هل تتذكر منذ عشرين عاما كيف كان البعض في العالم العربي يشكو من أن "ألعاب الفيديو" تمرر الثقافة الأميركية للأطفال العرب والمسلمين، وتنقل لهم بهدوء ودون أن يشعر الآباء معلومات ونماذج مغلوطة عن التاريخ والحاضر، وتنمي فيهم أفكارا تجعلهم يرون الغرب منارة التحضر دون وعي، في مقابل الثقافة الإسلامية التي تمثل الإرهاب؟

وهل تتذكر بعض المثقفين في العالم العربي وهم ينصحون الآباء بأن يراقبوا ما يلعبه أبناؤهم حتى لا تُمرَّر إليهم الأفكار الأميركية دون تمحيص؟ لقد اختلف الواقع الآن إلى حدٍّ لا يُصدَّق، إذ باتت مؤسسات أميركية بحثية كبرى مثل "هيرِتيدج فاونديشن" هي مَن تحذر الآباء الأميركيين مما يلعبه أبناؤهم من ألعاب صينية تُمرِّر لهم ثقافة الصين وأفكار الحزب الشيوعي الصيني.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2"القصف بضغطة زر".. تكنولوجيا غوغل ومايكروسوفت في خدمة الإبادةlist 2 of 2ترويض الشبح.. هل تهدد "جيه-20" الصينية السماوات الأمريكية؟end of list

من آسيا إلى أميركا اللاتينية إلى الكونغو، ومن الصراع على المعادن النادرة إلى الصراع للاستحواذ على المشاريع المهمة وإجراء الاتفاقات مع شتى الدول لبناء الطرق والبنى التحتية الضخمة، بات التنافس بين الولايات المتحدة والصين شاملا كل المجالات، إذ تحاول الصين اللحاق بالولايات المتحدة وتقليص الفجوة بينهما، بينما تحاول الولايات المتحدة التشبُّث بمكانتها على قمة العالم عسكريا واقتصاديا وتكنولوجيا. ويبدو أن واحدا من المجالات التي وصل إليها الصراع هو مجال ألعاب الفيديو.

إعلان

في عام 2024، استطاعت الصين أن تحقق نموا بنسبة 7.35% في صناعة ألعاب الفيديو، محققة مبيعات قياسية وصلت إلى 44.8 مليار دولار أميركي، في حين ما زالت الولايات المتحدة في القمة بعائدات قدرها 46.4 مليار دولار أميركي ولكن مع تقلُّص الفارق بين البلديْن.

وتتصدر الصين قائمة مُصدري المعدات المرتبطة بألعاب الفيديو، باستثناء الأجهزة التي تتطلب دفع رسوم من مستخدميها للسماح باللعب، وذلك بصادرات قيمتها 18.2 مليار دولار أميركي، ما يمثل 58.1% من صادرات ألعاب الفيديو، وتليها اليابان بصادرات بلغت 2.1 مليار دولار، التي تكافئ 6.7% من الصادرات العالمية، ثم تأتي بعدهما الولايات المتحدة الأميركية بصادرات وقفت عند 1.8 مليار دولار، أي 5.6% من الصادرات العالمية.

لقد شهد عالم صناعة ألعاب الفيديو واستهلاكها نموا مذهلا في السنوات الأخيرة، وأصبح ركنا مهما في الاقتصاد والحياة، ففي عام 2015 كان هناك نحو مليارَيْ "لاعب نشط" حول العالم منخرطا في ألعاب الفيديو، ثم وصل هذا الرقم بعد خمس سنوات فقط إلى 2.69 مليار شخص، أي إن عدد اللاعبين النشطين شهد زيادة قدرها 35%، والآن يقدر عدد اللاعبين النشطين عالميا بأكثر من 3 مليارات.

وقد تكرست تلك الطفرة في عالم صناعة ألعاب الفيديو مع وباء "كوفيد-19″، فمع مكوث العديد من الناس في منازلهم لأوقات طويلة، تحوَّلت ألعاب الفيديو إلى وسيلة تسلية مهمة لتزجية الفراغ، فازداد اللاعبون بوتيرة سريعة وتضاعفت معهم المبيعات، إلى حدِّ أن تجار التجزئة في فترات كثيرة كانوا يعانون من أجل مواكبة الطلب على أجهزة اللعب الإلكتروني.

ومع هذا التوجُّه المكثف لعالم صناعة الألعاب، الذي وصل معه عدد اللاعبين النشطين إلى أكثر من ثلث سكان الأرض، كانت الصين تعمل على قدم وساق من أجل التنافس المحموم في سوق صناعة التسلية.

إعلان صناعة التسلية: صعود صيني وتوجُّس أميركي

تعود قصة صناعة ألعاب الفيديو الصينية إلى بداية الألفية الحالية، وذلك حين أصدر الحزب الشيوعي الصيني عام 2000 حظرا جريئا على الأجهزة المخصصة لألعاب الفيديو، مثل "البلاي ستيشن" و"إكس بوكس" و"نينتِندو"، وأتى الإجراء حينها نتيجة قلق السلطات من تأثير الأجهزة على الصحة العقلية والبدنية للمراهقين الصينيين، بحسب ما أعلنته السلطات وقتها.

ورغم أن بعض تلك الأجهزة كان يجد طريقه إلى الصين من خلال السوق السوداء والواردات غير الرسمية، فإن الحظر أدى دون تخطيط مباشر إلى ازدهار الصناعة المحلية لألعاب الحاسب الآلي والهواتف في البلاد، إذ بات لدى مطوري الألعاب الصينيين حافز كبير وسوق متعطش لتطوير ألعاب مناسبة لأجهزة ذات قوة معالجة ضئيلة مقارنة بأجهزة الألعاب الأجنبية.

في ظل وجود سوق صيني كبير من المراهقين متعطش للألعاب، وألعاب هاتف ذات كلفة إنتاجية رخيصة بحكم ضعف قوة المعالجة للهواتف حينها، كانت الألعاب الجديدة ذات ربحية أعلى للشركات الصينية المُطوِّرة على المدى الطويل مقارنة بألعاب الفيديو التقليدية، لأن اللاعب كان ينفق داخلها الأموال لشراء أسلحة أو أزياء أو غيرها من ملحقات خاصة.

وفي عام 2015، حين رفعت الصين الحظر عن ألعاب الفيديو، كان للقرار نتائج اقتصادية إيجابية، حيث كان سوق ألعاب الفيديو يتضاعف في ذلك الوقت، ولذلك سمح رفع الحظر للشركات والمطورين الصينيين بتصدير الألعاب الصينية واسعة الانتشار، وهي ألعاب كانت تحت رقابة وزارة الثقافة الصينية.

نتيجة للحظر في بداية الألفية، الذي دفع المطورين الصينيين للإبداع في ألعاب الهاتف، كانت الصين تُحقِّق مكاسب ضخمة بحلول العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، وبدأت الألعاب التي تصنعها الشركات الصينية تجتذب الملايين من اللاعبين حول العالم. وبحسب "سينسور تاور" للاستخبارات السوقية، كانت 29 لعبة من نحو 100 لعبة هاتف تحقق أرباحا على مستوى العالم عام 2023 هي لعبة طوَّرتها شركات صينية.

إعلان

وقد تفوَّقت الشركات الصينية في هذا المجال بوضوح على استوديوهات صناعة الألعاب اليابانية والأميركية، وفقا لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، بل باتت الولايات المتحدة واليابان هما البلدين اللذين تحقق فيهما الألعاب الصينية أرباحا أكثر من أي مكان آخر، ففي عام 2023 حققت أفضل 100 لعبة صينية للهاتف ثلث إيراداتها الخارجية من الولايات المتحدة وربع إيراداتها من اليابان.

ورغم أن اللاعبين النشطين في مساحة ألعاب الهاتف يصل عددهم تقريبا إلى 2.69 مليار إنسان حول العالم، لا تبدو الشركات الصينية الآن قانعة بتفوقها المشهود له في تلك الألعاب، التي تحوز الآن نصف إيرادات صناعة ألعاب الفيديو في العالم، وإنما بدأت تتجه لمساحة الألعاب الكبيرة أيضا، فقد بدأت الشركات الصينية الكبيرة مثل "تِن سِنت" القابضة المحدودة، و"نِت إيز" لتطوير وتشغيل الألعاب، في الاستحواذ على الاستوديوهات الأجنبية واستقدام المواهب العالمية من المطورين بمبالغ سخية، مثلها مثل الشركات الغربية، التي تكرس مئات المطورين المهرة من أجل لعبة واحدة.

وعلى سبيل المثال لا الحصر، اجتذبت شركة "نِت إيز" الصينية عام 2021 مبتكر سلسلة ألعاب المافيا "ياكوزا" ذات الشهرة الكبيرة عالميا، توشيهيرو ناجوشي، الذي كان كبير مسؤولي الإبداع سابقا في شركة "سيجا" اليابانية.

على الجانب الآخر، تقف الولايات المتحدة متابعة بترقب الصعود الصيني في عالم ألعاب الفيديو، إذ لا يتوقف الأمر على المكاسب الاقتصادية أو التطور التكنولوجي الذي يؤدي إليه عادة الازدهار في صناعة تلك الألعاب، وإنما يثير خبراء الأمن القومي في الولايات المتحدة أيضا المخاوف بشأن امتلاك بكين لملايين الملايين من بيانات المستهلكين الأميركيين التي تحصل عليها شركات الألعاب عن طريق ضغط اللاعبين على زر اللعبة، خاصة في ضوء تخوف هؤلاء الخبراء من أن الأمر قد لا يقتصر على الأغراض التجارية، وربما يمتد لخدمة أغراض استخبارية صينية.

يبدو أن الصين عازمة الآن على استخدام ألعاب الفيديو للتأثير في الثقافة العالمية وتعريف العالم على حضارتها. (شترستوك) أكثر من مجرد لعبة: الصراع على القوة التكنولوجية

في يوم 19 أغسطس/آب 2024، أصدرت شركة "جيم ساينس" الصينية لعبة "بلاك ميث: ووكونغ"، وهي لعبة تستند في قصتها إلى رواية صينية تعود للقرن السادس عشر بعنوان "رحلة إلى الغرب"، تروي رحلة حج أسطورية لراهب يسافر إلى الهند للبحث عن مخطوطات بوذية، وفي تلك الرحلة المليئة بالحبكات الدرامية والفكاهة والأفكار الخلابة، يساعده قِرده الشرس الذي يحمل عصا في محاربة الشياطين والأرواح الشريرة. وقد حققت اللعبة نجاحا مذهلا، وبحسب موقع وكالة "بلومبِرغ"، وصلت المبيعات إلى 18 مليون نسخة في غضون أول أسبوعين فقط من إصدار اللعبة، مما جعلها واحدة من أكثر الألعاب نجاحا في التاريخ من حيث الرواج في أسابيعها الأولى.

إعلان

وقد قالت منصة "ذا كونفِرسيشن" الأسترالية إن اللعبة لم تحطم الأرقام القياسية في عالم ألعاب الفيديو وحسب، بل قادت تحولا حاسما في التوازن العالمي للهيمنة التكنولوجية، فاللعبة ليست إلا جزءا صغيرا من إستراتيجية بكين الكبرى لتحدي الهيمنة الغربية فيما يتعلق بصناعة التكنولوجيا.

ورغم أن الصين باتت رائدة بفضل شركاتها في تشكيل المشهد العالمي لألعاب الفيديو، فإنها تضع قواعد صارمة داخل البلاد للانخراط في ألعاب الفيديو، إذ إنها تخشى على مراهقيها وأطفالها من إدمان الألعاب الإلكترونية، وتعدّه شكلا من أشكال الأفيون العقلي الذي يهدد النجاح الاجتماعي والأكاديمي للمراهقين.

ومن ثم تستخدم الصين تقنيات متعددة لمنع المراهقين دون سن الـ18 عاما من قضاء وقت أطول من حدٍّ معين في اللعب. ففي عام 2019، حظرت الصين على أطفالها ومراهقيها اللعب لأكثر من 90 دقيقة يوميا في أيام الأسبوع، وأكثر من ثلاث ساعات في عطلة نهاية الأسبوع، فضلا عن حظر اللعب في وقت متأخر من الليل.

وقد أشار تحليل نُشر في مجلة "فورين بوليسي" الأميركية إلى أن القيود التي تضعها الصين لها بُعد اقتصادي أيضا، فهي تجبر الشركات التكنولوجية العملاقة في الصين ألا تعتمد على السوق المحلي فقط، وأن تتوسع خارجيا. وتُعد تلك التفصيلة الصغيرة جزءا من فهم الطريقة التي تدفع بها الصين صناعتها التكنولوجية عبر الألعاب، بتشجيع شركات التطوير على الانتشار عالميا، وكذلك بتحفيز التطور التكنولوجي لدى الشركات من أجل تلبية الطلب المحلي الضخم، إذ لا تزال الصين -رغم كل قيودها- السوق المنفردة الأكبر لألعاب الفيديو في العالم.

إذا ما نظرنا إلى التاريخ القريب، فسنجد أن ألعاب الفيديو لطالما حفَّزت الابتكار التكنولوجي في صناعة أشباه الموصلات، التي يُعتمد عليها في كل منتجات التكنولوجيا تقريبا، من الهواتف المحمولة وصولا إلى أنظمة الذكاء الاصطناعي المعقدة والتطبيقات العسكرية.

إعلان

فمنذ ثمانينيات القرن الماضي، دفع التسارع الكبير في تطور الألعاب وشعبيتها بشركات تصنيع أشباه الموصلات والرقائق الإلكترونية إلى تطوير المعالجات ووحدات معالجة الرسومات لتصبح أسرع وأكثر كفاءة من أجل إرضاء أعداد اللاعبين المتزايدة. وعادة ما تتطلَّب الألعاب الحديثة التي يلعبها الناس حاليا أحدث تكنولوجيا فيما يتعلق بأشباه الموصلات، وما زال الأمر في طريقه للتطور أكثر مع ضغط اللاعبين السنوي، الذين يريدون ألعاب محسنة ودقيقة وواقعية في رسوماتها بشكل متزايد.

ووفقا لمنصة "ذا كونفِرسيشن" الأسترالية، فإن لعبة متقدمة مثل "بلاك ميث: ووكونغ" تُمثِّل جزءا من خطة الصين للاعتماد التام على قواعدها المحلية من الناحية التكنولوجية، وهي الخطة المعروفة باسم "صُنع في الصين 2025″، فهذه اللعبة بتطورها الكبير تخلق ضغوطا محلية على الشركات الصينية، وتُسرِّع الطلب في السوق من أجل التطوير والابتكار في مجال أشباه الموصلات.

في الوقت الحالي، تُصنَّع أفضل وحدات معالجة الرسومات بواسطة الشركات الأميركية، مما يجعل مطوري الألعاب واللاعبين الصينيين بدون خيارات محلية في هذا الصدد، ومن ثم فإن لعبة كبيرة مثل "بلاك ميث" سلاح تحفيز داخلي لسد الفجوة التكنولوجية مع الغرب، خاصة أن الصين ما زالت تعتمد على الرقائق الإلكترونية المصنوعة في الخارج، إذ إن الولايات المتحدة هي المهيمنة على هذا المجال، كما أنها تضع القيود أمام وصول الصين إلى أحدث تكنولوجيا فيه، إذ لم تنتج محاولات الصين للحاق بركب تطوير إنتاج أشباه الموصلات إلا عن نتائج أقل مما تريده حتى الآن.

ولذلك لم يكن عجيبا مشاركة وسائل الإعلام الحكومية الصينية بكل هذه الكثافة في الترويج للعبة "بلاك ميث"، فهي أكثر من مجرد لعبة، بل جزء من التحرك الإستراتيجي الصيني للتقدم في معركة الرقائق وأشباه الموصلات مع الغرب، بحسب المنصة الأسترالية.

إعلان عصا القرد: القوة الناعمة

لألعاب الفيديو قدرة تأثير استثنائية لعلها تفوق الموسيقى والأفلام، فهي تجربة ممتعة يتعرض لها عادة الطفل أو المراهق وتستمر لساعات طويلة، وتدمج المتلقي معها في صناعة الحدث. على سبيل المثال، استطاعت الألعاب الغربية لسنوات طويلة أن تلصق في مخيلة قطاع كبير من مستهلكيها معلومات سلبية عن أعداء ثقافتها، في وقت لم يتح لهؤلاء الأعداء أن يخبروا المراهقين الغربيين بأسباب دفاعهم عن أنفسهم. هذا الأمر يجعل من ألعاب الفيديو سلاحا استثنائيا من أسلحة القوة الناعمة والتحكم في الثقافة والأيديولوجيا ورموز الخير والشر.

لوقت طويل لم تكن الصين مهتمة باستخدام تفوقها في عالم صناعة ألعاب الفيديو لكي تمرر سرديتها عن ثقافتها وسياستها وشعبها، على العكس، في أوقات كثيرة كانت تُتَّهم الألعاب الصينية بأنها تنقل مواضيع من الثقافة اليابانية. غير أن الأمر تغيَّر مؤخرا، ويبدو أن الصين عازمة الآن على استخدام ألعاب الفيديو للتأثير في الثقافة العالمية وتعريف العالم على حضارتها. ومنذ عام 2019 تحديدا، باتت لدى الصين إستراتيجية للتوسع ونشر الألعاب عالية الجودة التي تتوافق مع الثقافة والقيم الصينية وتعمل على نقل السرديات الصينية المُقنِعة من وجهة نظرها.

فمن لعبة "غِنشين إمباكت" إلى لعبة "أونر أوف كينغز" وصولا إلى لعبة "بلاك ميث: ووكونغ"، يمكن تتبع خيوط الإستراتيجية الصينية الجديدة، فلا تعتمد تلك الألعاب على رسائل مباشرة إيجابية عن الصين وثقافتها، لكنها تقدمها في إطار رحلة اللعب ذاتها التي تحتوي على حل الألغاز ومحاربة الوحوش، فيجد اللاعب نفسه أمام صورة لحضارة تستحق الإعجاب لا الخوف منها، ويجد نفسه يتتبع خيوطا من عناصر الثقافة الصينية وتاريخها وأساطيرها وجمالياتها.

وبحسب مجلة "ذا ديبلومات" الأميركية، فإن "ما يميز القوة الناعمة للألعاب في الصين هو دقتها، إذ إن تلك الألعاب ليست أدوات تعليمية فحسب، بل تجارب غامرة تسمح للاعبين بالتفاعل مع الثقافة الصينية بشروطهم الخاصة، فتستطيع الألعاب بمهارة أن تقدم الفولكلور والتاريخ الصيني للجماهير العالمية بطريقة تبدو طبيعية ومسلية".

إعلان

في الفترة القادمة، تعمل الصين على إنتاج سلسلة من الألعاب الضخمة على غرار "بلاك ميث". ووفقا للعديد من المحللين السياسيين الغربيين، إذا استطاعت الصين أن تنتزع الريادة في مجال الألعاب الفردية المبنية على السردية من الولايات المتحدة واليابان، فإنها ستتمتع للمرة الأولى بشيء لم تتمتع به من قبل، وهو القوة الناعمة القادرة على إقناع وجذب الناس لثقافتها ونموذجها.

إن هذا التحول يدفع بعض الخبراء والمثقفين المحافظين الأميركيين إلى استخدام تعبيرات عادة ما استخدمتها دول أخرى لشجب القوة الناعمة الأميركية، فقد بدأت مؤسسة "هريتيدج فاونديشن" تتحدث عن خطورة ألا يوجد طفل أميركي تقريبا لا تحتوي مكتبة ألعابه على لعبة صينية، وحذَّرت المؤسسة اليمينية المحافظة من ثورة شيوعية ثقافية قد تصنعها الصين عبر ألعاب الفيديو بالسيطرة على الثقافة التي هي منبع السياسة ومحرك التأثير على الناس.

ويعني خبراء "هريتيدج فاونديشن" بذلك أن الصين ستحاول عن طريق ألعاب الفيديو الناجحة الخاصة بها أن تغير الطريقة التي ينظر بها المراهق الأميركي إلى العالم، والطريقة التي يفسر بها الواقع، وذلك من خلال رسائل غير مباشرة تُشكِّل أركان الوعي في أثناء اللعب.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات أبعاد صناعة ألعاب الفیدیو الولایات المتحدة الشرکات الصینیة أشباه الموصلات لألعاب الفیدیو القوة الناعمة تلک الألعاب ملیار دولار عالم صناعة ت الصینیة ت الألعاب فی العالم أن الصین فی صناعة أکثر من فی عالم من أجل فی عام

إقرأ أيضاً:

صحيفة: ترامب يتقن فن التراجع.. ماذا كشف اتفاقه المؤقت مع الصين؟

نشرت صحيفة "إل باييس" الإسبانية تقريرًا يسلّط الضوء على ميل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لاستخدام مفردات مبالغ فيها لوصف إنجازاته، وذلك في سياق الاتفاق التجاري المؤقت الذي تم التوصل إليه مؤخرًا مع الصين، مؤكدة أن هذا الاتفاق كشف ارتباك سياسته التجارية.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن بعض الكلمات تتكرر كثيرًا في مفردات ترامب إلى درجة تفقد معها معناها، ومن أبرزها كلمة "تاريخي"؛ حيث استخدمتها إدارته مجددًا يوم الاثنين الماضي لوصف الاتفاق الذي أُبرم في عطلة نهاية الأسبوع بسويسرا بين الولايات المتحدة والصين، والذي يقضي بهدنة تمتد 90 يومًا في الحرب التجارية بين القوتين، بناءً على مبادرة من ترامب.

وبيّنت الصحيفة أن الاتفاق، بلا شك، يحمل أهمية معينة: فهو يمنح الشركات والمستهلكين متنفسًا في علاقة تجارية بلغ حجمها 660 مليار دولار العام الماضي؛ حيث ستستأنف السفن الصينية الإبحار نحو ميناء لوس أنجلوس، وسيعود المستهلك الأمريكي لشراء المنتجات الآسيوية الرخيصة، في حين شهدت الأسواق المالية ارتفاعًا ملحوظًا مع انقشاع أجواء التوتر. لكن هل يرقى هذا الاتفاق فعلًا ليكون "تاريخيًا".

وأوضحت أن هذا الوصف يبدو مبالغًا فيه، خاصة أن الاتفاق يعالج أزمة كان ترامب نفسه من أشعل فتيلها قبل ستة أسابيع، حين أعلن، في الثاني من أبريل/نيسان، فرض رسوم جمركية أحادية الجانب على عشرات الشركاء التجاريين في حدث تلفزيوني من حديقة البيت الأبيض. وشملت تلك الرسوم تعريفة بنسبة 34 بالمئة على معظم المنتجات الصينية، إضافة إلى نسبة 20 بالمئة كانت مفروضة سابقًا، بهدف الضغط على ثلاث دول—الصين والمكسيك وكندا—بذريعة وقف تهريب الفنتانيل، وهو أفيون قوي مسؤول عن نحو 75 بالمئة من الوفيات الناجمة عن الجرعات الزائدة في الولايات المتحدة.



وأشارت الصحيفة إلى أن وتيرة الرسوم تصاعدت في الأسبوع التالي في سياق مواجهة متصاعدة بين واشنطن وبكين، حتى بلغت 145 بالمئة على المنتجات الصينية، التي ردّت بدورها بفرض رسوم بنسبة 125 بالمئة على الواردات الأمريكية. بعد محادثات جنيف، تم تخفيض الرسوم الأمريكية على الصين إلى 30 بالمئة، تشمل 10 بالمئة تعريفة عامة و20 بالمئة خاصة بالفنتانيل، بينما احتفظت قطاعات مثل الصلب والألمنيوم والسيارات بتعريفة قدرها 25 بالمئة على جميع الدول، كما أكد ترامب في مؤتمر صحفي.

وبيّنت أن الإيرادات التي كان ترامب يطمح لجمعها من هذه الرسوم — وهي كلمة أخرى تتكرر كثيرًا في خطابه، يصفها بـ"أجمل كلمة في القاموس" — ستضطر للانتظار. ففي 9 أبريل / نيسان، خفّض ترامب ما سمّاه برسوم "مقابلة"، رغم أنها لا تنطبق على هذا التوصيف بدقة، ليُبقي فقط على التعريفة الأساسية بنسبة 10 بالمئة. كما منح باقي الدول مهلة 90 يومًا للتوصل إلى اتفاقات تجارية جديدة. آنذاك، تنبأ ترامب بأن الاتفاقات ستُبرم سريعًا، لأن تلك الدول كانت، حسب تعبيره الحرفي، "تتوسل لإرضائه... لتقبيل مؤخرته".

وقالت الصحيفة إن تراجع ترامب عن تهديداته جاء تحت ضغط الأسواق، وتداعيات سياساته المتشددة على الدين العام والدولار، فضلًا عن انتقادات داخل حزبه الجمهوري ومناشدات رجال الأعمال والمستثمرين. وحينها، دافع ترامب ومؤيدوه عن التراجع باعتباره جزءًا من إستراتيجية مدروسة، وليست خطوة ندم. وقدّم ترامب هذا التحوّل باعتباره دليلًا على "موهبته في التفاوض"، وهو ما وصفه سابقًا بـ"فن التفاوض"، العنوان ذاته الذي اختاره لأول كتبه.

وقالت الصحيفة بالنظر إلى ما يجري على الساحة الاقتصادية في فترته الرئاسية الثانية، يبدو من المغري الاعتقاد بأن هذا "الفن في التفاوض" ما هو في الواقع إلا "فن التراجع".

توقعات منخفضة
وأفادت الصحيفة بأن من أصل مهلة التسعين يومًا التي منحها ترامب للتوصل إلى اتفاقات تجارية، انقضى 33 يومًا دون نتائج تُذكر، باستثناء اتفاق جزئي مع المملكة المتحدة أُعلن عنه خلال مؤتمر صحفي مشترك مع كير ستارمر، وقد وصفه ترامب مرة أخرى بـ"التاريخي"، بل وذهب إلى حد مقارنته بإعلان تشرشل لانتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية.

وكشفت الصحيفة عن كيف كان الفريق الاقتصادي لترامب يسابق الزمن لتحقيق أي إنجاز يُعرض كاختراق، في ظل مفاوضات لم تكتمل بعد مع كل من الهند واليابان وكوريا الجنوبية. وفي الوقت ذاته، جرى تصوير لقاء جنيف مع الصين على أنه مبادرة من بكين، وهو ما نفته الحكومة الصينية رسميًا. وبحسب وسائل إعلام أمريكية، كان ترامب يرغب في إبرام اتفاق يرافقه خلال أولى جولاته الخارجية في ولايته الثانية، والتي شملت السعودية وقطر والإمارات.


وأوضحت أن ترامب نشر عشية اللقاء، عبر منصته "تروث"، اقتراحًا بخفض الرسوم الجمركية، في خطوة وصفها التقرير بأنها "مناورة مألوفة" تهدف إلى خفض سقف التوقعات قبيل التفاوض. ومع ذلك، فإن ما تم تحقيقه حتى الآن لا يتجاوز تأجيلًا جديدًا صُوّر على أنه إنجاز كبير. ولا يزال من غير المؤكد ما إذا كانت هذه الهدنة ستمهد لاتفاق فعلي، أو ما إذا كان لقاء جنيف سيحقق ما وعد به ترامب من "فتح كامل للسوق الصيني" وخفض أسعار الأدوية.

وقالت إن المحللين أبدوا تشككًا أكبر بكثير من الرئيس ترامب، إذ أجمعوا على أن الصين خرجت من اجتماع سويسرا بأفضل النتائج، بينما تبدو المكاسب الأمريكية محدودة، ولا تتعدى معالجة أزمة كان ترامب نفسه قد تسبب بها. ووفقًا لرايان سويت، كبير الاقتصاديين في "أكسفورد إيكونوميكس"، فإن الاتفاق لم يبدد حالة عدم اليقين التي خلقتها الرسوم الجمركية، كما أنه من غير الواضح كيف تعتزم الإدارة التفاوض مع عشرات الدول خلال فترة قصيرة كهذه.

وفي ختام التقرير، أشارت الصحيفة إلى بروز سكوت بيسنت، رئيس الوفد الأمريكي في جنيف، كأحد أقرب الشخصيات إلى ترامب في الملف التجاري، متفوقًا على شخصيات أكثر تشددًا مثل بيتر نافارو وهاوارد لوتنيك. وإذا نجح بيسنت، المعروف بنهجه الأكثر اعتدالًا، في إخراج واشنطن من مأزق الحرب التجارية التي أطلقتها بنفسها، فقد يجد ترامب نفسه مضطرًا لاختراع مفردة جديدة، إذ إن وصف "تاريخي" لن يكون كافيًا هذه المرة.

مقالات مشابهة

  • إيبك جيمز تشعل الجدل بمفاجآت جديدة لعشاق الألعاب
  • صراع بين الطموح والواقع.. ماذا حدث في مفاوضات الزمالك مع كوتيسا؟
  • سر جنون اللابوبو.. دمية الوحوش التي غزت العالم وتباع بآلاف الدولارات
  • من خرج منتصرا في الاتفاق التجاري بين الصين وأميركا؟
  • خطة المساعدات الأمريكية لغزة: ماذا نعرف عنها؟ ومن يتولى تنفيذها؟
  • رئيس جامعة بنها في الصين: نسعى لآفاق جديدة للتعاون العلمي والبحثي مع الجامعات الصينية
  • زيارة ترامب إلى الخليج تطلق العنان لصفقات ذكاء اصطناعي بمليارات الدولارات
  • صاروخ يمني يقترب من F-35 ويحرج البنتاغون: برنامج بمليارات الدولارات على المحك
  • قناة عبرية: اليمن يُكبّد الكيان خسائر بمليارات الدولارات ويدخل قطاعاته في شللٍ متصاعد
  • صحيفة: ترامب يتقن فن التراجع.. ماذا كشف اتفاقه المؤقت مع الصين؟