الجزيرة:
2025-05-24@21:15:13 GMT

عائدون إلى شمال غزة.. الشوق يأخذهم حيث بقايا منازلهم

تاريخ النشر: 27th, January 2025 GMT

عائدون إلى شمال غزة.. الشوق يأخذهم حيث بقايا منازلهم

غزة- على أعتاب منزلها الذي دمرته قوات الاحتلال في مخيم جباليا شمالي قطاع غزة، تجلس المسنة زهدية تردد أهازيجها ابتهاجا بأبنائها وجيرانها العائدين من جنوب القطاع بعد اضطرارهم للنزوح منذ 15 شهرا هربا من آلة القتل الإسرائيلية.

المسنة زهدية جلست في الطرقات تستقبل أقاربها وجيرانها (الجزيرة)

عاشت المسنة النكبة الأولى عام 1948 واضطرت لترك "الجية"؛ بلدتها الأصلية في فلسطين المحتلة، لكنها خلال عمرها الذي تجاوز منتصف العقد الثامن لم تعش مثل ضراوة الحرب الأخيرة التي شنتها قوات الاحتلال على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وتجمع مئات الفلسطينيين نهاية شارع الجلاء الذي يشق مدينة غزة إلى شمالها المدمر، مستكملين مسيرهم الطويل الذي بدأ منذ ساعات الصباح الأولى نحو ما تبقى من منازلهم، ويصرون على العودة إليها رغم تغير معالمها وتحولها إلى حجارة متناثرة، بعدما طمست الصواريخ والمتفجرات معظم أرجاء المحافظة الشمالية للقطاع المحاصر.

عشرات الفلسطينيين أثناء عودتهم من الجنوب عبر شارع الجلاء بمدينة غزة (الجزيرة)

يصف الشاب فارس عليان، الذي تحمل وأطفاله عبء المسير على الأقدام لأكثر من 7 كيلو مترات، عودته إلى بيته التي تهاوت جدرانه بـ"اللحظة التاريخية"، وأن مجرد وصوله إلى شمال غزة بعدما غادره قبل 430 يوما حلم طال انتظاره، حتى لو جلس بخيمة على أطلال منزله.

إعلان

وحاول عليان كآلاف غيره من سكان شمال قطاع غزة تفسير ما تبقى من ملامح بيوتهم وشوارعهم التي لم تعد مثلما تركوها وباتت أطنانا من الركام، وبدأ بالنبش داخل الركام عله يستجمع صور ذكرياته، ومقتنيات بيته التي ألفها، لكن دون جدوى.

أحد العائدين يزور قبور عائلته بعد وصوله من مخيمات النزوح جنوبا (الجزيرة)

في طريق عودته وقبل أن يصل منزله، أصر أبو فراس على تفقّد قبر والده في مقبرة الفالوجا غربي مخيم جباليا. ويقول بصوت متلهف "لا أنسى حبيبي، وكنت أخشى أن تدوس جرافات الاحتلال عظامه بعدما نبشت المقبرة 3 مرات خلال حربها على غزة، فجئته قاطعا أكثر من 25 كيلومترا سيرا على الأقدام كي أطمئن أنه يرقد بسلام".

في مكان غير بعيد أخذ شاب عاد للتو من وسط قطاع غزة ينبش بين ركام منزل قيل له إن شقيقه الذي حوصر في شمال غزة في الاجتياح الأخير استشهد بداخله بعدما دكته طائرات الاحتلال بصواريخها.

حاول الشاب جاهدا أن يتسلل بين الركام عله يجد ما يدله على ريح شقيقه الشهيد الذي افترق عنه بعد مرور 40 يوما على انطلاق الحرب، لكن محاولاته فشلت أمام طوابق المنزل المدمرة.

الشاب ميسرة دانيال يستقبل جيرانه في أحد شوارع مخيم جباليا (الجزيرة)

حال ذلك الشاب كآلاف العائلات التي لا تزال جثامين أبنائها تحت الركام بانتظار توفير آليات ومعدات تمكن جهات الإنقاذ من انتشالهم، ودفنهم في المقابر بعدما احتضنتهم جدران المنازل.

في أحد شوارع مخيم جباليا المدمرة أخذ الشاب ميسرة دانيال على عاتقه تسهيل مرور جيرانه إلى منازلهم أو ما تبقى منها، بعدما غطى الركام معظم الطرقات الفرعية المؤدية إليها.

يقول ميسرة، إنه اشتاق لجيرانه وأصدقائه الذين اضطروا لمغادرة منازلهم مع أوج الهجمات الإسرائيلية على شمال القطاع، وطالما انتظر لحظة عودتهم التي شكّلت مشاهد عز يفتخر بها بعدما أفشل صمود ما يقرب من نصف مليون فلسطيني في شمال غزة مخططات الاحتلال بتهجير الفلسطينيين.

إعلان

وامتزجت دموع الشابة إسراء جمال بمشاعر الفرح بعدما احتضنت شقيقيها بعد غياب قسري لأكثر من عام، حيث تكرر ذلك المشهد في جميع شوارع محافظتي غزة والشمال التي سيعود إليها قرابة مليون فلسطيني على مدار الأيام المقبلة أجبرتهم قوات الاحتلال على ترك منازلهم والانتقال إلى وسط وجنوب قطاع غزة.

تجمع للعائدين في آخر شارع الجلاء بمدينة غزة (الجزيرة)

وما إن وصلت العائلات الفلسطينية إلى شمال قطاع غزة حتى بدأت بالبحث عما يأويها واستصلاح أي جزء يسير من منازلهم المدمرة للعيش فيه، وتوافقت آراؤهم على عدم تركها مرة أخرى حتى لو كلفهم ذلك حياتهم.

ولجأ عدد من سكان شمال غزة إلى مراكز الإيواء التي دمرتها قوات الاحتلال مؤخرا، وحاولوا استصلاح بعض الغرف والخيام التي أحرقها الجيش الإسرائيلي، بعدما غابت البدائل وعم الدمار كل مكان.

وتحتاج محافظتا غزة والشمال إلى 135 ألف خيمة وكرفان بشكل فوري وعاجل حسبما قال المكتب الإعلامي الحكومي، وذلك بعدما بلغت نسبة الدمار بالمحافظتين أكثر من 90%.

وطالب المكتب الحكومي المجتمع الدولي والمنظمات الدولية والأممية والدول العربية بفتح المعابر وإدخال المستلزمات الأساسية لإيواء الشعب الفلسطيني.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات قوات الاحتلال مخیم جبالیا قطاع غزة إلى شمال شمال غزة

إقرأ أيضاً:

الليل الذي لا ينام في غزة.. رعب وخوف وندوب نفسية لا تنمحي

 

الثورة /وكالات

لا الليل ولا النهار في غزة يمكن أن يحتويا على لحظة من أمن أو راحة، وسط حرب الإبادة الصهيونية المستمرة على قطاع غزة منذ ما يقرب من عشرين شهراً.
ورغم أن شبح القتل يحوم فوق غزة ليل نهار، إلا أن انهيار ضوء النهار معلناً عن بدء ظلمة الليل، تعد بداية كابوس أصعب وأشد على الغزيين الرازحين تحت حمم الموت، فوساوس القتل وخيالات الرعب تلاحق الآباء والأمهات وحتى الأطفال، ما يجعل ساعات الليل أشد وطأة وأبطأ مسيراً.
كل هذا خلف آثاراً نفسية صعبة على الأهالي والأطفال في قطاع غزة، تظهر أعراضها ومؤشراتها بوضوح، حيث يمكن ملاحظتها في كل مكان في قطاع غزة.
الحصول على مياه آمنة للشرب في غزة مهمة شبه مستحيلة
الظلام واستيقاظ الخوف
“نحن لا ننام الليل، نحن نتظاهر بالنوم، بينما آذاننا ترقب كل صوت لطائرة استطلاع أو أخرى حربية، أو صوت إطلاق نار أو قذيفة أو قصف من طيران حربي، نحن نغلق أعيننا بينما في الحقيقة قلوبنا وآذاننا ووعينا مستيقظ تماما رغم الإرهاق والتعب الجسدي والعقلي”، هكذا وصفت الأم “أم رامي” حالها مع الليل في غزة.
“أم رامي” معلمة نزحت من مدينة رفح، وتعيش مع أطفالها في خيمة غرب مدينة دير البلح، توضح لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” أن تعب النهار والمجهود المضاعف التي يبذله الجميع خلال النهار يستوجب أن يكون النوم في الليل سريعا وعميقاً، لكن الحال أن العكس هو الواقع المعاش.
خان يونس.. أوامر تهجير إسرائيلية تفاقم مأساة الإبادة
تضحك وتبكي “أم رامي” في نفس الوقت، وتقول: “أنا أنظر لأطفالي كل ليلة وهم نيام بجواري متراصين داخل الخيمة، ولا أعلم إن كانوا سيستيقظون أم سيكونون من ضحايا هذه الليلة، نحن نعيش في ترقب وقلق وخوف مستمر جعل النوم يجافي عيوننا وقلوبنا وعقولنا”.
أم “أبو محمد” وهو أب لثلاثة أطفال، فيصف حالته مع دخول ساعات الليل لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” ويقول:” صدقني أن قلبي ينقبض مع بدء ساعات الظلام، لا أحب الليل، صحيح أن النهار ليس أكثر أمناً، لكن الليل أكثر رهبة وخوفا وقلقاً”.
“العتمة، وصوت القصف وصوت الطائرات الحربية وطائرات الاستطلاع”، كلها تشكل عناصر تجعل من الليل بالنسبة لـ”أبو محمد” فترة ينتظر أن تنتهي بنور الصباح، مشيراً إلى أن أطفاله يلتصقون به وبأمهم طوال الليل بعكس ما كانوا عليه قبل الحرب حيث كان لكل واحد منهم مكانه المستقل للنوم بعيدا عن الآخر.
ليل غزة المخيف المظلم القاسي، والزنانة التي لا تكف عن الطنين، حتى صار ليل غزة يعني القصف والموت والدمار، فأين أمة العرب؟ أين المسلمون؟ أين الموحدون؟ إلى متى؟
“لا يتوقف عقلي عن تكرار الوساوس، وتخيل مشاهد القتل والموت التي قد نتعرض لها، أدفعها بذكر الله والصلاة على النبي وتكرار عدد كبير من الأذكار، لكن أصدقك القول رغم كل هذا يبقى الليل مرعبا ومخيفاً بشكل لن يتصوره إلا من يعيشه هنا في غزة” يقول “أبو محمد”.
الأطفال الأكثر تأثرا
منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف”، ترى أن جميع الأطفال في قطاع غزة بحاجة إلى دعم في مجال الصحة النفسية.
وقال “جوناثان كريكس” مدير الاتصالات بمكتب يونيسيف في الأراضي الفلسطينية المحتلة، في تصريحات سابقة، إن الأطفال تظهر عليهم أعراض مثل مستويات عالية للغاية من القلق المستمر، وفقدان الشهية. ولا يستطيعون النوم، أو يمرون بنوبات اهتياج عاطفي أو يفزعون في كل مرة يسمعون فيها صوت القصف”.
وبين أم “يونيسيف” كانت تقدر قبل الحرب أن 500 ألف طفل في قطاع غزة بحاجة إلى خدمات الصحة النفسية والدعم نفسي، مبينا أن تقديراتهم اليوم تؤكد أن جميع الأطفال بحاجة إلى هذا الدعم، أي أكثر من مليون طفل.

لا بد من العلاج
استشارية الطب النفسي الدكتورة وئام وائل، تقول إن اضطرابات الكرب الحاد وكرب ما بعد الصدمة، المرتبطين بالحروب، قد تتحول إلى اضطرابات أسوأ إذا لم تُعالَج.
وتوضح الدكتورة وئام في حديث سابق مع موقع TRT عربي أن أبحاثاً علمية تشير إلى إمكانية الإصابة باضطرابات ذهانية حادة أو مزمنة بسبب التعرض لضغوط الحروب، حتى من دون استعداد وراثي، إذا لم تُعالج.
وتلفت إلى مشكلات الدعم النفسي للأطفال الفلسطينيين، من توفير الأدوية وصعوبة توافر العلاجات السلوكية والمعرفية أو علاجات الصدمات التي تحتاج إلى وقت طويل، غير أنها تحتاج إلى فِرَق طبية مدربة تدريبات خاصة.

مقالات مشابهة

  • هندسة التهجير.. الاحتلال يخطط لتفريغ شمال القطاع باستخدام سلاح المساعدات
  • الليل الذي لا ينام في غزة.. رعب وخوف وندوب نفسية لا تنمحي
  • استشهاد صحفي وطفلة ناشطة على منصات التواصل في غارات متواصلة على قطاع غزة
  • حماس تُعقّب على استهداف مستودع الأدوية في مستشفى العودة شمال غزة
  • تعذيب وإهمال طبي.. استشهاد أسير فلسطيني داخل سجون الاحتلال
  • الاحتلال يواصل توحشه في غزة وينذر بإخلاء 14 حيا شمال القطاع لاجتياحها
  • جيش الاحتلال: إصابة قائد دبابة اليوم بجروح خطيرة خلال المعارك في شمال غزة
  • إصابة قائد دبابة في جيش الاحتلال الإسرائيلي بجروح بالغة بغزة
  • جيش الاحتلال يصدر أوامر إخلاء لعدة أحياء في شمال غزة
  • الاحتلال ينذر بإخلاء مخيم جباليا و13 حيا شمال قطاع غزة