دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- في مجتمعٍ يقدّر الإنتاجيّة، حيث يُعتَبر الانشغال بمثابة علامة للتفاخر، و"السعي المستمر" بمثابة وسام شرف، عادةً ما يتم تجاهل المتعة باعتبارها من الأمور التافهة، بدلاً من كونها جزءًا حيويًا من حياة ذات معنى.

في دليله الإرشادي المدعوم علميًا، بعنوان: "The Fun Habit: How the Pursuit of Joy and Wonder Can Change Your Life" (العادة الممتعة: كيف يمكن للسعي وراء المرح والاستكشاف أنّ يغير حياتك)، يشارك عالِم النفس وعالم السلوكيات، مايك روكر، أدلة على الفوائد الجسديّة والنفسيّة لإعطاء الأولويّة للمتعة.

ويرى روكر أنّ إحدى عناصر رفاهيتنا تعتمد على المتعة، واللعب، والترفيه.

يشرح كتابه كيف يمكن أن تؤدي زيادة اللحظات السعيدة عن قصد إلى تحسين الصحة، والعلاقات، وحتى الإنتاجيّة، كما أنّه يُقدِّم نصائح عمليّة وأدوات تشجّع الأنشطة الممتعة اليوميّة.

ويصر روكر أنّ المتعة ليست أمرًا "إضافيًّا"، بل هي فعل أساسي للرعاية الذاتية.

CNN: ما هي المتعة؟ كيف تختلف عن السعادة؟

مايك روكر: السعادة تركز على النتائج. وفي كثير من الأحيان، بدلاً من الاستمتاع بما تقدمه الحياة بوعي، نحن نستخدم طاقتنا لمعرفة سبب سعادتنا أو انعدامها.

يمكننا حصر أنفسنا في التفكير بالفجوة بين المكان الذي نعتقد أنّنا فيه وما يُفترض أن تكون عليه السعادة.

أما المتعة فتتطلب "تفكيرًا" أقل والمزيد من "الفعل".

تتوفّر المتعة لأي شخص في أي وقت تقريبًا، وتوفر طريقًا مباشرًا لتحسين رفاهيتنا.

لا يجب أن يكون النشاط مرحًا أيضًا، إذ تُعتَبر الأنشطة الهادئة منخفضة الإثارة التي توفر التوازن والتجديد، مثل البستنة، أو التأمل، أو القراءة، ممتعة.

CNN: ما تأثير رعاية عادة ممتعة لدينا على حياتنا؟

روكر: غالبًا ما ننظر إلى حياتنا من منظور الإنتاجيّة بدلاً من الاعتماد على ما قد يكون مجِّددًا أو ممتعًا.

وتتماشى العادات الممتعة مع زيادة الإنتاجيّة، وعيش حياة ذات معنى. ويساعدنا طرح سؤال"كيف يمكنني الاستمتاع بهذا؟" في تحديد العناصر التي يمكننا التلاعب بها، بما في ذلك بيئتنا، والأشخاص الذين نتعامل معهم، والأنشطة التي نشارك فيها.

ومن المفيد التساؤل: "هل هناك طرق لإعادة هندسة هذه العناصر لخلق المزيد من المتعة؟".

يمكن أن يؤدي تطوير التحيّز نحو المتعة إلى تحريف توازن تجاربنا نحو المزيد من الإيجابيّة بدلا من السلبيّة. ويقلّل الضحك وحس الدعابة من القلق والتوتر، كما أنّهما يعززان احترام الذات، ويزيدان من التحفيز الذاتي.

ويمكن أن يساعدنا إطار العمل الذي يركز على المتعة أيضًا على تعلم الاستمتاع بأنفسنا حتّى عندما لا تسير الأمور بالشكل الذي نرغبه.

CNN: ما الخطوات العمليّة التي يمكننا اتخاذها لنستمتع أكثر؟

روكر: الخطوة الأولى نحو إضافة أنشطة جديدة وممتعة إلى حياتك اليوميّة هي مراجعة جدول أعمالك للبحث عن المتعة بدلاً من الإنتاجيّة. سيكشف ذلك عن فرص مخفيّة لزيادة المتعة، حتّى من دون التضحية بإنجاز المهام.

CNN: هل الهدف هو قضاء حياتنا بأكملها في الاستمتاع؟

روكر: ليس على الإطلاق، فالحياة الكاملة تشمل فترات من السعادة، والحزن، والمتعة، والألم، والملل.

والإيجابية السامة التي تظهر في رسائل مثل "طاقة إيجابيّة فقط" و"لا أيام سيئة" من بعض الأفراد تعكس نقصًا مثيرًا للمشاكل في المرونة العاطفيّة. وعلى عكس السعادة، يمكن للمتعة أن تتزامن مع مجموعة متنوعة من الحالات العاطفية، أو أن تساعدنا حتّى في تجاوزها تمامًا.

CNN: بمجرّد تتبّع كيفيّة قضاء وقتنا، كيف يمكننا زيادة الوقت المخصص للمتعة؟

روكر: يمكن أن يساعدنا تتبع الأنشطة في تحقيق السيطرة لتوفير المزيد من الوقت للمتعة.

وبما أنّ الطبيعة البشريّة تدفعنا إلى ملء أي فراغ نخلقه بسرعة، أقترح أن نبتكر ما أسميه بـ "ملف المتعة"، وهي عبارة عن قائمة قويّة من الأنشطة الممتعة التي ترغب بدمجها خلال يومك.

ويساعد إعداد القوائم في إظهار فضولنا، بالإضافة إلى أنّه يمنحنا مصدرًا للرجوع إليه عند الحاجة. وبمجرّد أن يكون لديك قائمة طويلة، قم بتقسيمها إلى فئات ثم اختصرها إلى قائمة قصيرة تتضمن من 8 إلى 15 خيارًا قابلًا للتحقيق.

ويعمل الدماغ بشكلٍ جيّد مع هذا العدد من الخيارات.

CNN: ما سبب أهميّة منح الأولوية لمتابعة هذه الأنشطة في حياتنا المتعطشة للوقت بالفعل؟

روكر: تعد المتعة علاجًا للصعوبات والتحديات في الحياة، وهي بمثابة أداة للإثراء وصمام أمان لضغوط الحياة، فالمتعة تحافظ على صحتنا، كما أنّها تساعدنا أيضًا على استخدام الوقت الذي نملكه بشكلٍ أفضل عمومًا.

وتُشير الدراسات إلى أنّ من يحرص على التأكّد من توفيره وقتًا للمتعة، والتجديد، والقيام بأنشطة مثيرة هم أكثر الأشخاص إنتاجيةً.

وإلى جانب ذلك، يبحث الأشخاص الذين لا يستمتعون بوقتهم عن أساليب مضرّة للهروب من الواقع.

CNN: كم من الوقت يجب تخصيصه للمتعة كل يوم؟

روكر: تُشير الأبحاث إلى أنّ قضاء ساعتين كل يوم هو بمثابة"نقطة اعتدال" للمتعة.

وفي مجتمعٍ يتطلّب ساعات عمل كثيرة، ويُقلِّل من أهميّة المتعة، قد يبدو الأمر كثيرًا.

يمكنك البدأ بقضاء ما بين ساعة إلى 3 ساعات أسبوعيًا لاختبار بعض الأنشطة الممتعة ضمن القائمة الخاصة بك.

وسيُظهِر لك التدرّج البطيء حتّى فوائد هذه العادة الجديدة.

وبمجرّد أن يدرك الأشخاص أنّهم سيصبحون أكثر إنتاجيّة من خلال الاستمتاع، يُصبح هذا النهج مقبولاً بشكلٍ أكبر.

المصدر: CNN Arabic

كلمات دلالية: صحة نفسية الإنتاجی ة کیف یمکن یمکن أن ة التی

إقرأ أيضاً:

مقومات السعادة

السعادة ضد الشقاوة، وتدل على الخير والسرور، والسعادة هي كذلك التوفيق الإلهي للإنسان في نيل الخير والعمل به، وهي القناعة بحالة الإنسان الموافقة لإرادته وآماله المنبعثة في حدود الفضيلة، وهي كذلك شعور داخلي بالإحساس الدائم بسكينة النفس وطمأنينة القلب وانشراح الصدر وراحة الضمير.
وللسعادة عدة تعريفات ومفاهيم وأنواع تختلف باختلاف أحوال الناس ومطالبهم وأهدافهم وفروقهم الفردية، فالسعادة شعور وتدريب وتطبيق وبحث عن مقوماتها وأسبابها، فمثلًا الرضا والفرح والسرور وقرة العين واللذة والبهجة والهناء والبشرى والرَوح والطمأنينة والسكينة و الانشراح والحياة الطيبة والعطاء والبذل والصدقة والأمن من الخوف؛ كلمات وردت في القرآن الكريم، وهي تقرب المعنى الحقيقي للسعادة، وتصل إلي النفس السعيدة المطمئنة.
ومن أسباب السعادة أيضًا الصبر عامةً في كل الحياة، والثبات على أداء العبادات وعلى مكاره الدنيا وملذاتها، والتصبر عن المعاصي وعلى الأذى والمصائب وعن مشتهَيات النفس والهوى، واليقين بحسن الجزاء من عند الله، وكذلك الصبر على ما فات، فرزق اليوم غير الأمس، ومن السعادة طرد الحسد من نفسك والنظر إلى ماعندك من خير، ولا تنظر وتمد عينك إلى ما عند غيرك، فهذه أرزاق يوزعها الله على عباده من فضله، وكذلك من أسباب السعادة عدم الالتفات لصغائر الأمور والسلبيات والانشغال بالنفس عما يقول عنك الناس.
فلا تقلق تجاه أفعال الآخرين، وثق بنفسك، وكن قنوعًا ولا تيأس وسامح ولا تنهزم في الأزمات، وعش ساعتك التي أنت فيها وجدد ذهنك يوميًا، وكن إيجابيًا دائمًا وحدد أهدافك الأساسية في الحياة، وكن معتدلًا في كل شيء، واحذر التفكير السلبي في كافة الأمور، وتجنب الرثاء والشكوى عن حالك للآخرين.
وبعد، وفي الختام هذه قراءات باختصار في مقومات السعادة، أعجبت بها وارتقت بتفكيري إلى درجات عليا في البحث واليقين بمقومات السعادة؛ من أجل ذلك كتبت ماكتبت، من أجل أن تكون السعادة شامله للكل. فالشعور بالسعادة سعادة وفضل من الله، وتدريب وتحديات كبيرة في حياة مليئة بالضجيج والضغوطات والأحداث الإيجابية والسلبية.

 

lewefe@

مقالات مشابهة

  • من هي الفئة التي تستفيد من زيادة الحد الأدنى للمعاشات في يناير 2026؟
  • جدة واجهة الشتاء السعودية الدافئة
  • زيادة الإنتاجية وترشيد الاستهلاك.. كيف قللت مصر وارداتها من القمح؟
  • أعراض مرض السكري من النوع الثاني وكيفية تشخيصه
  • فيروس ماربورج.. الأعراض والوقاية وكيفية الحماية من نزلات البرد المنتشرة
  • ما بين الركض والراحة
  • الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا بين التحركات الدبلوماسية والتوترات الإقليمية| محلل يشرح الوضع
  • احذر من الشموع المعطّرة.. طبيب يشرح كيف تدمر رئتيك بهدوء
  • مقومات السعادة
  • فوائد البنجر للأنيميا وكيفية استخدامه بطرق صحية