اليوم التالي في غزة بين نرجسية الاحتلال وداعميه وقوة الأمر الواقع الذي فرضته المقاومة!
تاريخ النشر: 26th, January 2025 GMT
منذ بدأ الأمريكان وأذنابُهم الحديث بكل صلفٍ وكِبر عن ما يسمى باليوم التالي للحرب على غزة بقولهم: لا مكان لـ"حماس" في إدارة القطاع، وتجهيزهم لملء الفراغ بعد إزاحة الحركة؛ وذلك إما بتعيين حاكم عسكري من قِبل الاحتلال قياسا على الضفة، أو بإسناد المهمة لرئيس وزراء تابع للسلطة بعد القيام ببعض الإصلاحات داخلها؛ متجاهلين غضب "محمود عباس" وتضحياته من أجل إرضاء أمريكا وتل أبيب!.
فما الذي حدث بعد مضي 471 يوما لم يتوقف خلالها القصف الوحشي بالطائرات والصواريخ الموجهة من المسيّرات وقذائف المدفعية الثقيلة، حتى استحالت كل مظاهر الحياة، ولا زالت شهية مصاصي الدماء من اليمين المتطرف لا تعرف الشبع ولا تشعر بالحرج مدعومة من النظام العالمي الغربي والخذلان العربي الرسمي، حتى قُلبت المعادلة رأسا على عقب؟! ترى كيف استطاعت المقاومة فرض الأمر الواقع بعقيدتها ومصابرتها في مواجهة العالم كله؟!
والإجابة عند المحلل السياسي الإسرائيلي "ألون مزراحي":
"ما أصبح أكثر وضوحا في هذه اللحظة الفريدة، هو أن حماس، وهي حركة فلسطينية صغيرة، لم تَهزم إسرائيل فحسب، بل الغرب برمته!! لقد انتصرت في ساحة المعركة، واستفادت بشكل مذهل من قراءتها وفهمها للعقلية الإسرائيلية، واستخدمت كل ما لديها بكفاءة عالية، وكسبت القلوب نحو القضية الفلسطينية، في جميع أنحاء العالم، ولم يتم تدميرها أو تفكيكها، بل احتفظت تقريبا بكل أسير أسَرَته، ولم تستسلم لأي ضغوط!".
سيحكم التاريخ باعتبارها واحدة من أكثر الإنجازات عبقرية، ربما في التاريخ العسكري كله، وهذا أبعد من أن يتم سبر أغواره، ومن دون التفكير أو الإحساس، جعلت إسرائيل من حماس أسطورة المقاومة التي ستعيش في الذاكرة الثقافية على مر العصور، لن تعود قضية فلسطين إلى الظل مرة أخرى!
"انتهى الحلم الصهيوني إذا".. هذا ما جاء في إفتتاحية صحيفة "هآرتس الإسرائيلية" قائلة:
"الفلسطينيون أفضل شعوب الأرض في الدفاع عن أوطانهم، فقد هبّوا للدِّفاع عن حقوقهم بعد 75عاما وكأنهم رَجُلٌ واحِد، لقد كانت خسائرنا تتعدى 912 مليون دولار -كل ثلاثة أيام- نحن نتعرض لحرب نحن بدأناها وأوقدنا نارها وأشعلنا فتيلها ولكننا لسنا مَن يُديرها، وبالتّأكيد لسنا مَن ينهيها! الفلسطينيون ببسالتهم أثبتوا أنهم هم فعلا أصحاب الأرض، ومَن غير أصحاب الأرض يدافع عنها بنفسه وماله وأولاده بهذه الشراسة وهذا الكبرياء والتحدي؟!
وأنا كيهودي أتحدى أن تأتي إسرائيل كلها بهذا الانتماء وهذا التجذُّر في الأرض، ولو كنا كذلك لما رأينا ما رأيناه مِن هروب اليهود بتلك الأعداد الهائلة في المطارات.
وللمفارقة فإن جيوش دول بكامل عِتادها لم تجرُؤ على ما فعلته المقاومة الفلسطينية في أيام معدودات بعد أن سقط القِناع عن الجندي الإسرائيلي الذي لا يُقهر وأصبح يُقتل ويُخطف، وطالما أن تل أبيب ذاقت صواريخ المقاومة، فمِن الأفضل أن نتخلّى عن حلمنا الزائف بإسرائيل الكبرى!!".
إنها قوة الأمر الواقع الذي فرضته "حماس وأخواتها" وتحدوا به العالم كله!".. توقفت المعارك وأُجبر العدو الصهيوني على الانسحاب، بعد الخسائر التي تلقّاها في جنوده وعتاده ما بين قتيل ومقطوع الأطراف بخلاف المدمرين نفسيا ممن عاينوا شراسة رجال المقاومة تلك التي تُدرّس في الأكاديميات العسكرية، مما اضطر "بنيامين نتنياهو" إلى الإذعان لضغوط الرئيس الأمريكي "ترامب" متوافقا مع الرغبة المُلحة لقادته العسكريين بضرورة إبرام اتفاقية لتبادل للأسرى بسبب العجز الكامل عن تحرير أسراهم، متجاهلا نرجسية أعضاء حكومته من الصهيونية الدينية أمثال "بن غفير" و"سموتريتش"..
أحدثت المقاومة ما اعتادته من الصدمة للعالم كله، بعد ظهور عناصرها في حي السرايا وميدان فلسطين، أثناء تسليم الأسيرات الثلاث ثم المجندات الأربع مرتدين زيهم الأخضر المُبهج أثناء قيامهم بعمليات التسليم والتبادل، بدقة عالية في التنظيم، ومهنية ملحوظة في إصدار بطاقات الإفراج أثارت دهشة ممثلي الصليب الأحمر، ثم ظهورهم بسيارات البيكبات -الدفع الرباعي- والتي أقلّت رجالهم، ما أحدث صدمة لدى المحللين الإسرائيليين بقولهم: أين كانت تلك السيارات أثناء تواجدنا في القطاع طوال 471 يوما؟!
فرضت المقاومة بقوة الأمر الواقع واقعا متغيرا كان بمثابة التحدي للعالم كله وقد وفّى قادتها بوعودهم كما قال الشهيد القائد "إسماعيل هنية": سنزيد من غلة أسرى العدو حتى يرى أسرانا النور! ووفّى الشهيد "يحيى السنوار" بوعده حين قال: سنُغيّر بالطوفان وجه العالم كله! ووفّى "أبو عبيدة" -الناطق العسكري للقسام- بوعده لأبطال نفق الحرية بأن من يحررهم من سجون الاحتلال هم سجّانو الاحتلال أنفسهم! وقد أُدرجت أسماؤهم ضمن الصفقة المباركة..
سلامٌ على غزة وأهلها من المرابطين البواسل، وسلامٌ على نساء غزة ممن علّموا أشباه الرجال في منطقتنا العربية معنى الرجولة!
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة المقاومة الإسرائيلي إسرائيل مقاومة غزة مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الأمر الواقع
إقرأ أيضاً:
قيادي في "حماس": لا نستبعد استهدافا جديدا لقادتنا بعد فشل المفاوضات
قال القيادي في حركة المقاومة الإسلامية « حماس »، أسامة حمدان، إن فشل الجولة الأخيرة من المفاوضات مع إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، « تجعلنا لا نستبعد أن الكيان يستعد لعملية جديدة ضد قادة المقاومة في الخارج »، مشيرا إلى أن الكثير من الأطراف تنبه إلى ذلك.
وأضاف حمدان، في مداخلة له، أمس السبت، ضمن ندوة نظمتها مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين عن بعد، أن المقاومة ستأخذ حذرها لتجنب هذا السيناريو، مشددا على أن ذلك لن يوقف مسيرتها وسعيها لتحقيق النصر، قائلا: « نحن نتحدث اليوم عن قادة شهداء وعن شعب يتقدم في الشهادة ونحن لسنا أفضل منهم، وتأخرنا في الشهادة لن يكون إلا لنختم هذا المشروع ».
وأردف المتحدث، ضمن الندوة التي حملت عنوان « طوفان الأقصى والعدوان الصهيو-أمريكي ومآلات التطبيع »، أن إفشال المفاوضات يمكن أن يكون مدفوعا أيضا بتخطيط الولايات المتحدة الأمريكية لعدوان يطال لبنان أو إيران، مشددا على أن « الأمة ستكون مطالبة بتحرك واسع » في حال تم ذلك.
وكانت حماس أعلنت، الخميس الماضي، أنها سلمت الوسطاء ردها ورد الفصائل الفلسطينية على مقترح المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف بخصوص وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وهو المقترح الذي رفضته الولايات المتحدة الأمريكية، حيث صرح ويتكوف بأن حماس « لا تبدي حسن نية رغم الجهود الكبيرة التي بذلها الوسطاء »، معلنا أن واشنطن قررت إعادة فريقها من الدوحة لإجراء مشاورات، وأنها ستدرس خيارات بديلة لاستعادة الأسرى الإسرائيليين.
وردا على ذلك قال حمدان إن « الفشل حليف دائم لويتكوف »، مشيرا إلى فشله في ملف التفاوض مع إيران، وملف الحرب الروسية الأوكرانية، ومؤكدا على أن الموقف الأمريكي « هو غطاء للموقف الإسرائيلي الذي يبدو أنه يسعى إلى قيادة عدوان جديد سواء على غزة أو على قادة حماس ».
كلمات دلالية أسامة حمدان إسرائيل الولايات المتحدة الأمريكية ستيف ويتكوف غزة فلسطين