رفعت شركتا يو.إس ستيل الأميركية ونيبون ستيل اليابانية دعوى قضائية ضد الإدارة الأميركية، تتهمان فيها الرئيس جو بايدن بعرقلة صفقة استحواذ بقيمة 14.9 مليار دولار بشكل غير قانوني.

وذكرت الشركتان في دعواهما أن القرار استند إلى مراجعة "وهمية" لاعتبارات الأمن القومي، ما أثار جدلاً واسعاً حول مدى تداخل السياسة والاقتصاد في القرارات الحكومية.

وتأتي هذه الخطوة وسط توترات متصاعدة حول الاستثمارات الأجنبية وتأثيرها على القطاعات الحيوية في الولايات المتحدة.

وتريد الشركتان من محكمة الاستئناف الفيدرالية إلغاء قرار بايدن رفض الصفقة لتتمكنا من الحصول على فرصة أخرى للموافقة من خلال مراجعة جديدة للأمن القومي غير مقيدة بالنفوذ السياسي.

وتذهب الدعوى القضائية إلى أن بايدن أضر بقرار لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة التي تفحص الاستثمارات الأجنبية بحثا عن مخاطر تتعلق بالأمن القومي، وانتهك حق الشركتين في مراجعة عادلة.

وأصبح الاندماج مسيسا للغاية قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر، إذ تعهد كل من الديمقراطي بايدن والرئيس الجمهوري المنتخب دونالد ترامب برفضه بينما استقطبا الناخبين في ولاية بنسلفانيا المتأرجحة حيث يقع المقر الرئيسي ليو.إس ستيل. وعارض رئيس نقابة عمال الصلب المتحدة ديفيد ماكول هذا الاندماج.

وأكد ترامب وبايدن أن الشركة يجب أن تظل مملوكة للولايات المتحدة حتى بعد أن عرضت الشركة اليابانية نقل مقرها الرئيسي في الولايات المتحدة إلى بيتسبرج، حيث يقع مقر شركة صناعة الصلب الأميركية، ووعدت باحترام جميع الاتفاقيات القائمة بين يو.إس ستيل ونقابة عمال الصلب المتحدة.

وتشير الشركتان إلى أن بايدن سعى إلى وأد الصفقة "لكسب ود قيادة نقابة عمال الصلب المتحدة في بنسلفانيا في محاولته للفوز بفترة جديدة في المنصب".

وقالت الشركتان في بيان "نتيجة لنفوذ الرئيس بايدن غير المبرر لتعزيز برنامجه السياسي، لم تتمكن لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة من إجراء عملية مراجعة تنظيمية بحسن نية وتركز على الأمن القومي".

ودافع متحدث باسم البيت الأبيض عن المراجعة، مضيفا "لن يتردد الرئيس بايدن أبدا في حماية أمن هذه الأمة وبنيتها التحتية ومرونة سلاسل التوريد الخاصة بها".

وتظهر الدعوى القضائية أن الشركتين تنفذان تهديداتهما بالتقاضي وستواصلان السعي للحصول على الموافقة على الصفقة.

وقال نائب رئيس شركة نيبون ستيل تاكاهيرو موري لصحيفة نيكي أمس الاثنين "لا يمكننا التراجع بعد واجهنا معاملة غير منطقية. سنقاوم بشدة".

المصدر: سكاي نيوز عربية

كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات الأمن القومي الاستئناف بايدن الاستثمار الأجنبي بايدن ترامب الشركة اليابانية صناعة الصلب يو إس ستيل نيبون ستيل صناعة الصلب اقتصاد أميركا الاستحواذات صفقة الاستحواذ الأمن القومي الاستئناف بايدن الاستثمار الأجنبي بايدن ترامب الشركة اليابانية صناعة الصلب يو إس ستيل نيبون ستيل أخبار الشركات فی الولایات المتحدة إس ستیل

إقرأ أيضاً:

إستراتيجية الأمن القومي الأميركي 2025.. بداية نظام عالمي جديد

أعلنت الولايات المتحدة يوم 5 ديسمبر/كانون الأول الجاري عن وثيقة إستراتيجية الأمن القومي الأميركي 2025، وهي ليست مجرد وثيقة أمنية، بل إعلان اقتصادي شامل عن نهاية مرحلة كاملة من النظام العالمي الذي هيمنت عليه الولايات المتحدة منذ نهاية الحرب الباردة.

الوثيقة من أول صفحة حتى آخر سطر تعكس قناعة الإدارة الأميركية بأن العولمة بصيغتها القديمة لم تعد تخدم الاقتصاد الأميركي، وأن استمرار الالتزامات الأمنية الواسعة لم يعد ممكنا في عالم يتغير بسرعة غير مسبوقة.

من هنا، تأتي أهمية هذه الإستراتيجية الجديدة التي يمكن وصفها بأنها أول وثيقة أميركية منذ 40 عاما تعيد تعريف موقع الولايات المتحدة اقتصاديا في العالم، وتحدد معادلة مصالحها بصورة مباشرة وصريحة.

الاقتصاد أولا.. عودة الدولة الوطنية الأميركية

تعتمد الإستراتيجية على مبدأ أساسي مفاده أن "القوة الأميركية تبدأ من الداخل"، وهذه ليست عبارة سياسية، بل رؤية اقتصادية ترتكز على واقع جديد:

نمو الناتج المحلي الأميركي عاد إلى مستوى 2.3% رغم الركود العالمي. الاستثمارات الصناعية في الداخل ارتفعت إلى 78 مليار دولار في 2024 ضمن برامج إعادة التوطين. تم ضخ أكثر من 130 مليار دولار في القطاعات التكنولوجية العالية. الانكماش في العجز التجاري غير النفطي وصل إلى 11%.

التزامات واشنطن التقليدية مثل حماية أمن إسرائيل أو ضمان أمن الممرات المائية لم تعد التزامات دائمة، بل "خطوط حمراء" تُدار بمرونة، وبأقل كلفة ممكنة

وهذه الأرقام ليست تفصيلا تقنيا، بل هي الأساس الذي بنيت عليه سياسة الأمن القومي الجديدة التي تتضمن اقتصادا محميا، وإنتاجا داخليا، وتقليل الاعتماد على سلاسل التوريد العالمية.

من هذا المنطلق، تتبنى وثيقة 2025 ما يمكن تسميته "النسخة الحديثة من مبدأ مونرو"، لكن بصيغة اقتصادية صناعية واضحة تمنع أي قوة خارجية من اكتساب نفوذ في نصف الكرة الغربي أو السيطرة على أصول إستراتيجية قريبة من المجال الأميركي.

تحول عميق في نظرة واشنطن للشرق الأوسط

على مدى 50 عاما كان الشرق الأوسط مركز السياسة الأميركية، بسبب النفط وصراع القوى الكبرى، لكن الوثيقة الجديدة تقول بوضوح إن هذه الديناميكيات لم تعد موجودة؛ فالولايات المتحدة تنتج اليوم 12.9 مليون برميل يوميا، وتقترب من الاكتفاء الذاتي، بينما يتجه الطلب العالمي على النفط إلى آسيا التي تستورد 70% من نفط الخليج.

إعلان

بالتالي، لم يعد للولايات المتحدة دافع اقتصادي يمنح المنطقة مركزية كما في السابق، وتصف الوثيقة الشرق الأوسط بأنه: "منطقة شراكة لا منطقة التزام عسكري طويل الأمد"، وهذه الجملة تختصر طبيعة المرحلة المقبلة، فواشنطن لن تهتم بشكل الأنظمة، ولا بطبيعة الحكم، ولا بالمؤسسات الديمقراطية، والمعيار الوحيد هو: هل تقدم هذه الدولة قيمة اقتصادية أو إستراتيجية ملموسة للولايات المتحدة؟

لذلك، فإن التزامات واشنطن التقليدية مثل حماية أمن إسرائيل أو ضمان أمن الممرات المائية لم تعد التزامات دائمة، بل "خطوط حمراء" تُدار بمرونة، وبأقل كلفة ممكنة.

أوروبا الخاسر الأكبر اقتصاديا

أوروبا التي استفادت طوال عقود من المظلة الأميركية تجد نفسها اليوم خارج الحسابات الجديدة.

فالوثيقة تعترف بأن مرحلة "الدعم الأميركي المفتوح" انتهت، وأن على أوروبا:

رفع الإنفاق الدفاعي إلى 2.5% من الناتج المحلي. تغيير سياسات الهجرة التي كلفت اقتصاداتها أكثر من 340 مليار دولار منذ 2015. إعادة بناء صناعاتها بعد فقدان الغاز الروسي الرخيص.

بهذه المقاربة، تنتقل أوروبا من "شريك يحمى" إلى "شريك يجب أن يتحمل التكلفة"، وهو تحول اقتصادي كبير سيغير بنية التحالف الأطلسي خلال السنوات القادمة.

أوروبا التي استفادت طوال عقود من المظلة الأميركية تجد نفسها اليوم خارج الحسابات الجديدة

آسيا مركز الثقل الاقتصادي العالمي الجديد

تعتبر الوثيقة أن مستقبل الاقتصاد العالمي موجود في آسيا التي تسهم اليوم بأكثر من 55% من النمو العالمي، وتستحوذ على 70% من الاستثمارات التكنولوجية المتقدمة.

لذلك تضع واشنطن اليابان وكوريا الجنوبية في مقدمة الحلفاء الرابحين، لأنهما الأكثر قدرة على:

استيعاب الاستثمارات الأميركية. تطوير الصناعات التكنولوجية المشتركة. مواجهة التفوق التصنيعي الصيني.

في المقابل، تعتبر الهند من الخاسرين، لأنها تعتمد على منظومة العولمة القديمة التي تتجه واشنطن للتخلي عنها تدريجيا.

 

الصين وروسيا.. منافسة اقتصادية لا مواجهة عسكرية

أحد أهم ما جاء في الوثيقة هو الاعتراف بأن الصراع مع الصين هو صراع تكنولوجي وصناعي أكثر من كونه صراعا جغرافيا.

يعكس هذا الواقع الاقتصادي:

الصين تملك 31% من الإنتاج الصناعي العالمي. تسيطر على 42% من سلاسل الإمداد المتقدمة. استثماراتها في الذكاء الاصطناعي تجاوزت 70 مليار دولار العام الماضي.

أما روسيا فهي المستفيد الأكبر من تخلّي واشنطن عن الالتزام العميق بأوروبا، إذ تحصل على مساحة أكبر للمناورة الاقتصادية والجيوسياسية.

روسيا هي المستفيد الأكبر من تخلّي واشنطن عن الالتزام العميق بأوروبا، إذ تحصل على مساحة أكبر للمناورة الاقتصادية والجيوسياسية

خلاصة الوثيقة.. العالم يدخل عصر ما بعد العولمة

إستراتيجية الأمن القومي الأميركي 2025 هي وثيقة اقتصادية بامتياز، لأنها تعلن بوضوح:

نهاية العولمة بصيغتها القديمة. أولوية الاقتصاد الوطني على المصالح الخارجية. تقليص الالتزامات العسكرية. صعود آسيا كمحور جديد للنمو والاستثمار. اعتماد تحالفات تقاس بالمنافع الاقتصادية لا بالقيم السياسية.

أما الشرق الأوسط فهو أمام واقع جديد، فالولايات المتحدة لن تعود إلى نمط التدخل السابق، ومن ينجح في بناء قيمة اقتصادية حقيقية هو الذي سيحجز مكانه في النظام العالمي الناشئ.

وتعكس الوثيقة تحوّلا تاريخيا سيعيد رسم خرائط النفوذ الاقتصادي العالمي خلال العقد القادم، ويجبر كل دول المنطقة على إعادة بناء سياساتها الاقتصادية وفق منطق المصلحة الوطنية والقدرة على خلق شراكات إستراتيجية حقيقية.

إعلان

مقالات مشابهة

  • محلل بالحزب الجمهوري: استراتيجية الأمن القومي الأمريكي بلا تأثير فعلي
  • قوانين الهجرة الأميركية.. تاريخ من الانفتاح والتشديد
  • مقتل شخصين وإصابة 9 آخرين بإطلاق نار داخل جامعة براون الأميركية
  • إستراتيجية الأمن القومي الأميركي 2025.. بداية نظام عالمي جديد
  • سوريا.. تفاصيل تتكشف عن هجوم تدمر والقوات الأميركية تعزز انتشارها
  • أميركا حجبت معلومات مخابراتية عن إسرائيل خلال عهد بايدن
  • إدارة بايدن تجمد التعاون الاستخباراتي مع إسرائيل بسبب جرائم حرب في غزة
  • يعلن مستشفى الناس الدولي لأصحاب الرهونات بأن عليهم مراجعة المستشفى
  • استراتيجية الأمن القومي الأمريكي: راعي الأبقار وماشية العالم
  • بوتين يجدد دعمه لمادورو مع تصاعد التهديدات الأميركية لفنزويلا