الإنسانية والعدالة.. دعوة السلطان هيثم لبناء عالم مختلف
تاريخ النشر: 12th, January 2025 GMT
يمكن فهم الدعوة التي وجّهها حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- إلى بناء عالم تسوده قيم الإنسانية والعدالة وتحترم فيه المقدسات في خطابه إلى الأمة بمثابة مواجهة فكرية من قائد يتبنّى مسار القيادة الأخلاقية في مواجهة عالم يعيش في مأزق أخلاقي تكاد تغيب عنه قيم الإنسانية والعدالة وتُهدم فيه المقدسات وتحاصَر الهويات الوطنية، وتُغتال فيه الكرامة الإنسانية على الملأ في انتهاك صارخ لكل القوانين والتشريعات الدولية.
ويعني جلالة السلطان هيثم المعظم هذه الدعوة لأنه يفهم عميقا حجم التغيرات التي تحدث في العالم والتي تحدث بشكل خاص في الإقليم الذي نعيش فيه ولذلك تتجاوز الدعوة سياقها الرسمي إلى سياق فكري يخاطب عقل الإنسانية لتبحث عن مسار أكثر عدالة لمستقبلها المتشظي تحت وقع الأزمات وسباق القوى الكبرى لفرض هيمنتها على شعوب معزولة لا تجد الحد الأدنى من الكرامة والإنسانية، وهويات تطمَس تحت وطأة الاستعلاء الثقافي ورحى العولمة التي ما زالت تدور على كل شيء.
إن الواقع الذي خاطبه حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم يشهد اليوم غياب القيم التي ترفعها مؤسسات النظام العالمي السائد لكنها في الحقيقة الواقعية غير موجودة والعالم الذي يفترض أن يكون ساحة للأمن والسلام كما تعاهد العالم بعد الحرب العالمية الثانية هو اليوم ساحة مفتوحة لحروب لا تنتهي وبأشكال متعددة لا حصر لها، يُنظَر للاختلاف فيها باعتباره تهديدا وليس ثراء. لقد جعلت الحروب الثقافية والعرقية، وحروب الإبادة الجماعية والسياسات التي تُدار بمنطق القوة لا القانون، جعلت العدالة قيمة هامشية، لا تذكَر إلا في الخطابات فيما تغيب بشكل كامل في الممارسة الحقيقية.
والعدالة التي يتحدّث عنها عاهل البلاد المفدى هي أكبر من القوانين، هي روح الحضارة وأس بنائها وهي القيمة التي تتحقق عبرها إنسانية الإنسان وفي غيابها تسود العالم الكراهية وينشط التطرف والإرهاب ويغيب الأمن والأمان والاستقرار.
لقد ركّز جلالته -أعزه الله- على فكرة الكرامة الإنسانية التي لم تكن في يوم من الأيام رفاهية فكرية بل هي في الوعي الحضاري أساس لكل بناء حضاري وهي لم تكن خلال ذلك امتيازا بل حق يولد مع الإنسان وأكدته كل الشرائع السماوية والقوانين البشرية قبل أن تسيء استخدامه لصالح توجهات سياسية وطائفية.
وإذا نظرنا إلى توقيت هذه الدعوة نجد أن العالم يعيش في حالة عميقة من الانقسام، وفي مرحلة حساسة من التحولات الكبرى التي يصفها البعض بأنها مخاض لإعادة تشكيل نظام عالمي جديد لا يتأسس على قطب واحد ولكن على أقطاب متعددة تحترم حرية الإنسان وكرامته وتعلي من قيمة العدالة.. وتتحقق فيه الشراكة بين كل القوى ضعيفها وقويها ويحضر فيه الحوار والدبلوماسية.
تضع دعوة جلالة السلطان لبناء عالم تسوده العدالة والكرامة الإنسانية العالم أمام مرآة تعكس واقعه المتشظي، وتفتح نافذة على ما يمكن أن يكون إذا اختار قادته الحكمة على الصراع، والعدالة على الظلم، والإنسانية على الجشع.. لكن لا يكفي أن نسمع الدعوة دون أن نعيها وأن نحوّلها واقعًا في حياة هذا العالم من أجل أن تنتصر العدالة والإنسانية. والعالم أمام فرصة أن يجتمع ويتفاهم على أساس أخلاقي إذا لم يستطع أن يتعاون على أساس ديني وفي هذا خلاصه من كل المآزق التي يعيشها والتي ستحاصره في القريب العاجل إذا لم يجد خلاصه الآن.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
اللقاء المشترك: الوحدة قدر شعب ومبدأ لا يُمسّ.. ويجب تصحيح مساراتها بالشراكة والعدالة
يمانيون../
شدّدت أحزاب اللقاء المشترك على أن الوحدة اليمنية تمثّل منجزًا وطنيًا تاريخيًا لا يجوز التفريط به أو المساس بجوهره، مشيرة إلى أن الحفاظ عليها هو واجب وطني، وأن تصويب مساراتها بالعدل والشراكة والمساواة هو الطريق الأمثل لبناء دولة مدنية حديثة تصون الحقوق وتكفل الحريات وتنهض بالتنمية المستدامة.
جاء ذلك في بيان صادر عن أحزاب اللقاء المشترك، مساء الخميس، بمناسبة الذكرى الخامسة والثلاثين لقيام الجمهورية اليمنية في 22 مايو 1990، حيث رفعت فيه أسمى آيات التهاني والتبريكات إلى السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي، ورئيس وأعضاء المجلس السياسي الأعلى، وحكومة التغيير والبناء، وإلى جماهير الشعب اليمني في الداخل والخارج.
وأكّد البيان أن يوم الثاني والعشرين من مايو مثّل لحظة تاريخية فارقة، نقلت اليمن من واقع التشظي والتمزق إلى أفق الوحدة والكرامة الوطنية، موضحًا أن التحديات الراهنة تستدعي من الجميع إدراك قيمة هذه الوحدة والعمل الجاد على ترسيخها وترميم ما أفسدته التدخلات الخارجية والصراعات التي أُريد لها أن تكون ذريعة لتمزيق الوطن.
ودعت أحزاب اللقاء المشترك كافة القوى الوطنية والسياسية والاجتماعية إلى تغليب مصلحة الوطن العليا فوق كل الحسابات الضيقة، وتوحيد الصفوف في مواجهة العدوان والاحتلال، وبذل كل الجهود الممكنة لتعزيز الوحدة الوطنية بوصفها القاعدة الأساسية لحفظ اليمن واستقراره وسيادته.
كما أكدت الأحزاب أن لا خيار أمام اليمنيين إلا التمسك بالوحدة، باعتبارها الضمانة التاريخية لمستقبل آمن ومزدهر، يحفظ كرامة الشعب ويحقق تطلعاته في العدالة والتنمية والسيادة.