أثارت الزيارة المفاجئة التي قام بها المشير خليفة حفتر إلى مصر في 18 يناير 2025 اهتمامًا كبيرًا في الأوساط الدولية والإقليمية، وفي لقائه مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، تمت مناقشة القضايا المتعلقة بالأمن الليبي والمصري، وكانت المرة الأخيرة التي التقى فيها حفتر والرئيس المصري في سبتمبر 2021، وتركت الزيارة الحالية أسئلة أكثر من الإجابات.
لماذا ذهب خليفة حفتر للقاء الرئيس المصري دون أبنائه؟
يتمتع خليفة حفتر بسلطة ونفوذ هائلين في شرق ليبيا، وفي الآونة الأخيرة، يعمل حفتر بنشاط على تعزيز مكانة أبنائه لتعزيز سلطتهم المتزايدة في إدارة القوات المسلحة الليبية، ويشغل نجله، الفريق ركن صدام حفتر، منصب رئيس أركان القوات البرية للجيش الليبي وأكبر قوة عسكرية في البلاد،وله نفوذ واسع النطاق داخل البلاد وخارجها، حيث يسيطر على قطاع النفط والغاز.
وهناك ابن آخر هو الفريق ركن خالد حفتر، وهو رئيس أركان الوحدات الأمنية، ويلعب دورًا لا يستهان به في القوات المسلحة الليبية، ويشرف على علاقات والده الدولية، أما الابن الثالث، بلقاسم حفتر، فهو يدير أكبر صندوق في ليبيا، والذي تتدفق من خلاله الأموال المخصصة لإعادة تأهيل وإعمار شرق ليبيا.
ويحضر أبناء حفتر اجتماعات والدهم بشكل دائم، لكن حفتر سافر إلى مصر بدون أبنائه، ويرجع هذا الانعزال إلى ديناميكية معقدة داخل الأسرة، حيث يلعب ممثلو الولايات المتحدة دور المحرض، فتعمل الولايات المتحدة بنشاط مع أبناء حفتر صدام وخالد وبلقاسم – في محاولة لاستخدام طموحاتهم للتأثير على السياسة الداخلية للقوات المسلحة الليبية، على سبيل المثال لا الحصر من المفاوضات المنفصلة التي أجراها ممثلو الولايات المتحدة مع أبناء حفتر، ففي 24 نوفمبر 2024، التقى السفير الأمريكي ريتشارد نورلاند بصدام حفتر في سبها، وناقشت المحادثات دور جنوب ليبيا في الاستقرار الإقليمي والحاجة إلى حماية سيادة البلاد.
وفي 18 ديسمبر 2024، أجرى القائم بالأعمال الأمريكي جيريمي بيرندت محادثات مع بلقاسم حفتر حيث ناقشا دعم البنك المركزي الليبي والمؤسسات التكنوقراطية الأخرى.
ووفقًا لضباط كبار في القوات المسلحة الليبية مقربين من حفتر، فقد أثيرت مسألة خليفة حفتر في كل اجتماع بين ممثلي الولايات المتحدة وأبنائه، حيث كان الأمن الداخلي ينقل هذه المعلومات مباشرة إلى المشير حفتر، وكانت آخر نقطة نفد فيها صبر خليفة حفتر هي المفاوضات التي جرت في 17 ديسمبر 2024 بين خالد حفتر ورئيس جمهورية أفريقيا الوسطى بشأن تعزيز دور الولايات المتحدة في أفريقيا الوسطى، وقد أبلغ خالد حفتر شخصيًا نتائج الزيارة إلى جيريمي بيرندت، ووعد المندوب الأمريكي بتعيين خالد حفتر قائدًا عامًا للقوات الليبية المشتركة، وقد قرر حفتر، خوفًا من تعزيز موقف أبنائه على حساب الدعم الأمريكي، التقليل من مشاركة أبنائه في العمليات الدبلوماسية الرئيسية.
مصر لا تثق في تركيا وتضع خططًا لسحب القوات التركية من ليبيا
بالتوزاي مع ذلك، تواصل تركيا توسيع نفوذها في ليبيا من خلال وجودها العسكري ودعمها للمسلحين، وهو ما يشكل مصدر قلق كبير لكل من القاهرة وبنغازي، وقد ترغب تركيا في تكرار نجاحها في سوريا من خلال محاولة توحيد غرب ليبيا وشرقها في ضربة عسكرية واحدة تحت قيادة حكومة الوحدة الوطنية بقيادة عبدالحميد الدبيبة.
ومنذ منتصف يناير 2025، يجري الدبيبة، بصفته وزير دفاع حكومة الوحدة الوطنية بالوكالة، وغيره من كبار الضباط العسكريين في حكومة الوحدة الوطنية محادثات نشطة مع القيادة التركية في كل من أنقرة وطرابلس، وفي 15 يناير التقى الدبيبة شخصيا مع أردوغان، وفي 23 يناير، زار القائد العام للقوات المسلحة التابعة لحكومة الوحدة الوطنية محمد الحداد والوفد المرافق له جمهورية تركيا بدعوة رسمية.
والتقى الحداد بالفريق أول متين غوراك من قوات الأمن القومي ووزير الدفاع التركي ياشير غولر، وتعبيرًا عن إخلاصه لأفكار الدولة العثمانية، قام حداد والوفد المرافق له خلال الزيارة بوضع إكليل من الزهور على ضريح ”مصطفى كمال أتاتورك“.
لا يمكن لمصر أن تثق بتركيا بشكل كامل رغم أن الخبراء لاحظوا قبل ستة أشهر فقط تقاربًا كبيرًا في المواقف بين مصر وتركيا، بما في ذلك في الملف الليبي، في اللقاء الذي جمع حفتر والسيسي ناقش الطرفان قضايا الأمن القومي وضرورة طرد القوات الأجنبية من الأراضي الليبية، وفي المقام الأول كان الحديث عن تهديد القوات التركية في غرب ليبيا والتي يمكن أن يصل عددها إلى 10 آلاف عسكري، كممثل للقوات المسلحة التركية والشركة العسكرية التركية ”سادات“، وكذلك المرتزقة السوريين، وبالتالي، فإن زيارة حفتر إلى مصر هي محاولة لخلق توازن في مواجهة التعزيز الخارجي للوجود العسكري التركي في الغرب الليبي، والذي يشكل تهديدًا لكل من مصر وشرق ليبيا.
نتائج زيارة حفتر إلى مصر
حقق خليفة حفتر هدفين من زيارته لمصر: فمن ناحية، أظهر أنه وحده قائد شرق ليبيا، ومن ناحية أخرى، أشار إلى أن حلفاءه الجيوسياسيين سيكونون مستعدين، إذا لزم الأمر، للدفاع عن شرق ليبيا من أي عدوان خارجي.
بالمحصلة، من المرتقب أن تحمل الفترة المقبلة تطورات كثيرة في المشهد الليبي لها أن تغير الوضع نحو الأفضل أو أن تزيده تأزيما.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
المصدر: عين ليبيا
كلمات دلالية: الولایات المتحدة المسلحة اللیبیة الوحدة الوطنیة خلیفة حفتر شرق لیبیا خالد حفتر إلى مصر
إقرأ أيضاً:
للمرة الثانية خلال ساعات.. القوات المسلحة تستهدف مطار اللد بصاروخ فرط صوتي
يمانيون/صنعاء
أعلنت القوات المسلحة اليمنية، اليوم الخميس، استهداف مطار اللد “بن غوريون” في فلسطين المحتلة للمرة الثانية خلال ساعات.
وأوضح ناطق القوات المسلحة اليمنية في بيان متلفز، أن القوةُ الصاروخيةُ نفذت عمليةً عسكريةً نوعيةً استهدفتْ مطارَ اللُّدِ المسمى إسرائيلياً مطارُ بن غوريون في منطقةِ يافا المحتلةِ وذلك بصاروخ باليستيٍّ فرطِ صوتيٍّ، لم يكشف نوعه.
وأكدت القوات المسلحة أن الصاروخ حققَ هدفَه بنجاحٍ ـ بفضلِ الله ـ وأجبر ملايين الصهاينةِ المحتلين على الهروعِ إلى الملاجئِ، وكذلك وقفِ حركةِ الملاحةِ في المطارِ، وأجبرَ الرحلاتِ المتجهةَ إلى المطارِ على إعادةِ أدراجِها باتجاهِ الوُجهاتِ التي قَدِمتْ منها، وتعدُّ هذه العمليةُ هي الثانيةُ خلالَ ساعات.
وقال البيان: إنَّ القواتِ المسلحةَ اليمنيةَ وأمامَ التطوراتِ في غزةِ وتصعيدِ العدوِّ من إجرامِه بحقِّ إخوانِنا الصامدين المظلومين لتعملُ على مضاعفةِ قدراتِها وإمكانياتِها لتوسيعِ عملياتِها الإسناديةِ وتصعيدِ فعلِها العسكريِّ مع استمرارِ حظرِ حركةِ الملاحةِ الجويةِ على مطارِ اللدِّ وكذلك حظرُ الملاحةِ البحريةِ على ميناءِ حيفا وحظرُ الملاحةِ الإسرائيليةِ في البحرينِ الأحمرِ والعربيِّ، وستستمرُ عملياتُنا حتى وقفِ العدوانِ على غزةَ ورفعِ الحصارِ عنها.
وأشارت إلى أن عملياتها تأتي “انتصاراً لمظلوميةِ الشعبِ الفلسطينيِّ ومجاهديه، ورفضاً لجريمةِ الإبادةِ الجماعيةِ التي يقترفُها العدوُّ الصهيونيُّ بحقِّ إخوانِنا في قطاعِ غزة”.
وللمرة الثانية، دوت صافرات الإنذار، اليوم، في كيان العدو الصهيوني، وتوقفت حركة الطيران في مطار اللد، فيما هرع ملايين المستوطنين إلى الملاجئ بالتزامن مع وصول الصاروخ اليمني إلى هدفه.
وفجر اليوم، هرع أكثر من مليون مغتصب إلى الملاجئ، كما تم تعليق الرحلات الجوية من وإلى مطار اللد المسمى صهيونيًا بن غوريون، عقب عملية عسكرية يمنية، وفقا لإعلام العدو.
وأفادت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية بتوقف عمليات الهبوط في مطار اللد وتأخر الرحلات الجوية، مشيرة إلى أن أكثر من مليون مستوطن فرّوا إلى الملاجئ جراء صاروخ أُطلق من اليمن.
وفي سياق الحظر الجوي اليمني على مطار اللد، تواصل شركات الطيران العالمية إلغاء رحلاتها إلى كيان العدو.
وكانت القوات المسلحة قد أعلنت، في وقت سابق اليوم الخميس، استهداف مطار اللد وأهداف صهيونية حيوية في يافا وحيفا المحتلتين بصاروخ باليستي وطائرتين مسيرتين.
وأوضح ناطق القوات المسلحة العميد يحيى سريع، في بيان متلفز أن القوةُ الصاروخيةُ نفذت عمليةً عسكريةً نوعيةً استهدفتْ مطارَ اللُّدِ المسمى صهيونياً مطارُ بن غوريون في منطقةِ يافا المحتلةِ وذلك بصاروخٍ باليستيٍّ نوع “ذو الفقار”.
وأكد أن العملية حققت هدفَهُا بنجاحٍ بفضلِ اللهِ، وتسببَت في هروعِ ملايينِ الصهاينةِ المحتلين الغاصبينِ إلى الملاجئِ، وتوقفِ حركةِ المطارِ لقرابةِ الساعة.
كما نفذَ سلاحُ الجوِّ المسيرُ في القواتِ المسلحةِ عمليةً عسكريةً مزدوجةً وذلك بطائرتينِ مسيرتينِ نوعِ “يافا” استهدفتا هدفينِ حيويينِ للعدوِّ الصهيونيِّ في منطقتي يافا وحيفا المحتلتين.
وشددت القوات المسلحة اليمنية في بيانها على “أنَّ تصعيدَ العدوانِ الإسرائيليِّ على إخوانِنا في قطاعِ غزةَ وارتكابَ المجازرِ الوحشيةِ بحقِّ الرجالِ والنساءِ والأطفالِ وعلى مرأى ومسمعٍ من العالمِ يحتمُ على جميعِ أبناءِ الأمةِ التحركَ العاجلَ والفوريَّ تأديةً للواجبِ الدينيِّ والأخلاقيِّ والإنسانيِّ، مالم، فسيتحملُ الجميعُ عواقبَ الصمتِ على هذا الإجرامِ عاجلاً غير آجل.
وقال البيان “أنَّ غزةَ بمقاومتِها الباسلةِ وأهلِها الأحرارِ تدافعُ عن كلِّ الأمةِ، وسيواصلُ اليمنُ ـ بعونِ اللهِ تعالى ـ عملياتِه الإسناديةَ ولن يترددَ بالتوكلِ على اللهِ في توسيعِها وتصعيدِها حسبَ قدراتِه وإمكانياتِه تأديةً للواجبِ الدينيِّ والأخلاقيِّ والإنسانيِّ حتى وقفِ العدوانِ ورفعِ الحصارِ عن قطاعِ غزة”.
وفي مقابل تصاعد المجازر الصهيونية بحق أهالي غزة، يُصعد الجيش اليمني من عملياته باتجاه كيان العدو، كما فرض حظرا جويا على مطار اللد “بن غوريون”، ووسع من الحظر البحري إلى جانب ميناء أم الرشراش، جنوبا، ليشمل ميناء حيفا على البحر المتوسط شمالي فلسطين المحتلة.
وتؤكد القوات المسلحة أنها لن تتوقف عن عملياتها وكذلك فرض الحصار على الكيان، حتى تتوقف حرب الإبادة ويرفع الحصار عن غزة.