من جدار المكسيك إلى منتجعات كوريا الشمالية.. وعود لترامب تبخرت في ولايته الأولى
تاريخ النشر: 7th, February 2025 GMT
خلال الفترة الرئاسية الأولى للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قدمت العديد من الوعود على الصعيد الدولي، وكانت الكثير من تلك الوعود صعبة التحقيق، لاصطدامها بواقع دولي معقد.
ومع مرور الوقت، كان تحقيق تلك الوعود، مثل إجبار المكسيك على تمويل بناء جدار حدودي معها لمنع المهاجرين، والعودة إلى الاتفاق النووي مع إيران وسحب القوات الأمريكية من ألمانيا، وبناء منتجعات على شواطئ كوريا الشمالية، يتبخر في هواء السياسة الدولية وتعقيداتها.
ونستعرض في التقرير التالي عددا من تلك الوعود التي تبخرت، والتي عاد مع ولايته الثانية لإطلاق وعود جديدة قد تلاقي مصير سابقاتها.
بناء الجدار الحدودي مع المكسيك
رفع ترامب شعار بناء الجدار الحدودي مع المكسيك في حملته الانتخابية، وذهب إلى حد تهديد المكسيك، بإجبارها على دفع تكاليف بناء الجدار من ميزانيتها الخاصة، لحماية الولايات المتحدة من المهاجرين.
واصطدم ترامب، بالكونغرس، في طلبه للحصول على تمويل كامل للجدار الحدودي، ولم يحصل على طلبه، بالكامل، وما جرى كان تعزيزا لجدار قائم، بتكاليف هائلة، وسط إصرار المكسيك على رفض المساهمة في تمويل بناء الجدار.
وبسبب رفض الكونغرس تمويل الجدار، اصطدم ترامب به ودخلت البلاد في إغلاق حكومي لمدة 35 يوما، وتعطل المشروع حتى انتهاء ولايته.
سحب القوات الأمريكية من ألمانيا
أثناء الحملة الانتخابية الأولى لترامب، أعلن عن نيته، تقليص مشاركة الولايات المتحدة في حلف شمال الأطلسي "الناتو"، وخاصة ألمانيا، بسبب ما قال إنه اعتماد مفرط على الحماية العسكرية الأمريكية دون دفع تكاليف عادلة في ميزانية الدفاع.
وقال ترامب في حينه نحن نحمي ألمانيا، وهي دولة غنية جدا، وهم لا يدفعون، نريد أن نحمي أوروبا، لكن عليهم أن يدفعوا أكثر، وألمانيا لا تفي بالتزاماتها."
وشرعت أمريكا في سحب 12 ألف جندي من أصل 36 ألفا كانوا يتمركزون في ألمانيا، لكن الخطوة اصطدمت بمعارضة قادة عسكريين ومسؤولين في البنتاغون، باعتبارها تعرض القوة العسكرية الأمريكية في أوروبا لخطر كبير، فضلا عن معارضة جمهورية ووصف ما فعله بالخطأ الجسيم وتوجيه ضربة لأمن أوروبا بالكامل، وإرسال إشارة خاطئة لروسيا، التي تراها أوروبا تهديدا استراتيجيا.
وفشلت خطة ترامب، ومع خروجه من البيت الأبيض، وصعود جو بايدن، أوقفت عملية سحب القوات الأمريكية من ألمانيا، وتعززت لاحقا مع اندلاع الحرب في أوكرانيا.
متنجعات على سواحل كوريا الشمالية
اتجه ترامب خلال فترته الرئاسية الأولى، إلى التواصل مع الدول المعروفة بعدائها التاريخي للولايات المتحدة، وخاصة كوريا الشمالية، التي خطا فيها ترامب بصورة غير مسبوقة بتاريخ الرؤساء الأمريكيين، والتقى بزعيمها كيم جونغ أون.
وعقدت العديد من القمم بين ترامب وجونغ أون، من أجل بحث نزع السلاح النووي، ومسألة رفع العقوبات عن بيونغ يانغ، وتفكيك المنشآت النووية.
وذهب ترامب إلى إطلاق وعود بتحويل كوريا الشمالية إلى وجهة سياحية، في حال فككت مشروعها النووي العسكري، بل قال عقب لقاء بالزعيم الكوري، "تخيلوا شواطئ كوريا الشمالية الجميلة، يمكن بناء أجمل الفنادق والمنتجعات هناك بدلا من الصواريخ."
وأضاف ترامب: "رأيت أنه كان متحمسا للتحدث عن الجانب الاقتصادي، لديه رؤية لمستقبل أفضل لبلاده"، لكن وعود ترامب بالمنتجعات الفاخرة تبخرت بعد وقت وجيز ولم ترفع العقوبات عن بيونغ يانغ، وغادر ترامب البيت الأبيض.
انسحاب من الاتفاق النووي الإيراني للعودة إليه:
اتخذ ترامب قرارا عام 2018 بالانسحاب من الاتفاق النووي الذي أبرمته إدارة سلفه باراك أوباما، والمجموعة الدولية مع إيران.
ووعد ترامب بإعادة الاتفاق النووي، وفقا لمفاوضات جديدة، وفرض شروط أكثر صرامة مثل منع تطوير الصواريخ الباليستية، وفرض قيود على البرنامج النووي، وكبح نفوذها في المنطقة.
لكن هذه الوعود تبخرت، مع فشل المحادثات، ورفضت إيران التفاوض تحت العقوبات والضغط، بل ذهب ترامب إلى اغتيال قائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني ما فجر الأزمة مع طهران.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة دولية ترامب المكسيك كوريا الشمالية المكسيك كوريا الشمالية ترامب المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاتفاق النووی کوریا الشمالیة بناء الجدار
إقرأ أيضاً:
الاتحاد الأوروبي يتصدى لترامب: النرويج مقابل غرينلاند؟
تناقش بروكسل إمكانية انضمام النرويج، رفيقة آيسلندا، إلى الاتحاد الأوروبي. تبيّن التسريبات والتقارير الإعلامية أنّ الاتحاد الأوروبي يعتزم توظيف انضمام الأولى كأداة جيوسياسية يبتغي من خلالها التدخل في مسألة غرينلاند. فبرغم المعايير الصارمة التي وضعها للاتحاد الأوروبي لتنظيم عملية الانضمام إليه، إلا أنّه لطالما برع في استخدام هذه القضية كـ"أداة سياسية" كما هو الحال مع أوكرانيا، وكذلك تركيا على سبيل المثال.
اللافت أنّ النرويج ليست مُدرجة، كما آيسلندا، على لائحة الدول المرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي، وعددها 8: ألبانيا - مقدونيا الشمالية - البوسنة والهرسك - الجبل الأسود - تركيا - مولدوفيا - جورجيا - أوكرانيا. وهو الأمر الذي يعزّز من العناصر الجيوسياسية في عملية تكتسي بغطاء اقتصادي- مالي رقيق.
الصفة المشتركة بين الدول الثماني المرشحة، هي أنّها تعاني من أوضاع اقتصادية هشّة، وبالتالي سوف تكون من الدول المتلقية للمساعدات من الاتحاد الأوروبي، وهذا من المؤكد أنّه سيزيد من حجم الضغوط التي تثقل كاهل أعضاء الاتحاد، من دون وجود عوائد سياسية كبرى، باستثناء أوكرانيا وبدرجة أقل تركيا.
الصفة المشتركة بين الدول الثماني المرشحة، هي أنّها تعاني من أوضاع اقتصادية هشّة، وبالتالي سوف تكون من الدول المتلقية للمساعدات من الاتحاد الأوروبي، وهذا من المؤكد أنّه سيزيد من حجم الضغوط التي تثقل كاهل أعضاء الاتحاد، من دون وجود عوائد سياسية كبرى، باستثناء أوكرانيا وبدرجة أقل تركيا
وتشتهر النرويج بكونها دولة مانحة للمساعدات وبرامج التنمية والنهوض، كما أنّ دخولها إلى الكتلة الأوروبية سيعزز من أوراقها الاقتصادية وأداوتها المالية، علاوة على أنّه يتسق مع سياسة بروكسل بتوسعة حدودها استجابة للواقع الجيوسياسي الذي أوجدته الحرب في أوكرانيا.
بيد أنّ ذلك ليس سوى رأس جبل الجليد ضمن مناورة جيوسياسية أوروبية كبرى تروم إحداث التوازن المفقود أو المنكسر مع أمريكا في عهد ترامب، حيث تبتغي بروكسل من خلال الموافقة على انضمام النرويج ومعها آيسلندا، تعزيز الوصول إلى القطب الشمالي، وإحكام قبضتها على الكتلة الجيوسياسية المؤثرة في جزيرة غرينلاند، التي صارت موضع اهتمام عالمي عقب كشف ترامب عن نيته ضمها.
ذلك أنّ غرينلاند، أو أرض الناس حسب تعريف سكانها الأصليين، هي جزيرة شبه مستقلة تخضع لحكم ذاتي يتبع اسميا ونظريا للدانمارك، وهي من أعضاء الاتحاد الأوروبي، فيما تدار من قبل القوات الجوية الأمريكية. فمع أنّها تُعد جزءا من قارة أمريكا الشمالية، إلا أنّ غرينلاند ارتبطت سياسيا وثقافيا بأوروبا، وبالتحديد بالنرويج والدانمارك.
تقع هذه الجزيرة بين المحيط المتجمد الشمالي والمحيط الأطلسي الشمالي، وتبعد عن كندا نحو 26 كلم فقط، تبلغ مساحتها نحو 2.166.086 كيلومتر مربع، بعدد سكان يصل إلى 56 ألف نسمة، حسب الموسوعة البريطانية للعام 2024.
تكتسي مطالبة ترامب بضم هذه الجزيرة بأبعاد جيوسياسية واقتصادية، إذ لطالما اعتبرتها أمريكا موقعا استراتيجيا لأمنها القومي نظرا لقربها من سواحلها، حتى أنّها تعد الخاصرة الرخوة للساحل الشرقي الأمريكي.
علاوة على أنها تتيح لأمريكا مراقبة الممرات المائية بين الجزيرة وآيسلندا وبريطانيا، ولا سيما ممر "GUK" (غرينلاند- آيسلندا- المملكة المتحدة)، خصوصا أنّها تُعد بوابة للسفن البحرية والغواصات النووية الروسية. كذلك فإن "أرض الناس" كما أوكرانيا، تعد أرضا غنية بالمعادن الطبيعية وخصوصا اليورانيوم والليثيوم.
إزاء ما سبق، وما يبديه ترامب من جدية حيال "مسألة غرينلاند" واعتبارها أولوية على صعيد متقدمة على صعيد الأمن القومي الأمريكي، فإنّ نفوذ بروكسل على الكتلة الجيوسياسية على بحر النرويج المتصلة بغرينلاند يتيح لها إحداث توازن جيوسياسي مع واشنطن، من خلال تحولها هي إلى جهة التفاوض مع إدارة ترامب حول هذه المسألة، خصوصا مع الرفض الواضح الذي يبديه السكان الأصليون للجزيرة أمام مطامع واشنطن، الأمر الذي يعزز من أوراقها في المنازلة التي تخوضها مع ترامب الذي يرى في القارة العجوز حليفا مكلفا ومحدود الأهمية على الصعيد الجيوسياسي، وكذلك الاقتصادي. ومع ذلك فإنّ نقطة الضعف التي تبرز في هذه السياسة هي بريطانيا، والتي عدا عن انسحابها من الاتحاد الأوروبي فإنها تعد الحليف الأقرب تاريخيا للولايات المتحدة الأمريكية.
ولندن كما أسلفنا، تُعد ركنا من المثلث في ممر "GUK"، وتتبع حكومتها نهجا مغايرا عن القادة الأوروبيين في التعامل مع ترامب أكثر انسجاما مع توجهاته غير التقليدية، ناهيكم عن أنّ انضمام النرويج وآيسلندا سيفجّر غضب أوكرانيا التي تضغط منذ اندلاع الصراع على أراضيها من أجل الانضمام إلى التكتل الأوروبي، وسط رفض حازم من بعض أعضائه.
وهذا ما قد يؤدي إلى ابتعاد كييف عن بروكسل وباريس ولندن وبرلين بشكل تدريجي، مع ما لذلك من تأثير دراماتيكي على الصراع في أوكرانيا، قد يفضي إلى قبول زيلنسكي وأركان إدارته بالخضوع للشروط الأمريكية، ومن ورائها خضوعه للمعايير الروسية، وبالتالي الإطاحة بكل الجهود والسلاح والأرواح والإنفاق المالي التي تكبدتها أوروبا خلال سنوات الصراع، بينما الأمر الأهم هو فقدان ورقة جيوسياسية شديدة الأهمية تفسح المجال أمام التمدّد الجيوسياسي لروسيا، وهو لم يُتح للاتحاد السوفييتي نفسه في عزّ قوته.. وبذلك، تكون بروكسل قد راهنت على حساب ما تبقى من أوراق نفوذها المتهاوية.