النزاعات والتحديات الاقتصادية .. توقعات صادمة لقطاع السفر العالمي في المنطقة
تاريخ النشر: 20th, May 2025 GMT
توقعات مستقبلية للسفر الجوي العالمي، كشفها الاتحاد الدولي للنقل الجوي “إياتا”، حول العشرين عاما القادمة، على مستوى مختلف مناطق بلدان العالم وتحديدًا منطقة الشرق الأوسط، يتنبأ من خلالها أن السفر الجوي العالمي سوف ينمو بنسبة 3.3% سنوياً على مدى العشرين عاماً القادمة.
وأن حصة الشرق الأوسط ستكون فرصتها في النمو أكبر خلال هذه التوقعات، إذ ستصل إلى نسبة 4.
وأرجع حالة المفارقات والاختلاف في نمو المنطقة لعدة عوامل، أهمها التالي:
• عدم الاستقرار الجيوسياسي: الصراعات تؤثر سلباً على صناعة الطيران. ففي بلدان مثل اليمن، سوريا، العراق، ولبنان نجد أنها شهدت تراجعاً في السفر الجوي بسبب حالات عدم الاستقرار، كما أن العقوبات تجعل الأمور أسوأ. وفيما يستمر الطيران في إظهار مرونة ملحوظة في مواجهة عدم الاستقرار السياسي، فيما يكون هذا بشكل أفضل بكثير في البلدان المستقرة والتي سجلت أداءً أفضل بكثير.
• التجزئة التنظيمية: على عكس أوروبا، لا يوجد في الشرق الأوسط سوق نقل جوي موحد. وبدلاً من ذلك فإننا نرى فسيفساء من اتفاقيات خدمات النقل الجوي الثنائية والسياسات المتباينة. ففي الوقت الذي تبنت فيه بعض الدول سياسة منفتحة، تستمر دول أخرى في فرض قيود على الترددات، والطرق، وشركات الطيران غير الوطنية. كما أن عدم وجود سوق نقل جوي موحد يعيق الاتصال، خاصة بالنسبة للأسواق الصغيرة التي تعتمد على الوصول الإقليمي، وإذا كنت تريد ربط المنطقة، فإن هذا يتطلب المزيد من التعاون والتنسيق.
• التفاوت الاقتصادي: استفادت الدول الأكثر ثراءً، وخاصة الموجودة في منطقة الخليج، من موقعها الجغرافي، وسكانها ذوي الدخل المرتفع لإنشاء مراكز عالمية. بينما تكافح الدول الأصغر أو ذات الدخل المنخفض، مع الطلب المحلي المحدود، والموارد المقيدة، ونماذج الأعمال التي لا يمكنها مطابقة اقتصادات الحجم التي تتمتع بها شركات الطيران الكبرى.
إن هذه تحديات مترابطة، لكنها ليست عصية على الحل.
طريق إلى الأمام: شرق أوسط أكثر اتصالاًإذا أردنا سد فجوة التنمية هذه، يرى أنه علينا أن نعمل بشكل جماعي، في نهج أكثر تكاملاً -مبني على المصالح المشتركة والدعم المتبادل- ليفتح الإمكانات الكاملة للطيران في الشرق الأوسط. وما نحتاج إليه هو:
1. تنسيق إدارة المجال الجوي وحركة المرور: نحتاج إلى تنسيق أفضل. يمكن إدارة المجال الجوي في المنطقة بشكل أفضل. إذ يجب على الحكومات في المنطقة التعاون، ودعم رؤية لإدارة حركة جوية سلسة، وذلك لتسهيل تدفق الحركة الجوية من خلال مشاركة البيانات، وتنسيق الإجراءات، وتخفيف القيود العسكرية، حيث يلعب كل هذا دوراً في تعزيز سلامة وكفاءة الطيران.
2. تنسيق القوانين والنظم: إن فسيفساء القوانين يجعل الحياة صعبة بالنسبة لشركات الطيران، وللركاب. إن القوانين المجزأة وغير المتسقة تخلق عدم الكفاءة، وتزيد من التأخير، وتطرح تحديات أمنية. بينما يمكن من خلال تنسيق الأطر التنظيمية ضمان عمليات أكثر سلاسة، وبتكاليف أقل، مع الحرص على تعزيز السلامة والأمن العام للسفر الجوي.
3. الاستدامة: إننا نتشارك السماء نفسها، لذلك فالاستدامة هي تحدٍ لا يمكن معالجته من قبل دولة واحدة فقط، وإن التعاون الإقليمي في استخدام وقود الطيران المستدام (SAF)، ووقود الطيران منخفض الكربون (LCAF)، وتتبع الانبعاثات الكربونية، والحوافز للاستثمارات الخضراء سيمكن الشرق الأوسط من قيادة الطريق عالميا في العمل المناخي. إن وقود الطيران المستدام (SAF) على وجه الخصوص، هو رافعة رئيسية، والمنطقة في وضع جيد لتصبح رائدة في إنتاجه وتصديره، وذلك بفضل الخبرات في مجال الطاقة، وسهولة الوصول إلى رأس المال.
4. مشاركة التكنولوجيا والمعرفة: يمكن لمراكز الطيران في المنطقة أن تلعب دوراً محورياً في بناء قدرات عابرة إلى الدول المجاورة، وذلك من خلال مشاركة الخبرات، وتقديم فرص التدريب، وتعزيز المبادرات التعاونية، ويمكن لهذه المراكز تعزيز القدرات العامة للمنطقة. هذا الدعم يمكن أن يعزز الكفاءة التشغيلية، ويحسن معايير السلامة، كما يساهم في النمو المستدام لقطاع الطيران في جميع أنحاء المنطقة.
إن هذه الخطوات تشكل أساساً متيناً لطيران أكثر اتصالاً ومرونة عبر منطقة الشرق الأوسط بأكملها - حيث يكون لكل دولة، بغض النظر عن حجمها أو دخلها، مقعد على الطاولة وطريق إلى التكامل العالمي.
منطقة واحدة، سماء واحدةيعتبر الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) أن قصة الطيران في الشرق الأوسط هي قصة طموح، تحول، وفرص. ومع ذلك، يجب ألا نتجاهل الفوارق التي لا تزال قائمة.
وأشار إلى الخبر السار هو أن المنطقة قد أثبتت بالفعل أن الرؤية الجريئة، والاستثمار الاستراتيجي يمكن أن يحقق نتائج استثنائية. الآن هو الوقت لتمديد روح التعاون هذه عبر الحدود لإنشاء شراكات تحقق فوائد ليس فقط للدول إنما للمنطقة بأسرها.
ويرى إن الشرق الأوسط الموحد بسماء مفتوحة، وقوانين متسقة، وابتكار مشترك سيكون أكثر تنافسية، وأكثر مرونة، وسيحقق فوائد اقتصادية واجتماعية أكبر للناس، وسيضمن نمواً لجميع الدول.
وأكد، “إننا في إياتا ملتزمون بتسهيل هذا الحوار، ودعم أصحاب المصلحة الإقليميين بالبيانات، والرؤى. كما أننا مستعدون للمساعدة في بناء الأطر والشراكات التي ستشكل المستقبل، وأقول لكل حكومة، ولكل شركة طيران، ولكل سلطة طيران مدني في هذه القاعة: نجاحكم هو نجاح الجميع. المد المرتفع يرفع جميع القوارب - وفي هذه الحالة، جميع الطائرات… دعونا نعمل معاً -بتعاون ومن أجل هدف واحد لإنشاء مستقبل أكثر اتصالاً، وتنافسية، واستدامة في سماء الشرق الأوسط”.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: السفر الجوي إياتا منطقة الشرق الأوسط صناعة الطيران الشرق الأوسط الطیران فی فی المنطقة من خلال
إقرأ أيضاً:
جولة ترامب في الشرق الأوسط تكشف تجاهله لغزة
بينما يتنقل دونالد ترامب من عاصمة خليجية إلى أخرى، ويُوقّع صفقات لافتة، ويزور الرئيس السوري الجديد، بل ويُحرز، كما يُقال، تقدمًا في ملف إيران النووي، يبدو أن الحرب في غزة قد أُزِيحت إلى هامش الدبلوماسية الأمريكية.
فرغم وجود مفاوضات شارك فيها الأمريكيون الأسبوع المنصرم في قطر بشأن إطلاق سراح الرهائن، فإن إسرائيل رأت من المناسب تنفيذ محاولة اغتيال مدمرة لقائد حماس، محمد السنوار، تلتها غارات جوية كثيفة على قطاع غزة. وعلى الرغم من أن مصير السنوار لم يُؤكَّد بعد، فإن توقيت هذا التصعيد خلال وجود الرئيس الأمريكي في المنطقة يكشف بوضوح مدى عدم جدية الحكومة الإسرائيلية في إنهاء الحرب.
وفي الحقيقة، إذا استؤنفت الحرب بشكل كامل قريبًا، فلن يكون ذلك مفاجئًا، إذ إن المجلس الوزاري الأمني الإسرائيلي صادق في وقت سابق من هذا الشهر بالإجماع على خطة لتوسيع الهجوم العسكري في غزة، مع قيدٍ وحيد، وهو انتظار انتهاء جولة ترامب في الشرق الأوسط. وقد وُضعت هذه الخطة الجديدة تحت ضغط شديد من أكثر أعضاء الائتلاف تطرفًا، وتذهب إلى ما هو أبعد من - هزيمة حماس-، حيث لا تُبدي اهتمامًا يُذكر بمصير الرهائن المتبقين، بل تسعى إلى احتلال دائم لكامل أراضي القطاع.
ورغم محاولات نتنياهو تزيين المرحلة المقبلة من الحرب بأسباب -أمنية- وحجج -إنسانية- زائفة، مثل القول إن سكان غزة سيتم -نقلهم لحمايتهم- فإن وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، أحد رموز اليمين الاستيطاني المتطرف، كشف النقاب عن النوايا الحقيقية. فقد صرّح أن سكان غزة، خلال ستة أشهر، سيُحصرون في رقعة ضيقة من الأرض، بينما سيتم -تدمير ما تبقى بالكامل- ما سيدفعهم إلى -البحث عن أماكن أخرى لبدء حياة جديدة. أي أن الهدف الحقيقي هو التهجير القسري.
في الماضي، حين كانت هذه الأفكار المتطرفة محصورة في هامش السياسة والمجتمع الإسرائيلي، كان من الممكن اعتبارها مجرد شعبوية يمينية. أما اليوم، فهؤلاء الأشخاص أنفسهم يشغلون مناصب وزارية رئيسية، ويُسيطرون على قرارات الحكومة. والأسوأ من ذلك، أن نتنياهو يعتمد عليهم بشكل كامل للبقاء في الحكم إلى حين موعد الانتخابات المقبلة، وهو ما يتيح له أيضًا محاولة عرقلة محاكمته بتهم فساد، خاصة وأن المحاكمة دخلت مرحلة حساسة من استجوابه من قِبل الادعاء العام.
ولكي يُرضي هؤلاء المتطرفين، يفعل نتنياهو ما يشاؤون، لأنه لا يستطيع تحمُّل انتخابات جديدة، وهو ما يطالب بها معظم الإسرائيليين، ولا احتمال تشكيل لجنة تحقيق مستقلة في الفشل الذريع الذي أدى إلى أحداث 7 أكتوبر.
وتشير استطلاعات الرأي إلى أن أكثر من ثلثي الإسرائيليين يُفضِّلون التوصل إلى صفقة مع حماس تُفضي إلى إطلاق سراح الرهائن على الاستمرار في الحرب. كما تُظهر هذه الاستطلاعات أن الأحزاب الائتلافية الحاكمة ستخسر بشدة في أي انتخابات عامة حالية. لهذا يتمسّك نتنياهو بائتلافه الحالي، ويخضع لإملاءاته، حتى وإن كانت مدمّرة وجنائية.
لكن ثمن هذا التمسّك المحموم بالسلطة يُدفع أولًا وقبل كل شيء من قبل الفلسطينيين، ويُدفع أيضًا من قِبل الإسرائيليين أنفسهم. فإسرائيل تواصل منع دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة منذ أسابيع، في وقت تُحذِّر فيه المنظمات الإغاثية من مجاعة وشيكة، ومن انعدام الرعاية الطبية، خاصة مع قصف المستشفيات، وانقطاع المياه النظيفة والصرف الصحي. ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إيهود أولمرت، الوضع هذا الأسبوع بأنه -غير محتمل تمامًا، وغير مقبول، وغير إنساني، ولا يُغتفر. ويجب إيقافه فورًا.
إن مسؤولية وقف ترجمة قرار الحكومة الإسرائيلية بتوسيع الحرب إلى واقع على الأرض تقع على عاتق المجتمع الدولي.
فقد حشدت قوات الاحتلال عشرات الآلاف من الجنود تمهيدًا لاقتحام غزة المدمّرة، التي يُقيم فيها سكان يعانون من الصدمة الجماعية. وإذا لم يستخدم المجتمع الدولي أدواته ونفوذه لمنع اندلاع حرب جديدة شاملة، وإذا قرر ترامب ألا يُلوِّح بعضلاته كما فعل في مناسبات سابقة، فإن العالم سيكون شريكًا في المزيد من سفك الدماء، والتهجير، وسلب الفلسطينيين أراضيهم. بل وقد يكون هذا الفصل أسوأ من كل ما سبقه.
يوسي ميكلبرغ أستاذ العلاقات الدولية وزميل مشارك في برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في «تشاتام هاوس».