على ترجمة هذا الدعم إلى خطوات عملية من خلال تعزيز الوعي السياسي لدى المواطنين، وتنظيم فعاليات توعوية، ومبادرات خدمية تصب في مصلحة المواطن، وتؤكد أن الأحزاب شريك حقيقي في بناء الدولة، وليس مجرد مراقب للمشهد.

وشدد أمين مساعد الحزب بالبحر الأحمر على أن المسؤولية الوطنية تحتم علينا جميعًا، أحزابًا ومواطنين، أن نكون على قدر من الوعي والتلاحم لمواجهة أي محاولات للنَيل من استقرار الوطن، داعيًا إلى تكثيف الجهود في العمل المجتمعي والسياسي لدعم مسيرة الدولة.

واختتم هاني عبد السميع تصريحاته قائلًا: "نحن على ثقة تامة بأن الشعب المصري يدرك جيدًا حجم التحديات، ويقف خلف قيادته السياسية بكل قوة، مدركًا أن الحفاظ على أمن واستقرار مصر هو الضمانة الوحيدة لبناء المستقبل الذي نحلم به جميعًا".

طباعة شارك الرئيس عبد الفتاح السيسي د هاني عبد السميع حزب «مستقبل وطن» بمحافظة البحر الأحمر قيادة السياسية المصرية

مقالات مشابهة

  • حفتر .. التورط في حرب السودان
  • كيكل: قواتنا تتقدم في كردفان وإلى دارفور وحتى آخر الحدود السودانية
  • مقدمات النشرات المسائيّة
  • محمود فوزي : دعم الدولة والالتفاف حول القيادة السياسية مفتاح النجاح
  • عسيران: الولايات المتحدة مدعوة أكثر من أي وقت لوقف العدوان على إيران ولبنان وغزة
  • الفوج الثاني من العودة الطوعية يغادر الأقصر إلى السودان برعاية شيخ الأزهر وبدعم القنصلية السودانية
  • «الديمقراطية» تشيد بتصويت الجمعية العامة لوقف الحرب في القطاع، وتدعو لترجمة القرار في مجلس الأمن
  • مقدمات نشرات الاخبار المسائية
  • نحن (السودانيين) لنا قيمة و فائدة لهذا العالم
  • مستقبل وطن: التكاتف خلف القيادة السياسية واجب وطني لمواجهة التحديات الراهنة