بصرف النظر عن السبب الذي أوقف القتال في غزّة، وهل هو تدخّل دونالد ترامب المفاجئ، أم هو الهبوط الاضطراري لنتنياهو على أرض الواقع، فصورة الاحتفال في غزّة هي الواقع الحقيقي.

قُبل الحديث عن ذلك المشهد المذهل، في ساحة السرايا، يهمّنا أن نذكر ما قاله أبو عبيدة من شكر للأردن، وإذا كان خصّ الحدود فهذا من موقعه العسكري، ولعلّ السياسيين الحماسيين يعودون إلى حقيقة الواقع، ويشكرون كلّ الأردن، قيادة وحكومة وشعباً.

ما جرى في ساحة السرايا كان عصياً على التصديق، صباح الصفقة، ولا أظنّ أنّ العيون كانت تُصدّق أنّ كتائب عزّ الدين القسام ستفرج عن الفتيات الثلاث جهاراً نهاراً في استعراض للقوّة عزّ نظيره، ولكنّ ذلك حصل.

لو كُنت مكان نتنياهو لأصبت بالجلطة الدماغية، فهو الذي كان ينتظر أن يُسمّى والداً من ملوك العهد القديم، شاهد بأمّ عينه كلّ ما فعل غباراً منثوراً، وعرف أنّ كلّ ذلك الغبار المتناثر من الأبنية المهدّمة، سيعود جنّة الله على الأرض، لأنّ الفلسطينيين هم أصحابها وهم من سيعيدونها إلى أحسن ما كانت!

في ذلك المشهد رسالات ليست عابرة، فعلى الذين كانوا يتحدّثون عن اليوم التالي أن يفهموها، وخصوصاً ضمن السلطة الفلسطينية التي تسلّم رئيسها في اليوم نفسه خطّة من رئيس وزرائه للاستلام و”إعادة الإعمار”، بما فيها من أموال وأموال!

قدّمت حركة المقاومة الفلسطينية “حماس” للشعب الفلسطيني رسالة إعتماد، وأعطت لمن ظنّوا وجودها بين الرماد دليلاً على ما قاله بلينكن في حضوره الأخير بأنّها استعادت قوّتها، وأعود وأقول: لو كنت مكان بنيامين نتنياهو لأصبت بالجلطة، أو انتحرت برصاصة مسدّس صُنع في “إسرائيل”، وللحديث بقية!

وكالة عمون الإخبارية

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

فلنغير العيون التي ترى الواقع

كل مرة تخرج أحاديثنا مأزومة وقلقة وموتورة، مشحونة عن سبق إصرار وترصد بالسخط والتذمر، نرفض أن نخلع عنا عباءة التشاؤم، أينما نُولي نتقصّى أثر الحكايات شديدة السُمية، تلك الغارقة في البؤس والسوداوية. 

في الأماكن التي ننشُد لقاءت متخففة من صداع الحياة، نُصر على تصفح سجل النكبات من «الجِلدة للجِلدة»، فلا نترك هنّة ولا زلة ولا انتهاكًا لمسؤول إلا استعرضناه، ولا معاناة لمريض نعرفه أو سمعنا عنه إلا تذكرنا تفاصيلها، ولا هالِكِ تحت الأرض اندرس أثره ونُسي اسمه إلا بعثناه من مرقده، ولا مصيبة لم تحلُ بأحد بعد إلا وتنبأنا بكارثيتها. 

ولأننا اعتدنا افتتاح صباحاتنا باجترار المآسي، بات حتى من لا يعرف معنىً للمعاناة، يستمتع بالخوض في هذا الاتجاه فيتحدث عما يسميه بـ«الوضع العام» -ماذا يقصد مثله بالوضع العام؟- يتباكى على حال أبناء الفقراء الباحثين عن عمل، وتأثير أوضاعهم المادية على سلوكهم الاجتماعي، وصعوبة امتلاك فئة الشباب للسكن، وأثره على استقرارهم الأُسري، وما يكابده قاطني الجبال والصحراء وأعالي البحار! 

نتعمد أن نُسقط عن حواراتنا، ونحن نلوك هذه القصص الرتيبة، جزئية أنه كما يعيش وسط أي مجتمع فقراء ومعوزون، هناك أيضًا أثرياء وميسورون، وكما توجد قضايا حقيقية تستعصي على الحلول الجذرية، نُصِبت جهات وأشخاص، مهمتهم البحث عن مخارج مستدامة لهذه القضايا، والمساعدة على طي سجلاتها للأبد. 

يغيب عن أذهاننا أنه لا مُتسع من الوقت للمُضي أكثر في هذا المسار الزلِق، وأن سُنة الحياة هي «التفاوت» ومفهوم السعادة لا يشير قطعًا إلى الغِنى أو السُلطة أو الوجاهة، إنما يمكن أن يُفهم منه أيضًا «العيش بقناعة» و«الرضى بما نملك». 

السعادة مساحة نحن من يصنعها «كيفما تأتى ذلك»، عندما نستوعب أننا نعيش لمرة واحدة فقط، والحياة بكل مُنغصاتها جميلة، تستحق أن نحيا تفاصيلها بمحبة وهي لن تتوقف عند تذمر أحد. 

أليس من باب الشفقة بأنفسنا وعجزنا عن تغيير الواقع، أن نرى بقلوبنا وبصائرنا وليس بعيوننا فقط؟ أن خارج الصندوق توجد عوالم جميلة ومضيئة؟ ، أنه وبرغم التجارب الفاشلة والأزمات ما زلنا نحتكم على أحبة جميلين يحبوننا ولم يغيرهم الزمن؟ يعيش بين ظهرانينا شرفاء، يعملون بإخلاص ليل نهار، أقوياء إذا ضعُف غيرهم أمام بريق السلطة وقوة النفوذ؟ 

النقطة الأخيرة 

يقول الروائي والفيلسوف اليوناني نيكوس كازنتزاكس: «طالما أننا لا نستطيع أن نغير الواقع، فلنغير العيون التي ترى الواقع». 

عُمر العبري كاتب عُماني 

مقالات مشابهة

  • إسرائيل اليوم: هؤلاء قادة حماس الذي ما زالوا في غزة
  • سيناريوهات البيك أب والتسلّل البرّي.. ما الذي يتدرّب عليه الطيّارون الإسرائيليون اليوم؟
  • فلنغير العيون التي ترى الواقع
  • برج الميزان حظك اليوم السبت: مكان العمل يحتاج إلى تركيز ثابت
  • حزب الله في السرايا ويؤكد لسلام: ليس ضرورياً إنجاز ملفّ الإعمار دفعةً واحدةً
  • ما الذي تخطط له العدل الإسرائيلية بشأن العفو الرئاسي عن نتنياهو؟
  • سلام يترأس جلسة مجلس الوزراء في السرايا
  • في السرايا... إطلاق خطة تجهيز المستشفيات الحكومية
  • تفاصيل اليوم الذي غيرت فيه القبائل اليمنية كل شيء
  • المرأة تتصدر مشهد اليوم الأول من انتخابات الدوائر الملغاة.. حضور واسع وطوابير ممتدة