نبدأ من حيث انتهينا، ونكرر بكل ثقة بأن الشعوب وحدها قادرةٌ على إحداث التغيير مهما تعالتْ التحديات، وتفاقمت الضغوطات، وتزايدت الصعوبات؛ فلا مناصَ عن توحد شعبي يوصف بالصمود، والعمل من أجل نيل الحرية، وكسب القضية التي أضحى يتلاعب بها من لا يؤمن بالتاريخ، والجغرافيا، ويعتقد أن القوة، والبطش تمثلان العامل الرئيس في تحقيق غاياته؛ لأنه العامل الرئيس في المعادلة صلابة الشعوب على أرضها، وتمسكها بحقها مهما بلغت الذُرىَ.


وصف الرئيس عبد الفتاح السيسي القضية الفلسطينية من بداية الأزمة، وقال بلسان مبين إنها أم القضايا، وحدد الموقف المصري بكل تبيان، وبلاغة متكلم، وقال إنه لا تهجير، ولا تقبل لتصفية القضية الفلسطينية تحت أي مسمى، أو ادعاءات، واقترح حلًا مثاليًا، وأكد أنه لا مناصَ عن حل الدولتين بناءً على حدود عام (1967)، للتمكن من إقامة دولةٍ فلسطينيةٍ مستقلةٍ عاصمتها القدسُ الشرقيةُ، ورغم تفاقم الأحداث، وتغير المعادلات، وزيادة الضغوط على الدولة المصرية تحديدًا نتساءل بأريحيّةٍ، هل تغير الموقف المصري؟، والإجابة الدامغة لم، ولن يتغير الموقف المصري.
لم، ولن يتغير الموقف المصري؛ لأنه يقوم على حقيقة دامغة، وهي حق الفلسطينيين في أرضهم، وعدالة قضيتهم التي دافعت عنها مصرُ بداية من 1948م، إنه موقفٌ يقوم على عقيدة راسخة تتمثل في أن تصفية القضية الفلسطينية يُزيد من لهيب الصراع، ويُعْلى من وتيرة النزاع؛ فالشعوب جيل بعد جيل تدرك ما لها، وما عليها، ولن تترك حقوقها تذهب سدى؛ فلا أمن، ولا أمان تحت سماء غابت عنها شمس الحق، والعدل؛ ومن ثم سوف يعيش الجميع تحت وطأة التهديد مهما تكلفنا من تدشين سياجِ الحماية.
إن الاستعمار في حد ذاته بات فكرة بالية، لا تتسق مع سياسة عالم يتطلع إلى التقدم، والازدهار، والحرية والعدالة، والمساواة؛ فالشعارات متعارضة؛ فقد تأكدت الشعوب المظلومة أنه لا ناصرَ للحق، ولا فارضَ للعدل إلا ربُّ السماوات السبع، وأنه الصمود، والمقاومة المشروعة هي سبيل نيل الحقوق، وأن من يدعى الهيمنة بسلاح القوة هو خاسرٌ في نهاية المطاف، ولن يرحمه التاريخُ بذكر صفاته، وأفعاله مهما زينت آلة الإعلام، وصفه، ورسمه.

نؤكد على أن صلابة الشعوب طريق النصر؛ فمن يرى بأم عينه صور القمع، والقهر، والقتل، والانتهاك ومن يرى بشاعة تدمير الحجر، والبشر، وما يُشاهد آليات عزلة الشعوب، والمجتمعات، وتهميشها، وتأكيد حالة العوز، وصولًا إلى منع أدني مقومات، وأساسيات الحياة، هل يأمن بواتقكم، وجوركم؟، وهل يتنازل عن أرضه التي تمثل عرضه؟ ، وهل يتناسى حضن موطنه، وغلاوة ترابه؟ ، وهل يرتضي مزيدًا من الضيم؟، وهل يقبل بقرار التهجير؟ إنها إجابةُ واحدةٌ لا تقبل التفريد، أو التجزئة، أو حتى التأويل.. لا للتهجير، وإن فاضتْ الأرواحُ، وفارقت الأجساد؛ فسوف يجعل الله – عزوجل- بعد عسرٍ يسرًا.
إن الوجدان المصري لا يؤمن بسياسة الكيل بمكاييل، وازدواجية المعايير، ولا يكترث للشعارات التي تبدو برّاقة؛ فقد غاب ضمير المجتمع الدولي في أوج العدوان، والانتهاك، وغاب الضمير في نزع حقوق الضعفاء، وانتهاك مقدساتهم، وغاب أيضًا في إنقاذ الملهوف الذي لم يجد المأمن، والمسكن، والمأكل، والتداوي من الجراح في ظل عالم ينعم برفاهية العيش، ورغده؛ إنها لسخريةٌ من إناسٍ يدّعون الحرية، ويأمرون بتهجير قسري لشعب له حق أصيل، ونضالٌ مشهودٌ على مر التاريخ.
إن من يبرر التهجير بغرض صعوبة العيش على أرض مهدَّمة يعتمد على فلسفة واهية، وعقل واهم؛ فمن تحمل القتل، وكافح أن يحيا في ظل جحيم الإبادة، ونُدْرةِ مورد الحياة يستطيع أن يعمر أرضه، ويعيد مجده، ويحي نهضته، ويوفر قوته، ويستكمل مسيرته تجاه الحرية التي فطرنا عليها، بل، ويخرج من صلبه أجيال ترفع راية النصر المبين مهما طال الزمان، أو قصُرَ؛ فنوقن بأن كل احتلالٍ إلى زوالٍ.
لقد اختار السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي طريق الحكمة المتمثلة في الحل السلمي الذي ينعم بثمرته الجميع دون استثناء؛ فلا عُنْفَ، ولا اقتتال، ولا نزال، بل إلى إعمار، ونهضة، وازدهار للشعوب جنبًا إلى جنب، وفق ما تنادي به الطبيعة الإنسانية المستخلفة في الأرض، والشرائع السماوية المعضدة للسلام، والرافضة للظلم، وسفك الدماء دون وجه حق؛ لكن أصحاب المخططات لا يتنازلون عن أوهام قبُعتْ في العقول؛ فما كان منهم إلا أن زادوا من مشاريع التهويد، والاستيطان، بل وصدّ عودة اللاجئين إلى أرضهم، ناهيك عن مخطط التهجير الذي تنادي به دولٌ تدّعي أنها مرصدٌ للحريات، والديمقراطيات، والحقوق.
إن مصر قيادة، وشعبًا، رافضة للتهجير، ومنّاعةً لكل ما من شأنه أن يُقوّضَ القضية الفلسطينية، وهذا موقفٌ ثابتٌ راسخٌ، لا يتغير بتغير الزمان، ولا بتغير المكان، ولا بتغير الأشخاص؛ فهي قضيةُ وطن؛ ومن ثم نصْطَفُّ خلف قيادة، ومؤسسات وطننا، وندعم ما يتخذ من إجراءات في سبيل نُصْرةِ القضية الأم، ونتحمل كافة التبعات التي قد تنتج عن ذلك، دون مواربةٍ، وبكل عِزّةٍ، وثباتٍ.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الرئيس عبد الفتاح السيسي القضية الفلسطينية عبد الفتاح السيسي المزيد القضیة الفلسطینیة الموقف المصری

إقرأ أيضاً:

الرئيس المصري يضع شروطًا للقاء نتنياهو وترامب!

كشفت تقارير إسرائيلية أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وضع قائمة شروط مسبقة لعقد قمة محتملة تجمع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في خطوة قد تُعيد رسم خريطة المصالح في شرق المتوسط.

ووفقًا لمراسل صحيفة يديعوت أحرونوت إيتامار إيخنر، فإن القاهرة تربط مشاركتها في القمة بتوقيع اتفاق ضخم لتوريد الغاز الطبيعي بقيمة 35 مليار دولار من حقل “لوثيان” الإسرائيلي، إضافة إلى مطالب بسحب إسرائيل قواتها من منطقة “فيلادلفيا” والشريط الحدودي مع غزة ومن “محور نتساريم” داخل القطاع.

ويرى المسؤولون المصريون أن الصفقة ضرورية لتأمين احتياجات الكهرباء في البلاد، حيث من المتوقع أن تغطي نحو 20% من الاستهلاك الوطني، فيما تخشى إسرائيل من أن يؤدي الاتفاق إلى تقييد قدرتها على تصدير الغاز للأسواق الأخرى وخلق اعتماد متبادل قد يضعف موقفها التفاوضي مستقبلاً.

وشدد التقرير على أن العقبة الكبرى تكمن في موقف وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين، الذي ربط موافقته على الصفقة بضمان أسعار جذابة لشركة الكهرباء الإسرائيلية لتجنب أي زيادات في فواتير المواطنين، مؤكدًا أن أي اتفاق مع القاهرة يجب أن يحقق مكاسب مباشرة لإسرائيل.

ويأتي هذا التوتر في ظل امتناع الرئيس المصري عن استقبال نتنياهو منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة، ما يجعل أي لقاء محتمل يحمل أهمية رمزية وسياسية كبيرة لتعزيز الشرعية الإسرائيلية أمام العالم العربي، بينما يسعى نتنياهو لتسجيل إنجاز دبلوماسي أمام جمهوره المحلي وتعزيز موقفه السياسي.

ورغم ذلك، يرى مسؤولون سياسيون أن هناك فرصًا جيدة للتوصل إلى تسوية تسمح بعقد القمة في منتجع “مار-أ-لاجو” للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خاصة مع تقارب مصالح الأطراف الثلاثة، حيث تسعى واشنطن لتعزيز الاستقرار الإقليمي وضمان أرباح شركة “شيفرون”، فيما تطمح إسرائيل لجني عشرات المليارات عبر الضرائب والإتاوات، وتحتاج مصر إلى كميات الغاز الكبيرة لتأمين استهلاك الكهرباء.

وكان كشف مصدر دبلوماسي أمريكي رفيع أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يخطط لزيارة القاهرة لتوقيع اتفاقية تزويد مصر بالغاز الطبيعي، في خطوة هي الأولى منذ 15 عاما وذكر المصدر أن مسؤولين إسرائيليين تعاونوا خلال الأيام الماضية مع دبلوماسيين أمريكيين رفيعي المستوى للاستعداد للزيارة المرتقبة ولفت إلى أن نتنياهو سيجتمع مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ويسعى لإضفاء طابع تاريخي على اللقاء.

وأشار المصدر إلى أن نتنياهو ينتظر من هذه الزيارة تحقيق إنجاز دبلوماسي وإعلامي بارز قبل الانتخابات الإسرائيلية المقبلة في محاولة لصرف الانتباه عن القضايا الداخلية المثيرة للجدل وذكرت مصادر أخرى أن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي نفى علمه بالزيارة مؤكدا أن ليس لديهم علم بهذه المسألة.

وجاءت التحركات بعد إعلان شركة “نيو ميد إنرجي” عن تعديل جوهري على اتفاق تصدير الغاز إلى مصر يزيد الكميات بنحو 130 مليار متر مكعب ليصل إجمالي العائدات المتوقعة إلى 35 مليار دولار حتى عام 2040 ويمثل حقل “ليفياثان”، الذي تملك شركة “شيفرون” الأمريكية فيه حصة تشغيلية تقارب 40%، المصدر الرئيسي للغاز الإسرائيلي المصدَّر إلى مصر.

وكشفت تقارير أن الولايات المتحدة تسعى لعقد قمة ثلاثية بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والسيسي ونتنياهو خلال زيارة مرتقبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي إلى فلوريدا هذا الشهر وقيّد السفير الإسرائيلي لدى واشنطن يحيئيل لايتر جهود تنظيم هذه القمة واعتُبر حلقة الوصل الأساسية بين نتنياهو والإدارة الأمريكية والدول العربية، بما في ذلك سوريا ولبنان.

ووضعت القاهرة شروطًا سياسية قبل الموافقة على عقد أي قمة مع نتنياهو، تشمل إسقاط أي طرح يتعلق بتهجير الفلسطينيين من غزة أو الضفة الغربية والانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزة، خصوصًا من محور فيلادلفيا، وإعادة تفعيل المسار السياسي القائم على حل الدولتين وضمانات أمنية واقتصادية مرتبطة بصفقة الغاز وسبق أن تصاعد التوتر بين القاهرة وتل أبيب بعد اجتياح الجيش الإسرائيلي لمدينة رفح واحتلال الشريط الحدودي فيلادلفيا، ما اعتُبر خرقًا لمعاهدة السلام الموقعة عام 1979.

وذكر مصدر مطلع أنه في حال تعذّر عقد اللقاء في القاهرة، هناك مقترح أمريكي بديل لعقد قمة “أمريكية-عربية-إسلامية” في واشنطن، يُلتقى خلالها السيسي ونتنياهو على هامشها بحضور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وذكرت تقارير أن البيت الأبيض يضغط على نتنياهو للموافقة أولًا على صفقة الغاز الاستراتيجية واتخاذ خطوات بناءة لإقناع الرئيس المصري بجدوى اللقاء.

وترتبط مصر وإسرائيل بمعاهدة سلام منذ 1979، وكانت الأولى من نوعها بين إسرائيل ودولة عربية بعد أربع حروب سابقة، إلا أن العلاقة الثنائية ظلت مرنة وهشة بين التعاون الأمني والاقتصادي والتوتر السياسي، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وارتفع التوتر بعد عودة نتنياهو إلى السلطة في نهاية 2022 إثر تكرار تصريحات وزراء في حكومته عن تهجير الفلسطينيين إلى سيناء وهو ما رفضته القاهرة جملةً وتفصيلا.

مقالات مشابهة

  • إسرائيل تصف الرئيس السيسي بأنه حجر عثرة ضد تهجير الفلسطينيين وتصفية القضية |فيديو
  • شوبير: صلاح لا يزال يكتب التاريخ بصدارة
  • بمساهمة صلاح.. ليفربول يحقق انتصارا مهما
  • كيف تحمي نفسك من أدوات الذكاء الاصطناعي التي تجمع بياناتك الشخصية (فيديو)
  • الرئيس المصري يضع شروطًا للقاء نتنياهو وترامب!
  • السفير المصري: لبنان على طريق الانفراج
  • سرقة الأسورة الأثرية تهز المتحف المصري وجلسة 14 ديسمبر للفصل في القضية
  • كواليس مثيرة| كيف يتم تقسيم سوريا وفق خرائط دولية؟
  • قيادي بمستقبل وطن: فائض الـ179 مليار جنيه يعكس صلابة الاقتصاد المصري
  • ماضي يكتب : عصام فخر الدين