انتصار غزة.. حين تتحول التضحيات إلى حرية
تاريخ النشر: 8th, February 2025 GMT
ماجد حميد الكحلاني
في ليلةٍ امتزج فيها الألم بالأمل، وفي صباحٍ أشرقت فيه شمس الصمود، كتب الشعب الفلسطيني بدمائه وتضحياته فصلاً جديداً في تاريخ الحرية. خمسة عشر شهراً من الإبادة الجماعية والعدوان الوحشي لم تكسر عزيمة غزة، بل صنعت نصراً لم يكن مجرد تفوق عسكري، بل منعطفاً استراتيجياً غيّر موازين الصراع، وأعاد رسم معادلة الشرق الأوسط بدماء الشهداء وإرادة المقاومين الأحرار.
منذ اللحظة الأولى للعدوان، راهن الاحتلال على أن غزة ستنهار في أيام، وأن المقاومة ستستسلم خلال أسابيع، لكنه لم يدرك أن هذه الأرض الصغيرة تختزن قلوباً بحجم السماء، وأن من يسكنها ليسوا مجرد أرقام في قائمة الضحايا، بل رجال ونساء يكتبون التاريخ بصلابتهم وثباتهم.
لكن مع مرور الأيام، بدأت حسابات العدو تتهاوى أمام صمود غير مسبوق، فبدلاً من أن ينكسر الفلسطينيون تحت القصف والحصار، ازدادوا تصميماً على المواجهة، وتحولت الأزقة المدمرة إلى معاقل للمقاومة، مما أجبر الاحتلال على إعادة تقييم استراتيجيته الفاشلة.
لم يكن هذا الصمود محصوراً بين غزة والاحتلال فقط، بل امتد تأثيره إلى ميادين المواجهة الأوسع. وبينما كانت المقاومة الفلسطينية تخوض معركتها بشجاعة نادرة داخل القطاع، كانت جبهات الإسناد تبعث برسائل حاسمة من خارج الحدود.
من لبنان إلى اليمن، ومن العراق إلى إيران، توالت المواقف العملية، لتتحول المواجهة من حرب محصورة جغرافيًا إلى صراع إقليمي شامل، مما فرض على الاحتلال معادلة جديدة لم يكن مستعداً لها.
على مدار خمسة عشر شهراً، استُخدمت كل وسائل القمع والإبادة الجماعية، حيث استهدف الاحتلال المدارس، والمستشفيات، والأسواق، وحتى الملاجئ، محاولاً إبادة الحياة قبل المقاومة. ومع ذلك، لم يجد العدو أمامه سوى شعب يقاتل الجوع والقصف والتخاذل الدولي، دون أن يتراجع خطوة واحدة عن حقوقه المشروعة.
لكن في لحظة فارقة، وجد الاحتلال نفسه أمام حقيقة صادمة: المقاومة لم تنتهِ، غزة لم تسقط، و”اليوم التالي للحرب” لم يكن يوم انتصار إسرائيلي، بل يوماً فلسطينياً بامتياز.
اليوم، بينما تعم الاحتفالات في غزة، يدرك الجميع أن هذا ليس نهاية الطريق، بل بداية مرحلة أكثر حساسية في الصراع. فبرغم الهزيمة المدوية التي لحقت بالاحتلال، لن يستسلم بسهولة، وسيسعى لإعادة ترتيب أوراقه، لكن المقاومة أثبتت أنها لم تعد مجرد كيان داخل غزة، بل باتت جزءاً من منظومة إقليمية أقوى من أي وقت مضى.
لم يعد بإمكان الاحتلال أن يختبر صبر المقاومة أو يتجاهل امتدادها الإقليمي، فالمعادلة تغيّرت جذريًا، وأصبح أي عدوان جديد على فلسطين يعني اشتعال جبهات متعددة.
من الصواريخ التي وصلت إلى تل أبيب، إلى الضربات البحرية التي شلّت الملاحة في البحر الأحمر، ومن المقاومة الشعبية في الضفة الغربية، إلى الغضب الشعبي في الشوارع العربية والإسلامية، كان الرد واضحًا: كل محاولة إسرائيلية لكسر غزة ستؤدي إلى زلزال يضرب الاحتلال من كل الاتجاهات.
لم يكن هذا النصر مجرد إنجاز ميداني، بل إعادة إحياء للأمل بأن فلسطين لن تبقى محتلة إلى الأبد، وأن المقاومة ليست مجرد خيار، بل قدر لا مفر منه في معركة استعادة الحقوق.
لقد أثبت الفلسطينيون، مرةً أخرى، أن الشعوب لا تُهزم بالقنابل، وأن الاحتلال مهما طال، مصيره إلى زوال. فعلى الرغم من الركام، ودموع الأمهات، وصراخ الأطفال، خرجت غزة أقوى وأصلب، وأكثر إيماناً بأن النصر الحقيقي ليس في عدد القتلى أو حجم الدمار، بل في بقاء الإرادة التي لا تنكسر.
اليوم، يحتفل العالم الحر بانتصار غزة، لكن في قلوب المقاومين، هذه ليست النهاية، بل بداية نحو فجرٍ جديد، فجرٌ لا مكان فيه لمحتل، ولا مستقبل فيه لمن اعتقد أن القوة وحدها تصنع التاريخ.
غزة أثبتت أن الدماء تصنع النصر، وأن التضحيات تفتح أبواب الحرية، وأن شعبًا لم ينكسر تحت الحصار، لن ينكسر أبدًا حتى يرى وطنه محررًا من الاحتلال.
هذا ليس مجرد انتصار عسكري، بل إعلان بأن الاحتلال الإسرائيلي بدأ رحلته نحو النهاية المحتومة.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: لم یکن
إقرأ أيضاً:
الاحتلال يسعى لسيطرة كاملة على غزة ويقر بقتال شديد من المقاومة
غزة "وكالات":
بعد ثلاثة أشهرمن التنديد والضغوط الدولية انصاع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو أخيرا لفك جزء من الحصار المطبق على قطاع غزة وأعلن السماح بدخول "كمية أساسية" من الغذاء الى القطاع الذي يضم 2,4 مليون نسمة وتجتاحه مجاعة كارثية. وأقر نتننياهو بمشاهد "المجاعة الجماعية"وقال ان "حتى داعمي إسرائيل لن يكونوا متسامحين بشأنها زاعما ان السماح يأتي "لأسباب عملية ودبلوماسية".وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قال الأسبوع الماضي إن الكثيرين في غزة "يتضوّرون جوعا"، وأن بلاده تسعى إلى "معالجة" الوضع.
وحذر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غبرييسوس من خطر المجاعة في غزة حيث يوجد "مليونا شخص يتضورون جوعا".وقال مكتب الامم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا) إنه يناقش مع السلطات الإسرائيلية استئناف دخول المساعدات. وأوضح في بيان "تواصلت السلطات الإسرائيلية معنا لاستئناف تسليم المساعدات المحدودة، الآن نجري مناقشات معهم حول كيفية تنفيذ ذلك في ظل الظروف الحالية على الأرض".
وقال زير المال الاسرائيلي بتسلئيل سموطريتش أن "ما سيدخل في الأيام المقبلة سيكون الحد الأدنى فقط: بعض المخابز التي تُعد الخبز للناس، ومطابخ مجتمعية تقدم وجبة مطبوخة يوميًا. هذا سيسمح للمدنيين بتناول الطعام، ولداعمي اسرائيل في العالم بمواصلة توفير الحماية الدبلوماسية للاحتلال ".
في غضون ذلك أعلن نتانياهو اليوم أن إسرائيل تعتزم السيطرة على كامل أراضي غزة، مع تكثيف جيشها غاراته الجوية وعملياته البرية في القطاع الفلسطيني المحاصر .واقر نتانياهو في شريط مصوّران قواته تواجه قتالا شديدا وقال سوف نسيطر على كامل مساحة القطاع ..غير أن النجاح يقتضي التحرك بأسلوب لا يمكن التصدي له".
وأتت تصريحاته غداة تأكيد جيش الأحتلال أن قواته بدأت عملية برية واسعة في شمال وجنوب غزة، على الرغم من الدعوات الدولية المتزايدة لوقف إطلاق النار وتخفيف الأزمة الانسانية التي يشهدها القطاع المدمّر جراء الحرب المتواصلة منذ أكثر من 19 شهرا.
ميدانيا، قال جيش الاحتلال الإسرائيلي اليوم إن قواته "استهدفت أكثر من 160 هدفا خلال الساعات الأخيرة".
وأصدر الجيش أمرا بالإخلاء "الفوري" لسكان محافظة خان يونس ومنطقتي بني سهيلا وعبسان المجاورتين.
من جانبه، أعلن الدفاع المدني في غزة استشهاد 52 شخصا في غارات إسرائيلية استهدفت القطاع منذ فجر اليوم الاثنين.
وقال المتحدث باسم الدفاع المدني محمود بصل "52 شهيدًا نتيجة تواصل القصف الإسرائيلي على قطاع غزة منذ منتصف الليل وما زال القصف مستمرًا، والاحتلال يوسع عمليته البرية مرتكبًا مجازر حرب جديدة ومخلفاً عددًا كبيرًا من الشهداء".
وسجلت الحصيلة الأعلى في خان يونس بجنوب القطاع، حيث أفاد بصل عن استشهاد 22 شخصا في مناطق متفرقة من المحافظة.
وفي خان يونس أيضا، قال محمد سرحان متحدثا عن القصف "وكأنها القيامة، إطلاق نار من جميع الجهات، أحزمة نارية، طيران (إف 16)، ومروحي يقوم بإطلاق النار".
وأوضح "أقصى ما تمكنا فعله أننا أخذنا الأطفال، لدي طفل (عمره) عام ونصف، وطفل 8 سنوات، أخذتهم إلى أكثر منطقة أمانا".
وتحدث بصل عن "عدد من الشهداء سقطوا برصاص الاحتلال في ساحة مستشفى الإندونيسي في شمال غزة"، مؤكدا تعذر الوصول إليهم بسبب "استمرار حصار القوات الإسرائيلية للمستشفى وإطلاق النار عليه".
وطالت الضربات الإسرائيلية اليوم "محيط مستشفى ناصر" في خان يونس، بحسب بصل الذي أشار الى أن إحداها استهدفت "غرفة الأمن ومخزن الأدوية".وفي مستشفى الأقصى في دير البلح، كان فتى يتحسس وجه جثة أحد أقاربه التي وضعت على الأرض إلى جانب جثث أخرى قرب ثلاجة الموتى.
وفي الدوحة، استؤنفت المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس، من دون تسجيل تقدم يُذكر للتوصل لاتفاق.
وقال مكتب نتانياهو إن الاتفاق يجب أن يشمل الإفراج عن كل الرهائن وإقصاء الحركة الفلسطينية من القطاع وجعل غزة منطقة منزوعة السلاح.ومنذ انهيار الهدنة الهشة التي استمرت شهرين واستئناف إسرائيل عملياتها في قطاع غزة، فشلت المفاوضات التي تتوسط فيها كل من قطر والولايات المتحدة في تحقيق اختراق.
وقال مصدر مطلع في حماس إن الحركة مستعدة "لإطلاق سراح كل الأسرى الإسرائيليين المحتجزين دفعة واحدة بشرط أن يتم التوصل لاتفاق شامل ودائم لوقف إطلاق النار"، مشيرا الى أن إسرائيل تسعى إلى "الإفراج عن أسراها على دفعتين أو دفعة واحدة مقابل هدنة مؤقتة".