داعش يُهدّد لبنان مُجدداً.. معطيات تكشف علاقة عين الحلوة!
تاريخ النشر: 20th, August 2023 GMT
ليست عاديّة العملية الأمنيّة التي نفذتها وحدة الحماية في "حزب الله" يوم الجمعة الماضي، ضدّ الإرهابي "الداعشي" وسام دلّة في حي السلّم – الضاحية الجنوبية. ما حصَل أعاد الذاكرة إلى سيناريوهات التفجيرات التي كانت تهزّ الضاحية الجنوبية قبل 10 سنوات في ظلّ الحرب السورية التي بدأت عام 2011. حينها، كانت أنشطة الجماعات الإرهابية مكثفة بين سوريا ولبنان، في حين أن ما فرضته التفجيرات على الساحة الداخلية ساهمَ في إرساء خطرٍ كبير على مختلف المناطق، سواء في الضاحية أو في بيروت أو في أي منطقة أخرى.
على صعيد الإرهابي دلّة الذي قتل نفسه خلال عملية الجمعة، فإن دوره كاد يعيدُ نشاط "داعش" في لبنان، والمفارقة هي أنّ التنظيم الإرهابيّ بات يستعيد حالياً زمام المبادرة في شمال شرقي سوريا من خلال جملة عمليات تصعيدية يقودها هناك آخرها تمثلَ بتفجير إستهدف رتلاً عسكرياً للجيش السوري يوم 7 آب الجاري. هنا، فإنّ ما يظهر جلياً هو أنّ "داعش" الذي فقد السيطرة على أماكن ومناطق جغرافية في سوريا والعراق عام 2019، بات يعملُ وفق قاعدة معروفة سابقاً باسم "الذئاب المنفردة"، والتي تتمثلُ بشنّ إرهابيين هجماتٍ إنتحارية أو تفجيرات على غرار ما كان يحصلُ سابقاً في لبنان أو في سوريا أيضاً، وذلك من دون أن يتكلف التنظيم خسائر مادية أو عسكرية. سيناريوهات خطيرة واقعياً، فإنّ "الأمن الإستباقي" خلالَ هذه المرحلة بات حاجة أساسية، وما يجب فعله لتجنب أي سيناريوهات دموية جديدة وخطيرة هو المضي في تكثيف العمل الإستخباراتي وضبط الحدود مع سوريا، باعتبار أن معابر التهريب كثيرة ومن خلالها يُمكن أن يدخل إرهابيون إلى لبنان مثلما فعل دلّة قبل نحو 3 أسابيع. وفعلياً، إن لم يحصل ذلك، عندها ستكون الساحة اللبنانية مُشرعة أمام إحتمالات عديدة، لاسيما أنّ هناك بيئات حاضنة يمكن أن تحتضن أي تخطيط لعمل إرهابي وتنفيذه أيضاً. وللتوضيح أكثر، فإن المعابر التي سمحت بمرور دلة وغيره من الإرهابيين، يمكن أن تتيح أيضاً لسيارات مفخخة الدخول إلى لبنان. أما الأمر الأخطر والذي يجب تداركهُ فهو أنّ هناك مناطق يمكن أن تُشكل نواة لإنطلاق إرهابيين وانتحاريين تابعين لـ"داعش"، والأساس هنا يرتبطُ بمخيّم عين الحلوة الذي يشكل حالياً بؤرة أمنية متوترة بسبب نشاط مجموعات إرهابية تتبع "داعش" فكرياً، وتسعى إلى توسيع نفوذها داخل المخيم بشكلٍ قائم على المعارك المسلحة. وللتذكير، فإنه وبعد إندلاع الإشتباكات في المخيم أواخر شهر تموز الجاري، جرى الحديثُ عن دخول عناصر إرهابية من "داعش" إلى المنطقة بعد مجيئها من سوريا. الكلامُ هذا ليس عادياً أبداً، ويعني أنَّ المنطقة مُشرّعة أمام إرهابيين، يسرحون ويمرحون ويدخلون الأراضي اللبنانية عبر منافذ غير مكشوفة وغير مضبوطة. وإلى جانب ذلك، فإن المخاوف الأساسية القائمة اليوم ترتبطُ بإنطلاق عناصر تفجيرية من الداخل اللبناني (من عين الحلوة على سبيل المثال)، ما يعني أن "داعش" قد لا يكون بحاجة لإرسال إنتحاريين من سوريا. عملياً، إن حصل هذا الأمر، فإن ذلك يعني أنّ لبنان بات مخروقاً مُجدداً بإرهابيي "داعش"، وبالتالي العودة إلى نقطة الصفر أمنياً. إزاء كل هذه المشهدية، يجبُ بكل بساطة إتخاذ التدابير الوقائية في ظلّ تنامي مشهد الإرهاب مُجدداً، والأساس هنا يرتبطُ بـ3 خطوات وهي: تعزيز عملية ضبط الحدود، إنهاء أي وجود لجماعات يُشتبه بتواصلها مع "داعش" ورفع ذروة الأمن الوقائي إلى أقصى الدرجات. ومن دون أي تساهل، فإن أحداث عين الحلوة قد تكونُ مقدّمة لإنفلاتٍ أمني كان "داعش" يسعى إليه عبر عناصره هناك.. فما الذي يمنع وجود هذا السيناريو؟ وما الذي يمنع أن تكون التحذيرات التي أطلقتها السفارات مؤخراً في لبنان مرتبطة بوجود معطيات فعلية عن تجدّد نشاط "داعش"؟ في الخلاصة، الأمورُ بحاجة إلى ضبطٍ كبير، واتخاذ القوى الأمنية خيار رفع الجهوزية اعتباراً من الأسبوع الماضي لم يأتِ بالصدفة، فأحداث عين الحلوة شرعت الأبواب أمام سيناريوهات خطيرة.. والسؤال: هل سيجري ضبطها بسهولة أم أننا سنعود إلى مُربع التفجيرات والعمليات الإنتحارية؟ المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: عین الحلوة
إقرأ أيضاً:
اللحظة التي غيّرت ترامب تجاه سوريا
فاجأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأوساط الدولية بإعلانه رفع العقوبات عن سوريا خلال زيارته إلى السعودية، وذلك في لحظة سياسية كانت كل المؤشرات تشير فيها إلى احتمال انحيازه لخيار اليمين الإسرائيلي المتطرف، الذي يدفع باتجاه تقسيم سوريا إلى دُويلات مذهبية وإثنية متناحرة.
هذا القرار، الذي جاء من قلب الرياض لا من واشنطن، مثّل انعطافة كبرى في مقاربة الملف السوري، وأطلق دينامية إقليمية جديدة تمحورت حول إعادة تأهيل سوريا كدولة موحدة ومستقرة، ضمن توازنات ترعاها قوى إقليمية وازنة.
لم يكن الحديث عن رفع العقوبات عن سوريا مجرّد خطوةٍ مفاجئة أو تحوّلٍ تكتيكي عابر. بل هو، في جوهره، انعكاس لتحوّل أوسع في موازين القوى الإقليمية والدولية، ونتاج لتراكمات سياسية ودبلوماسية تقودها قوى إقليمية وازنة، وعلى رأسها السعودية وتركيا وقطر، ضمن رؤية لإعادة تشكيل النظام الإقليمي بما يتجاوز الحسابات الضيقة للسنوات الماضية.
الحضور السعودي: رافعة سياسية واقتصاديةيبرز الحضور السعودي، ممثلًا بولي العهد الأمير محمد بن سلمان، كعنصر حاسم في صياغة هذا التحول. فالسعودية لم تعد فاعلًا تقليديًا يكتفي بإدارة توازنات مالية أو دينية، بل أصبحت مركز ثقل إستراتيجي في المنطقة، وقائدة مسارات إعادة التموضع في العالم العربي.
إعلانالمبادرات السعودية تجاه سوريا تنطلق من فهم واضح لمعادلة الأمن والاستقرار: لا يمكن أن تستقر المنطقة في ظل استمرار انهيار الدولة السورية، ولا يمكن للسعودية أن تقود مشروعًا تنمويًا متكاملًا في الخليج والشرق الأوسط دون تطويق بؤر التوتر الرئيسية.
رفع العقوبات، في هذا السياق، لا يخدم فقط مصالح دمشق، بل يفتح الباب أمام مشروع اقتصادي- سياسي طموح، يمكن للسعودية أن تكون راعيه الأساسي.
ومن خلال تحفيز الاستثمارات في البنى التحتية، والتعليم، والطاقة، يمكن تحويل سوريا من عبء إقليمي إلى فرصة للتكامل والتنمية، خصوصًا في ظل حاجة السوق السورية المدمّرة إلى كل أشكال الدعم والإعمار.
الدور التركي: مقاربة أمنية وتنموية مزدوجةتلعب تركيا دورًا محوريًا، لكن من زاوية مختلفة. فأنقرة التي كانت لعقد من الزمن جزءًا من الأزمة، باتت اليوم أكثر انخراطًا في مسار الحل، لكنها تحرص على حماية مصالحها الأمنية في الشمال السوري، خصوصًا ما يتعلق بملف الأكراد وتنظيم "قسد".
وبقدر ما تسعى تركيا إلى إعادة ضبط علاقتها بسوريا، فإنها تدرك أن رفع العقوبات وإطلاق عجلة إعادة الإعمار سيفتحان المجال أمام مشاريع اقتصادية وتنموية تربط المناطق الحدودية بسوريا من جديد، وتقلص من تدفق اللاجئين، وتعيد الاستقرار إلى الجنوب التركي.
تركيا تنظر إلى الملف السوري من منظارين: الأول أمني بحت يهدف إلى منع إنشاء كيان كردي مستقل، والثاني اقتصادي يهدف إلى استثمار مرحلة إعادة الإعمار في سوريا لتوسيع نفوذ الشركات التركية، ودمج الاقتصاد السوري تدريجيًا في المحور التجاري بين أنقرة ودول الخليج.
قطر: دبلوماسية مرنة وشريك تنموي واعدأما قطر، التي لطالما تموضعت في قلب الملفات الإقليمية الحساسة، فهي تستثمر في المرحلة الجديدة بسلاسة دبلوماسية واقتصادية. من خلال علاقاتها المتقدمة مع الولايات المتحدة من جهة، وقدرتها على فتح قنوات اتصال مع الأطراف السورية والدولية من جهة أخرى، تشكل الدوحة جسرًا مهمًا في مرحلة الوساطة السياسية، وتطرح نفسها كشريك اقتصادي قادر على ضخّ الاستثمارات، وتفعيل الحضور العربي في مرحلة ما بعد الحرب.
إعلانالدوحة، التي ساهمت في إعادة توجيه بوصلة الحلّ في عدد من الأزمات الإقليمية (أفغانستان نموذجًا)، ترى في سوريا فرصة جديدة لتعزيز الاستقرار، وترسيخ توازن إقليمي يصب في مصلحة الجميع، شرط أن تكون المعادلة قائمة على احترام السيادة السورية، والانفتاح على حلول سياسية عادلة.
تكتل ثلاثي بفرص استثنائيةإن اجتماع هذه القوى الثلاث: السعودية وتركيا وقطر، على خط تحوّل سياسي- اقتصادي في سوريا، يشكّل بذاته حدثًا إستراتيجيًا غير مسبوق. رغم الاختلافات السابقة، فإن هذا التكتل بات يرى في استقرار سوريا فرصة مشتركة، لا تهديدًا متبادلًا. وهو ما يعزز فرص الاستثمار في الملفات الآتية:
إعادة الإعمار: وهي عملية ستتطلب عشرات المليارات من الدولارات، وستكون مجدية لدول الخليج وتركيا من حيث العقود والبنى التحتية والخدمات. إعادة تموضع اللاجئين: حيث ستساهم بيئة مستقرة ومموّلة بإعادة جزء من اللاجئين السوريين إلى بلادهم، وهو ما تريده أنقرة والرياض والدوحة. التوازن مع إيران: عبر إخراج طهران من الساحة السورية تدريجيًا بالوسائل الاقتصادية والسياسية لا العسكرية. التكامل الأمني: من خلال التنسيق الاستخباراتي حول التهديدات العابرة للحدود مثل الإرهاب والمليشيات غير المنضبطة. اقتصاد مفتوح: لا يمكن القفز فوق أهمية رفع العقوبات والتي ستحفز المستثمرين بالدخول بحجم أوسع في قطاعات الطاقة والبيئة والاتصالات، والذكاء الاصطناعي، وخاصة المستثمرين السوريين في دول الخليج وأوروبا. من العقوبات إلى التحوّل: لحظة إستراتيجيةرفع العقوبات، إذًا، لم يكن وليد اللحظة، بل نتيجة تحوّل في الرؤية الأميركية تجاه سوريا والمنطقة. إذ بات واضحًا أن الإدارة الأميركية لم تعد تؤمن بأن إضعاف سوريا يخدم المصالح الإستراتيجية، بل ترى أن سوريا مستقرة ومنفتحة على الخليج وتركيا وأوروبا ستكون شريكًا أفضل في محاربة الإرهاب وضبط الحدود وتثبيت الاستقرار الإقليمي.
إعلانيأتي هذا التحول بالتزامن مع رغبة الولايات المتحدة في إنهاء أزمات الشرق الأوسط، وتوجيه الموارد والتركيز نحو آسيا ومواجهة الصين. وبالتالي، فإن تسوية الملف السوري تندرج ضمن خطة "تصفير النزاعات" في المنطقة.
لحظة اختبار للقيادة السوريةلكن كل هذه الفرص، تبقى رهنًا بمدى استعداد القيادة السورية لالتقاط التحول والانخراط في مشروع إعادة البناء السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
سوريا ما بعد العقوبات ليست كسابقتها، والمطلوب اليوم ليس فقط إعادة الإعمار بالحجارة، بل بناء عقد اجتماعي جديد، يضمن المشاركة السياسية، ويخرج السوريين من دوامة الخوف والانقسام، ويعيد دمجهم في محيطهم العربي.
إن الفرصة الإستراتيجية التي تتشكل اليوم بقيادة السعودية وشراكة قطر وتركيا، تحتاج إلى شجاعة سياسية من دمشق، واستعداد للانفتاح، وتجاوز مرحلة العزلة الدولية التي دامت لأكثر من عقد.
فإما أن تتحول سوريا إلى "خلية نحل" كما يقول بعض المحللين الخليجيين، وإما أن تبقى رهينة ماضٍ دموي يعيد إنتاج نفسه في كل دورة عنف.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline