عربي21:
2025-07-04@08:36:03 GMT

نحو بناء الجيش السوري الجديد

تاريخ النشر: 7th, January 2025 GMT

المفهوم العام للجيش والقوات المسلحة

في السياق الفلسفي والمجتمعي، يُعَدّ الجيش مؤسسة رسمية ومنظّمة، تُناط بها مسؤولية حماية الوطن وسيادته وضمان أمنه، كما يتجسد الجيش بوصفه كيانا شرعيا يستخدم القوة المنظمة ضمن إطار القوانين والضوابط الأخلاقية، ملتزما بأعلى معايير النزاهة والشرف، ولا يقتصر دوره على الدفاع العسكري، بل يشمل أيضا حماية المصالح الوطنية والقيم الإنسانية؛ فالجيش يعبر عن ذراع الوطن القوي، مجسدا إرادة الأمة في الدفاع عن نفسها والمساهمة في السلام العالمي، ورمزا للوحدة الوطنية والتضامن المجتمعي، حيث يجتمع أفراده من مختلف الخلفيات والطوائف والقوميات تحت راية واحدة لتحقيق الأمن والاستقرار.



الجيش السوري: أزمة هوية واستجابة للثورة

الجيش السوري، كما في العديد من الدول، كان يُفترض به أن يكون مؤسسة وطنية تسعى لحماية السيادة الوطنية وضمان أمن البلاد والشعب، إلا أنّ الجيش السوري كان يعاني من أزمة أخلاقية وإنسانية ومن خلل بنيوي واضح، تركز في عقيدته العسكرية التي تمحورت حول الولاء الشخصي للرئيس حافظ وبشار الأسد وعائلته، بدلا من الولاء للوطن والمواطنين. هذا التحول الفلسفي من مفهوم "الفرد في خدمة الدولة" إلى "الدولة في خدمة الفرد" أدى إلى انحراف الجيش عن دوره بوصفه حاميا للوطن، ليصبح أداة للحفاظ على النظام الحاكم. نتج عن ذلك ضعف الروح القتالية والاحترافية، وتفشي الفساد والمحسوبية، مما أضعف الهيكل التنظيمي للجيش وأدى إلى تآكل الثقة بين الجيش والشعب. وفي عام 2011،يجب حل هذه الفصائل بما فيها هيئة تحرير الشام رسميا وانضمام عناصرها كأفراد مستقلين لا كمجموعات منظمة، لضمان انتقال الولاء إلى الوطن فقط؛ حيث تُعدّ إعادة بناء الجيش جزءا أساسيا من هذه العملية، حيث يجب توزيع السلطة بشكل عادل واعتماد نظام رقابة ومساءلة تضمن الشفافية والنزاهة تجلت أزمة الهوية هذه بوضوح عندما استخدم النظام الجيش لقمع الثورة السورية بدلا من الاستجابة لمطالب الشعب، وقد عكس سلوك الجيش تجاه الثورة أزمة هوية وفقدان البوصلة الأخلاقية، حيث تحول إلى كيان يعمل لحماية مصالح الفئة الحاكمة، مما زاد من تعقيد الأزمة وأدى إلى تفاقم الوضع الإنساني والسياسي في البلاد.

سوريا "نحو بناء جيش جديد"

تتطلب إعادة بناء الجيش السوري بعد نجاح الثورة عملية شاملة ومعقدة تهدف إلى تشكيل مؤسسة عسكرية تعتمد على أسس وطنية، تضمن الولاء للوطن والمواطنين بدلا من السلطة الحاكمة، وتشمل هذه العملية وضع مبادئ واضحة ترتكز على احترام حقوق الإنسان والحفاظ على سيادة الوطن ووحدته، وجعل هذه المبادئ جزءا لا يتجزأ من تعليم وتدريب الجنود.

ولتوحيد الفصائل المسلحة التي شاركت في الثورة تحت لواء الجيش الجديد، يجب حل هذه الفصائل بما فيها هيئة تحرير الشام رسميا وانضمام عناصرها كأفراد مستقلين لا كمجموعات منظمة، لضمان انتقال الولاء إلى الوطن فقط؛ حيث تُعدّ إعادة بناء الجيش جزءا أساسيا من هذه العملية، حيث يجب توزيع السلطة بشكل عادل واعتماد نظام رقابة ومساءلة تضمن الشفافية والنزاهة.

كذلك، لا بد من التركيز على التدريب والتعليم لتعزيز الانضباط العسكري والقيم الوطنية، مع تقديم برامج تعليمية متقدمة حول الدور العسكري في الوطن والقوانين الدولية، ناهيك عن التواصل الفعال مع المجتمع، الذي يُعد أساسيا لبناء الثقة، من خلال تنظيم حملات توعية ومبادرات مجتمعية، كما يجب لضمان الشفافية والمساءلة داخل الجيش، إنشاء هيئات مستقلة لمراقبة الأداء والتحقيق في التجاوزات. كما أنّ تعزيز الثقافة الوطنية داخل هذه المؤسسة يتم من خلال الفعاليات الوطنية والدروس حول تاريخ الوطن، مع توفير دعم شامل للجنود وأسرهم لضمان رفاهيتهم. كل هذه الخطوات تهدف إلى بناء جيش محترف ووطني يلتزم بخدمة الوطن والمواطن.

دور الضباط المنشقين في بناء الجيش السوري الجديد

يتطلب تشكيل الجيش السوري الجديد بعد نجاح الثورة عملية شاملة تتسم بالعناية البالغة والتخطيط الدقيق. في هذا السياق، يلعب الضباط المنشقون عن النظام السوري دورا محوريا وحاسما، حيث إن إشراك هؤلاء الضباط ليس فقط ضرورة بل وواجبا اخلاقيا، بل بالغ الأهمية لتحقيق جيش وطني يتمتع بالكفاءة والمصداقية. يمكن القول إن الضباط المنشقين يمثلون قيمة خاصة في عملية بناء الجيش الجديد، حيث اتخذ هؤلاء الضباط قرارا جريئا بالانشقاق عن النظام القمعي المجرم، مما يعكس التزامهم بالقيم الوطنية والإنسانية، ومن هنا فإن إعادة دمجهم في الجيش الجديد تعكس الالتزام بالعدالة والمصالحة والمساواة، وتعزز الشرعية الأخلاقية للمؤسسة العسكرية الجديدة.
على الجانب العملي، يتمتع الضباط المنشقون برتب عسكرية عليا ومتوسطة وبخبرة واسعة في الشؤون العسكرية والتكتيك الحربي، مما يجعلهم مصادر قيمة للمعرفة والتدريب، كما أنّ الاهتمام بالكفاءة العسكرية لهؤلاء الضباط يعد جزءا أساسيا من عملية إعادة البناء، حيث يمكنهم المساهمة في رفع مستوى الاحترافية داخل الجيش الجديد، ويجب تقديم برامج تدريبية متقدمة تهدف إلى تطوير مهاراتهم وتعزيز قدراتهم القيادية، مما يضمن استفادة الجيش بأكمله من خبراتهم الواسعة.

إعادة بناء المؤسسة العسكرية والأمنية ضرورية لضمان عودتها إلى دورها كحامي للوطن والشعب، وذلك من خلال مراجعة شاملة للعقيدة العسكرية، وتعزيز الشفافية والمساءلة، وضمان تكافؤ الفرص والاحترافية، فالهدف هو بناء مؤسسة قوية قادرة على مواجهة التحديات وضمان السلام والاستقرار وحفظ الوطن وأبنائه وسيادته
ويجب أن تُبنى عملية دمج الضباط المنشقين على أساس من الشفافية والعدالة، وذلك من خلال إجراءات واضحة ومعايير صارمة تضمن اختيار الأشخاص الأكْفاء والمؤهلين لشغل المناصب القيادية، ويتطلب ذلك إنشاء هيئات أكاديمية مستقلة تشرف على عمليات الاختيار والتعيين، لضمان أن تكون العملية نزيهة وغير متأثرة بالولاءات الشخصية أو الفئوية، كما يجب مراعاة التراتبية العسكرية للضباط المنشقين لضمان انسجام هيكلية القيادة الجديدة وتوزيع السلطات بشكل عادل.

من الولاء الشخصي إلى حماية الوطن

تأسست الفروع الأمنية في الدولة بهدف حماية النظام من التهديدات الخارجية والداخلية، ولكن النظام السياسي حوّلها إلى أدوات لتحقيق أهداف شخصية وسياسية، مما أدى إلى انحراف المؤسسة العسكرية عن دورها الطبيعي، إذ أصبحت هذه المؤسسات تهدف إلى حماية الرئيس بدلا من حماية الوطن، مما أضعف كفاءتها وتسبب في تفشي الفساد والمحسوبية والجريمة. وهذا التحول أضعف الثقة بين الشعب والأجهزة الأمنية وساهم في تفاقم الأوضاع الأمنية والسياسية.

لذا، إعادة بناء المؤسسة العسكرية والأمنية ضرورية لضمان عودتها إلى دورها كحامي للوطن والشعب، وذلك من خلال مراجعة شاملة للعقيدة العسكرية، وتعزيز الشفافية والمساءلة، وضمان تكافؤ الفرص والاحترافية، فالهدف هو بناء مؤسسة قوية قادرة على مواجهة التحديات وضمان السلام والاستقرار وحفظ الوطن وأبنائه وسيادته.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الجيش العسكري سوريا سوريا امن جيش عسكر مدونات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الجیش الجدید الجیش السوری إعادة بناء بناء الجیش تهدف إلى من خلال بدلا من

إقرأ أيضاً:

القبول في الكليات العسكرية للجامعيين.. الأحد المقبل

البلاد (الرياض)

كشفت اللجنة المركزية لقبول طلاب الكليات العسكرية ولجنة قبول الجامعيين في وزارة الدفاع عن فتح باب التسجيل والقبول في الكليات العسكرية لحملة الشهادات الجامعية من السعوديين؛ للالتحاق بالخدمة العسكرية، وذلك ابتداءً من يوم الأحد المقبل الموافق 11 محرم 1447هـ.
وأوضحت الوزارة أن المؤهلات المطلوبة تشمل الحاصلين على درجة البكالوريوس، أو الماجستير، أو الدكتوراه في عدد من التخصصات العلمية والإنسانية؛ وفق الشروط والمعايير المحددة، داعية الراغبين إلى التقديم عبر البوابة الإلكترونية الرسمية للجنة.

مقالات مشابهة

  • مرحبًا بكل من فارق درب المليشيا واصطف مع الجيش
  • الرئيس الشرع: لا يمكننا أن نحتفي بهذه المناسبة دون أن نوجه تحية صادقة ممتنة لكل الشباب السوري الذين ساهموا في بناء هذه الهوية، ولكل من شارك فيها داخل البلاد وخارجها مبادرين ومبدعين ومتحدين الظروف ومؤمنين بأن سوريا الحبيبة تستحق المزيد ومعلنين القطيعة بذلك
  • الرئيس الشرع: الهوية تعبر عن بناء الإنسان السوري وترمم الهوية السورية التي ألفت الهجرة بحثاً عن الأمن والمستقبل الواعد، فنعيد إليها ثقتها وكرامتها وموقعها الطبيعي في الداخل والخارج
  • وزير الإعلام: الهوية البصرية الجديدة لم تكن نتاج مؤسسة واحدة بل ثمرة عمل جماعي شارك فيه أبناء سوريا داخل الوطن وخارجه ممن اجتمعوا ليسهموا في بناء الدولة
  • عبد المسيح: الجيش يبقى الركيزة الأساس لوحدة الوطن وسلامته
  • القبول في الكليات العسكرية للجامعيين.. الأحد المقبل
  • هيئة البث الإسرائيلية: الجيش يبدأ مرحلة جديدة من عملياته العسكرية في قطاع غزة
  • المرصد السوري: اغتيال رجل عراقي شمال غرب إدلب
  • كبار الضباط والمسؤولين يتفقدون مجريات التمرين الاستراتيجي "صنع القرار 12"
  • الفرقة 76 في الجيش العربي السوري تنفذ عرضاً عسكرياً في الأكاديمية العسكرية بحلب