خالد الجندى: عندما نتحدث عن الله سبحانه وتعالى نستخدم المصطلحات الدقيقة
تاريخ النشر: 29th, January 2025 GMT
قال الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، إنه "حين نتحدث عن الله سبحانه وتعالى، علينا أن نحرص على استخدام المصطلحات الدقيقة، فالله ليس فقط 'يعرف'، بل هو 'العالم' و'العارف' بما في السموات وما في الأرض، علم الله محيط بكل شيء، فلا نقول 'يعرف' لأنه قد يفهم منها أنه يعرف جزءًا فقط، بل نقول 'الله يعلم' لأن علمه شامل لا حدود له".
وأكمل الشيخ خال الجندي، خلال حلقة خاصة بعنوان "حوار الأجيال"، ببرنامج "لعلهم يفقهون"، المذاع على قناة "dmc"، اليوم الأربعاء: حديثه عن معنى الآية القرآنية التي جاء فيها: "ثم بعثناهم لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمداً" قائلاً: "هنا كلمة 'نعلم' ليست بمعنى أنه كان لا يعلم، بل هي لتعليم الناس ولإظهار قدرة الله وعلمه في أفعال الكون، الله يعلم، لكنه أراد أن يعلم الناس بفضل حكمته ورؤيته."
وأشار إلى أن فكرة الموت والنوم في القرآن مرتبطة ارتباطًا وثيقًا، موضحا: "النوم يُعتبر موتًا أصغر، والموت الذي يحدث لنا حين ننام هو ما يُطلق عليه في القرآن 'التوفّي'، كما جاء في قوله تعالى: 'وهو الذي يتوفاكم بالليل'، مشيرًا إلى أن نوم الإنسان في كل ليلة يشبه الموت، لكن الفارق أن هذا الموت مؤقت، أما الموت الأكبر فهو الذي يحدث في نهاية حياة الإنسان."
وأضاف: "النوم هو حالة من الثبات الجسدي والعقلي، ولذلك عند دخولنا في النوم لا نشعر بأي رهبة أو خوف كما نشعر عند الحديث عن الموت، لأننا نعلم يقينًا أن الله سبحانه وتعالى هو الذي يتحكم في الأمرين، ويجب علينا أن نعيش في طمأنينة لأن الله هو الذي يملك الحياة والموت."
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الشيخ خالد الجندي برنامج لعلهم يفقهون المجلس الأعلى للشئون الإسلامية المزيد هو الذی
إقرأ أيضاً:
عندما يقصى الضحايا.. لا معنى لأي حوار في ليبيا
منذ ما يقارب عقدا من الزمان، وبعثة الأمم المتحدة في ليبيا ومعها ما يسمى بالمجتمع الدولي يدوران في الحلقة المفرغة نفسها: حوار بعد آخر، و"مسار جديد" يليه "مسار جديد"، يتنطّطون من دولة إلى أخرى، وكأن المشكلة في مكان انعقاد الحوار لا في طبيعة من يتحاورون. نسمع الوعود نفسها عن "بر الأمان" و"الخروج من النفق المظلم"، لكننا لم نر يوما بصيص الضوء الذي يتحدثون عنه. ما نراه فعليا هو إعادة تدوير للإخفاقات، وتلميع للواجهات نفسها التي جرّبناها في السابق.
صوت الضحايا والمجتمعات المتضررة والمجتمع المدني ظل الغائب الأكبر. ليس غيابا عفويا بل إقصاءً متعمدا. في كل ما يطلقون عليه المسارات السياسية، من الصخيرات إلى جنيف إلى تونس وبرلين وصولا إلى ما يسمى اليوم بالحوار المهيكل، يغيب الضحايا عن الطاولة؛ لا كراسي لممثليهم، والأطراف التي يتم إقحامها لا تحمل قضاياهم وهمومهم، بل تحمل قدرتها على فرض نفسها بقوة السلاح أو المال أو النفوذ الجهوي أو القبلي أو حتى الديني.
صوت الضحايا والمجتمعات المتضررة والمجتمع المدني ظل الغائب الأكبر. ليس غيابا عفويا بل إقصاءً متعمدا
البعثة الأممية تتحمل مسؤولية هذا النهج، فهي تعيد تدوير الشخصيات ذاتها في كل مرة، وتتعامل مع قضايا الضحايا ومطالبهم في المحاسبة والعدالة والانتصاف وكأنها زينة تُحشى في ذيل البيان؛ فقرة إنشائية عن حقوق الإنسان، وفقرة عن المساءلة والعدالة الانتقالية، ثم يعود كل شيء إلى أدراج النسيان. كم مرة سقطت حقوق الضحايا من الأولويات؟ كم مرة اختُزلت معاناة آلاف الضحايا في جملة منمقة أو سطر فضفاض لا يساوي شيئا في واقعهم المؤلم؟
كثير ممن قدمتهم البعثة في الحوارات السابقة (وهم قلة) تحت صفات نشطاء أو ممثلين عن المجتمع المدني والحقوقي لا علاقة لهم بالمدنية، ولا يدركون معاناة الضحايا، ولا يعرفون مطالبهم، ومفصولون تماما عن المجتمعات المتضررة. بعضهم طرف في المشكلة أصلا، أو مستفيد من استمرار الوضع، والبقية بلا أي تاريخ أو خبرة حقيقية في العمل المدني أو أساسيات حقوق الإنسان أو تواصل مع الناجين وعائلاتهم. ورأينا في جولات الحوارات السابقة كيف تحوّل بعضهم إلى مستشارين لمتهمين بجرائم حرب، وكيف حركهم الجشع والمصالح الشخصية حتى وصل بهم الحال إلى عقد الصفقات من تحت الطاولات وقبض الرشاوى بالآلاف المؤلفة من الدولارات.
المشكلة أن أحدا لا يعرف كيف تختار البعثة المتحاورين، ولا من يقوم بترشيحهم، ولا ما هي المعايير او تعريفها للتمثيل في ظل غياب أدنى معايير الشفافية. ما نراه هو أن من يملك السلاح يدخل، ومن يملك السلطة أو المال يفرض نفسه، أما من يملك الحق فلا يجد مقعدا.
أي مسار لا يمنح الضحايا والمدافعين عنهم مكانا حقيقيا وصوتا مسموعا سيعيد إنتاج الفشل نفسه، سيعيد تدوير الأزمة وإطالة أمدها وربما تعقيدها بدل حلها. ليبيا لن تخرج من النفق طالما يُدار الحوار بمنطق الصفقات لا بمنطق العدالة
هنا يطرح السؤال نفسه: من يملك حق التحدث باسم الضحايا؟ الجواب بسيط وواضح: الضحايا أنفسهم، والناجون، والمدافعون الذين يناضلون ويعملون يوميا رغم القمع والتهديد، ومنظمات حقوق الإنسان المستقلة التي تدفع الثمن وتقف إلى جانب المجتمعات المتضررة؛ ليس السياسيون، ولا الوسطاء أصحاب ربطات العنق الحمراء، ولا أي شخصية تُفرض من فوق من أحد الممسكين بخيوط الدمى المتصارعة.
ما يهم الضحايا ليست تقاسم المناصب، ولا توزيع الكعكة بين الشرق والغرب، ولا بين عائلة حفتر والدبيبة، ولا بين الإسلاميين وغيرهم. الضحايا لا يبحثون عن حصص ولا عن نفوذ ولا عن امتيازات؛ مطالبهم واضحة وبسيطة: العدالة، ومحاسبة المجرمين، وضمان ألا يظهر المتورطون في الجرائم داخل أي حوار أو تسويات سياسية، واتخاذ خطوات جدية لمنع تكرار الانتهاكات، وإنهاء عهد الإفلات من العقاب. هذا هو جوهر القضية الذي يُقصى عمدا، لأن حضوره يربك حسابات تجار الصفقات.
من وجهة نظري كمدافع عن حقوق الإنسان وناشط سياسي وسجين رأي سابق ومقيم في المنفى الإجباري منذ عقد من الزمان؛ أن أي حوار جرى أو سيجري في ليبيا يفقد شرعيته حين يغيب عنه الضحايا. على الأقل يجب أن يكونوا موجودين وممثلين كمراقبين، حتى لو لم يكونوا طرفا في الأزمة السياسية أو جزءا من الصراع القائم، من حقهم أن تكون مطالبهم جزءا من الحل. نحن لا نمثل مليشيا ولا كتلة نفوذ ولا سلطة أمر واقع، لكننا نمثل ما تبقى من حق المجتمعات المتضررة في أن تُسمع معاناتهم ومطالبهم قبل صياغة أي تسوية أو اتفاقات جديدة.
لهذا أقول بوضوح: أي مسار لا يمنح الضحايا والمدافعين عنهم مكانا حقيقيا وصوتا مسموعا سيعيد إنتاج الفشل نفسه، سيعيد تدوير الأزمة وإطالة أمدها وربما تعقيدها بدل حلها. ليبيا لن تخرج من النفق طالما يُدار الحوار بمنطق الصفقات لا بمنطق العدالة.